لا شك أن الحديث عن مكانة المرأة في الإسلام كثير وكثير جداً، فهناك من يخرج علينا صائحاً بأعلى صوته أن الإسلام ظلم المرأة وجار عليها وصادر حريتها وحال بينها وبين حقها في أن تعيش كمثيلاتها من النسوة الأخريات من أتباع الحضارات الأخرى، وهناك من ذهب إلى أبعد من ذلك ووضع الإسلام في قفص الاتهام وحاكمه وأدانه حتى قبل أن يتحرى ويتبين من براءته، وراح يجرّمه ويسيء إليه بدعوى ظلم المرأة بدون دليل ولا منهج علمي موضوعي، وعلى الجانب الآخر تجد من ينفى كل ما نسب إلى الإسلام من شبهات تجاه المرأة ويقول عكس كل ما قيل سابقاً، وأن الإسلام كرّم المرأة وأعلى من شأنها. وللإجابة على هذا السؤال سنعرض مكانة المرأة في مختلف الحضارات وماذا قدمت تلك الحضارات بما فيها الإسلام للمرأة.
ففي الحضارة الإغريقية كانت المرأة عند الإغريق محتقرة مهانة حتى أنهم أسموها رجس من عمل الشيطان. وكانتْ كالمتاع تُباع وتشترَى في الأسواق، مسلوبة الحقوق، محرومة من حقِّ الميراث وحقِّ التصرُّف في المال، وكانتْ في غايةِ الانحطاط. وقد قال عنها أشهر فلاسفة الإغريق أرسطو طاليس: “إن المرأة رجل غير كامل، وقد تركتها الطبيعة في الدرك الأسفل من سلم الخليقة”، وهو القائل أيضاً: “أن المرأة للرجل كالعبد للسيّد، والعامل للعالم، والبربري لليوناني، وأن الرجل أعلى منزلة من المرأة”. أما الفيلسوف الإغريقي المشهور سقراط فقد قال: “إنَّ وجودَ المرأة هو أكبر منشأ ومصْدر للأزمة في العالَم، إنَّ المرأة تُشبه شجرةً مَسْمومة، حيث يكون ظاهرها جميلاً، ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت حالاً”.
أما عن وضع المرأة في الحضارة الرومانية فقد كان سيئاً جداً فقد اعتبر الرومان المرأة متاعاً مملوكاً للرجل وسلعة من السلع الرخيصة يتصرف الرجال فيها كيف يشاءون، وكان يعتبرها الرجال شراً لا بد من اجتنابه، وأنها مخلوقة للمتعة، وكان الرجل يملك مالها فهي في نظره ونظر المجتمع الروماني كله مخلوقة لا قيمة لها، وكان بيد أبيها وزوجها حق حياتها وحق موتها وإذا كانت ملك أبيها في شبابها فهو الذي يختار لها زوجها فإذا تزوجت ملكها زوجها وفي ذلك يقول جايوس: “توجب عادتنا على النساء الرشيدات أن يبقين تحت الوصاية لخفة عقولهن”.
وفي الحضارة الأوروبية الكوارث, ففي إنجلترا كانت تباع المرأة في الأسواق بشلنين لأنها ثقلت بتكاليفها على الكنيسة التي تؤويها، كما بقيت المرأة إلى سنة 1882 محرومة من حقها الكامل في ملك العقارات وحرية المقايضة، وفي بلغراد بيعت النساء بالميزان، وكان الرطل الواحد يساوي بنسين أو ثلاث بنسات، وكان ثمن الزوجة التي تزن مائة رطل أو مائة وعشرين رطلا لا يزيد عن 28 شلناً. والفيلسوف الإنجليزي هربرت سبنسر يؤكد ذلك وقد قال: “أن الزوجة كانت تُباع في إنجلترا خلال القرن الحادي عشر” وقد سنت المحاكم الكنسية في هذا القرن قانوناً ينص على أن للزوج أن ينقل أو يعير زوجته. وفرنسا أيضاً لم تكن هي الأخرى أفضل في تعاملها مع المرأة من جاراتها فقد قرر فيها مجمع ماكون الذي عقد سنة 586م: “أنَّ المرأة إنسان ولكنها مخلوقة لخدمة الرجل، وتخلو روحها من الروح الناجية من عذاب جهنَّم ما عدا أم المسيح”!
أما في الحضارة اليهودية, فقد صبّ اليهود جام غضبهم على المرأة، فكانت عندهم سلعة خسيسة رخيصة تتنقل بين أحضان الرجال بطريقة غاية في الشذوذ كما جعلوها هي الخائنة والمتمردة والكاذبة والذليلة، في أبشع هجوم وجريمة بحق المرأة وامتهان لحقوقها. كما أنهم يعتبرون المرأة لعنة، وقد جاء في التوراة (المحرّف الذي بين أيدي اليهود) ما نصه: “المرأة أمرّ من الموت، وإنَّ الصالح أمام الله ينجو منها”.
أما العرب في الجاهلية كانوا ينظرون إلى المرأة على أنها متاع من الأمتعة التي يمتلكونها مثل الأموال والبهائم، ويتصرفون فيها كيف شاءوا، وقد حرموها من الميراث وكان العرب يقولون: “لا يرثنا إلا من يحمل السيف”. وقد كانت المرأة مصدر عار عند جاهلية العرب فقد كان أحدهم إذا ولدت زوجته بنتاً ضاق ذرعا واستشاط غضبا وقد كان وأْد البنات منتشراً بشكل كبير بينهم والوأْد هو دفن المولدات الإناث وهن على قيد الحياة.
وما تحدثت به عن وضع المرأة المأساوي في تلك الحضارات السالفة الذكر غيض من فيض وقد اختصرت الكثير الكثير، وحتى في وقتنا الحاضر فالمرأة لا زالت عند تلك الحضارات مجرد سلعة وأداة ناجحة للترويج والإعلان، فالمرأة عندهم متاحة للجميع وفي أي وقت ولا يوجد أي ضابط شرعي أو أخلاقي أو قانوني يحد من ازدرائها والحط من قدرها والاعتداء على كرامتها، وربما أن حالات الاغتصاب الهائلة وتعدد العشيقات وأطفال الملاجئ خير دليل على وضع المرأة الغربية البائس.
أما الإسلام الذي يتهمه الكثير من أبناء شعوب مختلفة ومن غير أبنائ هذه الأمة, فهو الوحيد الذي صان المرأة وحفظ لها كرامتها وأعلى من شأنها، فقد جاءت النصوص الشرعية جميعها لتأكد على أهمية احترام المرأة وتغليظ عقوبة الاعتداء عليها والحط من قدرها فقد جاء بالحديث الصحيح عن رسول الله-عليه الصلاة والسلام- أنه قال: “استوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عوان عندكم، إن لكم عليهن حقا، ولهن عليكم حق”. وقد نزلت سورة كاملة تحمل إسم “النساء” تبين حقوق المرأة وتنظم شؤونها وتعلي من شأنها، فالمرأة في الإسلام مصانة ولها الحرية ضمن ضوابط شرعية من شأنها حفظ كرامة المرأة. يقول المؤرخ الفرنسي جوستاف لوبون : “إن الأوربيين أخذوا عن المسلمين مبادئ الفروسية وما اقتضته من احترام المرأة، وهو الذي رفع المرأة من الدرك الأسفل الذي كانت فيه، وذلك خلافًا للاعتقاد الشائع”.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وبعد كل هذا التكريم للمرأة في الإسلام نجد من يطل علينا ليتهم الإسلام بظلم المرأة والحط من قدرها والتضييق عليها!، وقد طالب البعض بتحريرها ليس ذودا عنها بل ليسهل على نفسه وعلى غيره سرعة الوصول إليها وهذا ما قد حدث للأسف في بعض المجتمعات وقد خسرت كل من اذعنت لأصواتهم فقد أصبحت دمية بيد كل عابث.
نحن نعتقد أن الإسلام لم يظلم المرأة بل قد ظلم أولئك التغريبيين الإسلام ونالوا منه بافترائهم عليه وخلطوا الأوراق على بعض معتنقيه وعلى غير معتنقيه وصوروه بصورة الوحش الذي ينقض على فريسته وهو بريء من هذه التهم كبراءة الذئب من دم يوسف. وعلى المرأة المسلمة أن لا تصغي لأصوات أولئك المدلسون الذين لا يريدون لها ولا للإسلام الخير، وعليها أن تتمسك بتعاليم هذا الدين العظيم الذي أعلى من شأنها وحافظ على كرامتها.