أرواح البشر تبقى مع الجسد حتى يبلى فان بلي الجسد تكون هذه الأرواح اما في سجين مستودع أرواح الكافرين أو في علين مستقر أرواح الأتقياء المؤمنين أو معلقة بين السماء والأرض فبعد ثم خروج الروح من الجسد يصعد بالروح الى السماء ويأخذها الملائكة، ويصعدون بها إلى السماء، فلا يمرُّون على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب الذي جاء من الأرض؟ فيقولون: فلان بن فلان، بأحسن الأسماء التي كانوا يُسمُّونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا به إلى سماء الدنيا، فيَستفتحون له فيُفتح له، فيشيعه من كل سماء مقرَّبوها إلى السماء التي تليها، فلا يمرُّ بباب إلا فتح، ولا ملك إلا صلى عليه، حتى ينتهي إلى السماء السابعة، فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليِّين، وأعيدوا عبدي إلى الأرض؛ فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى فيأتون به أرواح المؤمنين، فَلَهُم أشد فرحًا من أحدكم بغائبه إذا قدم، فيسألونه: ماذا فعل فلان؟ ماذا فعل فلان؟ فيقول بعضهم لبعض: دعوه يستريح؛ فإنه كان في غمِّ الدنيا، فإذا قال لهم: قد مات، أما أتاكم؟ قالوا: ذُهِبَ به إلى أمِّه الهاوية ثم يكون في قبرِه، فيوسَّع له، طوله سبعون، وعرضه سبعون، ويُنبذ فيه الريحان، ويُبسط له فيه الحرير، وإن كان معه شيء من القرآن نوَّره، وإلا جُعل له نور مثل نور الشمس، فيُفتح له بابٌ إلى الجنة، فينظر إلى مقعده في الجنة بكرة وعشيّ،وروح الكافر بعد النزع تكون في العذاب المهين قال الله تعالى:﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ)، فكما يرى المؤمن مصيره ومقعده في الجنَّة وهو يُحتضَر ويُبشَّر به، يرى الكافر مصيره ومقعدَه في النار وهو يُحتضَر، بل إن ملائكة العذاب يُهينون الكافر جزاءً على كُفرِه ساعة الاحتضار، فيَضرِبونه على وجهه وظهره ضربًا مُؤلمًا، لو كُشف الحجاب عن الإنسان، لرأى أمرًا عظيمًا فظيعًا؛ ولكن الله اخفى عنا الكثير منها. أما أرواح الكفار، فيَصعد بها الملائكة، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان بن فلان، بأقبح أسمائه التي كان يُسمَّى بها في الدنيا، حتى يُنتهى به إلى السماء الدنيا، فيُستفتح له فلا يُفتح له؛ لقوله تعالى:﴿لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ﴾، ويؤمر بها الى سجِّين في الأرض السفلى، وهو مكان سحيق تَأوي إليه أرواح الفجار، وجاء ذكر ذلك كله في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال:” خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ، وَكَأَنَّ عَلَى رُؤوسِنَا الطَّيْرَ، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: “اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ”- مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا – ثُمَّ قال: “إن الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا، وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنْ السَّمَاءِ، بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ”، قَالَ: “فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ، فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ، وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ”، قَالَ:” فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ – يَعْنِي بِهَا – عَلَى مَلَأٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ، إِلَّا قَالُوا مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ؟ فَيَقُولُونَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُمْ فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَيَقُولُ: اللَّهُ – عَزَّ وَجَلَّ – اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ، وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى” قَالَ: “فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ؟ ” وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمْ الْمُسُوحُ فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنْ اللَّهِ وَغَضَبٍ قَالَ فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنْ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلَأٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ، إِلَّا قَالُوا مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ، فَيَقُولُونَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلَا يُفْتَحُ لَهُ”، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:﴿ لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَـمِّ الْخِيَاطِ ﴾، فَيَقُولُ: اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى، فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا)، فينبغي للمؤمن ألَّا تشغله الدنيا عن هذا الوقت الذي هو صائر إليه لا محالة، فالإنسان بطبعه يُسَوِّف ويُؤجِّل مع أنه في كل يوم هو أقرب لأجله مِن يوم مضى، فكلُّ يوم يمضي يقرِّب الإنسان إلى أجله وللقاء ربه قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيه﴾. فحريٌّ بمَن أيْقَن ذلك أن يستعدَّ، وأن يُحاسِب نفسَه قبل أن يُحاسَب، وأن يتأمل فيما قدَّم وأخر؛ فإن الموت ليست له علامة، فلا يُباعده صحةُ صحيحٍ، ولا شبابُ شابٍّ، ولا يُقرِّبه أيضًا مرضُ مريضٍ، ولا شيخوخةُ كبيرٍ، كلٌّ له أجله وكتاب قال الله تعالى:﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾، فحريٌّ بالمؤمن أن يكون مستعدًّا لهذه الاوقات التي تتوقَّف عليها سعادتُه الأبديَّة، وإما شقاءٌ أبديٌّ عياذاً بالله من ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(مَنْ أحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، أحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، ومَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ، كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ). اللهمّ هون علينا سكرات الموت واختم لنا بالحسنى يا أرحم الرحماء.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website