بفتح أوّله وكسر ثانيه، بعده ياء، وعين مهملة.
موضع تلقاء المدينة، بينها وبين مكة، على ثلاث مراحل من مكة، بقرب قدس، قد تقدّم ذكره فى رسم ثهمد .
وروى البخارىّ فى الصحيح: أنّ عمر حمى غرز النقيع .
هو أفضل الأحماء التى حماها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروى عنه أنّه قال: لا حمى إلّا لله ولرسوله. رواه أبو الزّناد، عن الأعرج، عن أبى هريرة.
ورواه الزمرىّ عن ابن عبّاس، عن الصّعب بن جثّامة، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم. وروى عاصم بن محمد، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم حمى النقيع لخيل المسلمين. ورواه العمرىّ عن نافع، عن ابن عمر. والنقيع: صدر وادى العقيق، وهو متبدّى للناس ومتصيّد .
وروى أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلّى الصبح فى المسجد، بأعلى عسيب، وهو جبل بأعلى قاع النقيع، ثم أمر رجلا صيّتا فصاح بأعلى صوته، فكان مدى صوته بريدا، وهو أربعة فراسخ، فجعل ذلك حمى، طوله بريد، وعرضه الميل ، وفى بعضه أقلّ، فى قاع مدر .
وتحف هذ القاع الحرّة، حرّة بنى سليم فى شرقيّه، وقيها قيعان دوافع فى بطن النقيع، وفى غربيّه الصخرة، وأعلام مشهورة، منها برام والوتد وصاف. وقد ذكر أن أوّل أعلامه عسيب، فبرام جبل كأنه فسطاط. والوتد فى أسفل النقيع كأبه قرن منتصب. ومقمّل جبل أحمر أفطح، بين برام والوتد، شارع فى غربىّ النقيع. وروى أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرف على مقمّل، وصلّى عليه، فمسجده هناك. وبقاع النقيع غدر تصيف، فأعّلاها براجم، وأذكرها يلبن، وغدير سلامة أسفل من يلبن، وبشرقىّ النقيع فى الحرّة قلتان، يبقى ماؤهما ويصيف، وهما أثيّت وأثيث، هكذا نقل السّكونىّ؛ وقال كثيّر فى يلبن:
أأطلال دار من سعاد بيلبن … وقفت بها وحشا كأن لم تدمّن
إلى تلعات الجزع غيّر رسمها … همائم هطّال من الدّلو مدجن
وقال آخر فى براجم، وهو تبّع:
ولقد شربت على براجم شربة … كادت بباقية الحياة تذيع
وقال أبو قطيفة يذكر النّقيع ويلبن وبرام، حين أجليت بنو أميّة من المدينة:
ليت شعرى وأين منّى ليت … أعلى العهد يلبن وبرام
أو كعهدى النّقيع أو غيّرته … بعدى المعصرات والأيّام
اقر منّى السلام إن جئت قومى … وقليل لهم لدىّ السّلام
وقال عروة وذكر صافا:
لسعدى بصاف منزل متأبّد … عفا ليس مأهولا كما كنت أعهد
عفته السوارى والغوادى وأدرجت … به الريح أبواغا تصبّ وتصعد
فلم يبق إلّا النّؤى كالنّون ناحلا … نحول الهلال والصفيح المشيّد
وقال صخر بن الشّريد وذكر عسيبا:
أجارتنا إنّ المنون قريب … من الناس كلّ المخطئين تصيب
أجارتنا لست الغداة بظاعن … ولكن مقيم ما أقام عسيب
وليس بإزاء النّقيع ممّا يلى الصخرة إلّا ماءة واحدة ، وهى حفيرة لجعفر ابن طلحة بن عمرو بن عبيد الله <4> بن معمر، يقال لها حفيرة السّدرة.
وسيل النقيع يفضى إلى قرار أملس ، وهى أرض بيضاء جهاد، لا تنبت شيئا، لها حسّ تحت الحافر. هذا لفظ السّكونى، والعرب تسمّى هذه الأرض النّفخاء، والجمع النّفاخى. ويليها أسفل منها حصير، قاع يفيض عليه سيل النقيع، فيه آبار ومزارع ومرعى للمال، من عضاه ورمت وأشجار، وفيه يقول مصعب وكان يسكنه هو وولده بعده، ولامته امرأته فى بعض أمره، وتركه المدينة، أنشدها لمصعب� :
ألا قالت أثيلة إذ رأتنى … وحلو العيش يذكر فى السّنين
سكنت مجابلا وتركت سلعا … شقاء فى المعيشة بعد لين
فقلت لها: ذببت الدّين عنّى … ببعض العيش ويحك فاعذرينى
وقرفى الأرض إنّ به معاشا … يكفّ الوجه عن باب الضّنين
ستكفينى المذاق على حصير … فتغنينى وأحبس فى الدّرين
أسرّك أنّنى أتلفت مالى … ولم أرع على حسبى ودينى
ويدفع أيضا على حصير الأتمة ، أتمة ابن الزّبير، وهى بساط طويلة واسعة، تنبت عصما للمال. وهناك بئر تنسب إلى ابن الزبير. وكان الأشعث المدنى ينزل الأتمة ويلزمها، فاستمشى ماشية كثيرة، وأفاد مالا جزلا، حتّى اتّخذ أصولا واستغنى ثم يفضى من حصير إلى غدير يقال له المزج لا يفارقه الماء، وهو فى شقّ بين جبلين، يمرّ به وادى العقيق، فيحفره، لضيق مسلكه، وهذا الجبل المنفلق ، الذي يمرّ به السيل، يقال له سقف، ثم يفضى السيل منه إلى غدير يقال له رواوة ، وقد ذكره ابن هرمة فقال:
عفا النّعف من أسماء نعف رواوة … فريم فهضب المنتضى فالسلائل
ولا يرى قعر هذا الغدير أبدا، ولا يفارقه الماء. ثم يفضى إلى غدير الطّفيّتين، وهو من أعذب ماء يشرب، إلّا أنّه يبيل الدم، ثم يفضى إلى الأثبة؛ وفيه غدير يقال له الأثبة، سمّيت به الأرض، وفيها مال لعباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير، كثير النّخل، وهو وقف. ثم أسفل من ذلك رابغ، وهو فلق من جبل سقف متضايق، يجتمع فيه السيل، سيل العقيق، ثم يلتقى وادى العقيق ووادى ريم، وهو الذي ذكره ابن أذينة، فقال:
لسعدى موحش طلل قديم … بريم ربّما أبكاك ريم
وهما إذا التقيا دفعا فى الخليقة، خليقة عبد الله بن أبى أحمد بن جحش، وفيها مزارع ونخل وقصور لقوم من آل الزبير، وآل عمر، وآل أبى أحمد.
ثم يفضى ذلك إلى المنبجس وهو غدير. ثم تنبطح السيول، سيل النقيع وصراح وآنقة، عند جبل يقال له فاضح ، والمنتطح . وهو واسط أيضا .
ثم يفضى ذلك إلى الجثجاثة وهى صدقة عبد الله بن حمزة وبها قصور ومتبدى ، وله دوافع أيضا من الحرّة مشهورة مذكورة منها شوطى ومنها روضة ألجام .
ثم يفضى ذلك إلى حمراء الأسد التى ورد فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا كان الغد من يوم أحد، تبعهم إلى حمراء الأسد. وبالحمراء قصور لغير واحد من القرشيّين، وفى شقّ حمراء الأسد منشد، وفى شقّها الأيسر أيضا شرقيّا خاخ، الذي روى على بن أبى طالب فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه هو والزّبير والمقداد، وقال انطلقوا حتى تأتوا روصة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب، فخذوه منها، وأتونى به … الحديث .
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website