ستكون لنا وقفة مع رجل فرق بين الحق والباطل بعدله ، وكان علما بارزا في سماء دولة الإسلام المشرقة ، إنه الفاروق عمر بن الخطاب – رضي الله عنه –
ضربة وحجة
ذات يوم خرج عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – إلى سوق المدينة يتفقد أحوال الرعية، وفي يده درته، فرأى سلمة بن الأكوع يسير في وسط الطريق، فضربه عمر ضربة خفيفة بالدرة فأصابت طرف ثوبه وأمره أن يسير في جانب الطريق، فلما كان العام التالي قابله عمر في نفس الموضع، فقال له : يا سلمة أتريد الحج ؟
فقال سلمة : نعم يا أمير المؤمنين، فأخذ عمر بيده، وانطلق به إلى منزله، فأعطاه ستمائة درهم، وقال له : استعن بها على حجك، واعلم أنها بالخفقة ( الضربة الخفيفة ) التي خفقتك بها العام الماضي .
قال سلمة : يا أمير المؤمنين، ما ذكرتها .
قال عمر : وأنا ما نسيتها .
موقف رائع
حمى عمر أرضا قرب المدينة لترعى فيها دواب المسلمين – ومعنى حمايتها أي جعلها ملكا عاما بين الجميع – ولكنه لم يكتف بذلك، فجعل هذا الحمى لمصلحة الطبقة الفقيرة، وذوي الدخل المحدود قبل كل شيء، ليكون هذا المرعى المجاني مصدرا لزيادة ثروتهم الحياتية، وزيادة دخلهم منها، ليستغنوا بذلك عن طلب المعونة من الدولة .
وهذا الهدف واضح في وصية عمر للذي ولاه على هذا الحمى للإشراف عليه، فقد قال له : اضمم جناحك عن الناس، واتق دعوة المظلوم فإنها مجابة، وأدخل رب الصُّريمة والغنيمة ( الصريمة : الإبل القليلة، الغنيمة : الغنم القليلة ) .
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
ودعني من نعم ابن عفان، ونعم ابن عوف ( أي إبل الأثرياء وغنمهم ) فإنهما إن أهلكت ماشيتهما رجعا إلى نخل وزرع ( أي لهم ثروات ومصادر أخرى للدخل ) وإن هذا المسكين ( أي رب الصريمة والغنيمة ) إن هلكت ماشيته جاءني ببنيه، يصرخ : يا أمير المؤمنين، أفتاركهم أنا لا أبا لك ؟ فالكلأ أيسر علي من الذهب والورق ( النقود الفضية ) .
اشترى مظلمته
لما رجع عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – من الشام إلى المدينة انفرد عن الناس ليعرف أخبار رعيته فمر بعجوز في خباء لها فقال : ما فعل عمر ؟
قالت : أقبل من الشام سالما .
فقال : ما تقولين فيه ؟
قالت : يا هذا، لا جزاه الله عني خيرا .
قال : ولم ؟
قالت : لأنه ما أنالني من عطائه منذ ولي أمر المسلمين دينارا ولا درهما .
فقال : وما يدري عمر بحالك وأنت في هذا الموضع ؟
فقالت : سبحان الله، والله ما ظننت أحدا يولى على الناس ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها .
فبكى عمر وقال : واعمراه ! كل الناس أفقه منك حتى العجائز يا عمر، ثم قال لها : يا أمة الله بكم تبيعين مظلمتك من عمر فإني أرحمه من النار ؟
فقالت : لا تهزأ بنا، يرحمك الله .
فقال عمر : لست أهزأ بك، ولم يزل بها حتى اشترى مظلمتها بخمسة وعشرين دينار .
فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، فقالا : السلام عليك يا أمير المؤمنين. فوضعت العجوز يدها على رأسها وقالت : واسوءتاه ! شتمت أمير المؤمنين في وجهه .
فقال لها عمر : لا بأس عليك، يرحمك الله، ثم طلب قطعة جلد يكتب فيها فلم يجد، فقطع قطعة من مرقعته وكتب فيها : ” بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما اشترى عمر من فلانة مظلمتها منذ ولي الخلافة إلى يوم كذا بخمسة وعشرين دينارا، فما تدعي عليه عند وقوفها في الحشر بين يدي الله تعالى فعمر بريء منه، شهد على ذلك علي وابن مسعود ” .
ثم دفعها إلى ولده وقال له : إذا أنا مت فاجعلها في كفني ألقى بها ربي .
قميص عمر
جاءت إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أقمشة من اليمن، فأعطي كل رجل من المسلمين قطعة تكفي ثوبا واحدا، ثم أخذ نصيبه ونصيب ولده عبد الله وخاطه ولبسه .
فلما صعد عمر المنبر ليخطب في الناس، وقال : أيها الناس اسمعوا وأطيعوا، قام إليه رجل من المسلمين، وقال : لا سمعا ولا طاعة، فقال عمر : ولم ذلك ؟
قال : لأنك استأثرت علينا، قال عمر : بأي شيء ؟
قال الرجل : لقد أعطيت كلا منا قطعة من القماش، تكفي ثوبا واحدا، وأنت رجل طويل، وهذه القطعة لا تكفيك ثوبا، ونراك قد خيطه قميصا تاما، فلابد أنك أخذت أكثر مما أعطيتنا .
فالتفت أمير المؤمنين إلى ابنه عبد الله، وقال : يا عبد الله أجبه عن كلامه، فقال عبد الله : لقد أعطيته من كسائي ما أتم به قميصه، قال الرجل : أما الآن فالسمع والطاعة .
لا تنسوا الاشتراك معنا على الانستغرام
https://www.instagram.com/sunnafiles/