كان عليه الصلاة والسلام رفيقاً مع النساء في الإنكار
كان ﷺ رفيقاً مع النساء في الإنكار أيضاً؛ خصوصًا إذا كانت المرأة مصابة، صاحبة مصيبة، وقد تقع في منكر بسبب عدم تحمل المصيبة، فعن أنس بن مالك ، قال: “مر النبي ﷺ بامرأة تبكي عند قبر على صبي لها، فقال: اتقِ الله واصبري، وفي رواية: يا أمة الله اتقي الله، والظاهر أن بكاءها كان زائدًا عن الحد، فقال لها: اتقِ الله واصبرييعني أنه يخشى أن يكون وقعت في نياحة، ولهذا أمرها بالتقوى، وأما البكاء فليس بمنكر، ولا يُقال لمن كان يبكي بكاء عادياً على ميت: اتق الله! لكن هذه المرأة زادت عن الحد، ولعلها وقعت في شيء من النياحة والصياح، ورفع الصوت الزائد، أو بدأ شيء من مظاهر التسخط، قالت: إليك عني، فإنك لم تُصب بمصيبتي، ولم تعرفه؛ لأنه لا يمكن لامرأة مسلمة تعرف أنه رسول الله، وتقول له هذا الكلام، فقيل لها: إنه النبي ﷺ، وفي رواية: “فمر بها رجل، فقال لها: إنه رسول الله، قالت: ما عرفته.
وزاد مسلم: “فأخذها مثل الموت”، يعني: من شدة الكرب الذي أصابها لما عرفت أنها ردت هذا الرد على النبي ﷺ، يعني استحيت، وخجلت، وأخذتها المهابة منه ﷺ، فلا بدّ من الاعتذار، فأتت باب النبي ﷺ، فلم تجد عنده بوابين، تصورت أنه مثل الملوك له حجّاب، وله حراس، وله بوّاب، ولا بدّ من استئذان، ولا يُوصل إليه إلا بعد إجراءات طويلة حتى تصل، فليس هناك بوابين على الباب أصلاً، خلاف ما تصورت، فقالت له: لم أعرفك، فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى [رواه البخاري: 1283، مسلم: 926].
يعني الصبر الذي يحمد عليه صاحبه ما كان عند مفاجأة المصيبة؛ بخلاف ما بعد ذلك؛ لأن المصيبة تبرد مع الوقت تبرد لكن متى يختبر صبر الإنسان فعلاً؟ أول ما تقع المصيبة، أول ما تنزل المصيبة، هنا يبتلى صبر الإنسان، الله يبلو أخبارنا، ويبلو صبرنا أول ما تنزل المصيبة، كيف ستكون ردة الفعل، كيف يكون حال الإنسان إنما الصبر، الصبر الحقيقي عند الصدمة الأولى، والحديث فيه اعتذار المرأة، وفي الحديث الاعتذار إلى أهل الفضل إذا أساء الإنسان الأدب معهم.
فإذاً، لو قال: سامحني، ما عرفتك، أسأتُ إليك، ما قدرتك حق قدرك، لم أعرفك، فأخطأت عليك، ونحو ذلك، وكذلك فإن النبي ﷺ أرشد هذه المرأة إلى تقوى الله، وأمرها به، اتقِ الله واصبري.
وقوله: إنما الصبر عند الصدمة الأولى هذا الجواب من أسلوبه الحكيم، كأنه يقول لها: دعي الاعتذار، فإني لا أغضب لغير الله، وانظري لنفسك، ولما جاءت المرأة طائعة مذعنة معتذرة بيّن لها أن حق هذا الصبر أن يكون في أول الحال فهو الذي يترتب عليه الثواب.
وكذلك فيه تواضع النبي ﷺ للمرأة إذ جهلت، ومسامحة صاحب المصيبة، وتقدير الظرف الذي هو فيه، والحال الذي هو عليه، وفيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، دائمًا امرأة، رجل، مقبرة، غير مقبرة، كل الحالات.
كان ﷺ يوصي بالنساء خيراً، وينهى عن ضربهن
كان ﷺ يوصي بالنساء خيراً، وينهى عن ضربهن، وقال: لا تضربوا إماء الله فجاء عمر إلى النبي ﷺ فقال: ذئرن النساء على أزواجهن يعني: بسبب نهيك عن الضرب تمردت النساء، ما دام الآن ممنوع الضرب الطلاب يتمردون على المدرسين، ممنوع الضرب، فلما منع الضرب كل امرأة تريد أن تفعل وتفعل، والرجل ممنوع من الضرب، فعمر قال: “يا رسول الله ذئرن النساء على أزواجهن، فرخص في ضربهن، فلما رخص في ضرب المرأة الناشز بالضرب بالحدود المشروعة، ولا يكسر، ولا يجرح، ولا يخضر الجلد، ولا يضرب في مقتل إلى آخر شروط الضرب، فلما رخص زاد الرجال، وهكذا التوجيهات العامة أحياناً، يذهب كله يمين، أو كله يسار، فلا بدّ من التوزان، فأطاف بآل رسول الله ﷺ نساء كثير يشكون أزواجهن، أول الأمر قال: ممنوع الضرب، تمردت النساء، مسموح الضرب، جاءت النساء يشكين.
فقال النبي ﷺ: لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم رواه أبو داود، وهو حديث صحيح.
فإذا أعطى التوجيه العام، النساء يشكين لزوجات النبي ﷺ، وهذا فيه فائدة تعدد زوجات النبي ﷺ استقبال الشكاوى، المجتمع كله الآن بنسائه مرجعه إلى بيت النبوة، فعندما يكون هناك تسع زوجات يستقبلن الشكاوى، تتوزع الشكاوى على آل محمد ﷺ على زوجاته، فرفعن الشكاوى إلى النبي ﷺ فقال: ليس أولئك يعني الرجال الذين يضربون نسائهم ضرباً مبرحاً ليس أولئك بخياركم لأن الخيار هم الذي يتحملون ولا يضربون، فالتحمل والصبر على سوء الخلق من المرأة، وترك الضرب أفضل وأجمل.
إحسانه ﷺ الى التائبة من النساء:
وكان عليه الصلاة والسلام يأمر بالإحسان إلى التائبة، فعن عمران بن حصين أن امرأة من جهينة أتت نبي الله ﷺ وهي حبلى من الزنا، فقالت: يا نبي الله، أصبتُ حدّاً فأقمه عليّ، فدعا النبي ﷺ وليها، فقال: أحسن إليها فإذا وضعت فائتني بها، ففعل، فأمر بها النبي ﷺ، فشكت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرُجمت، ثم صلّى عليها، فقال له عمر: تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت؟! فقال: لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى. [رواه مسلم: 4529].
وقوله ﷺ لولي المرأة: أحسِن إليها، فإذا وضعت فائتني بها، هذا الإحسان له سببان، الأول الخوف عليها من أقاربها أن تحملهم الغيرة، ولحوق العار بهم أن يؤذوها، ولذلك قال: أحسِن إليها تحذيراً لهم من أن يقتلوها مثلاً، والثاني: الرحمة بها؛ لأنها تابت؛ ولأن الناس ينفرون ممن حاله مثل هذا، ولذلك أمر بالإحسان إليها؛ لأن الناس إذا سمعوا عن مثل هذه الجريمة نفروا من صاحبها، ولو تاب وأسمعوه الكلام المؤذي.
فأراد بأمرهم بالإحسان إليها؛ لأنها تابت ألا يؤذوها الناس، وقد تابت.
إذًا، التائب لا يؤذى، ومثل هذه قصة المخزومية، المخزومية لما كانت تستعير المتاع وتجحد قُطعت يدها لما قُطعت يدها، وهي شريفة حسيبة من بني مخزوم، حسُنت توبتها، فكانت تأتي إلى عائشة -رضي الله عنها- فترفع حاجتها إلى رسول الله ﷺ.
إذًا، التائب له مكان في المجتمع المسلم، وله مكانة بعد توبته، ويفسح المجال له، وترفع حاجته، ويستقبل استقبالاً حسناً، ولا يؤذى بالكلام، ولا يثرّب، ولا يُعاب عليه الماضي، الماضي انتهى، شخص تاب، تاب الله عليه، لا ينبغي أن تعيره بالماضي، تذكره به، وتقول له: فعلت وفعلت، ويُلام، ويوبخ على شيء، ولما لام موسى آدم : أخرجتنا ونفسك من الجنةفقال آدم : هذا شيء كتبه الله علي، يعني تاب، وتاب الله عليه، وانتهت المسألة، لا مجال للوم.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website