أصدر السلطان عبد الحميد الثاني فرمانا يوم 21 حزيران/ يونيو 1892 أمر فيه بافتتاح مدرسة العشائر في إسطنبول، وتم افتتاحها في تشرين الأول/ أكتوبر من نفس العام، بالتزامن مع ذكرى المولد النبوي.
كان الهدف من إنشائها تقديم خدمة التعليم العثماني ﻷبناء كبار وجهاء العشائر. والهدف اﻷساسي هو تمكين أبناء القبائل من المشاركة في الازدهار المنبثق من المعرفة والثقافة ومضاعفة ميلهم نحو الخلافة اﻹسلامية والسلطنة العثمانية.
يعود الطلبة بعد إنهاء دراستهم،إلى قبائلهم ليعملوا معلمين في المدارس التي اعتزم السلطان فتحها في بلدانهم. وتولى السلطان عبد الحميد شخصيا الاهتمام بالمدرسة، وكان هو راعيها و مديرها الفخري.
كانت بعض القبائل تشكل خطرا على الدولة العثمانية، بسبب الغارات التي كانت تقوم بها على المزارعين وسكان البلدات والحجاج، مما أدى إلى تقلص الزراعة وإعاقة التجارة.
التجهيز للمدرسة
أوكل الصدر اﻷعظم في 6 تموز/ يوليو إلى وزارة المعارف التحضيرات اللازمة لفتح المدرسة، فأرسلت توجيهات للولايات العثمانية في كل من سوريا، والعراق، وليبيا، والجزيرة العربية واﻷناضول لاختيار الطلاب.
واختير قصر أسما سلطان في منطقة كبطاش بإسطنبول ليكون مقر المدرسة، وتم تأمين خمس بيوت مجاورة لها لتغدو سكنا للطلبة. وجهزت كل متطلبات المدرسة من المكان واﻷثاث والمعلمين واللوائح والخطط والمناهج في فترة وجيزة لم تتجاوز ثلاثة أشهر.
كانت “عشيروت” بمثابة مدرسة داخلية خاصة لتعليم أبناء زعماء القبائل العربية، واتسعت دائرة القبول في المرحلة الثانية لتشمل اﻷكراد والعرب ثم اﻷلبان.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
منهجها الدراسي
درس فيها الطلبة علوم الدين والعلوم الوضعية، بجانب التدريب العسكري وحصلوا بعد ذلك على رتب عالية.
تراوحت مدة الدراسة فيها من خمس سنوات للأولاد ما بين 12-16 سنة، وكان يُمنح كل طالب راتبا شهريا قدره 30 قرشا، ولكل طالب إجازة صلة الرحم مرة كل سنتين، يسافر فيها الطالب على نفقة المدرسة.
وبعد إنهاء الطلبة دراستهم فيها، يمكنهم أن يدخلوا المدرسة الملكية (و هي مدرسة مدنية)، ويحصلوا بعدها على رتبة قائم مقام، ثم يعودوا إلى بلدانهم.
ومن ضمن المناهج اللغة الفارسية، واللغة التركية، واللغة الفرنسية.
من طلاب المدرسة
سعيد العاص من دمشق، وفوزي القاوقجي من طرابلس،ورمضان شلاش من دير الزور،وعلي اﻷطرش من السويداء، وعبد الرحمن ارشيدات من اﻷردن، وأسعد بك العمران ابن عمر باشا المحمد، وعبود بك عبد الرزاق ابن عبد الرزاق بك المحمد.
وأنشأ السلطان عبد الحميد معهد لتدريب الوعاظ والمرشدين، ﻹعداد الدعاة للدعوة اﻹسلامية، وللجامعة اﻹسلامية فينطلقون إلى مختلف أرجاء العالم اﻹسلامي يدعون للإسلام وللخلافة اﻹسلامية.
كتاب “مدرسة العشائر في إسطنبول”
من أبرز بحوث الدكتور يوجين روغان، أستاذ التاريخ في جامعة أكسفورد، وقد استمد معلوماته من مصادر أصيلة كأرشيف رئاسة الوزراء العثمانية ومن عدة دراسات وبحوث.
يتطرق يورجين لحالة التناقض التي شهدتها يوميات البدوي الصغير مع المعايير العثمانية،عبر إجراء مقارنة أنثربولوجية ذكية بين الصور التي التقطها مصور السلطان عبد الله فريرس للطلبة، كجزء مما دعي بـ”الصور السلطانية الخاصة” التي قدمها السلطان عبد الحميد هدية إلى المكتبات الوطنية في فرنسا وأمريكا عامي 1893 و1894،حيث التقطت صور للطلبة على نحو زوجي أو فرادى، وقوفا على أرضية نثر عليها قش أمام خلفية لرسم عن الريف، في ستوديو التصوير مرتدين ملابسهم المحلية، المكونة من العباءات مع أغطية الرأس ومجموعة منوعة من القطع واﻷلبسة واقفين على نحو صارم وحدقوا متجهمين بآلة التصوير.
وفي المقابل التقطت صورة للطلبة أمام المدرسة مرتدين زيهم المدرسي ذات النمط اﻷوروبي المعتدل، المكون من معاطف طويلة تصل إلى الفخذ، مع خمسة أزرار مثبتة بإحكام للرقبة، وتغطي البنطلون، فضلا عن رمز اﻷفندي الممثل بالطربوش المنتشر في كل صوب