رَوَى البخاريُّ عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، أنه قال [إذا التقَى المسلمانِ بسيفيهما فالقاتلُ والمقتولُ في النَّار] ورَوَى مسلمٌ هذا الحديثَ بلفظ [إذا تواجهَ المسلمانِ بسيفيهما فالقاتلُ والمقتولُ في النَّار] ورَوَى البَزَّارُ في (مسندِه) هذا الحديثَ بلفظ [إذا اقتتلَ المسلمانِ على الدُّنيا فالقاتلُ والمقتولُ في النَّار]
روايةُ البَزَّارِ فَسَّرَتِ الرِّوايةَ الأُولى، والمعنى أنه إذا اقتتلَ المسلمانِ على الدُّنيا أي إذا قَصَدَ كُلٌّ منهما أنْ يقتلَ الآخَرَ طَلَبًا لحَظٍّ دنيويٍّ فكلا الفريقَينِ يستحقَّان النَّار وليسَ المعنى أنَّ كُلَّ واحدٍ حَصَلَتْ منه هذه المعصيةُ مُحَتَّمٌ له دخولُ النَّار، وذلكَ لأنَّ الله لا يغفرُ أنْ يُشْرَكَ به ويغفرُ ما دونَ ذلكَ لمنْ يشاء، إنما المعنى أنَّ هذا جزاءُ الطَّائفتَين، وأمَّا إنْ قاتلَ المسلمُ أخاهُ ظلمًا فقاتلَ المظلومُ دفاعًا عن حقِّه ونفْسهِ فقُتِلَ المظلومُ فإنَّ الله لا يُضَيِّعُ حَقَّه وقد قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم [مَنْ قُتِلَ دونَ مالهِ فهو شهيد] رَوَاهُ البخاريُّ ومسلم، وفي روايةٍ عندَ النَّسَائِيِّ والتِّرْمِذِيِّ [مَنْ قُتِلَ دونَ مالهِ فهو شهيد ومَنْ قُتِلَ دونَ أهلهِ فهو شهيد ومَنْ قُتِلَ دونَ دِينهِ فهو شهيد ومَنْ قُتِلَ دونَ دَمهِ فهو شهيد] وأمَّا أنْ يكونَ كِلا الفَرِيقَينِ قتالُه على الظُّلْمِ أيْ لطلبِ الدُّنيا فكلا الفريقينِ ءاثِمٌ يستحقُّ عذابَ الله وإذا كانَ قتالُ إحدَى الطَّائفتين للدِّينِ وقتالُ الطَّائفة الأخرَى للدُّنيا أي حُبِّ الرِّئاسةِ والاستبدادِ ونحوِ ذلك من الأغراضِ الفاسدةِ فالطَّائفةُ التي قَصْدُها الدِّينُ ليسَ عليها حَرَج. وبالعَوْدَة إلى حديثِ البَزَّارُ [إذا اقتتلَ المسلمانِ على الدُّنيا فالقاتلُ والمقتولُ في النَّار]، يقولُ بعضُ الحاضرِين : ” يا رسولَ الله ، هذا القاتلُ فما بالُ المقتول ؟؟” ، فيجيبُه رسولُ الله [إنه كانَ حريصًا على قتلِ صاحبه] والمعنى أنَّ هذينِ المسلمَينِ اللَّذَيْنِ تَوَاجَهَا للقتال بسَيْفَيْهِمَا وكانَ كُلٌّ منهما يقاتلُ على الدُّنيا فالقاتلُ في ذلكَ أمرُه ظاهرٌ لأنه قَتَلَ نَفْسًا مسلمةً ، وأمَّا المقتولُ فسَبَبُ استحقاقهِ عذابَ الله بالنَّارِ في الآخرةِ هو أنه كانَ حريصًا على أنْ يقتلَ صاحبَه فلأجلِ نيَّته وعَمَلهِ استحقَّ عذابَ الله , فبنيَّتهِ وحَمْلهِ السَّيفَ في وجه أخيهِ المسلمِ ليقاتلَه استحقَّ عذابَ الله فكونُه مقتولا لا يرفعُ عنه استحقاقَ العذاب.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website