عَن أبي هُريرةَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: اشْتَكَتِ النَّارُ إلى رَبِّهَا فَقالَتْ: رَبِّ أكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فجُعِلَ لَهَا بنَفَسَيْنِ: نَفَسٌ في الشِّتَاءِ، ونَفَسٌ في الصَّيْفِ، فشدّةُ ما تَجِدُونَ مِنَ البَردِ مِن زمهريرِها، وشِدَّةُ ما تَجِدُونَ مِنَ الحرِّ مِن سَمومِها» أخرجَهُ البخاريُّ ومسلمٌ.
عن أبي هُريرةَ قالَ: كنّا معَ رسولِ اللهِ ﷺ إذ سمعَ وجبةً، فقالَ رسولُ اللهِ ﷺ:” أتدرونَ ما هذا؟ قُلنا: اللهُ ورسولُهُ أعلمُ قالَ: هذا حجرٌ رُميَ بهِ في النّارِ منذُ سبعينَ خريفًا فهوَ يهوي في النّارِ الآنَ حتَى انتهَى إلى قعرِها» أخرجَهُ مسلمٌ. والوجبة: الهدة، وهي صوتُ وقعِ الشّيءِ الثّقيلِ.
عنِ الحسنِ قالَ: قالَ عُتبةُ بنُ غزوان، على منبرِنا هذا -يعني منبرَ البصرةِ- عنِ النّبيّ ﷺ قالَ: إنَّ الصّخرةَ العظيمةَ لتلقَى مِن شفيرِ جهنّم فتهوي فيها سبعينَ عامًا وما تفضي إلى قرارِها» قالَ: وكانَ عمرُ يقولُ: أكثروا ذكرَ النّارِ فإنّ حرَّها شديدٌ، وإنَّ قعرَها بعيدٌ، وإنّ مقامعَها حديدٌ. قالَ أبو عيسى: لا نعرفُ للحسنِ سماعًا من عتبةَ بنِ غزوان، وإنّما قدمَ عتبةُ بنُ غزوانَ البصرةَ في زمنِ عمرَ، ولد الحسنُ لسنتينِ بقِيَتا مِن خِلافةِ عمرَ.
قال ابنُ المبارك: أخبرَنا يونسُ بنُ يزيدٍ عن الزّهريِّ قالَ: بلَغَنا أنَّ معاذَ بنَ جبلٍ كانَ يحدّثُ أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قالَ: والّذي نفسُ مُحمَّدٍ بيدِهِ إنّ ما بينَ شفةِ النّار وقعرِها لصخرةٌ زنةُ سبعِ خَلِفاتٍ بشحومِهنَّ ولحومِهنَّ وأولادِهنَّ تهوي من شفةِ النّارِ قبلَ أن تبلغَ قعرَها سبعينَ خريفًا.
حدثنا ابن أبي مريم الخزاعي قال: سمعتُ أبا أمامةَ يقولُ: إنَّ ما بينَ شفيرِ جهنَّمَ وقعرِها مسيرةَ سبعينَ خريفًا من حجرٍ يَهوي، أو قالَ: صخرةٍ تَهوي عظمُها كعَشْرِ عُشراواتِ عظامٍ سمانٍ، فقالَ لهُ مولى لعبد الرحمن بن خالد: هل تحتَ ذلكَ مِن شيءٍ يا أبا أمامةَ؟ قالَ: نعم، غيٌّ وآثامٌ.
عن خالدِ بنِ عُميرٍ العَدويِّ قالَ: خطبنا عتبة بن غزوان، وكانَ أميرًا على البصرةِ، فحمدَ اللهَ وأثنَى عليهِ، ثمَّ قالَ: “أمّا بعدُ، فإنَّ الدُّنيا قد أذنت بِصَرْمٍ وَوَلَّتْ حَذّاءَ ولم يبقَ مِنها إلا صُبابة، كصُبابةِ الإناءِ يتصلّبُها صاحبُها، وإنّكُم منتقلونَ مِنها إلى دارٍ لا زوالَ لَها، فانتقِلوا بخيرٍ ممّا بحضرتِكُم فإنّهُ قد ذكرَ لنا أنَّ الحجرَ ليلقَى من شفيرِ جهنَّمَ فيهوِي فيها سبعينَ عامًا لا يدركُ لها قعرًا، واللهِ لتملأنّ، أفعجبتم.” الحديثَ.
وقالَ كعب: لو فُتِحَ مِن نارِ جهنّمَ قدرُ منخرِ ثورٍ بالمشرقِ ورجلٌ بالمغربِ لغلَى دماغُهُ حتّى يسيلَ مِن حرِّها، وإنَّ جهنَّمَ لتزفرُ زفرةً لا يبقَى ملكٌ مقرّبٌ ولا نبيّ مرسلٌ إلّا خرَّ جاثيًا على ركبتَيهِ ويقولُ: نفسي، نفسي.
فصل: قولُهُ: [اشتكتِ النّارُ شكواها إلى ربّها بأن أكلَ بعضُها بعضًا] محمولٌ على الحقيقةِ لا على المجازِ، إذ لا إحالةَ في ذلكَ وليسَ مِن شرطِ الكلامِ عندَ أهلِ السّنّةِ في القيامِ بالجسمِ إلّا الحياة، وأمّا البنيةُ واللّسانُ والبَلَهُ، فليسَ مِن شرطِهِ وليسَ يحتاجُ في الشّكوى إلى أكثر من وجودِ الكلامِ.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
ذكر رزين أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قالَ: مَن كذبَ عليَّ معتمدًا فليتبوّأ بين عيني جهنَّمَ مقعدًا، قيلَ يا رسولَ اللهِ: ولها عينانِ؟ قالَ: أما سمعتُم اللهَ يقولُ {إذا رأتهم من مكان بعيد} الآيةَ يخرجُ عنقٌ منَ النّارِ لهُ عينانِ يبصرانِ ولسان ينطقُ، فيقولُ: وكلت بمن جعل معَ اللهِ إلهًا آخرَ، فلو أبصرَ بهم مِنَ الطّيرِ بحبّ السّمسم، فيلتقطْهُ.» وفي روايةٍ أخرى «فيخرجُ عنق منَ النّارِ فيلتقطُ الكفّار لقط الطّائر حبّ السّمسم» صحّحُهُ ابنُ العربيِّ في قبسه، وقالَ: «أي يفصلهم عن الخلقِ في المعرفةِ كما يفصل الطّائر حبّ السّمسمِ منَ التّربة».
عن أبي هريرةَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: يخرجُ عنق منَ النّار يومَ القيامةِ له عينان يبصران ولسان ينطقُ يقولُ: إنّي وكّلتُ بثلاثٍ: بكلّ جبارٍ عنيدٍ، وبكلّ ما دعا معَ اللهِ إلهًا آخرَ، وبالمصورين». وفي الباب عن أبي سعيد، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح.
ذكر ابن وهب قال: حدّثني العلاف بن خالد في قول الله تعالى: {وَجِيءَ يَومَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} قالَ: يقال: يؤتى بجهنَّمَ يومَ القيامةِ يأكل بعضها بعضًا، يقودها سبعونَ ألفَ مَلَكٍ، فإذا رأت النّاس، وذلكَ قوله تعالى: {إذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ} الآيةَ، فإذا رأتهم زفرت زفرة فلا يبقى نبيّ ولا صديق إلا برك لركبتيه، يقول: يا ربِّ نفسي، نفسي، ويقولُ رسول الله ﷺ: أمّتي، أمّتي.
وكانَ بعضُ الوعّاظِ يقولُ: أيُّها المجترىءُ على النّارِ ألكَ طاقةٌ بسطوةِ مالكٍ خازنِ النّارِ، ومالكٌ إذا غضبَ على النّارِ وزجرَها زجرةً كادَت تأكلُ بعضُها بعضًا.