قال البخاري : حدثنا مالك بن إسماعيل ، حدثنا ابن عيينة أنه سمع الزهري ، عن عروة ، عن زينب بنت أم سلمة ، عن أم حبيبة ، عن زينب بنت جحش ، أنها قالت : استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من النوم محمرا وجهه ، يقول : ” لا إله إلا الله ، ويل للعرب من شر قد اقترب! فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ” . وعقد سفيان تسعين أو مائة ، قيل : أنهلك وفينا الصالحون؟ قال : ” نعم ، إذا كثر الخبث ” . وهكذا رواه مسلم عن عمرو الناقد ، عن سفيان بن عيينة ، به . قال : وعقد سفيان بيده عشرة . وكذلك رواه عن حرملة ، عن ابن وهب ، عن يونس ، عن الزهري ، وقال : وحلق بإصبعه الإبهام ، والتي تليها . ثم رواه عن أبي بكر بن أبي شيبة ، وسعيد بن عمرو ، وزهير بن حرب ، وابن أبي عمر ، عن سفيان ، عن الزهري ، عن عروة ، عن زينب ، عن حبيبة ، عن أم حبيبة ، عن زينب بنت جحش ، فاجتمع فيه تابعيان ، وربيبتان ، [ ص: 68 ] وزوجتان ، أربع صحابيات ، رضي الله عنهن .
وقال البخاري : حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا وهيب ، حدثنا ابن طاوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ” فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ” . وعقد وهيب تسعين . وهكذا رواه مسلم من حديث وهيب مثله .
وروى البخاري من حديث الزهري ، عن هند بنت الحارث الفراسية ، أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فزعا ، يقول : ” سبحان الله ! ماذا أنزل الليلة من الخزائن ، وماذا أنزل من الفتن؟ من يوقظ صواحب الحجرات – يريد أزواجه – لكي يصلين ، رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة ” .
ثم روى البخاري ومسلم من حديث الزهري ، عن عروة ، عن أسامة بن زيد ، قال : أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم من آطام المدينة ، فقال : ” هل ترون ما أرى؟ ” قالوا : لا . قال : ” فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم ، كوقع القطر ” . وروى البخاري من حديث الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ، عن [ ص: 69 ] النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” يتقارب الزمان ، وينقص العلم ، ويلقى الشح ، وتظهر الفتن ، ويكثر الهرج ” . قالوا : يا رسول الله ، أيما هو؟ قال : ” القتل ، القتل ” . ورواه أيضا ، عن الزهري ، عن حميد ، عن أبي هريرة ، ثم رواه من حديث الأعمش ، عن شقيق ، عن عبد الله بن مسعود ، وأبي موسى .
وقال البخاري : حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا سفيان ، عن الزبير بن عدي ، قال : أتينا أنس بن مالك ، فشكونا إليه ما يلقون من الحجاج ، فقال : ” اصبروا فإنه لا يأتي على الناس زمان إلا الذي بعده شر منه ، حتى تلقوا ربكم ” سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم . ورواه الترمذي من حديث الثوري ، وقال : حسن صحيح . وهذا الحديث يعبر عنه العوام ، فيما يوردونه ، بلفظ آخر : كل عام ترذلون .
وروى البخاري ومسلم من حديث الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، وعن [ ص: 70 ] أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ستكون فتن ، القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي ، من يشرف لها تستشرفه ، فمن وجد فيها ملجأ أو معاذا فليعذ به ” . ولمسلم عن أبي بكرة نحوه بأبسط منه .
وقال البخاري : حدثنا محمد بن كثير ، حدثنا سفيان ، حدثنا الأعمش ، عن زيد بن وهب ، حدثنا حذيفة ، قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر ، حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ، ثم علموا من القرآن ، ثم علموا من السنة . وحدثنا عن رفعها قال : ” ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه ، فيظل أثرها مثل أثر الوكت ، ثم ينام النومة فتقبض ، فيبقى أثرها مثل أثر المجل ، كجمر دحرجته على رجلك فنفط ، [ ص: 71 ] فتراه منتبرا وليس فيه شيء ، فيصبح الناس يتبايعون ، ولا يكاد أحد يؤدي الأمانة ، فيقال : إن في بني فلان رجلا أمينا . ويقال للرجل : ما أعقله ، وما أظرفه ، وما أجلده! وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ، ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايعت ، لئن كان مسلما رده علي الإسلام ، وإن كان نصرانيا رده علي ساعيه ، وأما اليوم فما كنت أبايع إلا فلانا وفلانا ” . ورواه مسلم من حديث الأعمش ، به .
وروى البخاري من حديث الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، ومن حديث الليث ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام إلى جنب المنبر وهو مستقبل المشرق ، فقال : ” ألا إن الفتنة هاهنا ، من حيث يطلع قرن الشيطان ” . أو قال : ” قرن الشمس ” . ورواه مسلم من حديث الزهري وغيره ، عن سالم به . ورواه أحمد من طريق عبد الله بن دينار ، والطبراني من رواية عطية ، كلاهما عن عبد الله بن عمر ، به .
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
[ ص: 72 ] وقال البخاري : حدثنا إسماعيل ، حدثني مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل ، فيقول : يا ليتني مكانه ” .
وقال الإمام أحمد : ثنا عفان ، ثنا حماد بن سلمة ، أنا يونس ، عن الحسن ، عن سمرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ” توشكون أن يملأ الله أيديكم من العجم – وقال عفان مرة : من الأعاجم – يكونون أسدا لا يفرون ، يقتلون مقاتلتكم ، ويأكلون فيئكم .
وقال البخاري : حدثنا أبو اليمان ، أنا شعيب ، عن الزهري ، أخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة ” . وذو الخلصة طاغية دوس ، التي كانوا يعبدون في الجاهلية .
وقال البخاري : حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي ، عن عقبة بن خالد ، حدثنا عبيد الله ، عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن جده حفص بن عاصم ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” يوشك الفرات أن يحسر عن [ ص: 73 ] كنز من ذهب ، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا ” . قال عقبة : وحدثنا عبيد الله ، حدثنا أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، إلا أنه قال : ” يحسر عن جبل من ذهب ” . وكذلك رواه مسلم ، من حديث عقبة بن خالد ، من الوجهين .
ثم رواه عن قتيبة ، عن يعقوب بن عبد الرحمن ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” لا تقوم الساعة حتى ينحسر الفرات عن جبل من ذهب ، يقتتل الناس عليه ، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون ، ويقول كل رجل منهم : لعلي أكون أنا الذي أنجو ” .
ثم روى من حديث عبد الله بن الحارث بن نوفل ، قال : كنت واقفا مع أبي بن كعب في ظل أجم ” حسان ، فقال : لا يزال الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا ، قلت : أجل . قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” يوشك الفرات أن يحسر عن جبل من ذهب ، فإذا سمع به الناس ساروا إليه ، فيقول من عنده : لئن تركنا الناس يأخذون منه ليذهبن به كله ” . قال : ” فيقتتلون عليه ، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون ” .
وقال البخاري : حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، حدثنا أبو الزناد ، عن [ ص: 74 ] عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة ، دعواهما واحدة ، وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين ، كل يزعم أنه رسول الله ، وحتى يقبض العلم ، وتكثر الزلازل ، ويتقارب الزمان ، وتظهر الفتن ، ويكثر الهرج ، وهو القتل ، وحتى يكثر فيكم المال فيفيض ، حتى يهم رب المال من يقبل صدقته ، وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه : لا أرب لي به . وحتى يتطاول الناس في البنيان ، وحتى يمر الرجل بقبر الرجل ، فيقول : يا ليتني مكانه . وحتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن ءامنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا [ الأنعام : 158 ] . ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه . ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه . ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها ” .
وقال الإمام أحمد : ثنا سريج بن النعمان ، ثنا عبد العزيز ، يعني الدراوردي ، عن زيد بن أسلم ، عن سعد بن أبي وقاص ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لا تقوم الساعة حتى يخرج قوم يأكلون بألسنتهم كما تأكل البقر [ ص: 75 ] بألسنتها ” . تفرد به أحمد .
وقال مسلم : حدثني حرملة بن يحيى التجيبي ، أنا ابن وهب ، أنا يونس ، عن ابن شهاب ، أن أبا إدريس الخولاني ، قال : قال حذيفة بن اليمان : والله إني لأعلم الناس بكل فتنة كائنة فيما بيني وبين الساعة ، وما بي إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسر إلي في ذلك شيئا لم يحدثه غيري ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث مجلسا أنا فيه عن الفتن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعد الفتن : ” منهن ثلاث لا يكدن يذرن شيئا ، ومنهن فتن كرياح الصيف ، منها صغار ، ومنها كبار ” . قال حذيفة : فذهب أولئك الرهط كلهم غيري .
وروى مسلم من حديث زهير ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إذا منعت العراق درهمها وقفيزها ، ومنعت الشام مديها ودينارها ، ومنعت مصر إردبها ودينارها ، وعدتم من حيث بدأتم ، وعدتم من حيث بدأتم ، وعدتم من حيث بدأتم ” . شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه .
[ ص: 76 ] قال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل ، حدثنا الجريري ، عن أبي نضرة ، قال : كنا عند جابر فقال : يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم . قلنا : من أين ذاك؟ قال : من قبل العجم ، يمنعون ذاك . ثم قال : يوشك أهل الشام أن لا يجبى إليهم دينار ولا مدي . قلنا : من أين ذاك . قال : من قبل الروم ، يمنعون ذاك . قال : ثم سكت هنيهة ، ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” يكون من آخر أمتي خليفة يحثو المال حثيا لا يعده عدا ” . قال الجريري : فقلت لأبي نضرة وأبي العلاء : أتريانه عمر بن عبد العزيز؟ فقالا : لا ورواه مسلم من حديث الجريري ، بنحوه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عامر ، حدثنا أفلح بن سعيد الأنصاري ، شيخ من أهل قباء من الأنصار ، حدثني عبد الله بن رافع مولى أم سلمة ، قال : سمعت أبا هريرة يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” إن طالت بكم مدة أوشك أن ترى قوما يغدون في سخط الله ، ويروحون في لعنته ، في أيديهم مثل أذناب البقر ” . وأخرجه مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير ، عن زيد بن [ ص: 77 ] الحباب ، عن أفلح بن سعيد ، به .
ثم روى عن زهير بن حرب ، عن جرير ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” صنفان من أهل النار لم أرهما بعد; قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات ، مائلات مميلات ، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ، ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ” .
وقال أحمد : حدثنا زيد بن يحيى الدمشقي ، حدثنا أبو معيد ، حدثنا مكحول ، عن أنس بن مالك ، قال : قيل : يا رسول الله ، متى ندع الائتمار بالمعروف ، والنهي عن المنكر؟ قال : ” إذا ظهر فيكم مثل ما ظهر في بني إسرائيل ، إذا كانت الفاحشة في كباركم ، والعلم في رذالكم ، والملك في صغاركم ” . ورواه ابن ماجه ، عن العباس بن الوليد الدمشقي ، عن زيد بن يحيى بن عبيد ، عن الهيثم بن حميد ، عن أبى معيد حفص بن غيلان ، عن مكحول ، عن أنس ، فذكر نحوه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن حماد ، حدثنا أبو عوانة ، عن عطاء [ ص: 78 ] بن السائب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو ، أنه حدثهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” ضاف رجل رجلا من بني إسرائيل ، وفي داره كلبة مجح ، فقالت الكلبة : والله لا أنبح ضيف أهلي . قال : فعوى جراؤها في بطنها . قال : قيل : ما هذا؟ قال : فأوحى الله ، عز وجل ، إلى رجل منهم : هذا مثل أمة تكون من بعدكم ، يقهر سفهاؤها حلماءها ” .
وقال الإمام أحمد : حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا أبو إسحاق ، عن الأوزاعي ، حدثني أبو عمار ، حدثني جار لجابر بن عبد الله ، قال : قدمت من سفر ، فجاءني جابر يسلم علي ، فجعلت أحدثه عن افتراق الناس وما أحدثوا ، فجعل جابر يبكي ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” إن الناس دخلوا في دين الله أفواجا ، وسيخرجون منه أفواجا ” .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن إسحاق ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا أبو يونس ، عن أبي هريرة . وقال حسن : حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا أبو يونس ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ويل للعرب من شر قد اقترب; فتنا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمنا ، ويمسي كافرا ، يبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا قليل ، المتمسك يومئذ بدينه كالقابض على الجمر ” . أو قال : ” على الشوك ” . وقال حسن في حديثه : ” بخبط الشوك ” .
[ ص: 79 ] وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو جعفر المدائني ، حدثنا عبد الصمد بن حبيب الأزدي ، عن أبيه حبيب بن عبد الله ، عن شبيل بن عوف ، عن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لثوبان : ” كيف أنت يا ثوبان ، إذا تداعت عليكم الأمم كتداعيهم إلى قصعة الطعام ، يصيبون منه؟ ” قال ثوبان : بأبي وأمي يا رسول الله ، أمن قلة بنا؟ قال : ” لا ، بل أنتم يومئذ كثير ، ولكن يلقى في قلوبكم الوهن ” . قالوا : وما الوهن يا رسول الله؟ قال : ” حبكم الدنيا ، وكراهيتكم القتال ” .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن رجل ، عن عمرو بن وابصة الأسدي ، عن أبيه ، قال : إني بالكوفة في داري ، إذ سمعت على باب الدار : السلام عليكم ، أألج؟ فقلت : عليكم السلام ، فلج . فلما دخل ، فإذا هو عبد الله بن مسعود ، فقلت : يا أبا عبد الرحمن ، أية ساعة زيارة هذه؟! وذلك في نحر الظهيرة ، فقال : طال علي النهار ، فذكرت من أتحدث إليه . قال : فجعل يحدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحدثه ، ثم أنشأ يحدثني ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” تكون فتنة ، النائم فيها خير من المضطجع ، والمضطجع فيها خير من القاعد ، والقاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير [ ص: 80 ] من الماشي ، والماشي خير من الراكب ، والراكب خير من المجري ، قتلاها كلها في النار ” . قال : قلت : يا رسول الله ، ومتى ذلك؟ قال : ” ذلك أيام الهرج ” . قلت : ومتى أيام الهرج؟ قال : ” حين لا يأمن الرجل جليسه ” . قال : قلت : فما تأمرني إن أدركت ذلك؟ قال : ” اكفف نفسك ويدك ، وادخل دارك ” . قال : قلت : يا رسول الله ، أرأيت إن دخل رجل علي داري؟ قال : ” فادخل بيتك ” . قال : قلت : أرأيت إن دخل علي بيتي؟ قال : ” فادخل مسجدك ، واصنع هكذا – وقبض بيمينه على الكوع – وقل : ربي الله . حتى تموت على ذلك ” . وقال أبو داود : حدثنا عمرو بن عثمان ، حدثنا أبي ، حدثنا شهاب بن خراش ، عن القاسم بن غزوان ، عن إسحاق بن راشد الجزري ، عن سالم ، حدثني عمرو بن وابصة ، عن أبيه ، عن ابن مسعود قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، فذكر بعض حديث أبي بكرة ، قال : ” قتلاها كلهم في النار ” . قال فيه : قلت : متى ذلك يا ابن مسعود؟ قال : ” تلك أيام الهرج ، حيث لا يأمن الرجل جليسه ” . قلت : فما تأمرني إن أدركني ذلك الزمان؟ قال : ” تكف لسانك ويدك ، وتكون حلسا من أحلاس بيتك ” . قال – يعني وابصة – : فلما قتل عثمان طار قلبي مطاره ، فركبت حتى أتيت دمشق ، فلقيت خريم بن فاتك الأسدي ، فحلف بالله الذي لا إله إلا هو لسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما حدثنيه ابن مسعود .
[ ص: 81 ] وقال أبو داود : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا وكيع ، عن عثمان الشحام ، حدثني مسلم بن أبي بكرة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إنها ستكون فتنة ، المضطجع فيها خير من الجالس ، والجالس خير من القائم ، والقائم خير من الماشي ، والماشي خير من الساعي ” . قال : يا رسول الله ، ما تأمرني؟ قال : ” من كانت له إبل فليلحق إبله ، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه ، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه ” . قال : فمن لم يكن له شيء من ذلك . قال : ” فليعمد إلى سيفه فليضرب بحده على حرة ، ثم لينج ما استطاع النجاء ” . وقد رواه مسلم من حديث عثمان الشحام بنحوه .
وقال أبو داود : حدثنا يزيد بن خالد الرملي ، حدثنا المفضل ، عن عياش ، عن بكير ، عن بسر بن سعيد ، عن حسين بن عبد الرحمن الأشجعي ، أنه سمع سعد بن أبي وقاص ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في هذا الحديث قال : فقلت : يا رسول الله ، أرأيت إن دخل علي بيتي ، وبسط يده ليقتلني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” كن كابن آدم ” . وتلا يزيد : لئن بسطت إلي يدك لتقنلني [ ص: 82 ] الآية [ المائدة : 28 ] انفرد به أبو داود من هذا الوجه .
وقال أحمد : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا ليث بن سعد ، عن عياش بن عباس ، عن بكير بن عبد الله ، عن بشر بن سعيد ، أن سعد بن أبي وقاص قال عند فتنة عثمان بن عفان : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” إنها ستكون فتنة ، القاعد فيها خير من القائم ، والقائم خير من الماشي ، والماشي خير من الساعي ” . قال : أفرأيت إن دخل علي بيتي فبسط يده إلي ليقتلني؟ قال : ” كن كابن آدم ” . وهكذا رواه الترمذي ، عن قتيبة ، عن الليث ، عن عياش بن عباس القتباني ، عن بكير بن عبد الله بن الأشج ، عن بسر بن سعيد الحضرمي ، عن سعد بن أبي وقاص ، فذكره ، وقال : هذا حديث حسن ، ورواه بعضهم عن الليث ، وزاد في الإسناد رجلا . يعني : الحسين – وقيل : الحسيل – ابن عبد الرحمن ، ويقال : عبد الرحمن بن الحسين عن سعد ، كما رواه أبو داود آنفا .
ثم قال أبو داود : حدثنا مسدد ، حدثنا عبد الوارث بن سعيد ، عن محمد بن جحادة ، عن عبد الرحمن بن ثروان ، عن هزيل ، عن أبي موسى الأشعري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل فيها مؤمنا ، ويمسي كافرا ، ويمسي مؤمنا ، ويصبح كافرا ، القاعد فيها خير من القائم ، والماشي فيها خير من الساعي ، فكسروا قسيكم ، وقطعوا أوتاركم ، واضربوا سيوفكم بالحجارة ، فإن دخل – يعني : على أحد منكم – فليكن [ ص: 83 ] كخير ابني آدم ” .
وقال الإمام أحمد : حدثنا مرحوم ، حدثني أبو عمران الجوني ، عن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر ، قال : ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا ، وأردفني خلفه ، فقال : ” يا أبا ذر ، أرأيت إن أصاب الناس جوع شديد ، حتى لا تستطيع أن تقوم من فراشك إلى مسجدك ، كيف تصنع؟ ” قال : الله ورسوله أعلم . قال : ” تعفف ” . قال : ” يا أبا ذر ، أرأيت إن أصاب الناس موت شديد ، يكون البيت فيه بالعبد – يعني : القبر – كيف تصنع؟ ” قلت : الله ورسوله أعلم . قال : ” اصبر ” . قال : ” يا أبا ذر ، أرأيت إن قتل الناس بعضهم بعضا – يعني حتى تغرق حجارة الزيت من الدماء – كيف تصنع؟ ” قلت : الله ورسوله أعلم . قال : ” اقعد في بيتك ، وأغلق عليك بابك ” . قال : فإن لم أترك؟ قال : ” فائت من أنت منهم ، فكن فيهم ” . قلت : فآخذ سلاحي؟ قال : ” إذا تشاركهم فيما هم فيه ، وكن إن خشيت أن يردعك شعاع السيف ، فألق طرف ردائك على وجهك كي يبوء بإثمه وإثمك ” . هكذا رواه الإمام أحمد ، وقد رواه أبو داود عن مسدد وابن ماجه عن أحمد بن عبدة ، كلاهما عن حماد بن زيد ، عن أبي عمران الجوني ، عن المشعث بن طريف ، عن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر ، بنحوه ” . ثم قال أبو داود : لم يذكر المشعث في هذا [ ص: 84 ] الحديث غير حماد بن زيد .
وقال أبو داود : حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ، ثنا عفان بن مسلم ، ثنا عبد الواحد بن زياد ، ثنا عاصم الأحول ، عن أبي كبشة ، قال : سمعت أبا موسى يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن بين أيديكم فتنا كقطع الليل ، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا ، القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي ” . قالوا . فما تأمرنا؟ قال : ” كونوا أحلاس بيوتكم ” .
وقال الإمام أحمد : حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبى قلابة ، عن أبي أسماء ، عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها ، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها ، وإني أعطيت الكنزين; الأحمر والأبيض ، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكوا بسنة بعامة ، ولا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم ، فيستبيح بيضتهم ، وإن ربي ، عز وجل ، قال : يا محمد ، إني إذا قضيت قضاء ، فإنه لا يرد ، وإني أعطيت لأمتك أن لا أهلكهم بسنة بعامة ، ولا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ، ولو اجتمع عليهم من بين أقطارها – أو قال : من بأقطارها – حتى يكون بعضهم يسبي بعضا ، وإنما أخاف على أمتي [ ص: 85 ] الأئمة المضلين ، وإذا وضع في أمتي السيف لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة ، ولا تقوم الساعة حتى يلحق قبائل من أمتي بالمشركين ، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان ، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون ، كلهم يزعم أنه نبي ، وأنا خاتم النبيين ، لا نبي بعدي ، ولا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله ، عز وجل ” . ورواه مسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه من طرق ، عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي ، عن أبي أسماء عمرو بن مرثد ، عن ثوبان بن بجدد ، بنحوه ، وقال الترمذي : حسن صحيح .
وقال أبو داود : حدثنا هارون بن عبد الله ، حدثنا أبو داود الحفري ، عن بدر بن عثمان ، عن عامر ، عن رجل ، عن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” تكون في هذه الأمة أربع فتن ، آخرها الفناء ” .
ثم قال أبو داود : حدثنا يحيى بن عثمان بن سعيد الحمصي ، حدثنا أبو المغيرة ، حدثني عبد الله بن سالم ، حدثني العلاء بن عتبة ، عن عمير بن هانئ العنسي ، سمعت عبد الله بن عمر يقول : كنا قعودا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر الفتن ، فأكثر في ذكرها ، حتى ذكر فتنة الأحلاس ، فقال قائل : يا رسول الله ، وما فتنة الأحلاس؟ قال : ” هي حرب وهرب ، ثم فتنة السراء ، [ ص: 86 ] دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي ، يزعم أنه مني ، وليس مني ، وإنما أوليائي المتقون ، ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع ، ثم فتنة الدهيماء ، لا تدع أحدا من هذه الأمة إلا لطمته ، حتى إذا قيل : انقضت عادت ، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ، حتى يصير الناس إلى فسطاطين; فسطاط إيمان لا نفاق فيه ، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه ، فإذا كان ذاكم ، فانتظروا الدجال ، من يومه أو من غده ” . تفرد به أبو داود ، وقد رواه أحمد في ” مسنده ” ، عن أبي المغيرة ، بمثله .
وقال أبو داود : حدثنا القعنبي ، حدثنا عبد العزيز ، يعني ابن أبي حازم ، عن أبيه ، عن عمارة بن عمرو ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” كيف بكم وزمان – أو : أوشك أن يأتي زمان – يغربل الناس فيه غربلة ، تبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم ، واختلفوا فكانوا [ ص: 87 ] هكذا ” . وشبك بين أصابعه ، فقالوا : كيف بنا يا رسول الله؟ قال : ” تأخذون بما تعرفون ، وتدعون ما تنكرون ، تقبلون على أمر خاصتكم ، وتذرون أمر عامتكم ” . قال أبو داود : هكذا روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه . وهكذا رواه ابن ماجه ، عن هشام بن عمار ، ومحمد بن الصباح ، عن عبد العزيز بن أبي حازم ، به . ورواه أحمد في ” مسنده ” ، عن سعيد بن منصور ، عن يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم ، به . وقد رواه الإمام أحمد ، عن حسين بن محمد ، عن محمد بن مطرف ، عن أبي حازم ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، فذكر نحوه ، أو مثله .
ثم قال أبو داود : حدثنا هارون بن عبد الله ، حدثنا الفضل بن دكين ، حدثنا يونس ، يعني ابن أبي إسحاق ، عن هلال بن خباب أبي العلاء ، حدثنا عكرمة ، حدثني عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الفتنة ، أو ذكرت عنده ، فقال : ” إذا رأيتم الناس قد مرجت عهودهم ، وخفت أماناتهم ، وكانوا هكذا ” . وشبك بين أصابعه ، قال : فقمت إليه ، فقلت : كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك؟ قال : ” الزم بيتك ، واملك عليك لسانك ، وخذ بما تعرف ، ودع ما تنكر ، وعليك بأمر خاصة نفسك ، [ ص: 88 ] ودع عنك أمر العامة ” . وهكذا رواه أحمد ، عن أبي نعيم الفضل بن دكين ، به ، وأخرجه النسائي في اليوم والليلة ، عن أحمد بن بكار ، عن مخلد بن يزيد ، عن يونس بن أبي إسحاق ، فذكر بإسناده نحوه .
قال أحمد : ثنا عبد القدوس بن الحجاج ، ثنا حريز ، يعني ابن عثمان الرحبي ، ثنا راشد بن سعد المقرائي ، عن أبي حي ، عن ذي مخمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” كان هذا الأمر في حمير ، فنزعه الله منهم ، فجعله في قريش و س ي ع و د إل ي ه م ” . قال عبد الله بن أحمد : هكذا في كتاب أبي مقطع ، وحيث حدثنا به تكلم به على الاستواء .
وقال أبو داود : حدثنا محمد بن عبيد ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا الليث ، عن طاوس ، عن رجل يقال له : زياد . عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إنه ستكون فتنة تستنظف العرب ، قتلاها في النار ، اللسان فيها أشد من وقع السيف ” . وقد رواه أحمد ، عن أسود بن عامر ، عن حماد بن سلمة ، والترمذي ، وابن ماجه ، من حديثه عن الليث ، عن طاوس ، عن زياد ، [ ص: 89 ] وهو الأعجم ، ويقال له : زياد سيمين كوش . وقد حكى الترمذي عن البخاري أنه ليس لزياد هذا حديث سواه ، وأن حماد بن زيد رواه عن الليث فوقفه ، وقد استدرك ابن عساكر على البخاري هذا الحديث ، فإن أبا داود رواه من طريق حماد بن زيد مرفوعا ، فالله أعلم .
وقال أبو داود : حدثنا عبد الملك بن شعيب ، حدثني ابن وهب ، حدثني الليث ، عن يحيى بن سعيد ، قال : قال خالد بن أبي عمران ، عن عبد الرحمن بن البيلماني ، عن عبد الرحمن بن هرمز ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” ستكون فتنة صماء بكماء عمياء ، من أشرف لها استشرفت له ، وإشراف اللسان فيها كوقوع السيف ” .
وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع – وقال : حدثنا أبو معاوية – حدثنا الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة ، عن عبد الله بن عمرو – وكنت جالسا معه في ظل الكعبة وهو يحدث الناس – قال : كنا مع [ ص: 90 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فنزلنا منزلا ، فمنا من يضرب خباءه ، ومنا من هو في جشره ، ومنا من ينتضل ، إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصلاة جامعة . قال : فانتهيت إليه وهو يخطب الناس ، ويقول : ” أيها الناس ، إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على ما يعلمه خيرا لهم ، وينذرهم ما يعلمه شرا لهم ، ألا وإن عافية هذه الأمة في أولها ، وسيصيب آخرها بلاء وفتن يرقق بعضها بعضا ، تجيء الفتنة ، فيقول المؤمن : هذه مهلكتي . ثم تنكشف ، ثم تجئ فيقول : هذه هذه . ثم تجيء فيقول : هذه ، هذه . ثم تنكشف ، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، ويأتي إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه ، ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه ، فليطعه إن استطاع ” . وقال مرة : ” ما استطاع ” . قال عبد الرحمن : فلما سمعتها أدخلت رأسي بين رجلين ، قلت : فإن ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ، وأن نقتل أنفسنا ، وقد قال الله تعالى : ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل [ النساء : 29 ] . ولا تقتلوا أنفسكم [ النساء : 29 ] . قال : فجمع يديه ، فوضعهما على جبهته ، ثم نكس هنيهة ، ثم رفع رأسه ، فقال : أطعه في طاعة الله ، واعصه في معصية الله .
[ ص: 91 ] قلت له : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : نعم ، سمعته أذناي ، ووعاه قلبي . ورواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه ، من حديث الأعمش ، به ، وأخرجه مسلم أيضا ، من حديث الشعبي ، عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة ، عن عبد الله بن عمرو ، بنحوه .
وقال أحمد : حدثنا ابن نمير ، حدثنا الحسن بن عمرو ، عن أبي الزبير ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول له : إنك ظالم . فقد تودع منهم ” .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” يكون في أمتي قذف وخسف ومسخ ” .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن إسحاق ، حدثنا يحيى بن أيوب ، حدثني أبو قبيل ، قال : كنا عند عبد الله بن عمرو ، وسئل : أي المدينتين تفتح أولا؟ القسطنطينية أو رومية؟ قال : فدعا عبد الله بصندوق له حلق ، قال : فأخرج منه كتابا . قال : فقال عبد الله : بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي المدينتين تفتح أولا؟ قسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” مدينة هرقل تفتح أولا ” . يعني القسطنطينية .
وقال القرطبي في ” التذكرة ” : وروي من حديث حذيفة بن اليمان ، عن [ ص: 92 ] النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : ” ويبدأ الخراب في أطراف الأرض حتى تخرب مصر ، ومصر آمنة من الخراب حتى تخرب البصرة ، وخراب البصرة من الغرق ، وخراب مصر من جفاف النيل ، وخراب مكة من الحبشة ، وخراب المدينة من الجوع ، وخراب اليمن من الجراد ، وخراب الأبلة من الحصار ، وخراب فارس من الصعاليك ، وخراب الترك من الديلم ، وخراب الديلم من الأرمن ، وخراب الأرمن من الخزر ، وخراب الخزر من الترك . . . ، وخراب الترك من الصواعق ، وخراب السند من الهند ، وخراب الهند من الصين ، وخراب الصين من الرمل ، وخراب الحبشة من الرجفة ، وخراب الزوراء من السفياني ، وخراب الروحاء من الخسف ، وخراب العراق من القحط ” . ثم قال : ذكره أبو الفرج ابن الجوزي ، قال : وسمعت أن خراب الأندلس بالريح العقيم . والله أعلم .
وهذا الحديث لا يعرف في شيء من الكتب المعتمدة ، وأخلق به أن لا يكون صحيحا ، بل أخلق به أن يكون موضوعا ، أو أن يكون موقوفا على حذيفة ، ولا يصح عنه أيضا ، والله سبحانه أعلم .