من السهل ان نجد شخصًا في زماننا هذا يقرأ مقالات عن حظّه , او يقيم بإجراء اختبار للشخصية أو قراءة الكفّ و الفنجان و غيرها من محاولات التنبّئ .. حتى لو رفض ذلك بدافع عقائديّ , فإنّ الفضول سيغلبه و لو لمرة في حياته.
إنّه لامر مغرٍ أن تعرف عن نفسك أكثر مما تعرفه, أو تقرأ الاخرين كأنهم كتاب. في هذا المقال سنقدّم لكم نظرية يمكن ان تفسّر بشكل دقيق ما يقوم به المنجمون عند ممارستهم للعبتهم العقلية عليك ..
تعرف هذه النظرية باسم “تأثير فورير” نسبة لعالم النفس “برترام فورير” كما تُعرف أيضا بـ تأثير بارنوم barnumنسبة إلى مقولة بي تي بارنوم , السياسي و الكاتب الامريكيّ : “لدينا شيء لكل واحد من الجمهور” تُعرف أيضًا باسم مغالطة التحقق الشخصي ..
تأثير فورير هو عبارة عن ظاهرة نفسية تشير إلى ميل الأفراد إلى رؤية كلام المنجمين على أنه دقيق وأنه وصف لشخصياتهم التي يفترض أنها صممت خصيصا لهم، ولكنه في الواقع عادة ما يكون غامضا وعاما لدرجة أنه يمكن أن ينطبق على طائفة كبيرة من الناس.
أتت عبارات بارنوم في أشكال متعددة: – فبعضها يكون ثنائي الطبقة (Double-headed) لأنها تنطبق علي الأفراد الذين إما يكونوا فوق المتوسط أو تحت المتوسط في صفة ما، وهي بطبيعتها تنطبق بصفة أساسية على الجميع، مثلا: لديك نزعة الى تحمل قدر كبير من المسؤولية عن الآخرين في أوقات معينة، و قليل منها في أوقات أخرى، الإشارة الى نقاط ضعف تافهة شائعة بين الناس .
مثال آخر: “أجد في بعض الأحيان صعوبة في اتخاذ القرارات”، الإشارة إلي التأكيدات التي يصعب دحضها، مثل: ( إن لديّ قدراً من القدرات التي لم تكتشف بعد)، وعبارات مثل: لدي حاجة الى استحسان الآخرين (فهي تنطبق علي الجميع؛ فمن الذي لا يحتاج الى نيل الاستحسان في بعض الأحيان؟ وكيف يمكننا أن نبرهن أن شخصا ما يبدو مستقلا على نحو صارخ وليس بحاجة ملحة ومختفية في أعماق شخصيته الى نيل الاستحسان؟)
ويقدم هذا التأثير تفسيرا جزئيا للقبول واسع النطاق لبعض المعتقدات والممارسات، مثل التنجيم ، العرافة، دراسة الخط، وغيرها من طرق التلاعب بالعقول لغاية كسب المال.
وقد لاحظ عالم النفس “برترام فورير” أن كثير من الناس يميلون إلى قبول ايّ وصف فضفاض للشخصية فيروا انه يصفهم بدقة، دون أن يدركوا أن هذا الوصف نفسه يمكن أن ينطبق أيضا على أي شخص آخر.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
على سبيل المثال النص الآتي، كما لو أنه قدم لك من أجل إجراء تقييم شخصي لشخصيتك :
“أنت بحاجة إلى الحب والتقدير، ولذلك تنتقد نفسك بنفسك. لديك بالتأكيد بعض نقاط الضعف في شخصيتك، ولكنك عادة ما تقوم بتعويضها. لديك إمكانات وقدرات لم تستثمرها بعد لصالحك. أنت منضبط ومتحكم في أمورك ظاهريا، لكنك داخليا قلق وغير واثق بنفسك. أحيانا تتساءل بصدق إذا كنت قد اتخذت القرار الصحيح أو فعلت الشيء السليم. تفضل التجديد والتنوع، ولا ترضى بأن تحيط بك القيود والحدود. تعتز بكونك مستقلا، ولا تقبل آراء الآخرين العبثية. ولكنك وجدت أنه من غير الحكمة إطلاع الآخرين على أفكارك بسهولة. تكون أحيانا منفتحا وكثير الكلام واجتماعيا، بينما تكون منطويا وحذرا ومتحفظا في أوقات أخرى. وبعض طموحاتك تميل لأن تكون غير واقعية.
أعطى فورير اختبار شخصية لطلابه، وتجاهل إجاباتهم، ثم أعطاهم النص أعلاه. وطلب منهم إعطاء علامات لهذا التقييم بين صفر و ٥، فالرقم “٥” يعني أن تقييم الشخصية كان ممتازا، والرقم “٤” يعني أن التقييم كان مطابقا للشخصية بدرجة أقل من الأولى، وهكذا. وكان متوسط الدرجات المحصل عليها في القسم هو ٤.٢٦. كان ذلك عام ١٩٤٨.
وأعيد الاختبار مئات المرات مع طلاب علم النفس وكان المعدل دائما يقارب ٤.٢.
تمكن فورير من إقناع الناس بأنه قادر على تخمين طباعهم بنجاح، وقد فاجأت دقته الأشخاص الذين خضعوا لتجربته. على الرغم من أنه قد أخذ تحليل الشخصية ذلك من عمود للتنجيم بمجلة ما. ويشرح تأثير فورير على ما يبدو، ولو جزئيا، سبب تصديق الكثير من الناس للعلوم الزائفة. كالأبراج والتنجيم وكشف البخت والكهانة، لأن هذه الممارسات تعطي تحاليل دقيقة للشخصية.
وتشير الدراسات العلمية أن العلوم الزائفة ليست أدوات صالحة لتحديد الشخصية، لكن مع ذلك كل واحدة من هذه العلوم الزائفة لها زبائن راضون عنها ومقتنعون بدقتها.
تشير الدراسات إلى أن تأثير فورر هو عالمي – وقد لوحظ في الناس من العديد من الثقافات والمواقع. في عام ٢٠٠٩ ، أجرى علماء النفس بول روجرز وجانيس سولي دراسة تقارن نزعات الغربيين لتطابق ملامح شخصية بارنوم على ميول الشعب الصيني. فلم يتم العثور على أي اختلافات كبيرة.
لا تنسوا متابعتنا على الانستاغرام