فصل فِي قِصَّةِ حنين الجذع وَيَعْضُدُ هَذِهِ الْأَخْبَار حَدِيث أَنِينِ الجِذْعِ وَهُوَ فِي نَفْسِهِ مَشْهُورٌ مُنْتَشِرٌ والخَبَرُ بِهِ مُتَواتِرٌ قَدْ خَرَّجَهُ أَهْلُ الصَّحِيحِ وَرَوَاهُ مِنَ الصَّحَابَةِ بِضْعَةَ عَشَر مِنْهُمْ أُبَيُّ بن كَعْب وَجَابِرُ بن عَبُدَ اللَّه وَأَنَسُ بن مَالِكٍ وَعَبدُ اللَّه بن عُمَرَ وَعَبُدُ اللَّه بن عَبَّاسٍ وَسَهْلُ بن سَعْدٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَبُرَيْدَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَالْمُطَّلِبُ بن أَبِي وَدَاعَةَ كُلُّهُمْ يُحَدّثُ بِمَعْنَى هَذَا الْحَدِيث قَالَ الترْمِذيُّ وَحَدِيث أَنَسٍ صَحِيحٌ قَالَ جَابِرُ بن عَبدِ اللَّه كَانَ الْمَسْجِدُ مَسْقُوفًا عَلَى جُذُوعِ نَخْلٍ فَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا خَطَبَ يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ مِنْهَا فَلَمّا صُنِعَ لَهُ المِنْبَرُ سَمِعْنَا لِذَلِكَ الْجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ العِشَارِ.
وَفِي رِوَايَةِ أَنَسٍ حَتَّى ارْتَجَّ الْمَسْجِدُ بِخُوَارِهِ وَفِي رِوَايَةِ سَهْلٍ وَكَثُرَ بُكَاءُ النَّاسِ لَمَّا رَأَوْا بِهِ. وَفِي رِوَايَةِ الْمُطَّلِبِ وَأُبَيّ حَتَّى تَصَدَّعَ وَانْشَقَّ حَتَّى جَاءَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَسَكَتَ، زَادَ غَيْرُهُ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذَا بَكَى لمَا فَقَدَ مِنَ الذّكْرِ وَزَادَ غَيْرُهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ أَلتَزِمْهُ لَمْ يَزَلْ هَكَذَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ تَحَزُّنًا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدُفِنَ تَحْتَ المِنْبَر كَذَا فِي حَدِيث المُطَّلِبِ وَسَهْلِ ابن سَعْدٍ وَإِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ وَفِي بَعْض الرّوَايَاتِ عَنْ سَهْل فَدُفِنَتْ تَحْتَ منْبَرِهِ أو جُعِلَتْ فِي السَّقْفِ. وَفِي حَدِيث أُبَيّ فَكَانَ إذَا صَلَّى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى إليْهِ فَلَمّا هُدِمَ الْمَسْجِدُ أَخَذَهُ أُبيّ فَكَانَ عِنْدَهُ إِلَى أَنْ أَكَلَتْهُ الْأَرْضُ وَعَادَ رُفَاتًا وَذَكَرَ الإسْفَرائِنيُّ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُ إلى نفسه فجاءه يَخْرِقُ الْأَرْض فَالْتَزَمَهُ ثُمَّ أَمَرَهُ فَعَادَ إِلَى مَكَانِه. وَفِي حَدِيث بُرَيْدَةَ فَقَالَ يعني النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ شِئْتَ أَرُدُّكَ إِلَى الْحَائِطِ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ تَنْبُتُ لَكَ عُرُوقُكَ وَيَكْمُلُ خلقك وَيُجَدَّدُ لَكَ خُوصٌ وَثَمَرَةٌ وَإِنْ شِئْتَ أَغْرِسكَ فِي الجَنَّةِ فَيَأْكُلُ أَوْلِيَاءُ اللَّه من ثَمَرِكَ، ثُمَّ أَصْغَى لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَمِعُ مَا يَقُولُ فَقَالَ: بَلْ تَغْرِسُنِي فِي الجَنَّةِ فَيَأْكُلُ مِنّي أَوْلِيَاءُ اللَّه وَأَكُونُ فِي مَكانٍ لَا أَبْلَى فِيهِ فَسَمِعَهُ من يَلِيهِ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَعَلْتُ ثُمَّ قَالَ اخْتَارَ دَارَ الْبَقَاءِ عَلَى دَارِ الْفَنَاءِ فَكَانَ الحَسَنُ إذَا حَدَّثَ بِهَذَا بَكَى وَقَالَ يَا عِبَادَ اللَّه الْخَشَبَةُ تَحِنُّ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَوْقًا إليْهِ لِمَكَانِهِ فَأَنْتُمْ أَحَقُّ أَنْ تَشْتَاقُوا إِلَى لِقَائِهِ، رَوَاهُ عَنْ جَابِرٍ حَفْصُ بن عُبَيْد اللَّه وَيُقَالُ عَبْدُ اللَّه بن حَفْصٍ وأيمن وأبو نضرة وابن المسيب وسعيد بن أبي كرب وكريب وأبو صالح ورواه عن أنس بن مالك الحسن وثابت وإسحاق بن أبي طلحة ورواه عن ابن عمر نافع وأبو حية ورواه أبو نضرة وَأَبُو الوَدَّاكِ عَن أَبِي سَعِيدٍ وَعَمَّارُ بن أَبِي عَمَّارٍ عَنِ ابن عَبَّاسٍ وَأبُو حَازِمٍ وَعباسُ بن سَهْلٍ عَنْ سَهْل بن سَعْدٍ وَكَثِيرُ بن زَيْدٍ عَنِ المُطَّلِبْ وَعَبْدُ اللَّه بن بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ والطُّفَيْلُ بن أبي عَنْ أَبِيهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الفضل وفقه الله فهذا حَدِيث كَمَا تَرَاهُ خَرَّجَهُ أَهْلُ الصّحَّةِ من ذَكَرْنَا وَغَيْرهمْ مِنَ التَّابِعِينَ ضعْفهُمْ إِلَى من لَمْ نَذْكُرْهُ وَبِدُون هَذَا الْعَدَدِ يَقَعُ الْعِلْمُ لِمَنِ اعْتَنَى بِهَذَا الْبَابِ والله الْمُثَبّتُ عَلَى الصَّوَابِ.
فصل ومثل هَذَا فِي سائر الجمادات حَدَّثَنَا القاضي أبو عبد الله محمد بن عِيسَى التَّيْمِيُّ حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُرَابِطِ حَدَّثَنَا الْمُهَلَّبُ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ حَدَّثَنَا المَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا الفَرَبْرِيُّ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنِ مَنْصُورٍ عَنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ لَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ، وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ كُنَّا نَأْكُلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّعَامَ وَنَحْنُ نَسْمَعُ تَسْبِيحَهُ، وَقَالَ أَنَسٌ أَخَذَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفًّا من حَصى فَسَبَّحْنَ فِي يَدِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم حتى سمعت التَّسْبِيحَ ثُمَّ صَبَّهُنَّ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَسَبَّحْنَ ثُمَّ فِي أيْدِينَا فَمَا سَبَّحْنَ * وَرَوَى مِثْلَهُ أَبُو ذَرّ وَذَكَرَ أَنَهُنَّ سَبَّحْنَ فِي كَفّ عُمَرَ وَعثمانَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا وَقَالَ عَلِيٌّ كُنَّا بِمَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ إِلَى بَعْضِ نَوَاحِيهَا فما استقبله شَجَرَةٌ وَلَا جَبَلٌ إلَّا قَالَ لَهُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّه * وَعَنْ جابر بن سَمُرَةَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنّي لِأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلّمُ عَلَيَّ، قِيلَ إِنَّهُ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ * وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا لَمّا اسْتَقْبَلَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالرّسَالَةِ جَعَلْتُ لَا أَمُرُّ بِحَجَرٍ وَلَا شَجَرٍ إلَّا قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّه. وَعَنْ جَابِرِ بن عَبْدِ اللَّه لَمْ يَكُن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمُرُّ بِحَجَرٍ وَلَا شَجَرٍ إلَّا سَجَدَ لَهُ
وَفِي حَدِيثِ الْعَبَّاسِ إذا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلى بَنِيهِ بمُلَاءَةٍ وَدَعَا لهم بالسَّتْرِ مِنَ النَّارِ كَسَتْرِهِ إِيَّاهُمْ بمُلَاءَتِهِ فأمنت أسكفة الباب وَحوائط الْبَيْتِ آمِينَ آمِينَ. وَعَنْ جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيه مَرِض النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ بِطَبَقٍ فِيهِ رُمَّانٌ وَعِنَبٌ فَأَكَلَ مِنْهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسبّح
وَعَنْ أَنَسٍ صَعِدَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وعثمانُ أُحُدًا فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَالَ اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيّ وَصِدّيقٌ وَشَهِيدَانِ وَمِثْلُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي حرَاءٍ وَزَادَ مَعَهُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَقَالَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ أَوْ صدّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ وَالْخَبَرُ فِي حِرَاءٍ أيْضًا عَن عثمان قَالَ وَمَعَهُ عَشَرَةٌ مِن أصْحابِهِ أَنَا فِيهِمْ وَزَادَ عَبْدَ الرَّحْمنِ وسعدًا قَالَ ونَسِيتُ الاثْنَين. وَفِي حديث سعيد ابن زَيْد أيضا مِثْلُهُ وَذَكَرَ عَشَرَةً وَزَادَ نَفْسَهُ وقد روي أنه حين طلبته قريش قال له ثير اهبط يا رسول الله فإني أخاف أن يقتلوك عَلَى ظَهْرِي فيعذبين الله فمال حِرَاءٌ إِلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّه. وَرَوَى ابن عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ عَلَى المِنْبرِ (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قدره) ثُمَّ قَالَ يُمَجّدُ الْجَبَّارُ نَفْسَهُ يَقُولُ أَنَا الْجَبَّارُ أَنَا الْجَبَّارُ أَنَا الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ فَرَجَفَ الْمِنْبَرُ حَتَّى قُلْنَا لَيَخرّنَّ عَنْهُ وَعَنِ ابن عَبَّاسٍ كَانَ حَوْلَ البيت ستون وثلثمائة ضم مُثْبَتَة الأرْجُلِ بِالرَّصَاصِ في الحجارة فأما دَخَلَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَسْجِدَ عَامَ الْفَتْحٍ جَعَلَ يُشيرُ بِقَضِيبٍ فِي يَدِهِ إِلَيْهَا وَلَا يَمَسُّهَا وَيَقُولُ (جَاءَ الْحَقُّ وزهق الباطل) الآيَةَ فَمَا أَشَارَ إِلَى وَجْهِ صَنَم إلَّا وَقَعَ لِقَفَاهُ ولا لقفاه إلى وَقَعَ لِوَجْهِه حَتَّى مَا بَقِيَ مِنْهَا صَنَمٌ، وَمِثْلُهُ فِي حَدِيث ابن مَسْعُودٍ وَقَالَ فَجَعَلَ يَطْعَنُها وَيَقُولُ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ البَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ، وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُهُ مَعَ الرَّاهِبِ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِ إِذْ خَرَجَ تَاجِرًا مَعَ عَمّهِ وَكَانَ الرَّاهِبُ لَا يَخْرُجُ إِلَى أَحَدٍ فخرج وجعل بتخللهم حَتَّى أَخَذَ بِيَدِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَذَا سَيّدُ العَالَمِينَ يَبْعَثُهُ اللَّه رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ فَقَالَ لَهُ أَشْيَاخٌ من قُرَيْشٍ مَا عِلْمُكَ فَقَالَ إنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَجَرٌ وَلَا حَجَرٌ إلَّا خَرَّ سَاجِدًا لَهُ وَلَا يَسْجُدُ إلَّا لِنَبِيّ وَذَكَرَ الْقِصَّة ثُمَّ قَالَ وَأَقْبَلَ صَلَّى اقله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعليه غَمَامَة تُظِلُّهُ فَلَمّا دَنَا مِنَ الْقَوْمِ وَجَدَهُمْ سَبَقُوهُ إِلَى فئ الشَّجَرَةِ فَلَمّا جَلَسَ مال الفئ إليْهِ
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website