عن عمران بن حصين أنّ امرأة من جهينة أتت نبيّ الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزّنى فقالت: يا نبيّ الله أصبت حدّا فأقمه عليّ فدعا نبيّ الله صلى الله عليه وسلم وليّها فقال: «أحسن إليها، فإذا وضعت فأتني بها» ، ففعل، فأمر بها نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فشكّت عليها ثيابها ثمّ أمر بها، فرجمت ثمّ صلّى عليها، فقال له عمر: تصلّي عليها يا نبيّ الله، وقد زنت؟! فقال: «لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله؟!»
[بعض فوائد الحديث:]
[الفائدة الأولى:]
في مظاهر شفقة النبي صلى الله عليه وسلم بمن تاب بعد أن ارتكب كبيرة من أكبر الكبائر، وكذا حكمته في التعامل مع الواقعة
1- لم يوجه النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة أدنى توبيخ ولم يعنفها، بل لم يلمها على ما فعلت، لأن المرأة قد تابت، فلا ينبغي أن نذكرها بما تكره، لعدم وجود أدنى مصلحة في ذلك، وهذا يدل على بالغ حكمته صلى الله عليه وسلم
الشّاهد في الحديث:
أن شفقة النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الأمة لم تقتصر على الأطفال والخدم، وعموم المسلمين، بل تعدت لتشمل من جاء تائبا من أهل الكبائر، وسنرى كيف كان تعامله صلى الله عليه وسلم مع هذه الفئة من الناس.
[بعض فوائد الحديث:]
[الفائدة الأولى:]
في مظاهر شفقة النبي صلى الله عليه وسلم بمن تاب بعد أن ارتكب كبيرة من أكبر الكبائر، وكذا حكمته في التعامل مع الواقعة.
أ- لم يوجه النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة أدنى توبيخ ولم يعنفها، بل لم يلمها على ما فعلت، لأن المرأة قد تابت، فلا ينبغي أن نذكرها بما تكره، لعدم وجود أدنى مصلحة في ذلك، وهذا يدل على بالغ حكمته صلى الله عليه وسلم.
ب- لم يسأل المرأة عن اسم الرجل الذي واقعها، وهذا يدل على أن العفو يجب أن يقدم عند الإمام على إقامة الحد، ما لم يبلغه الخبر، كما أن الستر أولى من الفضيحة، وقد يكون الرجل قد تاب أيضا. ويتفرغ من ذلك:وجوب عدم تتبع عورات الناس من باب أولى
ج- كما أن من حكمته وشفقته صلى الله عليه وسلم أيضا، أنه لم يردها وحدها حتى تضع حملها، بل دعا وليها، ليكون مسئولا عنها، تلك الفترة، وأمره بالإحسان إليها، وهو أمر جامع، يتضمن كل أوجه الخير الذي يمكن أن يفعله الولي، وهي في أحوج ما يكون لذلك الإحسان، لاحتمال تعرضها لأذى من قرابتها، وحرمان من النفقة
د- حرص النبي صلى الله عليه وسلم على حماية الجنين الذي في بطن المرأة، فأجل الحد إلى ما بعد الولادة، وفي ذلك إعلان منه صلى الله عليه وسلم بتبرئته، وأنه لا يؤخذ بذنب أمه
ه- حرص النبي صلى الله عليه وسلم على ستر المرأة أثناء إقامة الحد عليها، وعمل ما يضمن ذلك، قال الراوي: (فشكّت عليها ثيابها) ، مع أن المقام نستبعد فيه أن ينظر أحد إلى المرجومة بشهوة، لكن العورات يجب حفظها في كل حال، وفيه لفتة إلى وجوب الستر من باب أولى وأولى في غير هذا الموضع
و- صلاته صلى الله عليه وسلم على المرأة التائبة بعد وفاتها، وقد استعظم عمر رضي الله عنه تلك الصلاة، لأنه يعلم أن صلاته صلى الله عليه وسلم سكن ورحمة للمسلمين، في حياتهم وبعد مماتهم، فعلل له النبي صلى الله عليه وسلم سبب الصلاة، وهو التوبة النصوح للمرأة
ز- ذكر محاسن هذه المرأة، والثناء عليها أبلغ الثناء حيث قال صلى الله عليه وسلم: «لقد تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم»
[الفائدة الثانية:]
في مناقب المرأة
أ- أعظم ما فيها هي توبتها النصوح، وعلامتها: أنها قد جاءت من تلقاء نفسها تخبر أنها قد أصابت حدّا، وتريد إقامة الحد عليها، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم قدر تلك التوبة بأنها تكفي سبعين رجلا من أهل المدينة. يتفرع على ذلك: أن التوبة تتفاوت درجاتها، بحسب ما يجده العبد من ندم على ما اقترف، وعزم على عدم العودة، وترك كل الأسباب التي قد تؤدي للعودة إلى المعصية.
ب- خوفها من الله- عز وجل- مع فقهها حيث أرادت أن تجمع بين كفارتين للكبيرة، وهما إقامة الحد مع التوبة، وإن كانت واحدة لتكفي، ولكنها أرادت أن تكون على يقين كامل أنها ستقابل ربها، وليس في صفحتها أدنى مسائلة عن هذه الكبيرة.
ج- أدبها وعفة لسانها حيث لم تذكر مسمى الكبيرة التي وقعت فيها، لأن التعريض يكفي، فكان كل ما قالته: (يا نبي الله أصبت حدّا فأقمه علي) .
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website