جاء رمضان هذا العام مختلفاً لتامر حسني، فلم يتلقَّ تامر حسني أي إشادة بعد عرض إعلان شيبسي، بل على العكس، في أول أيام الشهر الفضيل بدلاً من الإشادة تعرَّض تامر لموجة عاتية من الهجوم، والتي مازالت مستمرةً حتى الآن ولم تهدأ، والسبب هو قيام تامر بالإعلان عن أحد أشهر منتجات الداعمة لكيان الاحتلال.
مقاطعة المنتجات لأجل القضية الفلسطينية
منذ العدوان الغاشم على فلسطين وهناك حملات متصاعدة لتحميس الجميع على مقاطعة المنتجات الأجنبية، وخاصةً المنتجات التي تتخذ دول منشئها موقفاً مسانداً للكيان الصهيوني، ومن هذه المنتجات براند شيبسي، ومنذ شهور عديدة وقوائم المقاطعة تحوي اسم شيبسي بوضوح والبدائل الخاصة به؛ لذا كان صادماً لقطاع عريض من الجمهور أن يجدوا نجمهم المحبوب يقوم بالدعاية لمنتج من من أشهر منتجات المقاطعة، ليعدد من مزاياه ويحفز على شرائه.
حقيقة فقْد تامر مليون متابع في عدة ساعات
توافدت الأخبار عن كون صفحة النجم تامر حسني الرسمية عبر موقع فيسبوك قد فقدت في عدة ساعات فقط -بعد عرض الإعلان- مليون متابع، حيث هبط عدد المتابعين من 25 مليون متابع إلى 24 مليوناً، ولكن مَن يتابع الصفحة سيكتشف عدم صحة الصور المنتشرة، فمازال عدد المتابعين 25 مليوناً، ولكن هل هذا يعني أن الجمهور راضٍ عن الإعلان؟ الإجابة لا، فالجمهور مستاء حقاً، حتى من بين معجبي النجم ومحبيه فبنظرة سريعة أيضاً على صفحته الرسمية سنجد أن كافة المنشورات في الصفحة تقريباً عُلق عليها بالوجه التعبيري “أغضبني” والردود في المنشورات الحديثة أغلبها ينتقد تقديم تامر للإعلان.
هل هناك مبرر للترويج لمنتج ضمن المقاطعة؟
كان هذا هو السؤال الذي سأله الكثيرون عبر هشتاغات متعددة، تعلق على الإعلان، خاصة مع ظهور فريق قليل من معجبي تامر يدافعون عنه بعدد من الحجج التي تراوحت بين:
تامر قد تعاقد على الإعلان من قبل وهناك شرط جزائي.
شيبسي منتج مصري ولا يدخل في قائمة المقاطعة.
هو تامر لوحده اللي بيعلن عن منتجات مقاطعة؟
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
تامر من أكثر النجوم الذين اشتهروا بموقفهم الداعم للقضية الفلسطينية، وقد أوقف حفلاته لفترة من الزمن منذ بداية الأزمة في أكتوبر 2023.
ولكن هذه الحجج رُدّ عليها من الأغلبية الرافضة للتطبيع مع منتجات المقاطعة بردود حاسمة.
شيبسي مقاطعة بكل تأكيد
موضوع التعاقد السابق مع الشركة ليكون تامر حسني هو الواجهة الإعلانية لها، أوضح كثيرون أن التعاقد ليس قديماً، وبفرض ذلك فأولى بالنجم الذي أوقف حفلاته من أجل القضية ألا يهتم بالشرط الجزائي من أجلها.
ومع انتشار صورة غير معلومة المصدر للترويج بكون شيبسي ليس منتجاً أجنبياً، أوضحت على الفور العديد من الصفحات التي تتحرى أصل المنتجات أن هذا غير حقيقي، وأن شركة شيبسي المصرية تابعة لشركة PepsiCo الأمريكية، والتي يقع مقرها في نيويورك، ليس هذا فقط، بل الشركة الرئيسية قد استحوذت على شركة إسرائيلية هي سوداستريم، وتقدم منتج شيبسي في دولة الاحتلال الإسرائيلي من خلال هذه الشركة، لذا فالمنتج بالفعل يدخل بشدة في قوائم المقاطعة.
هل يلحق تامر ببيومي فؤاد؟
مع تصاعد الأزمة كان يجب أن تُعقد مقارنة حادة بين موقف الجمهور من الفنان بيومي فؤاد في بداية الحرب على غزة، وبين الهجوم الحالي على تامر حسني، حيث قام فؤاد بانتقاد زميلة محمد سلام حين خرج في فيديو شهير ليعلن انسحابه من العمل في مسرحية كانت ستعرض في ذروة حرب غزة، وبرَّر ذلك بكونه لا يستطيع الرقص والإضحاك في هذه الظروف، وكان يتمنى أن يتأجل عرض المسرحية، فما كان من فؤاد سوى الهجوم على سلام في ختام يوم العرض الأول للمسرحية، ما جعل الجمهور ينقلب بشدة على بيومي، فيلغي متابعة صفحاته، ويقاطع الأعمال التي يشارك بها، ليتحول بين يوم وليلة لأكثر نجم غير محبوب في هذه الفترة.
هل النوايا الحسنة للغرب فقط؟
والأمر ليس بدعة، فمنذ سنوات وهناك العديد من النجوم الذين اختيروا كسفراء للنوايا الحسنة، وكانت لهم نشاطات مميزة في القضايا التي تهتم بها الأمم المتحدة، ولا أحد ينكر هذه النشاطات ولا يستنكرها، فأغلبها أفادت الأطفال والمعذبين والمشردين عبر العالم، ولكن ماذا عن قضايانا؟ إذا كان النجوم يعتبرون اختيارهم كسفراء للنوايا الحسنة تكريماً، ويبذلون قصارى جهدهم في أدوارهم الإنسانية الدولية، فلماذا يلزم أغلب النجوم الصمت، ويعتزلون العمل العام في القضايا الأخرى التي تهم المواطن العربي بالدرجة الأولى؟
البعض يرى أن النجوم يتبعون مَثَل “أمشي جنب الحيط”، فهم لا يريدون أن يثيروا غضب الشخصيات العامة المهمة والمسؤولين، بمواقف قد لا تتوافق معهم، لذا البعض يعلن عن مواقف تدعم مصلحته حتى لو كانت ضد الجمهور، بينما الأغلبية تلتزم الصمت عملاً بمبدأ إمساك العصا من منتصفها، فلا يغضبوا الشخصيات الهامة ولا يغضبوا الجمهور، وإن كان هذا يصلح في الكثير من القضايا، ولكن في القضايا المحورية مثل القضية الفلسطينية فقد لا يصلح ذلك، حيث ينتظر الجمهور من نجومه ألا يخذلوه.
نجوم حول العالم لم يخذلوا الجماهير
ليس الأمر سواداً صرفاً، فليس كل النجوم اختاروا مبدأ السلامة، فهناك مَن قرَّروا المخاطرة والتعبير عن دعمهم للقضايا التي يؤمنون بها، ففي عالمنا العربي ومع بداية الحرب على غزة خرج واحد من أكثر الأشخاص المثيرين للجدل لدى الجمهور، وهو باسم يوسف، ليدافع عن القضية الفلسطينية بشكل واضح وصريح لا لبس فيه، ما جعله يكتسب الاحترام حتى من خصومه السياسيين السابقين، ولم يكن وحده، بل كذلك رأينا الفيديو السابق للنجم محمد سلام، ورأينا نجوماً أوقفوا حفلاتهم بالفعل من أجل دعم القضية، وكذلك دخل المغني ويجز في صراع حواري عبر منصة X، دفاعاً عن القضية الفلسطينية، كما فعل محمد إمام وأخوه رامي أثناء تكريم النجم عادل إمام، بتوجيه التحية لفلسطين وأهلها، وهو الموقف الذي واجها بسببه سيلاً من الهجوم.
لم يقتصر الأمر على النجوم العرب، بل هناك نجوم أجانب اختاروا أن ينحازوا للإنسانية، وأن يتخذوا موقفاً، ليكون الفنان فعلاً حقيقياً، ويكون الفن مؤثراً حقاً، ووسيلة لرفعة ورفاهية الإنسان، أو كما قالت إيما واتسون نجمة سلسلة أفلام هاري بوتر الشهيرة، إن “التضامن فعل” في حملة للتضامن مع فلسطين ضد العدوان الإسرائيلي، وهو ما عرّضها لانتقادات غربية وإسرائيلية واسعة.
لم تكن وحدها، بل قامت على سبيل المثال النجمة أنجلينا جولي بنشر صورة للدمار الذي أحدثته الغارات الإسرائيلية، معلقةً على ذلك بأن فلسطين تتحول لمقبرة جماعية، كما نُشرت رسالة مساندة لفلسطين وقَّع عليها أكثر من 2000 فنان بريطاني، منهم سوزان ساراندون، وبيتر كابالدي، ومارك روفالو.
نجوم كجينا أورتيجا، بطلة مسلسل وينزداي، وليام كاننجهام، بطل مسلسل لعبة العروش كذلك دعموا بقوة القضية، بل نزلوا لمظاهرات ضد العدوان الإسرائيلي.
إذن لا يكون الفن دائماً منفصلاً عن الواقع، ولا الفنان منفصلاً عن الجماهير، بل عندما يتحمل الفنان عبء كونه نجماً محبوباً ليكون مع جماهيره في الخندق ذاته يكتسب احترامهم وحبهم أضعافاً مضاعفة.
أما مَن يختار الرقص على السلالم والانفصال عن الجمهور وعن قضاياهم فلا ينال إلا انفضاض هذا الجمهور من حوله، وتساؤلاً ساخطاً عن “ماذا قدم لنا هؤلاء الفانون؟”، وعندها لن تنفع الفنانَ الذي يسقط من جنةِ جمهوره حملاتٌ إعلانية، أو رضا شخصيات عامة ستنتهي حقبتها في يوم ما، ولن يبقى إلا الجمهور وقضاياه.