معاوية بن أبي سفيان هو المؤسس لدولة الأمويين في الشام وعرف عنه أنه من ٱكثر من حكم العرب دهاءاً ،وقد حكم في الشام أكثر من أربعة عقود بإحكام وتعقّل
قيل أنه أسلم في السنة السابعة للهجرة وقيل في السنة الثامنة وقيل أنه أسلم وأخفى إسلامه ولم يعلنه إلا بعد فتح مكة وقد كان الخليفة السادس للمسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وقد إختلف عليه المسلمون والشيعة فيراه اهل السنة والجماعة كبقية صحابة الرسول ولا يخوض جمهورهم فيه في مسألة خلافه مع علي مع القول ان الخروج على الامام معصية ويراه الرافضة من الخارجين على آل البيت وعلى الإمام علي كرم الله وجهه من وجهة نظرهم، وما يهمنا في مقامنا هذا هو شعرته التي عنونا بها وهو ما سنسوقه تاليًا
فقد رويَ أن أعرابيًا جاء إلى معاوية يسأله “كيف حكمت الشام ٤٠ سنة ولم تحدث فتنة والدنيا تغلي؟! “، فأجاب معاوية :إني لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي، ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني ولو أن بيني وبين الناس شعرة لا أقطعها، كانوا إذا مدوها أرخيتها وإذا أرخوها مددتها”
هذه المقولة البسيطة والتي تعطي للشعرة بيانا وحكمة وعظمة وحكمًا وسلامًا وحربًا جعلها الحد الضئيل الفاصل بين حالٍ وضده وتصريفًا وعكسه.
فحين سأل الأعرابي معاوية أراهن أنه كان قد أعد أذنيه لسلسلة من الفلسفات التي قد لا تخلوا من سفسطة ومجموعة من المبادىء والأساليب والطرق والدهاليز التي تمكن من الحكم بإحكام وسيطرة على الناس بسلام، ولكن معاوية خيب ظنه بخمس جمل لا تحوي سوى ٢٧ كلمة كانت الشعرة بطلا لها فيما ذكره صراحة ومجازًا
ولو أمعنا النظر فيما ساقه معاوية لتأسيس حكمه وسيطرته سنجده أنه يصلح كسياسة عامة وشاملة ليس للحكم والسياسة فقط ،ولكن لكل تعاملنا ومثالاً:
البيت الذي فيه شعرة معاوية!
إذا هبطت شعرة معاوية في بيت بين زوج وزوجة وحين يشد الرجل ويغلظ كلامه ترخي المرأة وتلطف لسانها وحين تغضب المرأة ويحتد تصرفها قليلا يلاطفها زوجها ويهدئها ويربط على يدها لحفظنا الشعرة التي بينهما من القطع الهين ولوأدنا كل المشكلات قبل ولادتها، كذلك لو سسنا أولادنا بما يسوس معاوية وكان العقاب في محله والجزاء بقدر الخطأ لعذرنا أبناءنا والتمسوا رضانا لأنهم لمسوا عدلنا على شعرة
المجتمع الذي فيه شعرة معاوية
لا شك أن ما أسسه البيت يصب في مجتمعه فلو كنا صُلبى الرأي متسرعي التصرف غير رابطي الإنفعال على قدر الأفعال في بيتنا لصب ذلك في كل تصرفنا مع من حولنا فالسياسة مع الناس ليست نفاقاً والمجاملة ليست مداهنة والعفو عند المقدرة والتجاوز الذي لا يهين يحفظ شعرة معاوية بين الناس فلا تنقطع أبداً بل قد يمتطيها من أساء لك لينال رضاك ورفقتك وهو ما قد يقلب المواقف من عراك حقيقي أو مجازي إلى عناق بين أيديهم وأفكارهم فإن أرخى صديقك مددت وإن أرخت مد
الحكم بين الناس بشعرة معاوية
شعرة معاوية كانت الحد الفاصل بين الشدة واللين، بين الصرامة واللطف, بين الأخذ والرد وبين العدل والظلم وقد قال الله لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم في محكم آياته {{ولو كنت فظًا غليظ القلب لإنفضوا من حولك}} ليبين لنا رب العزة أن مسايسة الناس وملاطفتهم تضمن تقبلهم للأمر حتى وإن كان في غير صالحهم الشخصي ظاهرًا ما دام يحمل العدل والدقة والحزم والرقة فلا إفراط في عقاب ولا تفريط في حق ولو كل حاكم إلتزم أن يضع الأمور في نصابها فلا تأخذه عاطفة ولا تحكمه عصبية وبغي لرضي الناس أحكامه ولو حفظ الحاكم علاقته بهم على شعره يرخى لهم عصبه ويلينه إن غضبوا ويشده إذا أرخوا لإحترموه وخافوه إن غضب ويأمنوا بطشه إذا ثاروا
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وجملات معاوية سواء إدعاها أو فعلها حقاً فليس لنا حكماً عليها إلا بما ظهر منها أما ما بطن فهو عند الله وأما ما ظهر فهو تأسيس لكل تعامل بين الجميع وحكماً لما يجب أن يكون عليه كل أمر من وسطية وعدل واللاهوى في القرار والتآني فيه.. فتفصل شعرة معاوية التي إتخذها الناس رمزاً لحسن التصرف بين أقصى الجميل الطيب في كل شيء وأقصى الدميم الخبيث منه ولو تملكها أحدنا أو كلانا أنا وأنت لما كان للنزاع في حق موضعاً بيننا وما كان للنزاع على تافه موضعاً بيننا وما كان لكل شيء إلا شأنه زاد فزاد وقل فقل ولما سبقنا التسرع في الحكم ولا لحقنا التعذر من الفعل والندم عليه