مِنَ الأَلْفَاظِ الْمُسْتَقْبَحَةِ مَا شَاعَ فِي بَعْضِ الْبِلادِ مِنْ قَوْلِهِمْ رَبُّ الْعَائِلَةِ وَيَعْنُونَ بِهِ صَاحِبَ الْعَائِلَةِ فَإِنَّهُ لا يَصِحُّ لُغَةً وَصْفُ شَخْصٍ بِأَنَّهُ رَبُّ الأَشْخَاصِ الأَحْرَارِ أَمَّا الْعَبِيدُ الْمَمْلُوكُونَ وَالإِمَاءُ الْمَمْلُوكَاتُ فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فُلانٌ رَبُّ هَؤُلاءِ الْعَبِيدِ وَرَبُّ هَؤُلاءِ الإِمَاءِ بِمَعْنَى الْمُسْتَحِقِّ وَالْمُخْتَصِّ بِمِلْكِهِمْ، أَمَّا مَنْ قَالَ فُلانٌ رَبُّ الْعَائِلَةِ أَوْ قَالَ رَبُّ الأُسْرَةِ وَكَانَ يَفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ صَاحِبُهُمْ وَيَكْفِيهِمْ حَاجَاتِهِمْ فَلا يَكْفُرُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ (الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيَالُ اللَّهِ وَأَحَبُّهُمْ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِعِيَالِهِ) فَلَيْسَ صَحِيحًا بَلْ هُوَ حَدِيثٌ سَاقِطٌ شَدِيدُ الضَّعْفِ وَبَعْضُ النَّاسِ يَفْهَمُونَهُ عَلَى اللُّغَةِ الْمَحَلِّيَّةِ فَيَقَعُونَ فِي الْكُفْرِ، فَإِنَّهُمْ يَفْهَمُونَ مِنْ كَلِمَةِ (عِيَال) أَبْنَاءَ وَلَيْسَ الْمَعْنَى كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْعِيَالَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ مَعْنَاهُ النَّاسُ الَّذِينَ يُنْفِقُ عَلَيْهِمُ الشَّخْصُ لَوْ كَانُوا أَعْمَامَهُ وَأَخْوَالَهُ وَزَوْجَاتِهِ وَوَالِدَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ تَحْتَ نَفَقَتِهِ وَرِعَايَتِهِ لِكَوْنِهِمْ مُحْتَاجِينَ إِلَيْهِ وَيَكْفِيهِمْ نَفَقَاتِهِمْ، وَلا يُوجَدُ فِي اللُّغَةِ عِيَالٌ بِمَعْنَى الأَوْلادِ.
وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ مِنْ جُمْلَةِ مَا أَخْرَجَهُ النَّاسُ عَنْ مَعْنَاهُ الأَصْلِيِّ فِي اللُّغَةِ إِلَى غَيْرِ مَعْنَاهُ، وَلَوْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي مَرَّ ذِكْرُهُ لَكَانَ مَعْنَاهُ (فُقَرَاءُ اللَّهِ) كَمَا قَالَ الْمُنَاوِيُّ عِنْدَ شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدَهُ السُّيُوطِيُّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
فَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ عَنِ الْبَشَرِ أَبْنَاءُ اللَّهِ أَوْ أَوْلادُ اللَّهِ بِالْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ أَيْ أَنَّهُ كَافِيهِمْ بِالرِّزْقِ كَفَرَ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِهِ هَذِهِ الآيَةَ ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ (سُورَةَ الْمَائِدَة 18)، وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ الصُّوفِيَّةِ (أَرْبَابُ الْقُلُوبِ) أَيْ أَصْحَابُ الْعُقُولِ الْمُتَنَوِّرَةِ بِالتَّقْوَى وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ هَؤُلاءِ خَالِقُو الْعُقُولِ، وَالْقُلُوبُ هُنَا بِمَعْنَى الْعُقُولِ وَيَقَعُ فِي بَعْضِ مُؤَلَّفَاتِ الْعُلَمَاءِ قَوْلُ (رَبُّ الأَرْبَابِ) يَعْنُونَ أَنَّ اللَّهَ مَالِكُ الْمُلَّاكِ وَهَذَا صَحِيحٌ.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website