هو جمال الدين محمد بن صفدر، ومولده اختلف فيه فمنهم من يقول ولد في أفغانستان في قرية أسعد ءاباد ومنهم من يقول ولد في إيران في قرية أسد ءاباد، وكانت ولادته عام 1254هـ (1838ر).
نشأ في منزل والده وأشرف والده على تعليمه حتى السنة العاشرة ثم انتقل به أبوه إلى طهران وعمره 12 سنة، ثم رحل إلى النجف مع والده فمكث أربع سنوات درس فيها التفسير والحديث والفلسفة والمنطق وعلم الكلام والأصول والرياضة والطب والتشريح والبيئة وعلم النجوم وأنهى دراسته وعمره 16 سنة تقريبًا، ثم ذهب إلى الهند، ثم قصد مكة المكرمة للحج وعمره 19 سنة ثم عاد أدراجه إلى النجف فكربلاء فأسد ءاباد، ثم أفغانستان فالهند وهناك فرضت السلطة البريطانية عليه قيودًا مشددة في تنقله ثم إنها حملته إلى السويس على سفنها فدخل القاهرة لأول مرة ومكث فيها أربعين يوما ومنها ذهب إلى الأستانة عاصمة الدولة العثمانية وعين عضوًا في المجلس الأعلى للمعارف، وأخذ يتصل بالعامة عن طريق الخطب والأحاديث التي كان يبثها من جامع الفاتح الكبير، وظهرت له أفكار منحرفة لم يعهدوا مثلها من قبل، فنقل هذا الإنحراف في الأفكار إلى شيخ الإسلام حسن فهمي أفندي الذي نقله بدوره إلى السلطان عبد العزيز، فكانت هذه أول غمزة في عقيدته تصل إلى المراجع العليا. ثم إنه كلف بإلقاء محاضرة عن الصناعات في دار الفنون في اسطنبول تحدث عن الكون ومثل له بجسم حي ذي أعضاء وتحدث عن روحه فقال إنها إما الحكمة المكتسبة أو النبوة التي يصطفي لها الله ما يشاء، فاتهموه بالإلحاد وشنعوا عليه بأنه يقول بأن النبوة صناعة وأمر الشيخ حسن فهمي أفندي الوعاظ في المساجد أن يهاجموه ويفندوا أقواله وانتهى الأمر بإجلائه عن الأستانة وسافر إلى مصر، وكتبت ضده رسائل منها ما كتبه الشيخ مصطفى المغربي بعنوان [عين الصواب في الرد على من قال إن الرسالة والنبوة صفتان تنالان بالاكتساب].
ثم إن الأفغاني راح يبحث عن طريقة يجمع فيها الناس فدخل في الحركة الماسونية الأسكتلندية التابعة لبريطانيا والتي مركزها الرئيسي في لندن، ثم تركها على إثر خلاف نشأ بينه وبينهم وأنشأ محفلاً مرتبطًا بفرنسا بعد أن وافقوا له على ذلك وكان من أبرز أعضائها الأمير محمد توفيق باشا ولي العهد وحصلت بينه وبين الأفغاني صداقة، ثم عمل الأفغاني على الإطاحة بإسماعيل باشا وارتقاء محمد توفيق العرش ظنا منه أن هذا فيه نصره للحركة التي يعمل من أجلها فتضافرت على خلعه الحركة الماسونية مع الحزب الوطني الحر، أضف إلى ذلك رغبة الحكومة الفرنسية في تولية محمد توفيق، رحل الأفغاني من مصر إلى الهند مع أول صدام حصل بينهما وتضاربت الآراء في سبب هذا التحول. وفي عام 1883 أبحر الأفغاني من الهند إلى باريس وعرّج بطريقه على لندن لبضعة أيام، وفي باريس استضافه المستشرق الإنكليزي ولفرد سكاون بلنت الذي كان يعمل على هدم الخلافة الإسلامية بقي الأفغاني في أوروبا الغربية يتنقل بين باريس ولندن حتى منتصف سنة 1303هـ (1886) ثم سافر إلى روسيا ومكث فيها قريب الثلاث سنوات ثم انتقل إلى إيران عام 1890م لكن سرعان ما نشب الخلاف بينه وبين شاه إيران فأخرج من إيران إلى العراق ثم استدعاه السلطان عبد الحميد إلى الأستانة فبقي فيها إلى أن توفي عام 1897م بسبب إصابته بمرض في فكه السفلي، فدفن في مقبرة الأستانة وبعد مرور خمسين عاما على وفاته نقلت رفاته إلى أفغانستان في عام 1363هـ (1944م).
وقد ظهر مدة إقامته في الأستانة ما يدل على أنه يضمر في نفسه سوء الظن بالسلطان والتطاول عليه حتى إنه قال مرة أمام حاشية السلطان عبد الحميد: “إن السلطان يلعب بمستقبل الملايين من الأمة” ا.هـ. الكتاب المسمى: زعماء الإصلاح في العصر الحديث [ص/100].
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website