تؤكد الحقائق التاريخية أن أرض فلسطين عربية، سكنها العرب منذ مئات القرون، وأن غيرهم من الشعوب التي سكنت هذه الأرض هي شعوب دخيلة. يشير الدكتور نهاد حسن حجي في دراسة بعنوان “الجذور التاريخية وأصولها الحضارية في فلسطين” نشرها في مجلة “مداد الآداب” بالجامعة العراقية عام 2005، إلى أن النصوص المدونة بلغات الشرق القديم وفي التوراة السامرية تشير إلى أن أرض فلسطين كانت تسمى “فليسيا”، وأن اليهود لم يكونوا أول من سكنها، وإنما سكنها الكنعانيون، إضافة إلى بعض الأقوام الأخرى، وأن الشعوب التي سكنت هذه الأرض- بعد ذلك- كانت شعوبا دخيلة.
الجد الأكبر للكنعانيين:
يشير “حجي” إلى أن الكنعانيين؛ السكان الأصليين لفلسطين تركوا العديد من الآثار في العصور القديمة. والكنعانيون من الشعوب العربية السامية التي جاءت إلى أرض فلسطين من الجزيرة العربية في مطلع الألف الثالث قبل الميلاد. وترجح الآراء أن “كنعان” هو اسم الجد الأول للكنعانيين، أي أنهم بنو كنعان، مثلما كان العرب يطلقون أسماء القبائل على الجد الأول لهم، كما في تسمية قبيلة بني تميم، وقبيلة بني مخزوم.
تغييب التاريخ الفلسطيني:
ويوضح الدكتور عبد الفتاح مقلد الغنيمي في كتابه “الكنعانيون وتاريخ فلسطين القديم” أن أول هجرة إلى أرض فلسطين كانت هجرة الكنعانيين، وأن التاريخ الكنعاني، هو التاريخ الفلسطيني الأصيل الذي يحاول طمسه الإسرائيليون، من خلال اختراع روايات مزعومة ليس لها أصل في الواقع. ويقول مقلد إن الحركة الصهيونية استطاعت تغييب التاريخ الفلسطيني الأساسي، بالتركيز على التاريخ المعاصر لفلسطين، ابتداء من القرن الثامن عشر الميلادي، وإهمال التاريخ الأصلي القديم للمنطقة.
الكنعانيون اكتشفوا البرونز والحديد:
ويذكر “مقلد” أن الكنعانيين كانوا قوما أصحاب حضارة ولهم فضل على البشرية، فقد اكتشفوا البرونز والحديد، واخترعوا الكتابة الفينيقية. ويشير إلى ما ذكره العالم الألماني كارل بروكلمان من أن أصل الكنعانيين يعود إلى سام بن نوح، عكس ما ادعته بعض النصوص اليهودية من أنهم ينتسبون إلى حام بن نوح. ويذكر أن الهجرات العربية السامية إلى أرض فلسطين كانت بعد نحو ثلاثة آلاف عام من استقرار الكنعانيين فيها، وأن الشعوب غير العربية التي هاجرت إلى فلسطين ذابت في الحضارة الكنعانية.
ويشير عبد الحميد أبو سلة في دراسة بعنوان “الكنعانيون والعبريون وصراع المسميات” نشرت في المجلة العلمية لكلية التربية بجامعة مصراتة الليبية، إلى أن الكنعانيين انتشروا في بلاد الشام بعد استقرارهم في فلسطين.
الحضارة الكنعانية:
ويعدد جان مازيل في كتابه “تاريخ الحضارة الفنيقية الكنعانية” إنجازات الكنعانيين الحضارية، فيشير إلى أنهم ابتكروا شكلا جديدا من أشكال الحضارة، يقوم على التوسع السلمي والمبادلات التجارية والصناعة والإبحار، وأنهم ابتكروا الأبجدية الحديثة المكونة من اثنين وعشرين حرفا، وأن هذا الاكتشاف أهم من اكتشاف العقل الإلكتروني في العصر الحديث. ويوضح أنه يُنسب إليهم اختراع الزجاج واللون الأرجواني، وأنهم أسسوا مدنا رائعة. ويذكر أن أنهم أول جماعة أنشأت نظاما جديدا لتبادل البضائع والثروات والفكر، وعن طريقهم انتشر في كل أنحاء البحر المتوسط.
لغة الكنعانيين:
ويؤكد الدكتور وليد حسن والدكتور عدنان أبو عامر في كتاب “دراسات في القضية الفلسطينية” أن لغة الكنعانيين كانت قريبة من اللغة السامية الأم. ويوضحان أن الكنعانيين تميزوا ببناء القلاع والأسوار، ولذلك فإن الرهبة انتابت الأشخاص الذين أرسلهم سيدنا موسى عليه السلام لاستكشاف أرض فلسطين، وهو ما ذكره القرآن الكريم ﴿قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا﴾ (المائدة – 22). ومن مظاهر حضارة الكنعانيين أنهم توصلوا إلى بناء الصهاريج فوق السطوح، وحفروا الأنفاق الطويلة تحت الأرض؛ لتوصيل المياه إلى القلاع. كما برزوا في التعدين وصناعة الخزف والزجاج والنسيج وصناعة الثياب.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website