الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا ونور أعيننا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد، إن من الذين كذبو النبي صلى الله عليه وسلم ولم يؤمنوا بما جاء به من عند الله، واستكبروا عن اتباع الحق وءاثروا الحياة الدنيا على الآخرة، واحد من زعماء قريش هو الوليد بن المغيرة المخزومي الذي كان سيد بني المخزوم وأحد رؤساء قريش الذي ختم الله على قلوبهم، وكان له بين قومه وعشيرته مكانه مرموقة ورأي ومشوارة ولما علم بخبر النبي صلى الله عليه وسلم وما يدعو إليه من عبادة الله تعالى وحده، وترك عبادة الأصنام، والإيمان بأنه رسول من الله تعالى، قرر الذهاب إلى النبي عليه السلام ليسمع منه القرءان بنفسه ويقف على حقيقة الأمر، فلما جاء إليه وسمع منه القرءان الكريم كأنه رق له قلبه لما وجد فيه من معان سامية وبلاغة وفصاحة عالية، فبلغ ذلك عدو الله أبا جهل عمرو بن هشام فجاءه فقال له: يا عم، إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا ليعطوكه، ولكنك أتيت محمداً تتعرض له؟ فقال الوليد: قد علمت قريش أني من أكثرها مالا، فقال له أبو جهل اللعين: فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر له وكاره، قال الوليد بن المغيرة: وماذا أقول؟ فوالله مافيكم رجل أعلم بالأشعار مني ولا أعلم برجزها وبقصيدها مني، والله مايشبه الذي يقول شيئاً من هذا، والله إن لقوله الذي يقول حلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى عليه، فقال له عدو الله أبو جهل: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه، قال الوليد: فدعني حتى أفكر فيه فلبث الوليد مليا ثم قال متبعا شيطانه “هذا سحر يؤثر” أي يأخذه عن غيره.
وإذا كان الوليد بن المغيرة عدو الله قد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه ساحر وأخبر أن سحره يأخذه ويأثره عن غيره فقد ذمه الله عز وجل ووصفه بتسع صفات ذميمة، يقول الله عزّ وجلّ {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} (سورةالقلم/ءاية 10-16)
لقد تمادى الوليد بن المغيرة الكذاب الذي أضله الله تعالى وختم على قلبه في اتهامه النبي صلى الله عليه وسلم بالباطل، وقد أدبر عن الحق الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فقال عن القرءان الكريم الذي هو تنزيل من الرحمن الرحيم: إن هذا إلا قول البشر أي ليس هو من كلام الله تعالى. لقد أنعم الله على الوليد بن المغيرة في الحياة الدنيا بالأموال والأولاد والبساتين الغناء وهذا بلاء واختبارمن الله عز وجل لعباده، فلما كذب رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم وجحد أنعم الله تبارك وتعالى، جعله الله تعالى من الأشقياء وبشره وهو ما زال في الحياة الدنيا بالعذاب الأليم في الآخرة فنزل فيه قوله تعالى {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا وَبَنِينَ شُهُودًا وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} (سورة المدثر/ءاية 11-30)
ذلك هو الوليد بن المغيرة عدو الله المتكبر الذي ءاثر الدنيا الفانية على الآخرة الباقية فهو وأمثاله الكافرون مبشرون من الله عز وجل بعذاب النار يوم القيامة وبئس المصير.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website