يُمكن القول إن القرن العشرين من أكثر القرون إجراماً على نطاقٍ غير مسبوق؛ هو قرن الحربين العالميتين، والهولوكوست، وصعود النازية والفاشية. وقبل ذلك، ترك عددٌ من الحكام الديكتاتوريين بصماتهم في حصد أرواح ملايين البشر، ذبحاً وقتلاً، فحفروا أسماءهم في التاريخ مقترنة بدماء ضحاياهم.
يتنافس على قائمة أكثر الحكام فتكاً بالبشرية مجموعة من القادة الديكتاتوريين أمثال جنكيز خان، وأدولف هتلر، وجوزيف ستالين. لكن القائمة تضمّ أيضاً جنوداً وقنّاصين وقتلة متسلسلين، مثل سيمو هايها، الذي أصبح من أكثر القناصين فتكاً في العالم بفضل حصده أرواح مئات القتلى خلال أيامٍ فقط، إضافةً إلى القاتل الكولومبي لويس غارافيتو.
فيما يلي أرقام ضحايا زعماء ديكتاتوريين قتلوا ملايين الأشخاص، بالترتيب من الأقل فتكاً إلى أكثرهم:
١- أدولف هتلر.. سمعته أسوأ من جرائمه الفعلية
قد يظن غالبيتكم أن الإجابة هي الزعيم النازي أدولف هتلر أو الديكتاتور السوفييتي جوزيف ستالين، إذ شهد عصرهما مصرع الملايين، كنتيجةٍ مباشرة لسياساتهما. لكن
عداد ضحايا هتلر لا يتجاوز الـ17 مليوناً، بينما يعتبره البعض قد وصل إلى 27 مليوناً مقسّمين كالتالي: 15 مليون سوفييتي، و6 ملايين يهودي (في الهولوكوست)، مضافاً إليهم 6 ملايين ألماني قُتلوا في حروب ألمانيا.
فيما تُشير بعض المراجع الأخرى إلى أن سياسة النازية لإبادة اليهود وغيرهم من الجماعات، أسفرت عن مقتل 11 مليون شخص لا أكثر. رغم أن حصيلة الوفيات الإجمالية للحرب نفسها تفوق هذا الرقم بكثير.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
خلال السنوات الثلاث الأولى من الحرب العالمية الثانية كان هتلر قد سيطر على معظم القارة الأوروبية، باستثناء بريطانيا، واحتلّ ثلث مساحة الاتحاد السوفييتي. السوفييت كانوا أكثر ضحاياه، إلى أن فازوا عليه في معركة ستالينغراد التي دامت لشهور، دخلوا على إثرها برلين.. الأمر الذي دفع بالفوهرر إلى الانتحار.
٢- جوزيف ستالين.. 1830 ضحية يومياً!
غالباً ما يُذكر هتلر باعتباره الديكتاتور الأعظم، الذي شكّل خطراً على البشرية في القرن العشرين. لكن بالمقارنة بين أعداد ضحايا هتلر وستالين مثلاً، يتفوّق ستالين بأشواط على رفيقه هتلر.
تتباين الأرقام من مؤرخٍ إلى آخر، حين يتعلّق الأمر بستالين، لكن عدداً من المؤرخين- الذين يُشار إليهم كمعتدلين- يقولون إنه قتل نحو 40 مليوناً خلال سنين حكمه الثلاثين.
وبمعادلةٍ بسيطة، عبر الأرقام أعلاه، فإن 2 مليون شخص قُتلوا كل عام في عهد ستالين، أو 40 ألفاً كلّ أسبوع. وفي أقلّ تقدير، لو اعتبرنا أنه لم يقتل سوى 20 مليوناً -كما تُشير بعض المراجع- فإن عدد قتلاه يومياً سيكون 1830.
هذه الملايين لم تمُت خلال الحرب العالمية الثانية فقط، وإنما كانت هناك عمليات تطهير عرقي استمر لفتراتٍ طويلة وبشكلٍ شبه دائم، إضافةً إلى طرد وتهجير قسري ومعسكرات العمل في سيبيريا، التي كان يُرسل إليها معارضيه فيموتون خلال أيام.
أعلن ستالين في العام 1937 عن قانون مكافحة الإرهاب، الذي أقرّ الإعدام لمن تثُبت عليه تهمة الإرهاب.. هذا القانون الذي قتل الملايين أيضاً، لا سيما أنه كان يمنع حضور محامي دفاع للمتهمين!
وفقاً للمؤرخ الجورجي روي ألكندروفيتش ميدفيديف، فإن 20 مليوناً راحوا ضحية نزوات ستالين في القتل غير المسؤول، والتهجير القسري والتطهير السياسي ومعسكرات العمل، و20 مليوناً آخرين ضحايا الحرب العالمية الثانية من السوفييت.
لكن الأديب الروسي ألكسندر سولجينتسين يُشير مثلاً إلى أن عدد قتلى ستالين يصل إلى 60 مليوناً بالفعل! لكن معظم تقديرات الأكاديميين والمؤرخين تتراوح بين 30 و40 مليون ضحية.
٣- جنكيز خان.. 40 مليون ضحية
ربما قتل ماو تسي تونغ أكبر عدد من البشر في التاريخ، لكن يوجد بعض القادة الآخرين الذين يمتلكون أرقاماً مشابهة، ومن بينهم جنكيز خان.
حتى لو لم تكن مطلعاً على قصص التاريخ وخفاياها، لا بدّ أنك تعلم أن اسم القائد المغولي جنكيز خان مرتبط بسفك الدماء في المقام الأول، حتى قيل إنه قتل سكان مدينة كاملة- يبلغ عددهم قرابة مليوني شخص- في ساعةٍ واحدة فقط، ثم قطع رؤوسهم وكدّس جماجمهم فوق بعضها على شكل هرم.
نجح الإمبراطور المغولي مع أبنائه في تأسيس أكبر إمبراطورية برية متصلة في التاريخ البشري، خلال حكمه الذي امتدّ من عام 1206 حتى 1227. وقد اعتمد المغول على العنف أكثر من الدبلوماسية في غزو الأراضي.
أرعبت جيوش المغول الوحشية العالم كلّه، عندما بدأت رحلتها الدموية في القرن الثالث عشر، من شرق آسيا في الصين وحتّى الخلافة العباسية. لكنّ المأساة اكتملت في بلاد المسلمين عندما اجتاحت هذه الجيوش- على يد قائدها هولاكو- العاصمة العباسية بغداد، وقتلت الخليفة المستعصم بالله في العام 1258.
وتشير تعدادات السكان في العصور الوسطى إلى أن الصين فقدت عشرات الملايين من الناس إبان حكم خان. ووفق موقع ati الأمريكي، فقد تسببت قوات جنكيز خان المغولية في القضاء على 11% من سكان العالم آنذاك. ورغم صعوبة تحديد حصيلة الوفيات الحقيقية تحت حكمه، لكن المؤرخين يقدّرون بأن نحو 40 مليون شخص ماتوا داخل إمبراطوريته المتوسعة.
مما يجعل جنكيز خان واحداً من أكثر القتلة فتكاً عبر تاريخ العالم، لا سيما أن هذا العدد المهول من الضحايا سقط في فترةٍ لا تتجاوز العشرين عاماً. بينما يمتلك غيره من القادة سمعة سيئة، رغم أن حصيلة قتلاهم أقلّ بكثير، ولو أنها مروعة بالقدر نفسه.
٤- ماو تسي تونغ: بين 78 و80 مليون ضحية!
الحقيقة هي أن أكثر زعيم مُجرم في القرن العشرين هو ماو تسي تونغ، الديكتاتور الصيني الذي حكم 27 عاماً
قاد تونغ الثورة الصينية واستطاع أن يُحسَب على المعسكر الشيوعي حينها، وليس ذلك فقط، بل إنّ ماو قام بتطوير نوع آخر من الشيوعية أُطلق عليها اسم “الماوية”، نسبةً إليه. مؤلفا كتاب ماوتسي تونغ: القصة المجهولة (وقد كان أحدهما من ضمن جنود الحرس الأحمر التابع لماو) يجنحان بعيداً ويؤكدان أن ماو لم يكن يؤمن بالشيوعية، وإنما كان انتهازيّاً وقد مالَ إلى الشيوعية عندما كانت ستوصله للحكم- بدعمٍ من الاتحاد السوفييتي– رغم أنه كان منضماً إلى أعداء الشيوعيين في الصين (القوميين) في وقتٍ سابق.
في طريقه إلى السلطة دخل ماو حرباً أهلية فاز فيها، فأصبح من بعدها رئيس الحزب الشيوعي بلا منازع، ورئيس الجمهورية الصينية الشعبية، ورئيس اللجنة العسكرية التي تقود الجيش. كان هذا عام 1949.
في عام 1958 دشّن ماو تسي تونغ حملة “القفزة العظيمة إلى الأمام”، حين شرع في تعبئة القوى العاملة الصينية، أملاً في جعل الصين دولةً منافسة على الساحة العالمية. لكن سياساته القاسية أجبرت الملايين على ترك منازلهم، وأخضعت المدنيين للعقوبات، وأثارت المجاعات في البلاد.
فقد تعرّض الناس لتأديبات رهيبة عند ارتكاب أبسط التجاوزات خلال تلك الفترة، وأُجبروا على العمل بغض النظر عن الظروف، وتعرّضوا للتجويع الوحشي المتعمّد. يقول المؤرخ فرانك ديكوتير إن ما يتراوح بين مليونين وثلاثة ملايين شخص تعرّضوا للتعذيب أو القتل لأسبابٍ تافهة.
وفي نصٍّ كتبه لموقع History Today البريطاني في العام 2016، عرض ديكوتير مثالاً على وحشية ماو خلال ذلك العصر، كاتباً: “عندما سرق صبيٌّ حفنة من الحبوب في قرية هونان، أجبر عمدة القرية والد الصبي على دفنه حياً، ثم مات الأب حزناً بعدها بأيام”.
يقدّر ديكوتير أن عدد الأشخاص الذين ماتوا بسبب سياسات ماو يصل إلى “45 مليون شخصٍ على الأقل بين عامي 1958 و1962 فقط”. لكن الرقم قد يصل إلى 78 أو 80 مليون شخص، ما يعني أن ماو تسي تونغ قتل أكبر عدد من البشر في التاريخ، خصوصاً أن له مواقف عدّة لا يمكن وصفها بالعقلانية.
ففي العام 1966 دشَّن ما سماها “الثورة الثقافية”، لكنها لم تكن في الحقيقة سوى محاولةٍ للتخلّص من جميع معارضيه في الحزب الشيوعي. كان الحرس الأحمر، المكوَّن من طلاب في أغلبه، بيد ماو، وقادت زوجته جيانغ كينغ- مع ثلاثة قادة آخرين- الثورة الثقافية.
استمرت الثورة الثقافية نحو 7 سنوات، قُتل خلالها ما يقارب المليون صيني. كان الحرس الأحمر يقتل أساتذة الجامعة والمثقفين وكل من تدور حوله الشكوك بعدم موافقته على قرارات القائد، أو كلّ من لم يحفظ نصوص الكتاب الأحمر الذي ألّفه ماو.
وفي إحدى نوبات ماو تسي تونغ، قاد حملةً للقضاء على من سماهم الآفات الأربع: العصافير، والذباب، والناموس، والفئران. بدأت الحكومة في اصطياد الحشرات والفئران وقتل الطيور، بسبب موسم الجراد في الصين.
كانت الحملة على العصافير؛ لأنها تأكل الحبوب الزراعية، متناسين أنها تأكل الحشرات أيضاً، فقام ماو بالحملة التي تسبّبت في مجاعةٍ راح ضحيتها 20 مليون صيني، قبل أن تضطر الحكومة في النهاية إلى وقف الحملة على العصافير.
وفي الوقت ذاته، شهد حكام مثل ليوبولد الثاني ملك بلجيكا مقتل ما يتراوح بين ثمانية ملايين و11 مليون شخص أثناء حكمه، بينما تسبّب الزعيم الكمبودي بول بوت في مقتل ما يتراوح بين 1.5 مليون ومليوني شخص حسب التقديرات.
إذاً، تبدو الإجابة واضحة على سؤال “من قتل أكبر عدد من البشر في التاريخ”، حين نتحدث عن القادة الديكتاتوريين؛ لكنها لن تكون بالوضوح نفسه عندما نتحدث عن الجنود أو القنّاصين والقتلة المتسلسلين.
سيمو هايها.. القنّاص الذي قتل 505 جنود في 98 يوماً فقط!
صُنف سيمو هايها أكثر القناصة فتكاً عبر التاريخ؛ نظراً إلى أنه قتل ما لا يقل عن 505 أشخاص في 98 يوماً فقط، خلال “حرب الشتاء” التي دارت بين فنلندا والاتحاد السوفييتي بين عامَي 1939 و1940.
وُلِدَ هايها في ديسمبر/كانون الأول 1905، بقرية “كيسكينين” التي كانت تقع آنذاك في إقليم كاريليا الفنلندي القديم، وأصبحت اليوم منطقة روسية. كان مزارعاً، وتمتع بالعديد من الهوايات، من ضمنها التزلج على الجليد، والصيد، والرماية.
في “حرب الشتاء”، قاتل هايها مع فنلندا ضد الاتحاد السوفييتي في ما يُطلق عليها تاريخياً “حرب الشتاء”، حين كان عمره 33 عاماً، وخدم مع الجيش الفنلندي 98 يوماً من أصل 105 أيام (استمرت الحرب 105 أيام)؛ لكن هايها لم يرَ نهايتها، لأنه تعرَّض للإصابة وأُدخل المستشفى خلال الأسبوع الأخير منها.
وخلال فترة 98 يوماً من الرعب الذي أشاعه لدى أعدائه، لم يُرَ هايها أو يُسمَع. كان يعمل ويستهدف الجنود السوفييت بدقة مميتة، لدرجة أنه قتل بإحدى المرات 25 رجلاً في يوم واحد.
شكَّل سيمو هايها، بشخصيته الفريدة وتدريباته المستمرة، كابوساً للقوات السوفييتية في غابات الشتاء الفنلندية، إلى أن أُصيب في 6 مارس/آذار 1940، بغابات أوليسما في منطقة كولا.
وقد أصابته طلقة متفجرة خلال هجومٍ سوفييتي، فدخل في غيبوبة لم يستيقظ منها إلا بعد أسبوع، جرى خلاله التوقيع على الهدنة بين البلدين. وقد عانى هايها بعد إصابته من تشوهٍ دائم في الوجه، وألماً شبه مستمر لسنوات طويلة.
لويس غارافيتو.. قاتل متسلسل حصد 400 ضحية خلال سنتين
يعتبر لويس غارافيتو واحداً من هؤلاء القتلة الأكثر فتكاً في التاريخ الحديث، لمجرّد إرضاء غرائزه المريضة. يُعتقد أن القاتل المتسلسل الكولومبي كان أكثر القتلة حصداً للأرواح في العالم، حيث اغتصب وعذّب وقتل ما يتراوح بين 200 و400 صبي ومراهق، تتراوح أعمارهم بين 6 و16 عاماً خلال الفترة ما بين 1992 و1999.
وقد اعترف غارافيتو رسمياً بقتل 140 طفلاً.
بينما يُعتقد أن بيدرو لوبيز، القاتل المتسلسل الكولومبي الآخر، كان واحداً من أكثر القتلة فتكاً في التاريخ أيضاً (بعد غارافيتو مباشرةً). حيث اشتهر بلقب “وحش جبال الأنديز”، وربما قتل ما يصل إلى 300 فتاة صغيرة. ونقلت صحيفة The Sun البريطانية أنه قد أُدين بقتل 110 فتيات، ثم اعترف لاحقاً بقتل 240 فتاةً أخرى.
ومن الصادم أن أشهر القتلة المتسلسلين في تاريخ أمريكا، مثل تيد بوندي وجيفري دامر، لم يقتلوا سوى نسبة بسيطة من الضحايا الذين سقطوا على يد غارافيتو ولوبيز.