إنّ النّكاحَ ما شُرِعَ لاقتضاءِ الشّهوةِ فقط، وإنّما شُرِعَ مؤبّدًا لأغراضٍ ومقاصدَ اجتماعيّةٍ ومقاصدَ أخرى يتوسّلُ به إليها، مثلِ سكن النّفسِ وإنجابِ الأولادِ وبناءِ الأسرةِ، وبقاءِ النّوعِ الإنسانيّ على وجهٍ يليقُ بكرامةِ الإنسانِ. ثمّ إنّ غريزةَ الجنسِ إنّما تأصّلَت في الفطرةِ، لتكونَ حافزًا على “النّكاحِ الصّحيحِ المشروعِ” الّذي مِن شأنِهِ أن يحقّقَ تلكَ المقاصدِ السّاميةِ، كيلا يتسافَدَ الرّجلُ والمرأةُ تسافُدَ الحيوانِ، وفي ذلكَ تضييعُ المرأةِ لنفسِها وإذلالُها وامتهانُها، إذ تُصبحُ كالسّلعةِ الّتي تنتقلُ مِن يدٍ إلى يدٍ، فيضرُّ بالأولادِ حيثُ لا يجدونَ البيتَ الّذي يستقرّونَ فيهِ ويتعهّدُهُم بالتّربيةِ والتّأديبِ. وهذا تغييرٌ لمجرى سُنّةِ اللهِ في خلقِهِ، ونزعٌ للمرأةِ عن وظيفتِها الشّريفةِ السّاميةِ الّتي خلقَها اللهُ تعالى لها، وأحكمَ تكوينَها الفطريَّ لأدائِها ولتكونَ زوجةً يسكنُ إليها زوجُها من عناءِ الحياةِ وتكونَ أمًّا تحنو على أولادِها، وتتولّى تنشِئتَهم النّشأةَ الصّالحةَ، وبذلكَ تكونُ “الأسرة” هي المحضنُ الطّبيعيُّ للقادةِ والسّاسةِ والعظماءِ والعباقرةِ والعلماءِ ومَن إليهِم. ولا يُتصوّرُ أن يتخرّجَ أمثالُ هؤلاءِ في غيرِ الأسرةِ الشّريفةِ النّظيفةِ الّتي ينقطعُ فيها تعهّدُ الآباءِ والأمّهاتِ بأبنائِهِم وإلّا كانَتِ الإباحيّةُ والانحلالُ الاجتماعيُّ، وفي ذلكَ القضاءُ المُبرمُ على الأمّةِ كلِّها.
لقد أرادَ الشّرعُ الحكيمُ من عقدِ النّكاحِ أن يكونَ عقدًا للألفةِ والمحبّةِ والشّراكةِ في الحياةِ، وأيّةُ أُلفةٍ وشركةٍ تجيءُ مِن عقدٍ لا يُقصدُ منهُ إلّا قضاءُ الشّهوةِ على شرطٍ واحدٍ أو على عرضٍ واحدٍ.. وإذا فرغَ فليحولَ وجهُهُ؟!!
كيفَ يقعُ الزّنى إذا لم يكُنْ هذا النّوعُ بالذّاتِ منَ النّكاحِ زنًى؟!!
أليسَ الزّنى يقعُ بالتّراضي بينَ الطّرفينِ على قضاءِ الوطرِ؟
وهل تقلُّ المفاسدُ الّتي تترتّب على الزّنى عنِ المفاسدِ الّتي تترتّبُ على المتعةِ إذا أُبيحَ مثلُ هذا النّوعِ منَ النّكاحِ؟!
فكيفَ يعرفُ النّاسُ أبناءَهُم؟
ومَن ذا الّذي يضمنُ استبراءَ المرأةِ رحمَها بحيضةٍ أو حيضتَينٍ أو 45 يومًا.. أو بعدَ مفارقةِ المتمتّعِ لها، لتعرفَ نفسَها هل هيَ حاملٌ أم حائلٌ؟
وإذا لم يعرفِ النّاسُ أبناءَهُم فمَنِ الّذي ينفقُ على هذا الجيشِ الجرارِ نتيجةَ المتعةِ؟
وأينَ العاقدونَ وقد قضَى كلٌّ منهُم وطرَهُ ومضى في سبيلِهِ؟ ولا سيّما أنَّ القائلينَ بالمتعةِ يقولونَ إنّ صاحبَ المتعةِ لو نفَى الولدَ انتفَى بلا لعان!
إنّ على المجتمعِ أن يخصّصَ خطّةَ تنميةٍ لبناءِ دورِ الإيواءِ لأبناءِ المتعةِ، وليُصرفَ عليهِم مِن صندوقَي الضّمانِ الاجتماعيِّ والجهادِ! ولتَشكُرِ المرأةُ مشرّعي المتعةِ لأنّهم ألزموا صاحبةَ المتعةِ بعدّةِ وفاءٍ كاملةٍ لأبعدِ الأجلَينِ..!
ولتُقفِلِ الدّكانَ وتجلِس أمامَ الجامعِ للتّسوّلِ حتّى تنتهيَ العدّةُ!
أينَ بيوتُ المالِ وخزائنُ الدّولِ لتنوءَ بالانفاقِ على هؤلاءِ، وهيَ إنْ فتحَتْ أبوابَها لهؤلاءِ فقد تعطّلتْ مرافقُ الحياةِ الأخرى الّتي مِن أجلِها تُجبَى الأموالُ في بيوتِ المالِ. وهذا ما حدثَ لإحدَى هذهِ الدّولِ حينَما استحلّتِ المتعةَ واستساغَتْها.
فقد كتبَتْ مجلّةُ “الشّراع” الشّيعيّةُ: إنّ رفسنجاني أشارَ إلى رُبعِ مليونِ لقيطٍ في إيران بسببِ زواجِ المتعِ.
ونقولُ: إنّ رفسنجاني هدّدَ بتعطيلِ زواجِ المتعةِ بسببِ المشكلاتِ الكثيرةِ الّتي خلّفَها.
وقد وُصِفَت مدينةُ “مشهد” الشّيعيّةُ الإيرانيّةُ- حيثُ شاعَت ممارسةُ المتعةِ- بأنّها “المدينةُ الأكثرُ انحلالًا على الصّعيدِ الأخلاقيِّ في آسيا
وأنّ الجماعةَ الّتي تنطلقُ منها الشّهواتُ بغيرِ حسابٍ -كهؤلاءِ، جماعةٌ معرّضةٌ للخللِ والفسادِ، لأنّه لا أمنَ فيها للبيتِ، ولا حرمةً فيها للأسرةِ.
هذا أحدُ مشايِخِهم يمارسُ المتعةَ بنَهمٍ وشبقٍ ويُدعى “ملّا هاشم”! يقولُ فيما نقلَتُهُ إحدى الباحثاتِ الشّيعيّاتِ عنه ما نصّهُ: “في إحدى المرّات، طلبت منه امرأةٌ أن يذهبَ إلى منزلِها ويصلّي من أجلِها. بعدَ الصّلاةِ، طلبَت منه المرأةُ أن يبقَى لفترةٍ أطولَ، لم يكُنْ الملّا هاشم عالمًا بطبيعةِ نواياها فقال لها إنّهُ مضطرٌّ للمغادرةِ، عندئذ نطقت المرأة بالعبارة المتعارف عليها “هذا الذي سيبقى سرًّا بيننا” فقال لها إنه لا يستطيع قضاء الليل معها، ولكن باستطاعته “قضاء ساعتين”
وتقول أيضًا: “كان الملا هاشم سعيدًا في وظيفته الدينية!”، وقال لي مرارًا إنه لا يستطيع رفض أي عرض من امرأة للمتعة لم تتجاوز مدة أي عقد متعة، الساعتين!! أو الثلاث!!، يقول إنّه كان يزوّر النّساء في البيوت سابقًا، حسب رأي الملا هاشم، فإن زواج المتعة ينتشر بين رجال الدّينِ أساسًا
إن هذا هدمٌ للحياةِ الزّوجيّةِ الصّحيحةِ وتقويض لدعائمِ الأسرةِ وفتح لأبواب الفحشاء على مصاريعه من قبل من يستترون تحت الإسلام، ويدّعون أنّهم من رجال الدّين والدّين منهم براء!
إنه لا يمكن لأي إنسان محايد غير متعصب، إلا إنكار “هذا الزّنى” والقول بأن أمثال هؤلاء الرّجال زناة يجب إقامة الحدّ الشّرعيّ عليهم، وكما قال الصادق – فيما روى عنه صاحب “دعائم الإسلام”: إنّ رجلًا سأله عن نكاح المتعة قال : صفه لي قالَ: يلقى الرّجل المرأة فيقول أتزوّجك بهذا الدّرهم والدّرهمين وقعة أو يومًا أو يومين قال: هذا زنى، وما يفعل هذا إلّا فاجرٌ.