قال الفقيه المالكي المعروف بتشدده في إنكار البدع أبو عبد الله العبدري (1) الفاسي المعروف بابن الحاج المتوفى سنة 737 هـ في كتابه المدخل، في الجزء الأول من طبعة دار الفكر ص 254 وبعدها ما نصه:
(فإن كان الميت المُزار ممن تُرجى بركته فيتوسل إلى الله تعالى به، وكذلك يتوسل الزائر بمن يراه الميت ممن ترجى بركته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بل يبدأ بالتوسل إلى الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم، إذ هو العمدة في التوسل والأصل في هذا كله والمشرّع له فيتوسل به صلى الله عليه وسلم وبمن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، وقد روى البخاري عن أنس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس فقال اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيك صلى الله عليه وسلم فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبيك فاسقنا فيسقون. ثم يتوسل (الشخص) بأهل تلك المقابر، أعني بالصالحين منهم في قضاء حوائجه ومغفرة ذنوبه، ثم يدعو لنفسه ولوالديه ولمشايخه ولأقاربه ولأهل تلك المقابر ولأموات المسلمين ولأحيائهم وذريتهم إلى يوم الدين ولمن غاب عنه من إخوانه ويجأر إلى الله تعالى بالدعاء عندهم ويكثر التوسل بهم إلى الله تعالى لأنه سبحانه وتعالى اجتباهم وشرفهم وكرمهم فكما نفع بهم في الدنيا ففي الآخرة أكثر.
فمن أراد حاجة فليذهب إليهم ويتوسل بهم فإنهم الواسطة (أي هم سبب لحصول الخير بإذن الله) بين الله تعالى وخلقه، وقد تقرر في الشرع وعلم ما لله تعالى بهم من الاعتناء، وذلك كثير مشهور، وما زال الناس من العلماء والأكابر كابراً عن كابر مشرقاً ومغرباً يتبركون بزيارة قبورهم ويجدون بركة ذلك حساً ومعنى، وقد ذكر الشيخ الإمام أبو عبد الله بن النعمان رحمه الله في كتابه المسمى بسفينة النجاء لأهل الالتجاء في كرامات الشيخ أبي النجاء في أثناء كلامه على ذلك ما هذا لفظه: تحقق لذوي البصائر والاعتبار أن زيارة قبور الصالحين محبوبة لأجل التبرك مع الاعتبار (بالموت)، فإن بركة الصالحين جارية بعد مماتهم كما كانت في حياتهم، والدعاء عند قبور الصالحين، والتشفع بهم معمول به عند علمائنا المحققين من أئمة الدين). اهـ
والشيخ السيد الشريف علوي بن عباس المالكي المكي (المتوفى سنة 1391 ھ) كان رحمه الله من أجلَّ علماء المسجد الحرام إضافة إلى تعليمه في مدرسة الفلاح في مكة، عُرف بقدرته على استحضار الأجوبة المسكتة لأهل البدع من نفاة التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد حدث في مكة المكرمة أن كان الناس في صلاتهم وطوافهم، وكانت السماء محملة بالسحاب، فنزل المطر وانصب الماء من ميزاب الكعبة، فصار الحجازيون على عادتهم يهرعون إلى الماء المنصب من الميزاب يتناولونه ويصبونه على ثيابهم وأجسادهم يتبرَّكون به فجاء رجل من نفاة التوسل يعترض على هذا التبرك ويصفه بالشرك وقال لفضيلته اسمع يا سيد يقولون بركة؟؟!! فقال السيد بل بركتان، الله تعالى يقول في كتابه عن المطر (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكًا) ويقول عن الكعبة (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا) فبركة على بركة (بركة ماء السماء، وبركة هذا البيت العتيق) فهبَّ الرجل المعترض مُطأطِئًا رأسه، قانِعا بما سمعه من الشيخ السيد علوي بن عباس المالكي رحمه الله تعالى (أورد هذه الحادثة تلميذ الشيخ علوي المالكي، الشيخ عبد الفتاح حسين راوه في كتابه المصاعد الراوية).
انشروه أرجو الدعاء رحم الله كاتبه وناشره في الدنيا والآخرة، آمين.
(1) محمد بن محمد أبو عبد الله العبدري المعروف بابن الحاج المغربي الفاسي من أصحاب الشيخ الصّوفِي الكبير أبي محمد بن أبي جمرة المالكي، كان فقيهاً عارفاً بمذهب مالك توفي رحمه الله سنة سبع وثلاثين وسبعمائة.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website