يعرف المغول بأنهم قبائل رعوية يعود أصلها إلى منطقة الصحراء في أقصى شمال الصين، وقد كانت لهم ديانات مختلفة، من بينها ديانة الشامانية، وهي دين بدائي يتميز بالاعتقاد بوجود عالم محجوب هو عالم الآلهة والشياطين، ويمارس كهنتهم السحر لعلاج المرضى والسيطرة على الأحداث، علاوة على عبادتهم، الأوثان والشمس.
وكانت لقبائل المغول إمبراطورية قوية، حيث عرف جيشهم بالتتار، الذي غزا العالم، خاصة في القرن ال13، في عهد القائد القوي” جنكيز خان”، والذي سيكون من صلبه “بركة خان”، أول حاكم مغولي اعتنق الإسلام.
بركة خان الحفيد المسلم
للمطلع على تاريخ الحضارة الإسلامية في زمن الإمبراطورية المغولية، لا يمكنه أن يجهل “بركة خان”، وهو ابن “جوجي خان” حاكم القوقاز، الإبن الأكبر للإمبراطور المغولي جنكيز خان الذي توفي سنة 1227، بعد أن قام بتقسيم إمبراطوريته العظيمة على أبنائه الأربعة “جوجي خان” و”جغطاي خان” و”أوقطاي خان” و”تولي خان”.
وبفضل بركة خان، الذي كان زعيم القبيلة الذهبية، عرفت الإمبراطورية المغولية الدين الإسلامي، وذلك في سنة 650 هجري، 1252 ميلادي.
تروي المراجع التاريخية، أن الحاكم المغولي، قد أسلم تأثرا بالعالم المسلم “نجم الدين مختار الزاهدي”، وهو عالم من أعلام “خوارزم” وهي إحدى المدن التابعة لأوزبكستان، عرف بالتصوف والفقه وسعة العلم، وكان يلقب ب”صانع الأولياء”، وأثناء وجوده في مدينة سراي-جوك، في أقصى غرب كازاخستان الحديثة، التقى به “بركة خان”، وأخذ يستفسر عن العقيدة الإسلامية، وطلب منه في الأثناء أن يؤلف له رسالة حول الدين الإسلامي، وتوضح بالبراهين بطلان عقائد التتار.
وفعلا استجاب العالم المسلم المتزهد لطلب حاكم المغول وألف رسالة “الزاهدي”، التي اعتنق على أثرها القائد المغولي الدين الإسلامي الحنيف، الذي تبع طريق هداه شقيقه تيمور خان، لينتشر بعد ذلك الإسلام في كامل الإمبراطورية العظمى.
فيما ذكرت مراجع أخرى، أن بركة خان، قد أسلم تأثرا بزوجة أبيه “رسالة”، التي كانت معتنقة الإسلام، بفضل انتشاره في المناطق المجاورة التي تحكمها “إمبراطورية خوارزمى” المسلمة.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
بداية الدعوة
لم يقتصر إسلام بركة خان على أسرته الحاكمة، بل قرر أن ينشر هذا الدين القيم، في كامل ربوع مملكته، لذلك انطلق في إرسال، رسله إلى عدة أقطار للدعوة إلى الإسلام، وكانت حينها إمبراطورية التتار تمثل الفزع الأكبر للمسلمين.
ومن ثمة أرسل بركة خان إلى الخليفة العباسي المستعصم يبايعه، كما أخذ في إظهار شعائر الإسلام، فبنى مدينة سراي، الواقعة مكان مدينة سراتوف على نهر الفولجا، والتي ماتزال معالمها وآثارها إلى يومنا هذا، خير شاهد على الحضارة الإسلامية في تلك البلاد.
وجعل من هذه المدينة عاصمة القبيلة الذهبية، وشيد فيها المساجد والحمامات، حتى باتت من أكبر مدن العالم في ذلك الزمان وجعلها على السمت الإسلامي الخالص.
جاء إسلام بركة وتوليه الحكم في فترة كان المغول فيها هم الكابوس المفزع للبشرية بشكل عام وللمسلمين خاصة، ودخل في حرب كبيرة وصراع مع ابن عمه “هولاكو”، الذي كان يهاجم بلاد المسلمين، من ذلك بغداد التي دخلها عام 1258م.
وتذكر المراجع، أن “بركة خان، قد قام بإقناع أخيه “باتو”، بأن المسلمين أصدقاء له وبينه وبينهم معاهدات ومراسلات، وأقنعه بترك الحرب عليهم.
وطوال فترة حكمه لم يتوقف الحاكم المغولي بركة خان على الحث على نشر الإسلام وخاصة في صفوف الجنود والجيوش، إلى حين وفاته سنة 1266م