نشرت وسائل إعلام عبرية معلومات تفيد بأن المملكة العربية السعودية أزالت من منهجها الدراسي نصوصًا قرآنية عن اليهود، وبغض النظر عن مدى مصداقية هذا الخبر، فإن ثبوت صحة هذا الخبر يعتبر كارثة بالمعنى الديني والعقدي، لأن النصوص القرآنية هي كلام الله ولا يجوز اللعب فيها مهمًا كانت الدوافع والأسباب، ربما يرى من يسمون أنفسهم بالمستشرقين والتنويريين والمبشرين والوسطيين وما شابه، بأن بعض الآيات القرآنية وخاصة “آيات الحرابة” تحض على قتل الغير مسلم، ويرون ذلك لأنهم بالأصل يقرأون القرآن بهدف انتقاده ومهاجمته، وليس بهدف فهمه الصحيح، و بعيدًا عن التدقيق في اللغة والسياق وسبب النزول والعلل وغير ذلك، فكل هم هؤلاء المستشرقين والتنويريين والمبشرين هو أن يثبتوا للبشرية أن القرآن يحض على القتل والعنف، ويأتي ذلك ضمن مشروع ما يسمى بالتبشير ونشر المسيحية على أكبر مساحة من العالم، وخاصة عبر القنوات الفضائية المسيحية والتي كل همّها أن تهاجم الإسلام وتشكك في رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
منذ ظهور المدعو “محمد بن عبد الوهاب” في القرن الثامن عشر، وتبنّيه لمدرسة “ابن تيمية” ونشره للدعوة التي سمّاها زورًا بالسلفية والتي تعرف بالوهابية نسبة له، والتي تعتمد على فهم القرآن والسنة بفهم سطحي وفي نواحٍ اخرى بطريقة متشددة تقود إلى الإرهاب المذموم، توغل الفكر الوهابي في بلاد الحجاز، ومرورًا بأهل هذه البلاد وحكامها، ووصولًا إلى “آل سعود” الذين اعتمدوا الفكر الوهابي حتى أصبح المدرسة الدينية المعتمدة في دولة السعودية منذ نشأتها عام 1932 إلى زمننا هذا. وقد ساهم الفكر الوهابي في صناعة هيبة السعودية بالسيف آنذاك وبنشر الفكر عن طريق مليارات الدولارات إلى أيامنا هذه، وتمثل ذلك في تطبيق الشريعة الإسلامية حسب مفهوم الوهابية وإقامة الحدود، وفرض النظام الوهابي في الشارع السعودي بواسطة المؤسسات الحكومية وقوة القانون وما يسمى بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى باتت السعودية عاصمة الوهابية ومركز انطلاقها في العالم الإسلامي، وذلك بسبب تمسكها بالفكر الوهابي والذي سار على نهج السلف ابن تيمية الذي حكم عليه قضاة المسلمين بالسجن حتى الموت بسبب فتاويه الشاذة ومحمد بن عبد الوهاب المؤسس الفعلي لها.
تعرّض الفكر الوهابي للمهاجمة من علماء أهل السنة والجماعة كونه فكر تجسيمي وصارم إلى حد التشدد في غير موضعه. وقد ساعدت الوهابية بانتشار مصطلح مصطلح “إسلام فوبيا” بسبب شذوذها وأولادها الغير شرعيين أمثال “داعش والقاعدة” وغيرها، والذي أصبح فزاعة لكل من هو غير وهابي.
لقد اشتدت المعركة ضد الفكر الوهابي منذ تولي ترامب عرش الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن المعركة بطريقة مختلفة تمامًا عن معارك ترامب المباشرة، فهذه المرة اختار ترامب ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” كي يجعله حقل تجارب لتحويل المملكة السعودية إلى دولة تنادي بالحريات والانفتاح، فمنذ تولي ترامب الحكم بدأ “محمد بن سلمان” بالتصريحات المعادية للمؤسسة الوهابية وشيوخها، وأشهر هذه التصريحات عندما صرح لصحيفة “واشنطن بوست” بأن الوهابية في السعودية هي خطأ تاريخي يجب التراجع عنه، وأن الفكر الوهابي جاء بدعم غربي ضد التمدد السوفييتي الشيوعي في المنطقة العربية، وبعد هذه التصريحات تفاجأ العالم بالتغيرات الجذرية على المملكة السعودية، مثل فتح المجال للانفتاح في المجتمع السعودي شيئًا فشيئًا، حتى باتت القوانين والمراسيم الملكية الجديدة تنفي وجود شيوخ ومؤسسات الدينية الوهابية في المملكة، وكل هذا بالفعل لم يأتي من فراغ، إنما هناك تأثير مباشر من قوى خارجية بقيادة ترامب على عقلية أصحاب القرار السياسي في السعودية والذين يدورون في محور ولي العهد محمد بن سلمان.
والسؤال المهم والذي ينتظر إجابته الكثيرون، وخاصة في زمن التوجه الى الحروب العقدية، وهو، هل ستسقط هيبة الوهابية على يد محمد بن سلمان؟؟ والإجابة من وجهة نظرنا أنها ستسقط تدريجيًّا إذا إستمرت على هذا الحال، ومع ترحيب علماء أهل السنة بمثل هذه الخطوات ودعمها لكي يتنفّس أهل السنة الصعداء بعد اضمحلال هذا الفكر التخريبي الذي لم يجلب للدول العربية سوى الخراب والتفكيك.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website