كان أمية بن خلف من سادات قريش الطغاة المستكبرين المتسلطين الذين حاربوا دعوة النبي صلى الله عليه وسلم في بدايتها وصدوا عنها ووقفوا في وجه كل من يتبعها خاصة الفقراء والمستضعفين. وكان من بين هؤلاء المستضعفين الصحابي الجليل بلال بن رباح، الذي دخل في دين الإسلام خفية بدون علم أمية بن خلف. وفي يوم جاء رجل مشرك إلى أمية بن خلف وهو في مجلس لقريش وناداه قائلا: أو ما بلغك الخبر؟ لقد شهدت عبدك بلالا يختلي مع محمد وصحبه، وهنا ثارت ثورة أمية، وقام من مجلسه كالثور الهائج وقد تملكه الغضب والغيظ ودخل داره منتظراً رجوع بلال. ولما قربت الشمس على الغروب، دخل بلال على أمية فرءاه مغتاظاً يخرج الشرر من عينه، فقال لبلال، ما هذا الذي بلغني عنك أيها العبد الحبشي؟ أحقاً أنك اتبعت دين محمد؟ فأجاب بلال، ونور الإسلام يملأ قلبه، أما وأنه بلغك أمري وعملت بإسلامي فإني لا أخفي عليك أني ءامنت بالله ورسوله وأنا من جنوده. فأجابه أمية في غرور: لست أيها العبد إلا مملوك، لا تملك من أمرك شيئاٍ، وأقسم أن يذيق بلالا صنوف العذاب ليرغمه على الرجوع إلى الكفر والشرك كما كان. فأعد الحبال وشد بها أقدام بلال رضي الله عنه وقيدت يداه إلى الخلف، وجر على الأرض وسط الصحراء الملتهبة ورملها الساخن، أمية يستمتع بتعذيب هذا الإنسان المؤمن الذي اختار عبادة الله وحده لا شريك له، وترك عبادة الأصنام التي لا تنفع ولا تضر ويترك بلال في الصحراء من الظهيرة إلى غروب الشمس، ويأتي الظالم أمية قائلا له: ما رأيك الآن يا بلال؟ أذقت العذاب؟ وهل ءان لك أن ترجع إلى عبادة اللات والعزى. ولكن بلال الصابر ما كان يزيد في رده عن قوله: أحد أحد وأبى أن يعود إلى الشرك، واحتمل في سبيل الله ألوان العذاب وصنوف الهوان.
يقول الله تبارك وتعالى {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} (سورة العنكبوت/ءاية 2) ويقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم [إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم]
وطلعت شمس اليوم التالي وبلال مكبل اليدين والقدمين عاري الجسم على رمل الصحراء الملتهبة، وأمية بن خلف غارق في سكره، يعميه الحقد والغضب، ويتوجه إلى بلال رضي الله عنه وقد وضع على صدره حجر كبير، وجعل يناديه: ما رأيك يا بلال في قول محمد، وبلال بقي ثابتاً في قوله: أحد أحد. ومرت الأيام وبلال يعذب وهو صابر حتى مر أبو بكر الصديق رضي الله عنه يوماً فآلمه ما رأى من عذاب بلال، فقال لأمية: متى تترك هذا المسكين؟ فقال أمية: إنه عبدي وملكي، وإذا كنت مشفقاً عليه فاشتره، فاشتراه الصديق واعتقه لوجه الله تعالى
وأما أمية بن خلف فقد بشره الله تعالى بعذاب أليم في جهنم وبئس المصير جزاء كفره وظلمه، قال تعالى {فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} (سورة الليل/ءاية 14-16)
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website