خلاصة الكلام أن الجورب المستخدم في زماننا لا يصح المسح عليه في أي مذهب
المَسْحُ على الجَوْربَينِ في المَذاهبِ الأربعة
الحمد لله وصلى الله وسلَّم على رسول الله وعلى ءاله وصحبه ومن والاه.
وبعد، فقد قال الله تعالى: ﴿وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾، وقال أيضًا: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾، وقال ﷺ: «مَنْ تَوَضَّأَ كَمَا أُمِرَ وَصَلَّى كَمَا أُمِرَ غُفِرَ لَهُ مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلٍ».
وقد ثبَتَ في الحديثِ التّرخيصُ بالمَسحِ على الخُفَّين، مِن ذلكَ:
– ما رواهُ أبو داودُ وأحمدُ عَن ثَوبان قالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَرِيَّةً فَأَصَابَهُمُ الْبَرْدُ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ شَكَوْا إِلَيْهِ مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْبَرْدِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ».
– وما رَواهُ الشَّيخانِ عن جَريرِ بن عبدِ الله قالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ».
ففِي بعضِ الأحاديثِ السّابقةِ ذِكرُ الجَورَبَينِ، وقد اختُلِف في تفسيرِهما حتى إنّ الفقهاء أفرَدوا لذلك بابَ المَسحِ على الجورَبين.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
مذهبُ الشّافعيّة:
قال الشيرازي في «المهذَّب»: وإن لبس جَوْربًا جاز المسح عليه بشرطين: أحدُهما أن يكون صَفِيقًا لا يَشِفُّ، والثاني أن يكون مُنَعَّلًا. قال النووِيُّ: وهكذا قَطَع به جماعةٌ منهم الشيخ أبو حامِدٍ والمَحامِليّ وابنُ الصَّبّاغ وغيرُهم، ونَقَل المُزَنِيّ أنه لا يَمسَح على الجوربين إلا أنْ يكونَا مُجَلَّدَيِ القَدَمَينِ، ثمّ قال النوويّ: والصّحيحُ بل الصوابُ ما ذكره القاضي أبو الطيّب والقَفّال وجماعاتٌ مِن المُحقِّقين أنه إنْ أَمكَن مُتابعةُ المَشْي جاز كيف كانَ وإلا فلا.
مذهبُ المالكية:
المَسحُ على الجَوربَين إذا كان مُجلَّدَين، وإلّا لَم يَجُزِ المسحُ علَيهِما.
مذهبُ الحنفيّة:
قالوا: إمّا أن يكون الجوربان مُجلَّدَين (أي بجَعل الجِلْد على ما يَستُر القَدَم منهما إلى الكَعْب) أو مُنَعَّلَين (أي مُجَلَّدَين إلى الكَعبَين) فإنّه يجوزُ المسحُ عليهِما، وإمّا إن يكونا غيرَ مُنعَّلين رَقِيقَين بحيث يُرَى ما تَحتَهما فلا يجوز المسحُ علَيهما، وإمّا إن يكونا غيرَ مُنعَّلين ثَخِينَين فعن أبي حَنِيفةَ روايتان، وعن أبي يوسُفَ ومحمَّدٍ جَوازُ المسحِ عليهِما. قال العلاءُ السَّمَرْقَندِيُّ: “وما قالاه أرفَقُ بالنّاس، وما قاله أبو حنيفة رحمة الله عليه أحوَطُ وأَقْيَسُ.
مذهبُ الحنابِلة:
قبلَ الكلامِ على المَسحِ على الجورَب عند الحنابلةِ نذكُرُ شروطَ المسح على الخُفَّينِ عِندَهُم، وهي سبعةٌ:
1) لبسُهما بعد كمال الطهارة بالماء.
2) سَتْرُهما لمحل الفرضِ ولو برَبْطهما.
3) إمكانُ المشي بهما عُرفًا.
4) ثبوتهما بنَفْسِهما.
5) إباحتُهما، فلا يَصِحُّ المسحُ على مغصوبٍ.
6) طهارةُ عينِهما.
7) عدُم وصفِهما البشَرةَ.
ثمّ إنّه ينْبغي معرفةُ حَدِّ الجورَب عند الحنابلة فقال شمس الدّين الزركشيّ الحنبليّ: الجَورَبُ هو غِشاءٌ مِن صُوفٍ يُتَّخَذ للدِّفْء.
ولَمّا ذكَر الفقهاء الحنابلة شروطَ المسحِ على الخُفَّين السّبعةَ لم يِزيدوا على ما مَرَّ إلّا التأكيدَ على أمرَين:
1) أن يكون صفيقًا يستُر القدَم: لأنّ كثيرًا مِن الجوارِب خفيفةٌ غيرُ صفِيقةٍ، وإذا كان الجورَب خفيفًا يَصِفُ القَدَم لم يَجُز المسح عليه لأنّه غيرُ ساتِرٍ، فهو كالخُفِّ المُخرَّقِ لا يجوز المسح عليه.
2) وأنْ يَثبُت في القَدَم بِنَفسِه مِن غَيرِ شَدٍّ، فإنَّ بعضَ الجواربِ لا تَثبُت في القدَم، فإن كان يَسقُط مِن القَدَم لِسَعَته أو ثِقَله لم يَجُز المسح عليه، لأنّ الأصل في المسحِ هو الخُفُّ والجَورَبُ مَقِيسٌ عليه، والخُفُّ يثبت بنَفْسِه، فلا يُلحَقُ بهِ ما لا يَثبُت بِنَفْسه.
ولا يُشتَرَط عِندهم أنْ يكونا مانِعَين لِنُفوذِ الماءِ، وقد صرَّح البُهوتي بذلك فقال: الشرط الرّابع إمكانُ مَشيٍ عُرفًا بِمَمسُوحٍ لا كونُه يَمنَع نُفوذُ الماء، فيَصِحّ على خُفٍّ مِن جِلْدٍ ولِبْدٍ وخَشَبٍ وحَدِيدٍ وزُجاجٍ لا يَصِفُ البَشَرة ونحوه حيث أمكنَ المشيُ فيه لأنّه يُمكِنُ متابعة المشيِ فيه ساتِرًا لمحَلّ الفرض فأشبَه الجِلدَ، وقد يُحتاج إلى بعضها في بعض البلاد.
والحمدُ للهِ ربِّ العالَمِين، اللهُمَّ فَقِّهْنا في دِينِنا، واختِمْ بالصّالِحاتِ أعمالَنا، وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى ءالِه وصحبِه وسلَّم.