عن النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قال [إنَّ اللهَ يَبْعَثُ لهذه الأمَّةِ على رأسِ كلِّ مِائةِ سنةٍ مَنْ يجدِّد لها دينَها].. رواه أبو داودَ في (سننه) من حديثِ أبي هريرةَ، رضي الله عنه، بإسنادٍ صحيح.. أعْلَمَ اللهُ نبيَّه الكريمَ بأنه يحصُل في أمَّتهِ من بعدِه تَغَيُّرُ أحوالٍ.. فأكْرَمَهُ بأن جعل لأمَّتهِ على رأسِ كلِّ مِائةِ سنةٍ من يجدِّد لها دينَها.. والتجديد يكونُ برَدِّ الشُّـبَهِ عن دينِ اللهِ تعالى، ودَحْضِ تشكيكاتِ المشكِّكينَ، ويكونُ ذلك بالبيانِ والسُّلْطَةِ، أو بالبيانِ فقط.. وظيفةُ هذا المجدِّد توضيحُ الحقِّ وكشفُ الشُّبُهَاتِ ودفعُ التشكيكاتِ التي تُحَاكَ حول الدينِ من الأعداءِ والمبتدِعين.. وقد يكونُ المجدِّد ذا سلطةٍ كعُمَرَ بنِ عبدِ العزيز.. هذا الرجلُ كان في رأسِ الْمِائةِ الأولى.. هذا الرجلُ حطَّم البدع والضلالاتِ وأوصَل الحقوقَ إلى أصحابها وأبطَل الظلمَ والاستبدادَ التي كانتِ الأمَّةُ تعانيهِ لسنواتٍ قبلَه.. فقد كان سَيِّدُنا عليٌّ يُلْعَنُ على المنابر.. بنو أمَيَّةَ كانوا يلعنونه على المنابرِ، حتَّى جاء هذا الرجلُ الصالحُ فأبطلَه بعدما تسلَّم الخلافةَ.. وكذلك دَحَضَ شُبَهَ المبتدِعةِ الضَّالِّين.. هؤلاءِ المعتزلةُ كان لهم رئيسٌ يقالُ له غَيْلانُ بنُ مروانَ، من أهلِ دمشق.. فلمَّا سمِع الخليفةُ عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ بفتنتهِ استدعاهُ، وعرض عليه أن يرجِع عن مذهبِ الاعتزالِ.. استتابه.. ولولا أنَّ غَيْلانَ أظهر التوبةَ لقتلَه عُمَرُ رضي الله عنه.. إلى غيرِ ذلك من الإصلاحاتِ ودَفْعِ الشُّـبَهِ التي كانت تحاكُ حول الإسلام.. ثمَّ جاء بعدَه الإمامُ الشافعيُّ.. فقام بخدمةٍ كبيرةٍ للدين.. كان يَدْحَضُ المبتدِعةَ وتشكيكاتِهم وتمويهاتِهم على أهلِ الحقِّ، ونَوَّرَ بصائرَ كثيرٍ من الناس بما فتح اللهُ عليه من الاجتهادِ في الدين.. فقَوَّمَ وأصلَح.. فجزاه اللهُ عن المسلمينَ خيرَ الجزاء.. ثمَّ بعدَه، على ما قال بعضُ العلماء، رجلٌ ءاخَرُ شافعيُّ المذهب، اسمُه ابنُ سُرَيْجٍ، جاء على رأسِ الْمِائةِ الثالثةِ.. ثمَّ على رأسِ الْمِائةِ الرابعةِ كان رجلٌ من أكابرِ العلماءِ، من أهلِ التقوى والوَرَعِ، يقالُ له سَهْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سليمانَ.. ثمَّ بعدَه، على رأسِ القرونِ التي بعد ذلك جاء أناسٌ خدموا الدينَ ونفع اللهُ بهم المسلمينَ .. وليس من شرطِ المجدِّد أن يكونَ صاحبَ سلطةٍ، بل قد يكونُ صاحبَ سلطةٍ وعلمٍ وتقوى، وقد يكونُ صاحبَ علمٍ من دونِ سلطةٍ، كالشافعيِّ.. الشافعيُّ ما كان من أهلِ السلطةِ.. ما تولَّى القضاءَ ولا الوِزارة.. كذلك الإمامُ أبو الطَّـيِّـبِ سَهْلُ بنُ مُحَمَّدٍ لم يكن ممَّن باشر وِزارةً أو قضاءً.. أمَّا ابنُ سُرَيْجٍ فقد كان قاضيًا، كان عالِمًا تقيًّا.. وأمَّا الْمَهْدِيُّ فإنَّه يَجْمَعُ بين السلطةِ والتقوى والعلمِ الجَمِّ.. والله أعلمُ متى يخرُج للناس..
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website