اللّعب على الحبلين هي سياسة الإخوان في لبنان.
نقتبس: أمثلة عدة يساهم طرحها بتقديم براهين عمّا طُرح في الحلقة الأولى، التي كانت تعريفية مختصرة للقارئ عن الحركات والجمعيات التي تنضوي تحت لواء جماعة ما يسمى بالإخوان المسلمين العالمية في لبنان. أحد أشكال التيار الدموي في إخوان لبنان، تجسّد في أحداث الضنية في رأس السنة بين عامي 1999 و2000.
بالرّجوع الى تلك الأحداث، لا بد أنّ نجد بصمة الإخوان في مكانٍ ما، وخصوصًا أنّ جماعة التكفير والهجرة بزعامة وقيادة بسام كنج “ابو عائشة” قد أعلنت جهارًا يومها أنّ قتالها ضد الجيْش كان هدفه إقامة إمارة في لبنان انطلاقًا من الشّمال، وتحرير لبنان مما أسمته “النّظام الكافر”. البصمة هنا عائدة الى واضع أيديولوجيّة الإخوان، سيّد قطب، الذي أثّرت فتاواه في المجموعات الإسلامية المقاتلة من إخوان ووهابية، رغم الاختلاف العقائدي بينهم والتكفير المتبادل، الا أنّهم يلتقون عند فتاوى سيّد قطب.
يومها سعى النائب خالد الضّاهر للقيام بوساطة بين جماعة التكفير والهجرة التي ضمّت خليطًا من وهابية وإخوانجيّة منضوين تحت اسم الجماعة الإسلامية، وبين الذين خرجوا من تحت عباءتها لرفضها الجهار بفتاوى سيّد قطب، كما سبق وذكرنا، لاعتبارات المجتمع اللبناني. هنا لا بدّ أن نقف قليلًا، فلا نكاد نجد حدثًا فيه تصادم بين التكفيريين والدولة في لبنان الا ونجد الإخوان يلعبون دور الوساطة.
ماذا وراء الوساطات هذه؟ أهو السّلم الأهلي؟ أم أنّ الإخوان في لبنان لهم “مَوْنَة” على التكفيريين لاشتراكهم بأيديولوجيا واحدة وتفكير واحد قائم على تكفير المجتمعات برمّتها واستباحة الدماء؟ ألا تثير الوساطات من أحداث الضنيّة الى أحداث نهر البارد وعبرا الريبة لدى المتابعين؟ ألا تثير مطالبة الجماعة بإطلاق سراح الموقوفين بهذه الأحداث القلق؟
بناءً على سياسة تكفير من يحكم بغير الشّرع يقع التناقض الكبير في قلب الإخوان، ففي إبّان حكم الرئيس الراحل جمال عبد النّاصر في مصر قام الإخوان بعدة محاولات لقلب نظام الحكم، أكثرها عبر محاولات اغتيال وتحويل مصر الى إمارة، ولكن محاولاتهم كلّها باءت بالفشل، فقام عبد النّاصر بمحاولة إخماد حركتهم وتمثّلت بإلقاء القبض على سيّد قطب وإعدامه، فنذكر حينها كيف أنّ الإخوان لم ينخرطوا بأية عملية سياسية بحجة أنه “من الكفر العمل بحكم غير الشريعة”. لكن مع مرور الزمن رأينا انخراطهم في العملية السياسية في مصر ولبنان وغيرها من الدول. هنا يظهر التناقض الجذري الذي وقع به الاخوان، فإمّا سيخطئون ويكفّرون أنفسهم، وإما يخطّئون ويكفّرون سيد قطب، أو أنّهم حلّلوا ما هو كفرٌ في الشّرع للمآرب السياسية والمصلحية.
إنخراط الأخوان في العمل السياسي لم يكن سوى مخالفة لفتاوى سيد قطب، وهذا إن دلّ على شيء فهو يدل على أنّ هذه الحركة العالمية مستعدة للتخلي عن الكثير من مبادئها ومعتقداتها لأجل الوصول إلى الحكم. ماذا بعد الوصول الحكم؟ تبيّن من تجربة مرسي في مصر، وأردوغان في تركيا، وكذلك من المقعد النيابي الذي منحه الرئيس سعد الحريري للجماعة في بيروت، أنّ المنصب يغوي هؤلاء، يبهرهم لدرجة تعمي عنهم التفكير في محاولة الحفاظ على الكراسي والمناصب.
من محاولة فرض إمارة إسلامية بالدماء والقتل والترهيب، وبين تجاوز المعتقدات للوصول إلى السلطة، يكاد تنظيم الإخوان في لبنان أن يكون تياراً، لا سياسة عامة تحكمه ولا مبادئ يسير عليها، يدخله من يشاء ويخرج منه من يشاء، ليكون التنظيم عبثي، لا مستقبل له، ولا جماعة.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وهذا هو مصير من يتاجر بالدين لكي يصل للكرسي.