الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على سيّدنا محمّدٍ الصادقِ الوعدِ الأمينِ وعلى إخوانِهِ النبيّينَ والمرسلينَ، أمّا بعدُ، من أسباب النجاة من عذاب القبر وعذاب الآخرة لمن مات قبل التوبة أن يموت مسلما وقد نال نوعا من أنواع الشهادات، والشهادات سِوى القتل في سبيل الله كثيرة، فالمسلم الذي يموت بغرق شهيد والذي يموت بحَرْق شهيد، والذي يموت بمَرَضِ ذات الجَنب شهيد، وهو ورمٌ يَنشأ داخل الخاصرة ثم يظهر وينتفخ إلى الخارج فيحصلُ لصاحبه حُمّى وقيءٌ واضطرابات أخرى، والذي يقتله بطنه، أي يموت بسبب إسهال أو احتباس ريح أو غائط أو نحو ذلك هو أيضا شهيد.
روى الترمذي في سننه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (مَنْ قتلهُ بطنه لم يُعذبْ في قبره) والمسلم الذي يموت تحت الهَدْمِ هو أيضا شهيد، وكذلك الذي يموت بالترَدّي من عُلوٍ إلى سُفل هو شهيد أيضا، وكذلك المرأة التي تموت بألم الولادة هي شهيدة، وهناك أيضا شهادات أخرى غير هذه المذكورة.
ومهم معرفة أنّ الذي ينال الشهادة لا بد أن يكون مسلما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من مات من المسلمين غريبا موت غرْبة شهادة) رواه ابن ماجه، وكذلك من قتل من المسلمين ظلما فهو شهيد، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الشُّهَدَاءُ خَمْسَ الْمَطْعُونُ، وَالْمَبْطُونُ، وَالْغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الْهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) رواه البخاريّ، معنى الهَدم هو الذي مات تحت بناءٍ انهدم عليه.
والذي يقتله الطاعون من المسلمين يكون شهيدا، والطاعون ورمٌ يحدث في مراق الجسم أي المواضع الرّقيقة منه ويحصل منه حُمّى وإسهال وقيء، وقد حصل في زمن عمر بن الخطاب طاعون مات منه سبعون ألفا، سئل النبيّ عن الطاعون فقال (وَخز أعدائكم من الجنّ) رواه الإمام أحمد في مسند، وفي صحيح البخاري أنّ رسول الله قال (الطاعون شهادة لكل مسلم).
تنبيه مهم:
من صحت له الشهادة في أرض المعركة ضِدّ الكفار يجوز أن يقال مات ليس في ذلك معارضة للقرءان، إنما الآية تعني أنه لا يبقى بعدَ موته مَيْتا وإنما هو بعد موته حَيّ بحياة يعطيه الله إياها، الآية تعني أنّ من ثبتت له الشهادة في أرض المعركة ضِدّ الكفار فإنّ الله تعالى يُحْييه بعد موته، وهذا ما تعنيه الآية الكريمة (ولا تحسبنّ الذينَ قتلوا في سبيلِ الله أمواتاً بلْ أحياءٌ عندَ ربّهِم يُرزقون) (آل عمران 169) ومعنى عند ربهم أي أرواحهم في المكان المعظم عند ربهم أي في الجنة، ولذلك لا يقال لمن ثبتت له الشهادة في أرض المعركة ضِدّ الكفار هو الآن ميْت بل يقال هو الآن حَيّ بعد أنْ مات، أليس يقال في سيّدنا محمّد إنه قد مات؟ بلى يقال ذلك، يقال مات رسول الله محمّد ولكن لا يقال هو الآن مَيْتٌ بلْ يقال هو الآن حَيٌ في قبره.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website