الجنَّةُ حَقٌّ يَجِبُ الإيْمانُ بِها وأنَّها مَخلُوقةٌ الآنَ كَما يُفهَم ذَلكَ منَ القُرءانِ قَالَ اللهُ تَعَالَى:(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)،والحَديثِ الصَّحيح قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،: “قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ، مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، ومكانها فَوقَ السَّماءِ السَابِعةِ، قال تعالى:{عندها جنة المأوى}، أي عند سدرة المنتهى ليسَت متّصِلةً بها، وسَقْفُها عَرشُ الرّحمنِ، كما أخبرَ بذلكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الحديثِ الذي رواهُ البخاريُّ “إذا سألتُم الله الجنَّة فسلوهُ الفردوس فإنَّهُ أوسط الجنّةِ وأعلى الجنة وفوقه عرشُ الرَّحمن، والجنة لها ثمانيةُ أبوابٍ منها بابُ الرَّيان الذي يدخلُ منهُ الصَّائمونَ، وشهيدُ المعركَةِ يخيَّرُ من أيّ أبوابِ الجنّةِ شاءَ أن يدخُلَ، قال الله تعالى:﴿ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ ﴾، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “فِي الجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ، لاَ يَدْخُلُهُ إِلَّا الصَّائِمُونَ” وأهلُ الجنّةِ على صورةِ أبيهم ءادم ستّونَ ذراعًا طولاً في عرضِ سبعةِ أَذرعٍ حسانُ الوجوهِ فمن كانَ في الدنيا من المؤمنين دميمًا تَذهَبُ عنه دمامتُهُ، الله تعالى يجعلُهُ في الجنّةِ كجمالِ يوسفَ الصّدّيق، يعطيهِ شبهًا بيوسفَ الصدّيق في الجمالِ، والذي كان قصيرًا يذهَبُ عنه قصرُهُ. ويجعلُ الله تعالى في كلّ واحدٍ علامةً تميّزهُ عن غيرِهِ أنَّ هذا هو فلانٌ حتّى إن زارَهُ من كانَ يعرفهُ في الدّنيا يعرفهُ تلكَ الساعة، فإنَّ أهلَ الجنّةِ يتزاورونَ وتزاورُهُم يحصُلُ إمّا بأن يطيرَ بالشخصِ سريرُهُ حتّى ينزلَ به أمامَ سرير الذي يريدُ زيارته فيجلسانِ متقابِلَينِ لأنّه من سهولةِ السيرِ هناكَ السّريرُ الذي عليهِ بمجرّدِ ما يشتاقُ الإنسانُ لصاحبِهِ الذي يريدُ رؤيتهُ يطيرُ به بقدرةِ الله تعالى حتّى ينزل بهِ أمامَ سريرِ ذلكَ الشخص فيتجالسانِ فيتحدّثانِ، ثمّ يطيرُ بهِ إذا أرادَ الرجوعَ إلى منزلِهِ وهذا هو معنى الآية:{على سرر متقابلين}،وأمّا قولُهُ تعالى:{فيها سرر مرفوعة}،قالَ ابن عبّاسٍ: ألواحُهَا من ذهبٍ مكلّلَة بالزَّبرجَدِ والدُّر والياقوتِ مرتفعة ما لم يجئ أهلهَا، فإذا أرادَ أن يجلسَ عليها أصحابُهَا تواضَعَت لهم حتّى يجلسوا عليها، ثم ترتفِعُ إلى موضِعِهَا، وأحيانًا يركبونَ خيولاً من ياقوتٍ لها أجنحةٌ من ذهبٍ تطيرُ بهم.
وأهلُ الجنّةِ جردٌ مردٌ في عمرِ ثلاثةٍ وثلاثينَ عامًا، لا تنبتُ لهم لحيةٌ وليس على أذرعتِهِم ولا على بطونِهِم ولا على سيقانِهم شعرٌ إلا شعر الرّأسِ والحاجِبِ، طعامُهُم وشرابُهُم لا يتحوَّلُ إلى الغائِطِ والبولِ، إنّما يفيضُ من جِسمهم عرقًا كالمسكِ ليس كعرقِ الدنيا، عرقُ الدنيا يتولَّدُ منه الوَسَخُ والقَملُ. وَأَمَّا طَعَامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَشَرَابُهُمْ، قَالَ اللهُ تَعَالَى:(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)، وَقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ، وَلَا يَتْفُلُونَ وَلَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ” قَالُوا: فَمَا بَالُ الطَّعَامِ؟ قَالَ: “جُشَاءٌ وَرَشْحٌ كَرَشْحِ الْمِسْكِ، يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ، كَمَا تُلْهَمُونَ النَّفَسَ” وقد روى مسلمٌ من حديثِ أبي هريرة أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال “إذا دخل أهل الجنة نادى مُنادٍ: “يُنَادِي مُنَادٍ: إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلَا تَسْقَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلَا تَمُوتُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلَا تَبْأَسُوا أَبَدًا”، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:(وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وأهل الجنة خالدين فيها لا يموتون ابدا فالجنة دار الخلود الأبدي والنعيم المقيم الذي لا يزول، فلا انقطاع لنعيمها ولا موت لأهلها، والجنة مخلوقة ولكن الله تعالى شاء لها البقاء، وكذلك النار مخلوقة والله شاء لها البقاء، فلا يجوز عليهما الفناء شرعا فهما باقيتان، قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(اذا صار أهل الجنة الى الجنة وأهل النار الى النار جيء بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار ثم يذبح ثم ينادي مناد :يا أهل الجنة لا موت، يا أهل النار لا موت، فيزداد اهل الجنة فرحا الى فرحهم، ويزداد أهل النار حزنا الى حزنهم)، وءاخرُ من يدخل الجنةَ من المؤمنينَ له مثل الدنيا وعشرة أمثالِهَا وقد وردَ في ذلك حديثٌ صحيحٌ رواهُ البخاريُّ وغيرُه. والواحدُ من أهلِ الجنّةِ أقلّ ما يكونُ عندَهُ من الولدانِ المخلَّدينَ عشرة ءالافٍ، بإحدى يدي كلّ منهم صحيفة من ذهبٍ وبالأخرى صَحيفة مِن فِضَّةٍ قالَ تعالى:{يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ}،والأكوابُ جمعُ كوبٍ وهو إناءٌ مستديرٌ لا عروةَ لهُ أي لا أذنَ لَهُ.قال تعالى:{ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ}، أي يطوفُ للخدمَةِ غلمانٌ كأنّهم من الحُسنِ والبَيَاضِ لؤلؤٌ مكنونٌ أي لم تمسّهُ الأيدي وهؤلاء الغِلمان خلقٌ من خلقِ الله ليسوا بشرًا ولا جنًّا ولا ملائكة. وقَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في وَصْفِ الحنة “هِيَ ورَبّ الكَعْبةِ نُورٌ يتَلأْلأُ ورَيْحَانَةٌ تَهتَزُّ، وقَصرٌ مَشِيدٌ ونَهرٌ مُطَّرِدٌ، وفَاكهةٌ كثيرةٌ نَضِيجَةٌ، وزَوجةٌ حَسناءُ جَميلةٌ، وحُلَلٌ كثيرةٌ في مُقَامٍ أبَديّ في حُبْرَةٍ ونَضْرَةٍ” رواهُ ابنُ حبانَ. في بداية الحديثِ يقولُ النَّبيُّ عليه الصلاة والسلام لأصحابِهِ “هل مُشمّرٌ للجنّةِ، فإنَّ الجنّةَ لا خَطَرَ لها“، أي لا مِثلَ لها، وقولُهُ عليه الصلاة والسلام “هي وربّ الكعبةِ” أي أقسمُ بربّ الكعبةِ على أنّها نورٌ يتلألأُ أي فلا تحتاجُ الجنّةُ إلى شمسٍ ولا قمرٍ، لا ظلامَ فيها هناكَ كما في الدنيا، لكنَّ مقدار اللّيلِ والنَّهارِ يُعرَفُ بعلامةٍ جعلها الله فيها، إذا كانت المرأةُ من نساءِ الجنّةِ كما نَعَتَهَا رسولُ الله وَوَصَفَهَا بحيثُ لو اطّلعَت على هذه الدنيا لأضاءَت ما بينَ المشرقِ والمغربِ فمن أين يكونُ فيها ظلامٌ، ولو كانت أعينُ أهل الجنّةِ بنسبةِ قُوَّتِها اليومَ لَعَمِيَ أهلُ الجنّةِ من عظمِ نورِ الجنّةِ، لكنَّ الله يعطيهم قوّةً أضعافًا مضاعفة إلى حدّ يعلمُهُ الله، الله أعطى أبصارَهُم قوّةً بحيثُ تستطيعُ أن تَرَى مسافَة ألف سنةٍ كأنَّها كَفٌّ، يرونها رؤيةً ليسَ فيها اشتباهٌ. ووصفها بأنّها “ريحانةٌ تهتزُّ”، أي ذاتُ خضرةٍ كثيرةٍ يانعةٍ أي معجبةِ المنظرِ، وليسَ هناكَ مواسم للثّمارِ بل في أيّ وقتٍ ما تشتهيهِ تجدهُ فقد قال الله تعالى:{لا مقطوعةٍ ولا ممنوعة}، فإذا كانَ المؤمنُ جالسًا أو مستلقيًا فاشتَهَى أن يأكلَ من شجرةٍ من أشجارِ الجنّةِ مالت إليه ليأخُذَ منها ما يريدُ ثمّ تعودُ كما كانت وقد أنبَتَ الله فيها بَدَلَ الذي أخذَ منها، ثمّ إنَّ كلّ شجرةٍ في الجنّةِ ساقُهَا من ذهبٍ، وأشجارُ الجنّةِ لمّا تتحرَّكُ يصدُرُ لهَا صوتٌ جميلٌ جدًّا تميلُ إليه النفوسُ، وروى البخاريُّ أنّهُ يوجَدُ في الجنّةِ شجرةٌ اسمها طُوبَى يسيرُ الراكِبُ في ظِلّهَا مائة عامٍ لا يقطعهَا تتفتَّقُ بثيابِ أهلِ الجنّةِ أي يخرجُ منها ثيابٌ لأهلِ الجنةِ يلبسونها، فثيابهم منها الحريرُ والسُّندُسُ والاستبرقُ، ومجامرهُم الألوَّةُ أي العودُ وأمشاطُهُم الذهبُ، وكلامُ أهلِ الجنةِ عربيٌّ، يذكرونَ الله ويسبّحونَهُ ويقرأونَ القرءانَ أمَّا الصلاةُ فلم يرد لها ذكر. وفي الحديثِ المارّ أنَّ الرسولَ وصفَ الجنةَ بأنها قصرٌ مَشيدٌ أي فيها قصورٌ عاليةٌ مرتفعةٌ في الهواءِ، وقد صحَّ في الحديثِ أنَّ للمؤمنِ في الجنّةِ خيمةً من لؤلؤةٍ مجوّفة واحدةٍ طولهَا في السّماءِ سِتّونَ ميلاً. وفي الجنّةِ جنّتانِ ءانيتهما وما فيهما من ذَهَبٍ، يسكنهما المقرّبونَ، وهناكَ أيضًا جنّتانِ من فضّةٍ ءانيتهما وما فيهما. وقد وردَ في الحديثِ الصّحيحِ أنَّ الجنّةَ منها ما بناؤهُ لَبِن ذهب ولَبِن فضة، وهي كما قالَ رسولُ الله “جنانٌ كثيرةٌ”. وكذلك يوجد في الجنة غرف يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها. وقولُهُ عليه السلامُ في الحديثِ المارّ “نهرٌ مُطَّرِدٌ” أي أنهارٌ جاريةٌ، قالَ الله تعالى:{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ ءاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى}، اللّبنُ المذكورُ في الآيةِ المرادُ به الحليبُ، والخمرُ الذي هناكَ لا يُسكِرُ ولا يُغَيّبُ العقلَ ولا يصدعُ الرّأس وليس مُرَّ الطَّعمِ بل هو لذيذُ الطعمِ جدًّا، والعسلُ الذي هناكَ غير العسلِ الذي تُخرجهُ النحلُ. وقولُهُ عليه السلامُ في الحديثِ المارّ “وفاكهةٌ نضيجةٌ” أي أنَّ فيها من الفواكِهِ كلّ ما تشتهيهِ النَّفسُ، وكلّ ما فيها من الفواكِهِ نضيجٌ. وفي الجنّةِ أيضًا طيورٌ وغَنَمٌ، وقد وَرَدَ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال “إنّك لتنظر إلى الطَّيرِ في الجنّةِ فتشتهيهِ فيخرّ بينَ يديكَ مشويًّا”، ثم بعدما يأكلهُ المؤمنُ يعيدهُ الله كما كانَ فيطيرُ. وقولهُ عليه السلامُ في الحديثِ المارّ “وزوجةٌ حسناءُ جميلةٌ” فقد وَرَدَ في الحديثِ الذي رواهُ البخاريُّ ومسلمٌ “لكلّ امرئ منهم زوجتانِ من الحورِ العينِ” وهذا الحديثُ صحيحٌ متّفقٌ عليهِ، ووردَ في الحديثِ الصّحيح أيضًا الذي رواه الضياء المقدسي في المختارة “أنَّ الرّجلَ من أهلِ الجنّةِ ليطوفُ في الغَدَاةِ الواحدةِ على مائةِ عَذرَاء“. وجاءَ في الحديثِ الصّحيحِ أنّ الشّهيدَ له اثنتانِ وسبعونَ زوجةً، ثمّ سائرُ أهلِ الجنةِ على مراتبَ منهم من عندهُ مائة من النّساءِ، في الجنّةِ الله يُعطي الواحدَ من الرّجالِ قوّةَ مائةِ رجلٍ في الشهوةِ، وكذلكَ في الأكلِ والشُّربِ، ولا يصيبُ المؤمنَ فتورٌ عَقِبَ الجماعِ ولا ينزلُ منه منيٌّ لأن الجنةَ ليسَ فيها ذلكَ ولكن يحسُّ باللّذّةِ دونَ نزولِ المنيّ. وقد ثَبَتَ في الحديثِ أنّ نساءَ أهلِ الجنّةِ على رءوسهنَّ خُمرٌ، الدنيا وما فيها لا تساوي الخِمَار الذي يلبسنَهُ نساءُ أهل الجنّةِ، وهُنّ يلبسنَ الخِمَارَ تجمُّلاً زيادةً في الحُسنِ، والخمَارُ ما تُغَطّي النساءُ بهِ رءوسهنَّ. ونساءُ الجنّةِ أبكارٌ أي كلما أتى المؤمنُ زوجتَهُ وجدَها بكرًا، ثمَّ مع كثرةِ أزواجِ أهلِ الجنّةِ لا يحصُلُ بين نسائِهم تباغضٌ وغيرةٌ وتحاسُدٌ لأنَّ الله يطهّرُ قلوبَ أهلِ الجنةِ من ذلكَ، والمؤمنةُ التقيَّةُ من بناتِ ءادمَ أفضلُ عندَ الله من الحُورِ العينِ مقامًا، والحورُ العين نساءُ أهلِ الجنةِ من غير الإنسِ خُلقنَ خلقًا من غيرِ توالُدٍ إكرامًا للمؤمنينَ، والحورُ جَمعُ حَوْرَاء والعِينُ جَمعُ عَينَاء، والحورُ من الحَوَر وهو شدةُ بياضِ العينِ وشدةُ سوادِهَا، وأما العِينُ فمعناهُ واسعاتُ العيونِ. وقد قالَ الله تعالى في وصفهنّ:{ كأنهنّ الياقوتُ والمرجان}، وهنَّ خيراتٌ حِسانٌ أزواجُ قومٍ كرامٍ. والواحدةُ منهنَّ من شدَّةِ صفاءِ عَظمِهَا يُرَى مخُّ ساقِهَا من خلالِ الجِلدِ. وليسَ في الجنَّةِ عَزبٌ ولا عَزبَةٌ بل كلُّهم يتزوَّجونَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”ما في الجنَّةِ أعزَب“. وقولُهُ عليه السلامُ في الحديثِ المذكورِ “في مقامٍ أبديّ” أي في حياةٍ دائمةٍ لا نهايةَ لها. وقولُهُ “في حبرةٍ”، أي سرورٍ دائمٍ. وأمّا قوله “نضرةٍ” فمعناهُ أنَّ وجوهَ أهلها ناضرةٌ أي جميلةٌ لأنّهم ليس عليهم فيها كآبةٌ. وليُعلَم أنَّ أعظمَ نعيمِ أهلِ الجنّةِ هو رؤيتُهم لله عزَّ وجلَّ، فليسَ شيء أحبّ إلى أهلِ الجنةِ من رؤيةِ الله، يَرونَهُ بلا كيفٍ ولا مكانٍ ولا جهةٍ، الأولياءُ يرونَهُ كلّ يومٍ مرتينِ أمّا سائرُ المؤمنينَ ففي الأسبوعِ مرّةً. وفي نهايةِ هذا الحديثِ قالَ الصّحابةُ لرسولِ الله “نحنُ المُشمّرونَ يا رسولَ الله”، فقالَ “قولوا إن شاءَ الله”، وذلك ليعلّمَهم التّفويضَ إلى الله في أمورِهم كُلّها، فهنيئًا لمنْ عَمِلَ لآخرتِهِ فإنَّ نعيمَ الدنيا بالنسبةِ لنعيمِ الآخرةِ كلا شيء، فقد قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم “ما الدُّنيا في الآخرةِ إلا مثل ما يجعل أحدُكُم إصبعَهُ في اليَمّ فَليَنظُر بم يَرجِعُ”.، ومعناهُ هذا البللُ الذي يعلقُ بالإصبعِ ماذا يكونُ بالنّسبةِ لعظمِ البحرِ. وقد ثبتَ حديثُ “موضعُ سَوطِ أحدِكُم من الجنّةِ خيرٌ من الدنيا وما عليها”. السَّوطُ هو الآلةُ التي تُستَعمَلُ للضربِ تكونُ غالبًا من الجِلدِ أي أن المساحةَ التي يأخذُهَا السوطُ إذا وُضِعَ على الأرضِ من الجنةِ خيرٌ من الدُّنيا وما فيها. ومن خصائصِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم أنه هوَ أولُ من يأخذُ بحلقَةِ بابِ الجنةِ يستفتِحُ فيقولُ المَلَكُ خازنُ الجنّةِ الموكَّلُ ببابِها: مَن، فيقولُ “محمّدٌ”، فيقولُ المَلكُ: بكَ أُمِرتُ لا أفتحُ لأحدٍ قبلَكَ، رواه مسلم، وأمّةُ محمّدٍ فيهم سبعونَ ألفًا منهم وجوهُهم كالقمرِ ليلةَ البدرِ يدخلونَ الجنّةَ دفعةً واحدةً بلا حسابٍ ولا عقابٍ وهؤلاءِ هم الأولياءُ الصالحونَ من عباد الله، ويليهم أناسٌ وجوهُهُم كأشد كوكبٍ دُرّيّ مع كلّ ألفٍ من السبعينَ ألفًا سبعونَ ألفًا يدخلونَ الجنّةَ بلا حسابٍ ومعهم زيادة عليهم لا يَعلَمُ مقدارَهم إلا الله يدخلونَ الجنةَ أيضًا بلا حسابٍ وأمةُ محمّدٍ خيرُ الأممِ وأكرَمُهُم على الله. ومن خصائصِ هذه الأمةِ ما وَرَدَ في الصحيحِ من قولِهِ عليه السلامُ “نحنُ الآخِرونَ السَّابقونَ” ، أي الآخِرونَ وجودًا السّابقونَ دُخولاً الجنّة
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website