Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
قوله في رواية بن أبى شيبة وسعيد بن عمرو وزهير وبن أَبِي عُمَرَ (عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ حَبِيبَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ) جَحْشٍ هَذَا الْإِسْنَادُ اجْتَمَعَ فِيهِ أَرْبَعُ صَحَابِيَّاتِ زَوْجَتَانِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وربيبتان له بعضهن عن بعض ولايعلم حَدِيثٌ اجْتَمَعَ فِيهِ أَرْبَعُ صَحَابِيَّاتٍ بَعْضِهِنَّ عَنْ بَعْضٍ غَيْرَهُ وَأَمَّا اجْتِمَاعُ أَرْبَعَةِ صَحَابَةٍ أَوْ أَرْبَعَةِ تَابِعِيِّينَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ فَوَجَدْتُ مِنْهُ أَحَادِيثَ قَدْ جَمَعْتُهَا فِي جُزْءٍ وَنَبَّهْتُ فِي هذا الشرح على ما مر مِنْهَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَحَبِيبَةُ هَذِهِ هِيَ بِنْتُ أُمِّ حَبِيبَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ وَلَدَتْهَا مِنْ زَوْجِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ الَّذِي كَانَتْ عِنْدَهُ قَبْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[2880] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ وَعَقَدَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ عَشَرَةً هَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ ووقع بعدهفي رِوَايَةِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الْإِبْهَامِ وَاَلَّتِي تَلِيهَا وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بَعْدَهُ وَعَقَدَ وُهَيْبٌ بِيَدِهِ تِسْعِينَ فَأَمَّا رِوَايَةُ سُفْيَانَ وَيُونُسَ فَمُتَّفِقَتَانِ فِي الْمَعْنَى وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَمُخَالِفَةٌ لَهُمَا لِأَنَّ عَقْدَ التِّسْعِينَ أَضْيَقُ مِنَ الْعَشَرَةِ قَالَ الْقَاضِي لَعَلَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مُتَقَدِّمٌ فَزَادَ قَدْرَ الْفَتْحِ بَعْدَ هَذَا القدر قال أو يكون المراد التقريب بالتمثيل لاحقيقة التَّحْدِيدِ وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ غَيْرُ مَهْمُوزَيْنِ وَمَهْمُوزَانِ قُرِئَ فِي السَّبْعِ بِالْوَجْهَيْنِ الْجُمْهُورُ بِتَرْكِ الْهَمْزِ قَوْلُهُ (أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ) قَالَ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ هُوَ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالْبَاءِ وَفَسَّرَهُ الْجُمْهُورُ بِالْفُسُوقِ والفجور وقيل المراد الزنى خاصة وقيل أولاد الزنى والظاهر أنه المعاصى مطلقا ويهلك بِكَسْرِ اللَّامِ عَلَى اللُّغَةِ الْفَصِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ وَحُكِيَ فتحها وهو ضعيف اوفاسد وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْخَبَثَ إِذَا كَثُرَ فَقَدْ يَحْصُلُ الْهَلَاكُ الْعَامُّ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ صَالِحُونَ
[2882] قَوْلُهُ (دَخَلَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَسَأَلَاهَا عَنْ الْجَيْشِ الَّذِي يُخْسَفُ بِهِ وكان ذلك فى أيام بن الزُّبَيْرِ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْكَتَّانِيُّ هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ تُوُفِّيَتْ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَتَيْنِ سنة تسع وخمسين ولم تدرك أيام بن الزُّبَيْرِ قَالَ الْقَاضِي قَدْ قِيلَ إِنَّهَا تُوُفِّيَتْ أَيَّامَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فِي أَوَّلِهَا فَعَلَى هذايستقيم ذكرها لأن بن الزُّبَيْرِ نَازَعَ يَزِيدَ أَوَّلَ مَا بَلَغَتْهُ بَيْعَتُهُ عِنْدَ وَفَاةِ مُعَاوِيَةَ ذَكَرَ ذَلِكَ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَمِمَّنْ ذَكَرَ وَفَاةَ أُمِّ سَلَمَةَ أَيَّامَ يَزِيدَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِيعَابِ وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ الْحَدِيثَ بَعْدَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْ رِوَايَةِ حَفْصَةَ وَقَالَ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَلَمْ يُسَمِّهَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ هِيَ عَائِشَةُ قَالَ ورواه سالم بن أَبِي الْجَعْدِ عَنْ حَفْصَةَ أَوْ أُمِّ سَلَمَةَ وَقَالَ وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَهُوَ أَيْضًا مَحْفُوظٌ عَنْ حَفْصَةَ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَمِمَّنْ ذَكَرَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ تُوُفِّيَتْ أَيَّامَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ) وَفِي رِوَايَةٍ ببيداء المدينة قال العلماء كل أرض ملساء لاشىء بِهَا وَبَيْدَاءُ الْمَدِينَةِ الشَّرَفُ الَّذِي قُدَّامَ ذِي الْحُلَيْفَةِ أَيْ إِلَى جِهَةِ مَكَّةَ
[2883] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَيَؤُمَّنَّ هَذَا الْبَيْتَ جَيْشٌ) أَيْ يَقْصِدُونَهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَيْسَتْ لَهُمْ مَنَعَةٌ) هِيَ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا أَيْ لَيْسَ لَهُمْ مَنْ يَجْمَعُهُمْ وَيَمْنَعُهُمْ قَوْلُهُ عَنْ (عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ) هُوَ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَيُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ هو بفتح الهاء غيره مَصْرُوفٍ
[2884] قَوْلُهُ (عَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامِهِ) هُوَ بِكَسْرِ الْبَاءِ قيل معناه اضطرب بجسمه وقيل حَرَّكَ أَطْرَافَهُ كَمَنْ يَأْخُذُ شَيْئًا أَوْ يَدْفَعُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فِيهِمُ الْمُسْتَبْصِرُ والمجبور وبن السَّبِيلِ يَهْلِكُونَ مَهْلَكًا وَاحِدًا وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى وَيَبْعَثُهُمُ اللَّهُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ) أَمَّا الْمُسْتَبْصِرُ فَهُوَ الْمُسْتَبِينُ لِذَلِكَ الْقَاصِدُ لَهُ عَمْدًا وَأَمَّا الْمَجْبُورُ فَهُوَ الْمُكْرَهُ يُقَالُ أَجْبَرْتُهُ فَهُوَ مُجْبَرٌ هَذِهِ اللُّغَةُ الْمَشْهُورَةُ وَيُقَالُ أَيْضًا جَبَرْتُهُ فَهُوَ مَجْبُورٌ حَكَاهَا الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ وَجَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى هذه اللغة وأما بن السَّبِيلِ فَالْمُرَادُ بِهِ سَالِكُ الطَّرِيقِ مَعَهُمْ وَلَيْسَ مِنْهُمْ وَيَهْلِكُونَ مَهْلَكًا وَاحِدًا أَيْ يَقَعُ الْهَلَاكُ فِي الدُّنْيَا عَلَى جَمِيعِهِمْ وَيَصْدُرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَصَادِرَ شَتَّى أَيْ يُبْعَثُونَ مُخْتَلِفِينَ عَلَى قَدْرِ نِيَّاتِهِمْ فَيُجَازَوْنَ بِحَسَبِهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ التَّبَاعُدُ مِنْ أَهْلِ الظُّلْمِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ مُجَالَسَتِهِمْ وَمُجَالَسَةِ الْبُغَاةِ وَنَحْوِهِمْ مِنَ الْمُبْطِلِينَ لِئَلَّا يَنَالَهُ مَا يُعَاقَبُونَ بِهِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ كَثَّرَ سَوَادَ قَوْمٍ جَرَى عَلَيْهِ حُكْمُهُمْ فِي ظاهر عقوبات الدنيا
[2885] قوله (إن النبي صلى الله عليه وسلم أَشْرَفَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ قَالَ هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى إِنِّي لَأَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ) الْأُطُمُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالطَّاءِ هُوَ الْقَصْرُ وَالْحِصْنُ وَجَمْعُهُ آطام ومعنى أشرف علاوارتفع وَالتَّشْبِيهُ بِمَوَاقِعِ الْقَطْرِ فِي الْكَثْرَةِ وَالْعُمُومِ أَيْ إِنَّهَا كَثِيرَةٌ وَتَعُمُّ الناس لاتختص بِهَا طَائِفَةٌ وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى الْحُرُوبِ الْجَارِيَةِ بَيْنَهُمْ كَوَقْعَةِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ وَالْحَرَّةِ وَمَقْتَلِ عُثْمَانَ وَمَقْتَلِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَغَيْرِ ذَلِكَ وَفِيهِ مُعْجِزَةٌ ظَاهِرَةٌ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[2886] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ وَمَنْ وجد منها ملجأ فليعذبه) وَفِي رِوَايَةٍ سَتَكُونُ فِتْنَةٌ النَّائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْيَقْظَانِ وَالْيَقْظَانُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ أَمَّا تَشَرَّفَ فَرُوِيَ عَلَى وَجْهَيْنِ مَشْهُورَيْنِ أَحَدُهُمَا بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَالشِّينِ وَالرَّاءِ والثانى يشرف بضم الياء واسكان الشين وكسرالراء وَهُوَ مِنَ الْإِشْرَافِ لِلشَّيْءِ وَهُوَ الِانْتِصَابُ وَالتَّطَلُّعُ إِلَيْهِ وَالتَّعَرُّضُ لَهُ وَمَعْنَى تَسْتَشْرِفْهُ تَقْلِبْهُ وَتَصْرَعْهُ وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْإِشْرَافِ بِمَعْنَى الْإِشْفَاءِ عَلَى الْهَلَاكِ وَمِنْهُ أَشْفَى الْمَرِيضُ عَلَى الْمَوْتِ وَأَشْرَفَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ وَجَدَ منها ملجأ أى عاصما وموضعا يلتجىء إليه ويعتزل فليعذبه أى فَلْيَعْتَزِلْ فِيهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ إِلَى آخِرِهِ فَمَعْنَاهُ بَيَانُ عَظِيمِ خَطَرِهَا وَالْحَثُّ عَلَى تجنبها والهرب منها ومن التثبث فِي شَيْءٍ وَأَنَّ شَرَّهَا وَفِتْنَتَهَا يَكُونُ عَلَى حَسَبِ التَّعَلُّقِ بِهَا
[2887] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم (يعمد على سَيْفِهِ فَيَدُقُّ عَلَى حَدِّهِ بِحَجَرٍ) قِيلَ الْمُرَادُ كَسْرُ السَّيْفِ حَقِيقَةً عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ لِيَسُدَّ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ هَذَا الْقِتَالِ وَقِيلَ هُوَ مَجَازٌ وَالْمُرَادُ تَرْكُ الْقِتَالِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَالْأَحَادِيثُ قَبْلَهُ وبعده مما يحتج به من لايرى الْقِتَالَ فِي الْفِتْنَةِ بِكُلِّ حَالٍ وَقَدْ اخْتَلَفَ العلماء فى قتال الفتنة فقالت طائفة لايقاتل فِي فِتَنِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ دَخَلُوا عَلَيْهِ بَيْتَهُ وَطَلَبُوا قَتْلَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْمُدَافَعَةُ عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّ الطَّالِبَ مُتَأَوِّلٌ وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي بَكْرَةَ الصَّحَابِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَغَيْرِهِ وَقَالَ بن عُمَرَ وَعِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وغيرهما لايدخل فِيهَا لَكِنْ إِنْ قُصِدَ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ فَهَذَانِ الْمَذْهَبَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى تَرْكِ الدُّخُولِ فِي جَمِيعِ فِتَنِ الْإِسْلَامِ وَقَالَ مُعْظَمُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَعَامَّةِ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ يَجِبُ نَصْرُ الْمُحِقِّ فِي الْفِتَنِ وَالْقِيَامُ مَعَهُ بِمُقَاتَلَةِ الْبَاغِينَ كَمَا قَالَ تعالى فقاتلوا التى تبغى الْآيَةَ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَتُتَأَوَّلُ الْأَحَادِيثُ عَلَى مَنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ المُحِقُّ أَوْ عَلَى طائفتين ظالمتين لاتأويل لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُونَ لَظَهَرَ الْفَسَادُ وَاسْتَطَالَ أَهْلُ الْبَغْيِ وَالْمُبْطِلُونَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[2888] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ) مَعْنَى تَوَاجَهَا ضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ وَجْهَ صَاحِبِهِ أَيْ ذَاتَهُ وَجُمْلَتَهُ وَأَمَّا كَوْنُ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لاتأويل لَهُ وَيَكُونُ قِتَالُهُمَا عَصَبِيَّةً وَنَحْوَهَا ثُمَّ كَوْنُهُ فِي النَّارِ مَعْنَاهُ مُسْتَحِقٌّ لَهَا وَقَدْ يُجَازَى بِذَلِكَ وَقَدْ يَعْفُو اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ وَقَدْ سَبَقَ تَأْوِيلُهُ مَرَّاتٍ وَعَلَى هَذَا يُتَأَوَّلُ كُلُّ مَا جَاءَ مِنْ نَظَائِرِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الدِّمَاءَ الَّتِي جَرَتْ بَيْنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَيْسَتْ بِدَاخِلَةٍ فِي هَذَا الْوَعِيدِ وَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَقُّ إِحْسَانُ الظَّنِّ بِهِمْ وَالْإِمْسَاكُ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ وَتَأْوِيلُ قِتَالِهِمْ وَأَنَّهُمْ مُجْتَهِدُونَ مُتَأَوِّلُونَ لَمْ يَقْصِدُوا مَعْصِيَةً ولامحض الدُّنْيَا بَلِ اعْتَقَدَ كُلُّ فَرِيقٍ أَنَّهُ الْمُحِقُّ وَمُخَالِفُهُ بَاغٍ فَوَجَبَ عَلَيْهِ قِتَالُهُ لِيَرْجِعَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ وَكَانَ بَعْضُهُمْ مُصِيبًا وَبَعْضُهُمْ مُخْطِئًا مَعْذُورًا فِي الْخَطَأِ لِأَنَّهُ لِاجْتِهَادٍ وَالْمُجْتَهِدُ إِذَا أَخْطَأَ لَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ الْمُحِقُّ الْمُصِيبُ فِي تِلْكِ الْحُرُوبِ هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَكَانَتِ الْقَضَايَا مُشْتَبِهَةٌ حَتَّى إِنَّ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ تَحَيَّرُوا فِيهَا فَاعْتَزَلُوا الطَّائِفَتَيْنِ وَلَمْ يُقَاتِلُوا وَلَمْ يَتَيَقَّنُوا الصَّوَابَ ثُمَّ تَأَخَّرُوا عَنْ مُسَاعَدَتِهِ مِنْهُمْ قَوْلُهُ (أرأريت إِنْ أُكْرِهْتُ حَتَّى يُنْطَلَقَ بِي إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ فَضَرَبَنِي رَجُلٌ بِسَيْفِهِ أَوْ يَجِيءُ سَهْمٌ فَيَقْتُلنِي قَالَ يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ وَيَكُونُ مِنْ أصحاب النار) مَعْنَى يَبُوءُ بِهِ يَلْزَمُهُ وَيَرْجِعُ وَيَحْتَمِلُهُ أَيْ يَبُوءُ الَّذِي أَكْرَهَكَ بِإِثْمِهِ فِي إِكْرَاهِكِ وَفِي دُخُولِهِ فِي الْفِتْنَةِ وَبِإِثْمِكَ فِي قَتْلِكِ غَيْرَهُ ويكون أصحاب النار أى مستحقالها وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ رَفْعُ الْإِثْمِ عَنِ الْمُكْرَهِ على الحضور هناك وأما القتل فال يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ بَلْ يَأْثَمُ الْمُكْرَهُ عَلَى الْمَأْمُورِ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِيهِ الاجماع قال أصحابنا وكذا الاكراه على الزنى لايرفع الْإِثْمُ فِيهِ هَذَا إِذَا أُكْرِهَتِ الْمَرْأَةُ حَتَّى مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا فَأَمَّا إِذَا رُبِطَتْ وَلَمْ يُمْكِنْهَا مُدَافَعَتَهُ فَلَا إِثْمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ الْمَقْتُولَ فِي النَّارِ لِأَنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبَهُ) فِيهِ دَلَالَةٌ لِلْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ مَنْ نَوَى الْمَعْصِيَةَ وَأَصَرَّ عَلَى النِّيَّةِ يَكُونُ آثِمًا وان لم يفعلها ولاتكلم وَقَدْ سَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ وَاضِحَةً فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَهُمَا عَلَى جُرُفِ جَهَنَّمَ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ جُرُفِ بِالْجِيمِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَإِسْكَانِهَا وَفِي بَعْضِهَا حَرْفِ بِالْحَاءِ وَهُمَا مُتَقَارِبَتَانِ وَمَعْنَاهُ عَلَى طَرَفِهَا قَرِيبٌ مِنَ السُّقُوطِ فِيهَا قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا غُنْدَرُ عَنْ شعبة ح وحدثنا بن مثنى وبن بَشَّارٍ عَنْ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادِهِ مَرْفُوعًا هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ لَمْ يَرْفَعْهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ وَهَذَا الِاسْتِدْرَاكُ غَيْرُ مَقْبُولٍ فَإِنَّ شُعْبَةَ إِمَامٌ حَافِظٌ فَزِيَادَتُهُ الرَّفْعَ مَقْبُولَةٌ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ مَرَّاتٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لاتقوم السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ) هَذَا مِنَ الْمُعْجِزَاتِ وَقَدْ جَرَى هَذَا فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ
[2889] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَى لِيَ الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وان أمتى سيبلغ ملكها مازوى لِي مِنْهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرِ وَالْأَبْيَضِ) أَمَّا زُوِيَ فَمَعْنَاهُ جُمِعَ وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ وَقَدْ وَقَعَتْ كُلُّهَا بِحَمْدِ اللَّهِ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمُرَادُ بِالْكَنْزَيْنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمُرَادُ كَنْزَيْ كسرى وقيصر ملكى العراق الشام فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مُلْكَ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَكُونُ مُعْظَمُ امْتِدَادِهِ فِي جِهَتَيِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَهَكَذَا وَقَعَ وَأَمَّا فِي جِهَتَيِ الْجَنُوبِ وَالشِّمَالِ فَقَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَصَلَوَاتُ اللَّهِ وسلامه على رسوله الصادق الذى لاينطق عن الهوى ان هو الاوحى يُوحَى قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَسْتَبِيحَ بيضتهم) أى جماعتهم وأصلهم والبيضه أيضا العزو الملك قَوْلُهُ (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَإِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أن لاأهلكهم بسنة عامة) أى لاأهلكهم بِقَحْطٍ يَعُمُّهُمْ بَلْ إِنْ وَقَعَ قَحْطٌ فَيَكُونُ فِي نَاحِيَةٍ يَسِيرَةٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَاقِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ عَلَى جَمِيعِ نِعَمِهِ
[2890] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ إِلَى آخِرِهِ) هَذَا أَيْضًا مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الظَّاهِرَةِ
[2892] قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا عِلْبَاءُ بْنُ أَحْمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو زَيْدٍ) أَمَّا عِلْبَاءُ فَبِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ لَامٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ ثُمَّ ألف ممدودة وأحمر آخِرُهُ رَاءٌ وَأَبُو زَيْدٍ هُوَ عَمْرُو بْنُ أخطب بالخاء المعجمة الصحابى المشهور
[144] قَوْلُهُ (عَنْ حُذَيْفَةَ كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَذَكَرَ حَدِيثَ الْفِتْنَةِ) وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْإِيمَانِ
[2893] قَوْلُهُ (قال جندب جئت يوم الجرعة فاذارجل جَالِسٌ) الْجَرَعَةُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَبِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِهَا وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ وَأَجْوَدُ وَهِيَ مَوْضِعٌ بِقُرْبِ الْكُوفَةِ عَلَى طَرِيقِ الْحِيرَةِ وَيَوْمُ الْجَرَعَةِ يَوْمٌ خَرَجَ فِيهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ يَتَلَقَّوْنَ وَالِيًا وَلَّاهُ عَلَيْهِمْ عُثْمَانَ فَرَدُّوهُ وَسَأَلُوا عُثْمَانَ أَنْ يُوَلِّيَ عَلَيْهِمْ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ فَوَلَّاهُ قَوْلُهُ (بِئْسَ الْجَلِيسُ لِي أَنْتَ مُنْذُ الْيَوْمَ تَسْمَعُنِي أُخَالِفُكَ) وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا الْمُعْتَمَدَةِ أُخَالِفُكَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَقَالَ الْقَاضِي رِوَايَةُ شُيُوخِنَا كَافَّةً بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الْحَلِفِ الَّذِي هُوَ الْيَمِينُ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِالْمُعْجَمَةِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ قَالَ لَكِنَّ المهملة أظهر لتكرر الايمان بينهما
[2894] قوله صلى الله عليه وسلم (لاتقوم السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَكَسْرِ السين أَيْ يَنْكَشِفُ لِذَهَابِ مَائِهِ
[2895] قَوْلُهُ (فِي ظِلِّ أُجُمِ حَسَّانَ) هُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْجِيمِ وَهُوَ الْحِصْنُ وَجَمْعُهُ آجَامُ كَأُطُمٍ وَآطَامُ فِي الْوَزْنِ والمعنى قوله (لايزال النَّاسُ مُخْتَلِفَةٌ أَعْنَاقُهُمْ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا) قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمُرَادُ بِالْأَعْنَاقِ هُنَا الرُّؤَسَاءُ وَالْكُبَرَاءُ وَقِيلَ الْجَمَاعَاتُ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْأَعْنَاقِ نَفْسَهَا وَعَبَّرَ بِهَا عَنْ أَصْحَابِهَا لاسيما وَهِيَ الَّتِي بِهَا التَّطَلُّعُ وَالتَّشَوُّفُ لِلْأَشْيَاءِ
[2896] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنَعَتِ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا وَمَنَعَتِ الشَّامُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا وَمَنَعَتْ مِصْرُ أَرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ) أَمَّا الْقَفِيزُ فَمِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ هو ثمانية مكاكيك والمكوك صاع ونصف وهوخمس كَيْلَجَاتٍ وَأَمَّا الْمُدْيُ فَبِضَمِّ الْمِيمِ عَلَى وَزْنِ قُفْلِ وَهُوَ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ لِأَهْلِ الشَّامِ قَالَ الْعُلَمَاءُ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ مَكُّوكًا وَأَمَّا الْإِرْدَبُّ فَمِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ لِأَهْلِ مِصْرَ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَآخَرُونَ يَسَعُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ صَاعًا وَفِي مَعْنَى مَنَعَتِ الْعِرَاقُ وَغَيْرِهَا قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ أَحَدُهُمَا لِإِسْلَامِهِمْ فَتَسْقُطُ عَنْهُمُ الْجِزْيَةُ وَهَذَا قَدْ وُجِدَ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَشْهَرُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَجَمَ وَالرُّومَ يَسْتَوْلُونَ عَلَى الْبِلَادِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فَيَمْنَعُونَ حُصُولَ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ هَذَا بَعْدَ هذا بورقات عن جابر قال يوشك أن لايجىء اليهم قفيز ولادرهم قُلْنَا مِنْ أَيْنَ ذَلِكَ قَالَ مِنْ قِبَلِ الْعَجَمِ يَمْنَعُونَ ذَاكَ وَذَكَرَ فِي مَنْعِ الرُّومِ ذَلِكَ بِالشَّامِ مِثْلَهُ وَهَذَا قَدْ وُجِدَ فِي زَمَانِنَا فِي الْعِرَاقِ وَهُوَ الْآنَ مَوْجُودٌ وَقِيلَ لانهم يرتدون فى آخر الزمان فيمنعون مالزمهم مِنَ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْكُفَّارَ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةُ تَقْوَى شَوْكَتُهُمْ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فَيَمْتَنِعُونَ مِمَّا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ مِنَ الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ فَهُوَ بِمَعْنَى الْحَدِيثِ الْآخَرِ بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لاتقوم السَّاعَةُ حَتَّى تَنْزِلَ الرُّومُ بِالْأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقٍ) الْأَعْمَاقُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَدَابِقُ بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِهَا وَالْكَسْرُ هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْجُمْهُورُ غَيْرَهُ وَحَكَى الْقَاضِي فِي الْمَشَارِقِ الْفَتْحَ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ وَهُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ مَعْرُوفٍ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْأَغْلَبُ عَلَيْهِ التَّذْكِيرُ وَالصَّرْفُ لِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ اسْمُ نَهْرٍ قَالَ وقد يؤنث ولا يصرف والاعماق وَدَابِقُ مَوْضِعَانِ بِالشَّامِ بِقُرْبِ حَلَبَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَالَتِ الرُّومُ خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سُبُوا مِنَّا) رُوِيَ سُبُوا عَلَى وَجْهَيْنِ فَتْحِ السِّينِ وَالْبَاءِ وَضَمِّهِمَا قَالَ الْقَاضِي فِي الْمَشَارِقِ الضَّمُّ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِينَ قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ قُلْتُ كِلَاهُمَا صَوَابٌ لِأَنَّهُمْ سُبُوا أَوَّلًا ثم سبوا الكفار وهذاموجود فِي زَمَانِنَا بَلْ مُعْظَمُ عَسَاكِرِ الْإِسْلَامِ فِي بِلَادِ الشَّامِ وَمِصْرَ سُبُوا ثُمَّ هُمُ الْيَوْمَ بحمدالله يَسْبُونَ الْكُفَّارَ وَقَدْ سَبَوْهُمْ فِي زَمَانِنَا مِرَارًا كَثِيرَةً يَسْبُونَ فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ مِنَ الْكُفَّارِ أُلُوفًا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى إِظْهَارِ الْإِسْلَامِ وَإِعْزَازِهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لايتوب الله عليهم) أى لايلهمهم التَّوْبَةَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ) هِيَ بِضَمِّ الْقَافِ وَإِسْكَانِ السِّينِ وَضَمِّ الطَّاءِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ نُونٌ هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَنَقَلَهُ القاضي فى المشارق عن المتقين والأكثرين وعن بَعْضِهِمْ زِيَادَةُ يَاءٍ مُشَدَّدَةٍ بَعْدَ النُّونِ وَهِيَ مدينة مشهورة من أعظم مدائن الروم
[2897] قَوْلُهُ (حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ) هُوَ بِضَمِّ الْعَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا وَقِيلَ بِالْفَتْحِ اسْمٌ لَهُ وَبِالضَّمِّ لَقَبٌ وَكَانَ يَكْرَهُ الضَّمَّ قَوْلُهُ حَدَّثَنِي أَبُو شُرَيْحٍ أَنَّ عَبْدَ الْكَرِيمِ بْنَ الْحَارِثِ حَدَّثَهُ أَنَّ الْمُسْتَوْرِدَ بْنَ شَدَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ) هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى مُسْلِمٍ وَقَالَ عَبْدُ الْكَرِيمِ لَمْ يُدْرِكِ المستورد فالحديث مرسل قلت لااستدراك عَلَى مُسْلِمٍ فِي هَذَا لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْحَدِيثَ مَحْذُوفَهُ فِي الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ مُتَّصِلًا وَإِنَّمَا ذَكَرَ الثَّانِي مُتَابَعَةً وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي الْمُتَابَعَةِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الْأُصُولِ وَسَبَقَ أَيْضًا أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَالْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْحَدِيثَ الْمُرْسَلَ إِذَا رُوِيَ مِنْ جِهَةٍ أخرى متصلااحتج بِهِ وَكَانَ صَحِيحًا وَتَبَيَّنَّا بِرِوَايَةِ الِاتِّصَالِ صِحَّةَ رِوَايَةِ الْإِرْسَالِ وَيَكُونَانِ صَحِيحَيْنِ بِحَيْثُ لَوْ عَارَضَهُمَا صَحِيحٌ جَاءَ مِنْ طَرِيقٍ وَاحِدٍ وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ قدمنا هما عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَأَجْبَرُ النَّاسِ عِنْدَ مُصِيبَةٍ) هَكَذَا فِي مُعْظَمِ الْأُصُولِ وَأَجْبَرُ بِالْجِيمِ وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ رِوَايَةِ الْجُمْهُورِ وَفِي رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ وَأَصْبَرُ بِالصَّادِ قَالَ الْقَاضِي وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِمُطَابَقَةِ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَأَسْرَعُهُمْ إِفَاقَةً بَعْدَ مُصِيبَةٍ وَهَذَا بِمَعْنَى أَجْبَرَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَخْبَرُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ولعل معناه أخبرهم بعلاجها والخروج منها
[2899] قَوْلُهُ (عَنْ يُسَيْرِ بْنِ عَمْرٍو) هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفِي رِوَايَةِ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخٍ عَنْ أُسَيْرِ بِهَمْزَةٍ مَضْمُومَةٍ وَهُمَا قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ فِي اسْمِهِ
[2899] قَوْلُهُ (فَجَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرَى إِلَّا يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ) هُوَ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَالْجِيمِ الْمُشَدَّدَةِ مَقْصُورُ الْأَلِفِ أَيْ شَأْنُهُ وَدَأْبُهُ ذَلِكَ وَالْهِجِّيرَى بِمَعْنَى الْهَجِيرِ قَوْلُهُ (فَيَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ) الشُّرْطَةُ بِضَمِّ الشِّينِ طَائِفَةٌ مِنَ الْجَيْشِ تُقَدَّمُ لِلْقِتَالِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَيَشْتَرِطُ فَضَبَطُوهُ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا فَيَشْتَرِطُ بِمُثَنَّاةٍ تَحْتُ ثُمَّ شِينٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ فَوْقُ وَالثَّانِي فَيَشْتَرَّطُ بِمُثَنَّاةٍ تَحْتُ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ فَوْقُ ثُمَّ شِينٍ مَفْتُوحَةٍ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ قَوْلُهُ (فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ) أَيْ يَرْجِعُ قَوْلُهُ (نَهَدَ إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ) هُوَ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْهَاءِ أَيْ نَهَضَ وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ (فَيَجْعَلُ اللَّهُ الدَّيْرَةَ عَلَيْهِمْ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَالْيَاءِ أَيِ الْهَزِيمَةَ وَرَوَاهُ بَعْضُ رُوَاةِ مُسْلِمٍ الدَّائِرَةَ بِالْأَلِفِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ وَهُوَ بِمَعْنَى الدَّيْرَةِ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ الدَّائِرَةُ هُمُ الدَّوْلَةُ تَدُورُ عَلَى الْأَعْدَاءِ وَقِيلَ هِيَ الْحَادِثَةُ قَوْلُهُ (حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ ليمر بجنباتهم فما يخلفهم حتى يخرميتا) جَنَبَاتِهِمْ بِجِيمٍ ثُمَّ نُونٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ أَيْ نَوَاحِيهِمْ وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ رُوَاتِهِمْ بِجُثْمَانِهِمْ بِضَمِّ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ شُخُوصِهِمْ وَقَوْلُهُ فَمَا يَخَلِّفُهُمْ هُوَ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ يُجَاوِزُهُمْ وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ رُوَاتِهِمْ فَمَا يَلْحَقُهُمْ أَيْ يلحق آخِرَهُمْ وَقَوْلُهُ (إِذْ سَمِعُوا بِبَأْسٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ) هَكَذَا هُوَ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا بِبَأْسٍ هُوَ أَكْبَرُ بِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ فِي بَأْسِ وَفِي أَكْبَرِ وَكَذَا حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ مُحَقِّقِي رُوَاتِهِمْ وَعَنْ بَعْضِهِمْ بِنَاسٍ بِالنُّونِ أَكْثَرُ بِالْمُثَلَّثَةِ قَالُوا وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ سمعوا بأمر أكبر من ذلك
[2900] قَوْلُهُ لَا يَغْتَالُونَهُ أَيْ يَقْتُلُونَهُ غِيلَةً وَهِيَ الْقَتْلُ فِي غَفْلَةٍ وَخَفَاءٍ وَخَدِيعَةٍ قَوْلُهُ (لَعَلَّهُ نُجِّيَ مَعَهُمْ) أَيْ يُنَاجِيهِمْ وَمَعْنَاهُ يُحَدِّثُهُمْ قَوْلُهُ (فَحَفِظْتُ مِنْهُ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ) هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ معجزات لرسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَبَقَ بَيَانُ جزيرة العرب قَوْلُهُ (عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ هُوَ بِفَتْحِ الهمزة وكسر السين
[2901] قوله (عن بن عُيَيْنَةَ عَنْ فُرَاتٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ) هَذَا الْإِسْنَادُ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ غَيْرُ فُرَاتٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ قَالَ وَرَوَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ مَوْقُوفًا هَذَا كَلَامُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَدْ ذَكَرَ مسلم رواية بن رفيع موقوفة كما قال ولايقدح هَذَا فِي الْحَدِيثِ فَإِنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ رُفَيْعٍ ثِقَةٌ حَافِظٌ مُتَّفَقٌ عَلَى تَوْثِيقِهِ فَزِيَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةِ (لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ فَذَكَرَ الدُّخَانَ وَالدَّجَّالَ) هَذَا الْحَدِيثُ يُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّ الدُّخَانَ دُخَانٌ يَأْخُذُ بِأَنْفَاسِ الْكُفَّارِ وَيَأْخُذُ الْمُؤْمِنُ مِنْهُ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ وَأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ وَإِنَّمَا يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِ السَّاعَةِ وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ بَدْءِ الْخَلْقِ قَوْلُ مَنْ قَالَ هَذَا وانكار بن مَسْعُودٍ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَمَّا نَالَ قُرَيْشًا مِنَ الْقَحْطِ حَتَّى كَانُوا يَرَوْنَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ وَقَدْ وافق بن مسعود جماعة وقال بالقول الآخر حذيفة وبن عُمَرَ وَالْحَسَنُ وَرَوَاهُ حُذَيْفَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ يَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا دُخَانَانِ لِلْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْآثَارِ وَأَمَّا الدَّابَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرض قَالَ الْمُفَسِّرُونَ هِيَ دَابَّةٌ عَظِيمَةٌ تَخْرُجُ مِنْ صدع فى الصفا وعن بن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهَا الْجَسَّاسَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمِ) وَفِي رِوَايَةٍ نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قُعْرَةِ عَدَنٍ هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ قُعْرَةِ بِالْهَاءِ وَالْقَافُ مَضْمُومَةٌ وَمَعْنَاهُ مِنْ أَقْصَى قَعْرِ أَرْضِ عَدَنٍ وَعَدَنُ مَدِينَةٌ مَعْرُوفَةٌ مَشْهُورَةٌ بِالْيَمَنِ قَالَ الّمَاوَرْدِيُّ سُمِّيَتْ عَدَنًا مِنَ الْعُدُونِ وَهِيَ الْإِقَامَةُ لِأَنَّ تُبَّعًا كَانَ يَحْبِسُ فِيهَا أَصْحَابَ الْجَرَائِمَ وَهَذِهِ النَّارُ الْخَارِجَةُ مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ وَالْيَمَنِ هِيَ الْحَاشِرَةُ لِلنَّاسِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ أَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الذى بعده لاتقوم السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى فَقَدْ جَعَلَهَا الْقَاضِي عياض حاشرة قال ولعلهما نَارَانِ يَجْتَمِعَانِ لِحَشْرِ النَّاسِ قَالَ أَوْ يَكُونُ أبتداءخروجها مِنَ الْيَمَنِ وَيَكُونُ ظُهُورُهَا وَكَثْرَةُ قُوَّتِهَا بِالْحِجَازِ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ نَارَ الْحِجَازِ مُتَعَلِقَةٌ بِالْحَشْرِ بَلْ هِيَ آيَةٌ مِنْ أَشْرِاطِ السَّاعَةِ مُسْتَقِلَّةٌ وَقَدْ خَرَجَتْ فِي زَمَانِنَا نَارٌ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَكَانَتْ نَارًا عَظِيمَةً جِدًّا مِنْ جَنْبِ الْمَدِينَةِ الشَّرْقِيِّ وَرَاءَ الْحَرَّةِ تَوَاتَرَ الْعِلْمُ بِهَا عِنْدَ جَمِيعِ الشَّامِ وَسَائِرِ الْبُلْدَانِ وَأَخْبَرَنِي مَنْ حَضَرَهَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ) هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالْحَاءِ المهملة قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَرْحَلُ النَّاسَ) هُوَ بفتح التاء واسكان الراء وفتح الحاء المهملةالمخففة هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ وَهَكَذَا ضَبَطَهُ الْجُمْهُورُ وَكَذَا نَقَلَ الْقَاضِي عَنْ رِوَايَتِهِمْ وَمَعْنَاهُ تَأْخُذُهُمْ بِالرَّحِيلِ وَتُزْعِجُهُمْ وَيَجْعَلُونَ يَرْحَلُونَ قُدَّامَهَا وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُ رَحْلِهَا الناس وحشرهم إياهم
[2902] قوله صلى الله عليه وسلم (لاتقوم السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى) هَكَذَا الرِّوَايَةُ تُضِيءُ أَعْنَاقَ وَهُوَ مَفْعُولُ تُضِيءُ يُقَالُ أَضَاءَتِ النَّارُ وَأَضَاءَتْ غَيْرُهَا وَبُصْرَى بِضَمِّ الْبَاءِ مَدِينَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِالشَّامِ وَهِيَ مَدِينَةُ حُورَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ دِمَشْقَ نَحْوُ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ
[2903] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم (تبلغ المساكن اهاب أويهاب) أَمَّا إِهَابُ فَبِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَأَمَّا يَهَابُ فَبِيَاءٍ مُثَنَّاةٍ تَحْتٌ مَفْتُوحَةٌ وَمَكْسُورَةٌ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فى الشرح والمشارق الاالكسر وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ بَعْضِهِمْ نَهَابَ بِالنُّونِ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ مَوْضِعٌ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ عَلَى أَمْيَالٍ مِنْهَا
[2905] قَوْلُهُ صَلَّى الله عليه وسلم (الاان الفتنة ها هُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ هَذَا الْحَدِيثُ سَبَقَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ
[2904] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَيْسَتِ السَّنَةُ أَنْ لاتمطروا) وَالْمُرَادُ بِالسَّنَةِ هُنَا الْقَحْطُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين
[2906] قوله صلى الله عليه وسلم (لاتقوم السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ حَوْلَ ذى الخلصة وَكَانَتْ صَنَمًا تَعْبُدُهَا دَوْسٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِتَبَالَةَ) أَمَّا قَوْلُهُ أَلَيَاتُ فَبِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَاللَّامِ وَمَعْنَاهُ أعجازهن جمع ألية كجفنة وجفنات والمراد يضطر بن مِنَ الطَّوَافِ حَوْلَ ذِي الْخَلَصَةِ أَيْ يَكْفُرُونَ وَيَرْجِعُونَ إِلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَتَعْظِيمِهَا وَأَمَّا تَبَالَةُ فَبِمُثَنَّاةٍ فَوْقُ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ مُخَفَّفَةٌ وَهِيَ مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ وَلَيْسَتْ تَبَالَةُ الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا الْمَثَلُ وَيُقَالُ أَهْوَنُ عَلَى الْحُجَّاجِ مِنْ تَبَالَةَ لِأَنَّ تِلْكَ بِالطَّائِفِ وَأَمَّا ذُو الْخَلَصَةِ فَبِفَتْحِ الْخَاءِ وَاللَّامِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ حَكَى الْقَاضِي فِيهِ فِي الشَّرْحِ وَالْمَشَارِقِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا هَذَا وَالثَّانِي بِضَمِّ الْخَاءِ وَالثَّالِثُ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ قَالُوا وَهُوَ بَيْتُ صَنَمٍ بِبِلَادِ دَوْسٍ
[2907] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَوَفَّى كُلَّ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ إِلَى آخِرِهِ) هَذَا الْحَدِيثُ سَبَقَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ قوله
[2908] (حدثنا مروان عن يزيد وهو بْنِ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حديث لايدرى الْقَاتِلُ فِي أَيِّ شَيْءٍ قَتَلَ) وَفِي الرِّوَايَةِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ ثُمَّ قَالَ مُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةِ أَبَانَ قَالَ هُوَ يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ لَمْ يَذْكُرِ الْأَسْلَمِيَّ هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَيَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ هُوَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ وَفِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ ومراده وفى رواية بن أَبَانَ قَالَ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ هُوَ يَزِيدُ بن كَيْسَانَ وَظَاهِرُ اللَّفْظِ يُوهِمُ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ كَيْسَانَ يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ وَهَذَا غَلَطٌ بَلْ يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ هُوَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ يَعْنِي أَبَا إِسْمَاعِيلَ وَهَذَا يُوَضِّحُ التَّأْوِيلَ الذى ذكرناه وقد أوضحه الْأَئِمَّةُ بِدَلَائِلِهِ كَمَا ذَكَرْتُهُ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ اعْلَمْ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ كَيْسَانَ يُكَنَّى أَبَا إِسْمَاعِيلَ وَأَنَّ بَشِيرَ بْنَ سُلَيْمَانَ يُكَنَّى أَبَا إِسْمَاعِيلَ الْأَسْلَمِيَّ وَكِلَاهُمَا يَرْوِي عَنْ أَبِي حَازِمٍ فَقَدْ اشْتَرَكَا فِي أَحَادِيثَ عَنْهُ منها هذا الحديث رواه مسلم أولاعن يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ رِوَايَةِ أبى إسماعيل الأسلمى الافى رواية بن أَبَانَ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ أَبِي إِسْمَاعِيلَ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرِ الْأَسْلَمِيَّ فِي نَسَبِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[2909] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ) هُمَا تَصْغِيرُ سَاقَيِ الْإِنْسَانِ لِرِقَّتِهِمَا وَهِيَ صِفَةُ سوق السودان غالبا ولايعارض هذا قوله تعالى حرما آمنا لِأَنَّ مَعْنَاهُ آمِنًا إِلَى قُرْبِ الْقِيَامَةِ وَخَرَابِ الدُّنْيَا وَقِيلَ يُخَصُّ مِنْهُ قِصَّةُ ذِي السُّوَيْقَتَيْنِ قَالَ الْقَاضِي الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ
[2911] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَمْلِكُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْجَهْجَاهُ) بِهَاءَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا الْجَهْجَا بِحَذْفِ الْهَاءِ الَّتِي بَعْدَ الْأَلِفِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ
[2912] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ) أَمَّا الْمَجَانُّ فَبِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ جَمْعُ مِجَنٍّ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ التُّرْسُ وَأَمَّا الْمُطْرَقَةُ فَبِإِسْكَانِ الطَّاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ هَذَا هُوَ الْفَصِيحُ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ وَفِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ وَحُكِي فَتْحُ الطَّاءِ وَتَشْدِيدُ الرَّاءِ وَالْمَعْرُوفُ الْأَوَّلُ قَالَ الْعُلَمَاءُ هِيَ الَّتِي أُلْبِسَتِ الْعَقِبُ وَأَطْرَقَتْ بِهِ طَاقَةً فَوْقَ طَاقَةٍ قَالُوا وَمَعْنَاهُ تَشْبِيهُ وُجُوهِ التُّرْكِ فِي عَرْضِهَا وَتَنَوُّرِ وجناتها بِالتِّرْسَةِ الْمُطْرَقَةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ذُلْفَ الْآنُفِ) هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ لُغَتَانِ الْمَشْهُورُ الْمُعْجَمَةُ وَمِمَّنْ حَكَى الْوَجْهَيْنِ فِيهِ صَاحِبَا المشارق والمطالع قالارواية الجمهور بالمعجمة وبعضهم بالمهملة والصواب الْمُعْجَمَةُ وَهُوَ بِضَمِّ الذَّالِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ جَمْعُ أَذْلَفَ كَأَحْمَرَ وَحُمْرٍ وَمَعْنَاهُ فُطْسُ الْأُنُوفِ قِصَارُهَا مَعَ انْبِطَاحٍ وَقِيلَ هُوَ غِلَظٌ فِي أَرْنَبَةِ الْأَنْفِ وَقِيلَ تَطَامُنٌ فِيهَا وَكُلُّهُ مُتَقَارِبٌ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَلْبَسُونَ الشَّعْرَ وَيَمْشُونَ فِي الشَّعْرِ) مَعْنَاهُ يَنْتَعِلُونَ الشَّعْرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى نِعَالُهُمِ الشَّعْرُ وَقَدْ وُجِدُوا فِي زَمَانِنَا هَكَذَا وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى حُمْرُ الْوُجُوهِ أَيْ بِيضُ الْوُجُوهِ مَشُوبَةٌ بِحُمْرَةٍ وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ صِغَارُ الْأَعْيُنِ وَهَذِهِ كُلُّهَا مُعْجِزَاتٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ وُجِدَ قِتَالُ هَؤُلَاءِ التُّرْكِ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِمُ الَّتِي ذَكَرَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِغَارُ الْأَعْيُنِ حُمْرُ الْوُجُوهِ ذُلْفُ الْآنُفِ عِرَاضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ يَنْتَعِلُونَ الشَّعْرَ فَوُجِدُوا بِهَذِهِ الصِّفَاتِ كُلِّهَا فِي زَمَانِنَا وَقَاتَلَهُمُ الْمُسْلِمُونَ مَرَّاتٍ وَقِتَالُهُمُ الْآنَ وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْكَرِيمَ إِحْسَانَ الْعَاقِبَةِ لِلْمُسْلِمِينَ فِي أَمْرِهِمْ وَأَمْرِ غَيْرِهِمْ وَسَائِرِ أَحْوَالِهِمْ وَإِدَامَةِ اللُّطْفِ بِهِمْ وَالْحِمَايَةِ وَصَلَّى الله على رسوله الذى لاينطق عن الهوى ان هو الاوحى يُوحَى
[2913] قَوْلُهُ (يُوشِكُ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنْ لَا يَجِيءَ إِلَيْهِمْ قَفِيزٌ إِلَى آخِرِهِ) قَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ قَبْلَ هَذَا بِأَوْرَاقٍ وَيُوشِكُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الشِّينِ وَمَعْنَاهُ يُسْرِعُ قَوْلُهُ (ثُمَّ أَسْكَتَ هُنَيَّةً) أَمَّا أَسْكَتَ فَهُوَ بِالْأَلِفِ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُمْ رَوَوْهُ بِحَذْفِهَا وَإِثْبَاتِهَا وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الْأَكْثَرِينَ حَذَفُوهَا وَسَكَتَ وَأَسْكَتَ لُغَتَانِ بِمَعْنَى صَمَتَ وَقِيلَ أَسْكَتَ بِمَعْنَى أَطْرَقَ وَقِيلَ بِمَعْنَى أَعْرَضَ وَقَوْلُهُ هُنَيَّةً بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ بِلَا هَمْزٍ قَالَ الْقَاضِي رَوَاهُ لَنَا الصَّدَفِيُّ بِالْهَمْزَةِ وَهُوَ غَلَطٌ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي خَلِيفَةٌ يَحْثِي المال حثيا ولايعده عددا وَفِي رِوَايَةٍ يَحْثُو الْمَالَ حَثْيًا قَالَ أَهْلُ اللغة يقال حثيت أحثى حثيا وحثوث أحثوا حَثْوًا لُغَتَانِ وَقَدْ جَاءَتِ اللُّغَتَانِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَجَاءَ مَصْدَرُ الثَّانِيَةِ عَلَى فِعْلِ الْأُولَى وَهُوَ جَائِزٌ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَاَللَّهُ أنبتكم من الأرض نباتا وانبت هُوَ الْحَفْنُ بِالْيَدَيْنِ وَهَذَا الْحَثْوُ الَّذِي يَفْعَلُهُ هَذَا الْخَلِيفَةُ يَكُونُ لِكَثْرَةِ الْأَمْوَالِ وَالْغَنَائِمِ وَالْفُتُوحَاتِ مَعَ سَخَاءِ نَفْسِهِ
[2915] قوله صلى الله عليه وسلم (بؤس بن سُمَيَّةَ تَقْتُلُكَ فِئَةٌ بَاغِيَةٌ) وَفِي رِوَايَةٍ وَيْسَ أو ياويس وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ لِعَمَّارٍ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ أَمَّا الرِّوَايَةُ الْأُولَى فَهُوَ بُؤْسَ بِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَضْمُومَةٍ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ وَالْبُؤْسُ وَالْبَأْسَاءُ الْمَكْرُوهُ وَالشِّدَّةُ والمعنى يابؤس بن سمية ماأشده وَأَعْظَمَهُ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فَهِيَ وَيْسَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَإِسْكَانِ الْمُثَنَّاةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ ويح كلمة ترحم وويس تَصْغِيرُهَا أَيْ أَقَلُّ مِنْهَا فِي ذَلِكَ قَالَ الْهَرَوِيُّ وَيْحُ يُقَالُ لِمَنْ وَقَعَ فِي هَلَكَةٍ لايستحقها فيترحم بها عليه ويرثى له وويل لِمَنْ يَسْتَحِقُّهَا وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَيْحُ وَوَيْسُ بِمَعْنَى وَيْلُ وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَيْحُ بَابُ رَحْمَةٍ وَوَيْلُ بَابُ عَذَابٍ وَقَالَ وَيْحُ كَلِمَةُ زَجْرٍ لِمَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَكَةِ وَوَيْلُ لِمَنْ وَقَعَ فِيهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْفِئَةُ الطَّائِفَةُ وَالْفِرْقَةُ قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ مُحِقًّا مُصِيبًا وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى بُغَاةٌ لَكِنَّهُمْ مُجْتَهِدُونَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِمْ لِذَلِكِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا هَذَا الْبَابُ وَفِيهِ مُعْجِزَةٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَوْجُهٍ مِنْهَا أَنَّ عَمَّارًا يَمُوتُ قَتِيلًا وَأَنَّهُ يَقْتُلُهُ مُسْلِمُونَ وَأَنَّهُمْ بُغَاةٌ وَأَنَّ الصَّحَابَةَ يُقَاتِلُونَ وَأَنَّهُمْ يَكُونُونَ فِرْقَتَيْنِ بَاغِيَةٍ وَغَيْرِهَا وَكُلُّ هَذَا قَدْ وَقَعَ مِثْلُ فَلَقِ الصُّبْحِ صَلَّى اللَّهُ وسلم على رسوله الذى لاينطق عن الهوى إن هو إلاوحى يُوحَى
[2917] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يُهْلِكُ أُمَّتِي هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ هَلَاكُ أُمَّتِي عَلَى يَدِ أُغَيْلِمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ هَذِهِ الرِّوَايَةِ تُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِرِوَايَةِ مُسْلِمِ طَائِفَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ وَقَدْ وَقَعَ مَا أَخْبَرَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ