يظن بعض الناس أن الاعتناء بتحري جهة القبلة للصلاة ليس أمراً مهماً بل يكفي أن تكون نية الشخص أن يستقبل القبلة بصلاته ثم بعد ذلك لايشترط أن يجتهد لمعرفة جهتها ولا أن يسعى لاستقبالها، وعليه فالأمر عندهم سيّان إن توجه المصلي في أمريكا الشمالية في صلاته إلى الجنوب الشرقي أو إلى الشمال الشرقي أو حتى إلى هذه الجهة وحيناً ءاخر إلى تلك الجهة من غير أن يروا أي فرق في ذلك، و يستندون في ذلك بزعمهم إلى قول الله تبارك و تعالى: {وَللهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}. (البقرة / 155)، يفسرون { فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} بأنه يجوز لك أن تستقبل أية جهة في صلاتك!! وهذا لاشك تحريف للدين لأن الله تعالى قال: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ} (البقرة / 144)، والشطر الجهة كما قال صاحب القاموس وغيره، ولم يسبقهم إلى هذا القول أي عالم من علماء المذاهب الأربعة و غيرها ولم يفسر أي إمام معتبر الآية كما ذكروا.
و قد عدّ محمّد بن أحمد القرطبيّ المالكي في تفسيره المسمى الجامع لأحكام القرءان ستة وجوه في تفسير هذه الآية ليس في واحد منها ما قالوه، بل قال بعد تعداد هذه الوجوه: ولا يجوز لأحد أن يَدَعَ القبلة عامداً بوجه من الوجوه إلا في شدة الخوف إهـ.
و المعتمد في تفسيرها أن وجه الله معناه هنا “قبلة الله” أي أن المسافر على الراحلة يجوز له أن يصلي النافلة وهو راكب على دابته مستقبلاً وجهة سفره إن كانت جهةَ الكعبة أم لا. وفي البخاري عن مجاهد تلميذ ابن عباس أنه قال في قوله تعالى : (فأينما تولوا فثمّ وجه الله) قبلة الله.
و على مثل هذا حملها مجاهد تلميذ ابن عباس رضي الله عنهما وبه أخذ الإمام الشافعي رحمه الله. بل روى مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما حيث قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي و هو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه. قال و فيه نزلت {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} إهـ. ولذلك لم يختلف الأئمة في جواز النافلة على الراحلة لهذا الحديث.
وليس التيامن و التياسر الذي ذكره السادة الحنفية أنه يسامح فيه هو ما ذكره هؤلاء. فقد قال في رد المحتار-من أشهر كتبهم-: ليس المراد منه أن يجعل الكعبة عن يمينه أو يساره إذ لا شكّ حينئذٍ في خروجه عن الجهة بالكلية إهـ. وإنما هذا شئ يورده الحنفية عند كلامهم عن من يصليّ بعيداً عن الكعبة فتحرى ثم توجه إلى جهتها ثم عرف بعد ذلك أنه كان منحرفاً انحرافاً يسيراً يميناً أو شمالاً. وأين هذا من كلام هؤلاء المتهاونين؟!!
وسبحان الله وبحمده و الحمد لله رب العالمين
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
يظن بعض الناس أن الاعتناء بتحري جهة القبلة للصلاة ليس أمراً مهماً بل يكفي أن تكون نية الشخص أن يستقبل القبلة بصلاته ثم بعد ذلك لايشترط أن يجتهد لمعرفة جهتها ولا أن يسعى لاستقبالها، وعليه فالأمر عندهم سيّان إن توجه المصلي في أمريكا الشمالية في صلاته إلى الجنوب الشرقي أو إلى الشمال الشرقي أو حتى إلى هذه الجهة وحيناً ءاخر إلى تلك الجهة من غير أن يروا أي فرق في ذلك، و يستندون في ذلك بزعمهم إلى قول الله تبارك و تعالى: {وَللهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}. (البقرة / 155)، يفسرون { فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} بأنه يجوز لك أن تستقبل أية جهة في صلاتك!! وهذا لاشك تحريف للدين لأن الله تعالى قال: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ} (البقرة / 144)، والشطر الجهة كما قال صاحب القاموس وغيره، ولم يسبقهم إلى هذا القول أي عالم من علماء المذاهب الأربعة و غيرها ولم يفسر أي إمام معتبر الآية كما ذكروا.
و قد عدّ محمّد بن أحمد القرطبيّ المالكي في تفسيره المسمى الجامع لأحكام القرءان ستة وجوه في تفسير هذه الآية ليس في واحد منها ما قالوه، بل قال بعد تعداد هذه الوجوه: ولا يجوز لأحد أن يَدَعَ القبلة عامداً بوجه من الوجوه إلا في شدة الخوف إهـ.
و المعتمد في تفسيرها أن وجه الله معناه هنا “قبلة الله” أي أن المسافر على الراحلة يجوز له أن يصلي النافلة وهو راكب على دابته مستقبلاً وجهة سفره إن كانت جهةَ الكعبة أم لا. وفي البخاري عن مجاهد تلميذ ابن عباس أنه قال في قوله تعالى : (فأينما تولوا فثمّ وجه الله) قبلة الله.
و على مثل هذا حملها مجاهد تلميذ ابن عباس رضي الله عنهما وبه أخذ الإمام الشافعي رحمه الله. بل روى مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما حيث قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي و هو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه. قال و فيه نزلت {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} إهـ. ولذلك لم يختلف الأئمة في جواز النافلة على الراحلة لهذا الحديث.
وليس التيامن و التياسر الذي ذكره السادة الحنفية أنه يسامح فيه هو ما ذكره هؤلاء. فقد قال في رد المحتار-من أشهر كتبهم-: ليس المراد منه أن يجعل الكعبة عن يمينه أو يساره إذ لا شكّ حينئذٍ في خروجه عن الجهة بالكلية إهـ. وإنما هذا شئ يورده الحنفية عند كلامهم عن من يصليّ بعيداً عن الكعبة فتحرى ثم توجه إلى جهتها ثم عرف بعد ذلك أنه كان منحرفاً انحرافاً يسيراً يميناً أو شمالاً. وأين هذا من كلام هؤلاء المتهاونين؟!!
وسبحان الله وبحمده و الحمد لله رب العالمين