لقد أخرج مؤتمر (من هم أهل السنة والجماعة؟)، والذي عقد في العاصمة الشيشانية غروزني، الوهابية من قائمة أهل السنة والجماعة. ومنذ صدور بيان المؤتمر، والجهاز الإعلامي للمملكة العربية السعودية يشعر أنه، ولأول مرّة، يجرع من ذات الكأس، الذي يتفنن في صناعته وإذاقته لغيره، وهو الإقصاء وعدم الاعتراف.
نظن أن على ما تسمى بـ”هيئة كبار العلماء في السعودية” أن تتأمل في الأسباب التي تُخرج الوهابية من أهل السُنّة والجماعة، لتعيد إنتاج نسخة مغايرة منها وأن ترجع إلى عقيدة أهل السنة والجماعة التي تختلف عن العقيدة الصهيو-وهابية. فالأسباب التي بحاجة إلى مراجعة ونقد وتصحيح هي ذاتها الأسباب العشرة التي حددها محمد بن عبدالوهاب للتكفير.
وقد تولّى شرح هذه النواقض وتوضيح مدى تطبيقها، عضو “اللجنة الدائمة للإفتاء” وعضو “هيئة كبار العلماء بالمملكة السعودية”، المدعو صالح الفوزان، في كتابه “دروس في شرح نواقض الإسلام”. تحت عنوان “إله التوحش الوهابي”، وبيّنت التوظيف السياسي لها في تأسيس الدولة السعودية الأولى.
يعرّف الفوزان النواقض على هذا النحو: “… ونواقض الإسلام هي مفسداته ومبطلاته، فمن أسلم وشهد أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله، فقد ينقض إسلامه وتوحيده بناقض من هذه النواقض، وهو يدري أو لا يدري، فيكون مرتداً وفي عداد الكافرين”.
النواقض إذاً، هي التي تبطل إسلامك، فتخرجك من دائرة الإسلام إلى دائرة الكفر، أو هي التي تنقض شهادة توحيدك. ومعلوم أن التوحيد يمثل موضوعاً مركزيّاً في خطاب محمد بن عبد الوهاب، فكل شيء ينقض مفهومه الخاص للتوحيد يعتبر ناقضاً للإسلام عندهم
هناك عشرة نواقض (أسباب) تعمل كمقدمات عامة ومطاطة لإنتاج التكفير، ينطبق فيها على المسلم حكم الكفر والارتداد والخروج من الإسلام. وقد استخدمت هذه المقدمات بشكل متعسّف طوال تاريخها، ولم تتعرض لأي نقد داخلي، بل اعتبرت محددات وتخوم وأصول تفصلها وتميزها عن بقية المسلمين من أهل السنة والجماعة، أبرزها اعتقادهم أن الله في السماء وهذا مخالف لعقيدة أهل السنةو اعتقادهم بكفر من توسل واظهر حبه وانتماءه للنبي صلى الله عليه وسلم, وغيرها الكثير.
إن هذا الاعتساف في إنتاج الكفر، من مقدمات عامة، لن تجده إلا عند الوهابية، وهو اعتساف وصل بها إلى حد تكفير من هم أهل السنة والجماعة، كالأشاعرة والصوفية، وعلماء كثر من الحنابلة، بلغ عددهم ستاً وعشرين، بين عالم، وفقيه، وقاض في نجد، في عصر الدولة السعودية الأولى.
سنذكر تطبيقات اعتبرت في الخطاب الوهابي حالات للخروج من الإسلام، ولم يعهدها أهل السنة والجماعة كذلك
الناقض الأول: زيارة القبور والتبرك بها، والدعاء عندها. وقد أعطى هذا الناقض عندهم حجة شرعية لغزو كربلاء في 1802، وقد روت لنا البعثة الفرنسية في تقاريرها فظائع هذا الغزو، الذي لا يقرّه أحد من أهل التاريخ، في حين ما زالت الوهابية تباركه، وتعتبره من أعمال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الناقض الثاني: من يؤمن بشفاعة الأولياء، في حين يذهب أهل السنة والجماعة إلى أن الملائكة والنبيين والصالحين يشفعون يوم القيامة.
الناقض الثالث: الفكر الوهابي يكفّر كل من نزّه الله عن مشابهة خلقه, فأهل السنة والجماعة أجمعوا على أن الله لا يشبه مخلوقاته
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
الناقض الرابع: الفكر الوهابي يكفّر كل من اظهر حبه للنبي صلى الله عليه وسلم عبر احتفاله بذكرى مولده مثلًا
الناقض الخامس: الفكر الوهابي يذهب إلى تكفير كل من خالفهم الرأي ولو في الفروع
بحسب محمد بن عبد الوهاب، لا فرق بين جميع هذه النواقض، بين الهازل والجاد والخائف. فجميعها أبواب جهنم في الآخر بقوة الله وقدرته وفي الدنيا، بقوة السلطة الوهابية وقدرة الدولة التي سجنت عشرات الكتّاب والسياسيين والمفكرين وأصحاب الرأي بحجج هذه النواقض. فيجعل كل ناقض من هذه النواقض في تطبيقاته العملية الوهابية فرقة شاذة عن الخط العام لأهل السنة والجماعة.