يختلف المسيحيون الغربيون عن الشرقيين في موعد احتفالاتهم بعيد ميلاد السيد المسيح، فبينما في الغرب هو يوم ٢٥ ديسمبر (كانون الأول) عند الكاثوليك والبروتستانت، فإنّه عند الأرثوذوكس في الشرق يوم ٧ يناير (كانون الثاني) من كل عام، والاحتفال الذي يسمى بالإنجليزية “كريسماس” والفرنسية “نويل” أصله “ناتيفيتاس” في اللاتينية، ولم يبدأ الاحتفال بعيد الميلاد إلاّ منذ منتصف القرن الرابع الميلادي، بعدما تحولّت الدولة الرومانية إلى الديانة الجديدة على يد الإمبراطور “قسطنطين”، ولا أحد يدري كيف اختير يوم ٢٥ ديسمبر، فقد كان هذا اليوم هو يوم الاحتفال بـ “هيليوس” الذي يمثل الشمس عند الرومان قبل ذلك. المعلومات التي وصلتنا عن حياة المسيح جاءت كلها من القرآن الكريم و طالعنا بعضها في كتاب العهد الجديد (انجيل اهل الكتاب في زماننا)، وهي المصدر من تاريخ “يسوع” تتضمن معلومات محدودة في شأن ميلاده وحياته. ولم يذكر القرآن الكريم أي تاريخ سواء لمولد المسيح (عيسى ابن مريم) أو لوفاته، كما لم يذكر موطنا محددا لميلاده سوى أنّه كان “مكانا شرقيا” بالنسبة إلى مسكن عائلة أمه مريم.
أمّا أناجيل العهد الجديد الأربعة، فبينما لم يتحدث “مرقص ويوحنا” عن واقعة الميلاد اختلف “متى ولوقا” سواء في تحديدهما لتاريخ الميلاد أو لموقعه، فبينما يذكر إنجيل “متى” أنّ مولده كان في أيّام حكم الملك “هيرودوس”، الذي مات في العام الرابع قبل الميلاد.
فإنّ إنجيل “مرقص” يجعل مولده في عام الإحصاء الروماني، أي في العام السادس الميلادي. ويقول إنجيل “متى” بشأن ميلاد المسيح أنّه: “لما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في أيّام “هيرودوس” الملك، إذا مجوس من المشرق قد جاؤوا إلى أورشليم قائلين أين هو المولود ملك اليهود. فإنّنا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له. فلما سمع هيرودوس الملك اضطرب وجميع أورشليم معه. فجمع كل رؤساء الكهنة وكتبة الشعب وسألهم أين يولد المسيح، فقالوا: في بيت لحم اليهودية..حينئذ دعا هيردوس المجوس سراً وتحقق منهم زمان النجم الذي ظهر.ثم أرسلهم إلى بيت لحم وقال: اذهبوا وافحصوا بالتدقيق عن الصبي، ومتى وجدتموه أخبروني فلما سمعوا من الملك ذهبوا واذا النجم الذي رأوه في المشرق يتقدمهم حتى جاء ووقف حيث كان الصبي”
ضرائب اليونان
ونحن نجد هنا أنّ تاريخ ميلاد المسيح السادس من العصر المسيحي، فهذا هو وقت أول اكتتاب ضرائبي فرضه الرومان على أهل فلسطين، ومع اختلاف عام الميلاد بين الروايتين ليس هناك ذكر في أيّهما عن اليوم أو الشهر الذي حدثت فيه الولادة، وعلى هذا فإنّ المصدرين الوحيدين لميلاد المسيح بالأناجيل عندهم، يختلفان في تحديد تاريخ هذه الواقعة.
وبالرغم من أنّنا دخلنا الألف الثالثة للتاريخ الميلادي، ليس لدينا أية معلومات تاريخية مؤكدة عن حياة السيد المسيح نفسه، وكان الاعتقاد السائد فيما مضى هو أنّ كتبة الأناجيل سألوا أخبارا ووقائع كانوا هم أنفسهم شهودا عليها، إلاّ أنّه تبين عدم صحة هذا الاعتقاد، فلم يتم كتابة أول الأناجيل ـ التي لدينا الآن ـ إلاّ بعد مرور حوالي نصف قرن من الزمان على الأحداث التي تتكلم عنها، ثم أدخلت عليها تعديلات بعد ذلك خلال القرن الثاني للميلاد. والقصة كما وردت في أناجيل العهد الجديد تقول أنّ يسوع ولد في بيت لحم في عهد الملك “هيرودوس” الذي حكم فلسطين أربعين سنة انتهت بوفاته في العام الرابع السابق للتاريخ الميلادي. ثم هربت السيدة مريم بابنها إلى مصر عقب ولادته خوفا عليه من بطش الملك، وكانت النبوءات قد دلته على مكان وزمان مولد المسيح الذي سيطالب بعرش داوود، ولم ترجع الأم وولدها من مصر إلى فلسطين إلاّ بعد موت الملك “هيرودوس”، حيث ذهبت بالطفل لتعيش في بلدة الناصرة في الجليل (شمال فلسطين).
فما هو السبب في جعل ميلاد المسيح في فصل الشتاء؟
الجواب هو مجرد مصادفة إذ حدث، كما يقول الأسقف “بارنز” أنّ هذا التاريخ ٢٥ ديسمبر قد صادف يوم احتفال كبير بعيد وثني قومي في روما، ولم تستطع الكنيسة أن تلغي هذا العيد، بل دعمته كعيد قومي لشمس البر فصار ذلك تقليدي منذ هذا الوقت. وقد تم الاتفاق على الاحتفال بعيد الميلاد في ديسمبر بالنسبة للغربيين بعد مناقشات طويلة حوالي عام ٣٠٠. وهذا الرأي الذي ذهب إليه الأسقف “بارنز” وأخذت به دائرة المعارف البريطانية ودائرة معارف شامبرو (انظر ذلك في الصفحة ٦٤٢، ٦٤٣ من دائرة المعارف البريطانية ط:١٥ مجلد: ٥).
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
لا تنسوا متابعتنا على الانستقرام