جزر المالديف، تعرف رسميًا بـ”جمهورية المالديف” وهى مجموعة جزر صغيرة تقع فى قارة آسيا فى المحيط الهندى، ويمر عليها خط الاستواء جنوبًا، وكان يسميها العرب قديما ذيبة المهل أو محلديب ويرجح أنه قد تم تحريفه وأصبح ينطق مالديف.
وجاء فى كتاب الراحلة الشهير “رحلة فى بطوطة (ص ٥٧٨)”، عن سبب إسلام أهل المالديف، حيث أكد أن أهل تلك الجزر كانوا كفارا، وكان يظهر لهم فى كل شهر عفريت من الجن يأتي من ناحية البحر كأنه مركب مملوء بالقناديل، وكانت عادتهم إذا رأوه أخذوا جارية بكرًا فزينوها وأدخلوها إلى بدخانة، وهي بيت الأصنام، وكان مبني على ضفة البحر، وله طاق ينظر إليه منه، ويتركونها هنالك ليلة، ثم يأتون عند الصباح، فيجدونها مُفتضَّة ميتة، ولا يزالون كل شهر يقترعون بينهم، فمن أصابته القرعة أعطى بنته.
حتى جاء إليهم مغربي بأبي البربري، وكان حافظًا للقرآن، فنزل بدار عجوز منهم بجزير المهل، فدخل عليها يوما، وقد جمعت أهلها، وهن يبكين كأنهن فى مأتم، فاستفهمهن عن شأنهن، فلم يفهمنه، فأتى ترجمان فأخبره أن العجوز كانت القرعة عليها، وليس لها إلا بنت واحدة يقتلها العفريت، فقال لها أبو البركات: أنا أتوجه عوضًا عن بنتك بالليل، وكان سناطًز لا لحية له، فاحتملوه تلك الليلة، وأدخلوه، إلى بدخانة، وهو متوضئ، وأقام يتلو القرآن، ثم ظهر له العفريت من الطاق فداوم التلاوة، فلما كان منه بحيث يسمع القراءة غاص فى البحر وأصبح المغربي وهو يتلو على حاله، فجاءت العجوز وأهلها وأهل الجزيرة ليستخرجوا البنت على عادتهم فيحرقوها، فوجدوا المغربي يتلو، فمضوا به إلى ملكهم، وكان يسمى شنورازة، وأعلموا بخبره، فعجب منه، وعرض المغربي عليه الإسلام ورغبه فيه، فقال له: أقم عندنا إلى لنهاية الشهر، فإن فعلت كفعلك، ونجوت من العفريت، أسلمت، فأقام عندهم وشرح الله صدر الملك للإسلام، فأسلم قبل تمام الشهر، وأسلم أهله وأولاده وأهل دولته.
كان هذا الداعية سبباً في إسلام ملك الجزر ويدعى “شَنورازة” وتسمّى باسم محمد بن عبد الله، وأسلم بعده كلّ أهل الجزر، فلم يبق أحدٌ من سكّانها إلا ودخل الإسلام. قام السلطان ببناء مسجد عرف باسمه. طلب الملك الملديفيُّ من أبي البركات أن ينقش على لوحة تذكارا يُشير فيه إلى تاريخ إسلام الملك على يده، و هي اللوحة التي لازالت محفوظة إلى حد الآن، وتعتبر أقدم خط عربي في منطقة المحيط الهندي، وجعل ثلث ما يجبيه من سكان الجزر صدقة على أبناء السبيل، لأن إسلامهم كان عن طريقهم. يتابع ابن بطوطة في كتابه:
ثم حُمِل المغربي لما دخل الشهر إلى بيت الأصنام، ولم يأتِ العفريت، وجعل يتلو حتى الصباح. وجاء السلطان والناس فوجدوه على حاله من التلاوة، فكسروا الأصنام، وهدموا بيتها، وأسلم أهلُ الجزيرة، وبعثو اإلى سائر الجزر، فأسلم أهلها، وأقام المغربي عندهم معظَّما وتمذهبوا بمذهبه؛ مذهب الإمام مالك رحمه الله، وهم إلى هذا العهد يعظمون المغاربة بسببه،وبَنَى مسجدا معروفا باسمه، وقرأتُ على مقصورة الجامع منقوشا في الخشب: أسلَم َ السلطان أحمد شنورازة على يد أبي البركات البربري المغربي. وجعل ذلك السلطان ثلثَ مجابي الجزر صدقة على أبناء السبيل إذْ كان إسلامه بسببهم.»
وقد عاين ابن بطوطة خلال مقامه في جزر المالديف حادثة تحدث عنها في كتابه “تحفة النّظّار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار” كما يلي :
« وبسبب هذاالعفريت خرب من هذه الجزائر كثير قبل الإسلام. ولما دخلناها لم يكن لي علم بشأنه،فبينا أنا ليلة في بعض شأني إذ سمعت الناس يجهرون بالتهليل والتكبير، ور أيت الأولاد وعلى رؤوسهم المصاحف، والنساء في الطسوت، وأواني النحاس، فعجبت من فعلهم،وقلت: ماشأنكم؟ فقالوا: ألا تنظر إلى البحر؟ فنظرت، فإذا مثل المركب الكبير كأنه مملوء سُرُجا ومشاعل، فقالوا: ذلك العفريت، وعادته أن يظهر مرة في الشهر فإذا فعلناما رأيت انصرف عنا ولم يضرنا.»
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website