وهو أحد الخلفاء الراشدين ، والأئمة المهديين ، وليس هو بالمنتظر الذي تزعم الرافضة ، وترتجي ظهوره من سرداب سامرا ، فإن ذلك ما لا حقيقة له ، ولا عين ، ولا أثر ، ويزعمون أنه محمد بن الحسن العسكري ، وأنه دخل السرداب وعمره خمس سنين ، وأما ما سنذكره فقد نطقت به الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه يكون في آخر الزمان ، وأظن ظهوره يكون قبل نزول عيسى ابن مريم؟ فإن هذا يملأ الأرض عدلا ، كما ملئت جورا وظلما ، وهكذا عيسى ابن مريم ، كما دلت على ذلك الأحاديث .
قال الإمام أحمد : حدثنا حجاج وأبو نعيم ، قالا : حدثنا فطر ، عن [ ص: 56 ] القاسم بن أبي بزة ، عن أبي الطفيل ، قال حجاج : سمعت عليا يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لبعث الله رجلا منا يملؤها عدلا ، كما ملئت جورا ” . قال أبو نعيم : ” رجلا مني ” . وقال : سمعته مرة يذكره عن حبيب ، عن أبي الطفيل ، عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . ورواه أبو داود ، عن عثمان بن أبي شيبة ، عن أبي نعيم الفضل بن دكين .
وقال الإمام أحمد : حدثنا فضل بن دكين ، حدثنا ياسين العجلي ، عن إبراهيم بن محمد ابن الحنفية ، عن أبيه ، عن علي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” المهدي منا أهل البيت ، يصلحه الله في ليلة ” . ورواه ابن ماجه ، عن عثمان بن أبي شيبة ، عن أبي داود الحفري ، عن ياسين العجلي ، وليس هذا ياسين بن معاذ الزيات ، الزيات ضعيف ، والعجلي أوثق منه .
وقال أبو داود : حدثت عن هارون بن المغيرة ، حدثنا عمرو بن أبي قيس ، عن شعيب بن خالد ، عن أبي إسحاق ، قال : قال علي ، ونظر إلى ابنه الحسن ، فقال : إن ابني هذا سيد كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم ، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم صلى الله عليه وسلم ، يشبهه في الخلق ، ولا يشبهه في الخلق – ثم ذكر قصة – يملأ الأرض عدلا .
وقد عقد أبو داود السجستاني ، رحمه الله ، كتاب المهدي مفردا في [ ص: 57 ] ” سننه ” ، فأورد في صدره حديث جابر بن سمرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لا يزال هذا الدين قائما حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة ، كلهم تجتمع عليه الأمة ” . وفي رواية : ” لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثني عشر خليفة ” . قال : فكبر الناس وضجوا ، ثم قال كلمة خفية ، قلت لأبي : ما قال؟ قال : ” كلهم من قريش ” . وفي رواية قال : فلما رجع إلى بيته أتته قريش ، فقالوا : ثم يكون ماذا؟ قال : ” ثم يكون الهرج ” .
ثم روى أبو داود من حديث سفيان الثوري ، وأبي بكر بن عياش ، وزائدة ، وفطر ، ومحمد بن عبيد ، كلهم عن عاصم بن أبي النجود ، وهو ابن بهدلة ، عن زر بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” لو لم يبق من الدنيا إلا يوم ” . قال زائدة : ” لطول الله ذلك اليوم ” . ثم اتفقوا : ” حتى يبعث فيه رجلا مني – أو : من أهل بيتي – يواطئ اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي ” . زاد في حديث فطر : ” يملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت ظلما وجورا ” . وقال في حديث سفيان : ” لا تذهب – أو : لا تنقضي – الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي ” . وهكذا رواه أحمد عن عمر بن عبيد ، وعن سفيان بن عيينة ، ومن حديث سفيان الثوري ، [ ص: 58 ] كلهم عن عاصم ، به . ورواه الترمذي من حديث السفيانين ، به ، وقال : حسن صحيح . قال الترمذي : وفي الباب عن علي ، وأبي سعيد ، وأم سلمة ، وأبي هريرة .
ثم قال الترمذي : حدثنا عبد الجبار بن العلاء العطار ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ” . قال عاصم : وأخبرنا أبو صالح ، عن أبي هريرة ، قال : ” لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي ” ثم قال : هذا حديث حسن صحيح .
وقال أبو داود : حدثنا سهل بن تمام بن بزيع ، حدثنا عمران القطان ، عن قتادة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” المهدي مني ، أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت ظلما وجورا ، يملك سبع سنين ” .
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وقال أبو داود : حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي ، [ ص: 59 ] حدثنا أبو المليح الحسن بن عمر ، عن زياد بن بيان ، عن علي بن نفيل ، عن سعيد بن المسيب ، عن أم سلمة ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” المهدي من عترتي ، من ولد فاطمة ” . قال عبد الله بن جعفر : سمعت أبا المليح يثني على علي بن نفيل ، ويذكر عنه صلاحا . ورواه ابن ماجه ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن أحمد بن عبد الملك ، عن أبي المليح الرقي ، عن زياد بن بيان ، به . فأما الحديث الذي رواه ابن عساكر في ترجمة محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، وهو المهدي ابن المنصور ، من طريق الدارقطني ، ثنا إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي ، ثنا محمد بن الوليد القرشي ، ثنا أسباط بن محمد الضبي ، وصلة بن سليمان الواسطي ، عن سليمان التيمي ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن عثمان بن عفان ، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ” المهدي من ولد العباس عمي ” . فإنه حديث غريب ، كما قال الدارقطني ، تفرد به محمد بن الوليد مولى بني هاشم ، قال : ولم يكتب إلا عن شيخنا أبي إسحاق .
وقال أبو داود : حدثنا محمد بن المثني ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن صالح أبي الخليل ، عن صاحب له ، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” يكون اختلاف عند موت خليفة ، فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة ، فيأتيه ناس من أهل مكة ، فيخرجونه وهو [ ص: 60 ] كاره ، فيبايعونه بين الركن والمقام ، ويبعث إليه بعث من الشام ، فيخسف بهم بالبيداء; بين مكة والمدينة ، فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام ، وعصائب أهل العراق ، فيبايعونه ، ثم ينشأ رجل من قريش ، أخواله كلب ، فيبعث إليهم بعثا ، فيظهرون عليهم ، وذلك بعث كلب ، والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب ، فيقسم المال ، ويعمل في الناس بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ، ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض ، فيلبث سبع سنين ، ثم يتوفى ، ويصلي عليه المسلمون ” .
وقال أبو داود : قال هارون ، يعني ابن المغيرة ، حدثنا عمرو بن أبي قيس ، عن مطرف بن طريف ، عن أبي الحسن ، عن هلال بن عمرو ، سمعت عليا يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” يخرج رجل من وراء النهر ، يقال له : الحارث . حراث ، على مقدمته رجل يقال له : منصور . يوطئ – أو : يمكن – لآل محمد ، كما مكنت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجبت على كل مؤمن نصرته ” . أو قال : ” إجابته ” .
وقال ابن ماجه : حدثنا حرملة بن يحيى المصري ، وإبراهيم بن سعيد الجوهري ، قالا : حدثنا أبو صالح عبد الغفار بن داود الحراني ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي زرعة عمرو بن جابر الحضرمي ، عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” يخرج ناس من المشرق ، فيوطئون للمهدي ” . يعني سلطانه .
[ ص: 61 ] وقال ابن ماجه : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا معاوية بن هشام ، حدثنا علي بن صالح ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ، قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل فتية من بني هاشم ، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اغرورقت عيناه ، وتغير لونه ، قال : فقلت : ما نزال نرى في وجهك شيئا تكرهه . فقال : ” إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا ، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا ، حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود ، فيسألون الخير ، فلا يعطونه ، فيقاتلون فينصرون ، فيعطون ما سألوا ، فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي ، فيملؤها قسطا ، كما ملئوها جورا ، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج ” . ففي هذا الحديث إشارة إلى ملك بني العباس ، كما تقدم التنبيه على ذلك عند ذكر ابتداء دولتهم في سنة ثنتين وثلاثين ومائة ، وفيه دلالة على أن المهدي يكون بعد دولة بني العباس ، وأنه يكون من أهل البيت من ذرية فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم من ولد الحسن ، لا الحسين ، كما تقدم في حديث علي بن أبي طالب ، والله سبحانه أعلم .
وقال ابن ماجه : حدثنا محمد بن يحيى ، وأحمد بن يوسف ، قالا : حدثنا عبد الرزاق ، عن سفيان الثوري ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” يقتتل عند كنزكم [ ص: 62 ] ثلاثة كلهم ابن خليفة . ثم لا يصير إلى واحد منهم ، ثم تطلع الرايات السود ، من قبل المشرق ، فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم ” . ثم ذكر شيئا لا أحفظه ، فقال : ” فإذا رأيتموه فبايعوه ، ولو حبوا على الثلج; فإنه خليفة الله المهدي ” . تفرد به ابن ماجه ، وإسناده قوي صحيح ، والظاهر أن المراد بهذا الكنز المذكور كنز الكعبة ، يقتتلون عنده; ليأخذه ثلاثة من أولاد الخلفاء ، حتى إذا كان في آخر الزمان خرج المهدي من بلاد المشرق ، وقيل : من مكة . لا من سرداب سامرا ، كما تزعمه الرافضة من أنه محبوس فيه الآن ، وهم ينتظرون خروجه في آخر الزمان ، وهذا من الهذيان ، وقسط كبير من الخذلان ، وهوس شديد من الشيطان; إذ – لا دليل على ذلك ولا برهان ، من كتاب ولا سنة ولا معقول صحيح ولا بيان .
وقال الترمذي : حدثنا قتيبة ، حدثنا رشدين بن سعد ، عن يونس ، عن ابن شهاب الزهري ، عن قبيصة بن ذؤيب ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” يخرج من خراسان رايات سود ، فلا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء ” . هذا – حديث غريب . وهذه الرايات السود ليست هي التي أقبل بها أبو مسلم الخراساني ، فاستلب بها دولة بني أمية ، في سنة ثنتين وثلاثين ومائة ، بل هي رايات سود أخرى تأتي صحبة المهدي ، وهو محمد بن عبد الله العلوي الفاطمي الحسني ، والله أعلم ، يصلحه الله في ليلة واحدة ، أي : يتوب عليه ، ويوفقه ، يلهمه رشده ، بعد أن لم يكن كذلك ، ويؤيده بناس من أهل المشرق ، ينصرونه ، ويقيمون سلطانه ، ويشيدون أركانه ، وتكون راياتهم سودا أيضا ، [ ص: 63 ] وهو زي عليه الوقار; لأن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت سوداء ، يقال لها : العقاب . وقد ركزها خالد بن الوليد على الثنية التي هي شرقي دمشق ، حين أقبل من العراق ، فعرفت بها الثنية ، فهي إلى الآن يقال لها : ثنية العقاب . وقد كانت عقابا على الكفار ، من نصارى الشام والروم والعرب والفرس . وأطدت حسن العاقبة لعباد الله الذين وعدهم الله أن يرثوا الأرض ، من المهاجرين والأنصار ، ولمن كان معهم وبعدهم إلى يوم الدين . وكذلك دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح إلى مكة وعلى رأسه المغفر وكان أسود ، وجاء في رواية أنه كان معتما بعمامة سوداء ، فوق البيضة .
والمقصود أن المهدي الموعود به يكون في آخر الزمان ، ويكون أصل خروجه من ناحية المشرق ، ثم يأتي مكة ، فيبايع له عند البيت الحرام ، كما ذكر ذلك في الحديث ، وقد أفردت في ذكر المهدي جزءا على حدة .
وقال ابن ماجه : حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، حدثنا محمد بن مروان العقيلي ، حدثنا عمارة بن أبي حفصة ، عن زيد العمي ، عن أبي صديق الناجي ، عن أبي سعيد الخدري ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” يكون في أمتي المهدي إن قصر فسبع وإلا فتسع تنعم فيه أمتي نعمة لم ( ينعموا مثلها ) قط; تؤتي الأرض أكلها ، ولا تدخر منه شيئا ، والمال يومئذ كدوس ، يقوم الرجل فيقول : يا مهدي ، [ ص: 64 ] أعطني . فيقول : خذ ” .
وقال الترمذي : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، سمعت زيدا العمي ، سمعت أبا الصديق الناجي يحدث عن أبي سعيد الخدري ، قال : خشينا أن يكون بعد نبينا حدث ، فسألنا نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ” إن في أمتى المهدي ، يخرج يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا ” . زيد الشاك ، قال : قلنا : وما ذاك؟ قال : سنين . قال : ” فيجيء إليه الرجل فيقول : يا مهدي ، أعطنى ، أعطنى ” . قال : فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله ” . هذا حديث حسن ، وقد روي من غير وجه ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبو الصديق الناجي اسمه بكر بن عمرو ، ويقال : بكر بن قيس ! . وهذا يدل على أن أكثر مدته تسع سنين ، وأقلها خمس أو سبع ، ولعله هو الخليفة الذى يحثو المال حثيا ولا يعده عدا ، والله أعلم ، وفى زمانه تكون الثمار كثيرة ، والزروع غزيرة ، والمال وافرا ، والسلطان قاهرا ، والدين قائما ظاهرا ، والعدو ملوما مخذولا داخرا ، والبلاد آمنة ، والأمر والنهي قائما ، والرزق دارا دائما .
. وقال الإمام أحمد : حدثنا خلف بن الوليد ، حدثنا عباد بن عباد ، حدثنا مجالد بن سعيد ، عن أبي الوداك ، عن أبي سعيد ، قال : قلت : والله ما يأتي علينا أمير إلا وهو شر من الماضي ، ولا عام إلا وهو شر من الماضي . قال : لولا شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لقلت مثل ما يقول ، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” إن من أمرائكم أميرا يحثو المال حثوا ولا يعده عدا ، يأتيه الرجل [ ص: 65 ] فيسأله ، فيقول : خذ . فيبسط ثوبه ، فيحثو فيه ” . وبسط رسول الله صلى الله عليه وسلم ملحفة غليظة كانت عليه ، يحكي صنع الرجل ، ثم جمع إليه أكنافها ، قال : ” فيأخذه ، ثم ينطلق ” . تفرد به أحمد من هذا الوجه .
وقال ابن ماجه : حدثنا هدية بن عبد الوهاب ، حدثنا سعد بن عبد الحميد بن جعفر ، عن علي بن زياد اليمامي ، عن عكرمة بن عمار ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس بن مالك ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” نحن ، ولد عبد المطلب ، سادة أهل الجنة ، أنا ، وحمزة ، وعلي ، وجعفر ، والحسن ، والحسين ، والمهدي ” . قال شيخنا أبو الحجاج المزي : كذا وقع في ” سنن ابن ماجه ” ، وفي إسناده علي بن زياد اليمامي ، والصواب : عبد الله بن زياد السحيمي .
قلت : وكذا أورده البخاري في ” التاريخ ” ، وابن أبي حاتم في ” الجرح والتعديل ” ، وهو رجل مجهول ، وهذا الحديث منكر .
وفي ” الطبراني ” من حديث حسين بن علي ، عن الأوزاعي ، عن [ ص: 66 ] قيس بن جابر الصدفي ، عن أبيه ، عن جده مرفوعا : ” سيكون بعدي خلفاء ، ثم ملوك ، ثم أمراء ، ثم جبابرة ، ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ، ثم يؤمر القحطاني ، فوالذي نفسي بيده ما هو بدونه ” .
فأما الحديث الذي رواه ابن ماجه في ” سننه ” : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا محمد بن إدريس الشافعي ، حدثني محمد بن خالد الجندي ، عن أبان بن صالح ، عن الحسن ، عن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” لا يزداد الأمر إلا شدة ، ولا الدنيا إلا إدبارا ، ولا الناس إلا شحا ، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ، ولا المهدي إلا عيسى ابن مريم ” . فإنه حديث مشهور بمحمد بن خالد الجندي الصنعاني المؤذن ، شيخ الشافعي ، وروى عنه غير واحد أيضا ، وليس هو بمجهول كما زعمه الحاكم ، بل قد روي عن ابن معين أنه وثقه ، ولكن من الرواة من حدث به عنه ، عن أبان بن أبي عياش ، عن الحسن البصري ، مرسلا ، وذكر شيخنا في ” التهذيب ” ، عن بعضهم ، أنه رأى الشافعي في المنام وهو يقول : كذب علي يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، ليس هذا من حديثي .
قلت : يونس بن عبد الأعلى من الثقات ، لا يطعن فيه بمجرد منام ، وهذا الحديث فيما يظهر في بادي الرأي مخالف للأحاديث التي أوردناها في إثبات مهدي غير عيسى ابن مريم ، إما قبل نزوله وهو الأظهر ، والله أعلم ، وإما بعد [ ص: 67 ] نزوله ، وعند التأمل يكون هذا الحديث لا ينافيها ، ويكون المراد من ذلك أن المهدي حق المهدي هو عيسى ابن مريم ، ولا ينفي ذلك أن يكون غيره مهديا أيضا .