قد تقدم من ذلك شيء كثير ، ولنذكر أشياء أخر من ذلك ، وإيراد شيء من أشراط الساعة ، وما يدل على اقترابها ، وبالله المستعان .
تقدم ما رواه البخاري عن أبي اليمان ، عن شعيب ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” لا تقوم الساعة حتى يتطاول الناس في البنيان . ولا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان ، يكون بينهما مقتلة عظيمة ، دعواهما واحدة . ولا تقوم الساعة حتى يقبض العلم ، وتكثر الزلازل ، ويتقارب الزمان ، وتكثر الفتن ، ويكثر الهرج . ولا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين ، كلهم يزعم أنه رسول الله . ولا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول : ليتني مكانك . ولا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون ، وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا [ الأنعام : 158 ] ولا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال ، حتى يهم رب المال من يقبله منه ” ، ورواه مسلم من وجه آخر عن أبي هريرة .
وتقدم الحديث عن أبي هريرة ، وبريدة ، وأبي بكرة ، رضي الله عنهم ، [ ص: 271 ] وغيرهم : ” لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك عراض الوجوه ، ذلف الأنوف ، كأن وجوههم المجان المطرقة ، ينتعلون الشعر ” الحديث . وهم بنو قنطوراء ، وهي جارية الخليل ، عليه الصلاة والسلام .
وفي ” الصحيحين ” من حديث شعبة ، عن قتادة ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن من أشراط الساعة أن يقل العلم ويظهر الجهل والزنى ، وتشرب الخمر ، ويقل الرجال ، ويكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد ” .
وروى سفيان الثوري ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” لا تذهب الأيام والليالي حتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا ، أو حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب ، فيقتتلون عليه ، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون ، وينجو واحد ” . وأخرجه مسلم من وجه آخر عن سهيل . وروى البخاري ، عن أبي اليمان ، عن شعيب ، وأخرج مسلم من حديث معمر ، كلاهما عن الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة ” . طاغية دوس التي كانوا يعبدون في الجاهلية .
وفي ” صحيح مسلم ” ، من حديث الأسود بن العلاء ، عن أبي سلمة ، عن [ ص: 272 ] عائشة ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” لا يذهب الليل والنهار ، حتى تعبد اللات والعزى ” فقلت : يا رسول الله ، إن كنت لأظن حين أنزل الله : هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون [ التوبة : 33 ] أن ذلك تاما . فقال : ” إنه سيكون من ذلك ما شاء الله ، ثم يبعث الله ريحا طيبة ، فتوفى كل من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ، فيبقى من لا خير فيه ، فيرجعون إلى دين آبائهم ” .
وفى جزء الأنصاري ، عن حميد ، عن أنس ، أن عبد الله بن سلام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أول أشراط الساعة؟ قال : ” نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب ” الحديث بتمامه . ورواه البخاري من حديث حميد ، عن أنس . وفي حديث أبي زرعة ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوما بارزا للناس ، إذ أتاه أعرابي ، فسأله عن الإيمان ، فذكر الحديث إلى أن قال : يا رسول الله ، فمتى الساعة؟ فقال : ” ما المسئول عنها بأعلم من السائل ، ولكن سأحدثك عن أشراطها؟ إذا ولدت الأمة ربتها ، فذاك من أشراطها ، وإذا كان الحفاة العراة رءوس الناس ، فذاك من أشراطها ، في خمس لا يعلمهن إلا الله ” . ثم قرأ : إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير [ لقمان : 34 ] . ثم انصرف الرجل ، فقال : ” ردوه علي ” . فلم يروا شيئا ، فقال : ” هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم ” . أخرجاه في ” الصحيحين ” .
[ ص: 273 ] وعند مسلم عن عمر بن الخطاب نحو هذا بأبسط منه .
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
فقوله عليه السلام : ” أن تلد الأمة ربتها ” . يعني به أن الإماء يكن في آخر الزمان هن المشار إليهن بالحشمة ، تكون الأمة تحت الرجل الكبير دون غيرها من الحرائر ، ولذلك قرن ذلك بقوله : ” وأن ترى الحفاة العراة العالة يتطاولون في البنيان ” . يعني بذلك أنهم يكونون رءوس الناس ، قد كثرت أموالهم ، وامتدت وجاهتهم ، فليس لهم دأب ولا همة إلا التطاول في البناء ، وهذا كما في الحديث المتقدم : ” لا تقوم الساعة حتى يكون أحظى الناس بالدنيا لكع ابن لكع ” . وفى الحديث الآخر : ” لا تقوم الساعة حتى يسود كل قبيلة رذالها ” وفي الحديث الآخر : ” إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة . ومن فسر هذا بكثرة السراري لكثرة الفتوحات ، فقد كان هذا في صدر هذه الأمة كثيرا جدا ، وليس هذا بهذه الصفة من أشراط الساعة المتاخمة لوقتها ، والله أعلم .
وقال البيهقي في كتاب ” البعث والنشور ” : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق ، قالا : حدثنا عبد الباقي بن قانع الحافظ ، حدثنا [ ص: 274 ] عبد الوارث بن إبراهيم العسكري ، حدثنا سيف بن مسكين ، حدثنا المبارك بن فضالة ، عن الحسن ، قال : قال عتي : خرجت في طلب العلم ، فقدمت الكوفة فإذا أنا بعبد الله بن مسعود ، فقلت : يا أبا عبد الرحمن ، هل للساعة من علم تعرف به؟ فقال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال : ” إن من أشراط الساعة أن يكون الولد غيظا ، والمطر قيظا ، وتفيض الأشرار فيضا ، وتغيض الأخيار غيضا ويصدق الكاذب ، ويكذب الصادق ، ويؤتمن الخائن ، ويخون الأمين ، ويسود كل قبيلة منافقوها ، وكل سوق فجارها ، وتزخرف المحاريب ، وتخرب القلوب ، ويكتفي الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، ويخرب عمران الدنيا ، ويعمر خرابها ، وتظهر الفتنة وأكل الربا ، وتظهر المعازف والكبور وشرب الخمر ، وتكثر الشرط والغمازون والهمازون ” . ثم قال البيهقي : هذا إسناد فيه ضعف ، إلا أن أكثر ألفاظه قد رويت بأسانيد أخر متفرقة .
قلت : قد تقدم في أول هذا الكتاب فصل فيه ما يقع من الشرور في آخر الزمان ، وفيه شواهد كثيرة لهذا الحديث . وفي ” صحيح البخاري ” من حديث عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة ، أن أعرابيا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : متى الساعة؟ فقال : ” إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة ” . قال : يا رسول الله ، [ ص: 275 ] وكيف إضاعتها؟ فقال : ” إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة ” .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن واصل ، عن أبي وائل ، عن عبد الله . قال : وأحسبه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” بين يدي الساعة أيام الهرج ، أيام يزول فيها العلم ، ويظهر فيها الجهل ” . فقال أبو موسى : الهرج بلسان الحبش : القتل .
وروى الإمام أحمد ، عن أبي اليمان ، عن شعيب ، عن عبد الله بن أبي حسين ، عن شهر ، عن أبي سعيد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” لا تقوم الساعة حتى يخرج الرجل من أهله ، فيخبره نعله ، أو سوطه ، أو عصاه ، بما أحدث أهله بعده ” .
وروى أيضا عن يزيد بن هارون ، عن القاسم بن الفضل الحداني ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” والذي نفسي بيده ، لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الإنس ، ويكلم الرجل عذبة سوطه ، وشراك نعله ، ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده ” .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد ، هو ابن سلمة ، عن [ ص: 276 ] ثابت ، عن أنس ، قال : كنا نتحدث أنه لا تقوم الساعة حتى تمطر السماء ، ولا تنبت الأرض ، وحتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد ، وحتى إن المرأة لتمر بالبعل ، فينظر إليها فيقول : لقد كان لهذه مرة رجل . قال أحمد : ذكره حماد مرة هكذا ، وقد ذكره عن ثابت ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يشك فيه ، وقد قال أيضا : عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحسب . إسناده جيد ، ولم يخرجوه من هذا الوجه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا هشيم ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك يرفع الحديث ، قال : ” لا تقوم الساعة حتى يرفع العلم ، ويظهر الجهل ، ويقل الرجال ، ويكثر النساء ، حتى يكون قيم خمسين امرأة رجل واحد ” تقدم له شاهد في ” الصحيح ” .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن الزهري ، أخبرني أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين زاغت الشمس ، فصلى الظهر ، فلما سلم قام على المنبر ، فذكر الساعة ، وذكر أن بين يديها أمورا عظاما . وذكر تمام الحديث .
وقال الإمام أحمد : حدثنا هاشم وأبو كامل ، قالا : حدثنا زهير ، [ ص: 277 ] حدثنا سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان ، فتكون السنة كالشهر ، ويكون الشهر كالجمعة ، وتكون الجمعة كاليوم ، ويكون اليوم كالساعة ، وتكون الساعة كاحتراق السعفة ” والسعفة : الخوصة ، زعم سهيل . وهذا الإسناد على شرط مسلم .
وقال أحمد : حدثنا محمد بن عبد الله ، حدثنا كامل ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لن تذهب الدنيا حتى تصير للكع ابن لكع ” . إسناد جيد قوي .
وقال أحمد : حدثنا يونس وسريج ، قالا : حدثنا فليح ، عن سعيد بن عبيد بن السباق ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” قبل الساعة سنون خداعة ، يكذب فيها الصادق ، ويصدق فيها الكاذب ، ويخون فيها الأمين ، ويؤتمن فيها الخائن ، وينطق فيها الرويبضة ” . قال سريج : وينظر فيها للرويبضة ” . وهذا إسناد جيد ، ولم يخرجوه من هذا الوجه .
[ ص: 278 ] وقال أحمد : حدثنا هوذة ، حدثنا عوف ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” إن من أشراط الساعة أن يرى رعاة الشاء رءوس الناس ، وأن يرى الحفاة العراة الجوع يتبارون في البناء ، وأن تلد الأمة ربها أو ربتها ” . وهذا إسناد حسن ، ولم يخرجوه من هذا الوجه .
وقال أحمد : حدثنا عمار بن محمد ، عن الصلت بن قويد ، عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” لا تقوم الساعة حتى لا تنطح ذات قرن جماء ” تفرد به أحمد ، ولا بأس بإسناده .
وقال أحمد : حدثنا يحيى ، عن ابن عجلان ، قال : سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم ، ويظهر الجهل ، ويكثر الهرج ” قيل : وما الهرج؟ قال : ” القتل ” . تفرد به أحمد ، وهو على شرط مسلم .
وقال أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال فيفيض ، حتى يهم رب المال من يقبل منه صدقة ماله ، ويقبض العلم ، ويقترب الزمان ، وتظهر [ ص: 279 ] الفتن ، ويكثر الهرج ” . قالوا : الهرج أيما هو يا رسول الله؟ قال : ” القتل ، القتل ” .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان ، دعواهما واحدة ، ويكون بينهما مقتلة عظيمة ” .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين ، كلهم يزعم أنه رسول الله ” .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون ، وذك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا [ الأنعام : 158 ] ” . وهذا ثابت في ” الصحيح ” .
وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا القاسم بن الحكم ، عن سليمان بن داود اليمامي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” والذي بعثني بالحق لا تنقضي [ ص: 280 ] هذه الدنيا حتى يقع بهم الخسف ، والقذف ، والمسخ ” . قالوا : ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال : ” إذا رأيت النساء ركبن السروج ، وكثرت القينات ، وفشت شهادة الزور ، واستغنى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ” .
وروى الطبراني من حديث كثير بن مرة ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” إن من أشراط الساعة أن تعزب العقول ، وتنقص الأحلام ” .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا بشير بن سلمان ، وهو أبو إسماعيل ، عن سيار أبي الحكم ، عن طارق بن شهاب ، قال : كنا عند عبد الله بن مسعود جلوسا ، فجاء رجل ، فقال : قد أقيمت الصلاة . فقام ، وقمنا معه ، فلما دخلنا المسجد رأينا الناس ركوعا في مقدم المسجد ، فكبر وركع وركعنا ، ثم مشينا ، وصنعنا مثل الذي صنع ، فمر رجل يسرع ، فقال : عليك السلام يا أبا عبد الرحمن . فقال : صدق الله ورسوله . فلما صلينا ورجعنا دخل إلى أهله ، وجلسنا ، فقال بعضنا لبعض : أما سمعتم رده على الرجل ، صدق الله ورسوله أو قال وبلغت [ ص: 281 ] رسله؟ أيكم يسأله؟ فقال طارق : أنا أسأله . فسأله حين خرج ، فذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم : ” إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة ، وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة ، وقطع الأرحام ، وشهادة الزور ، وكتمان شهادة الحق ، وظهور القلم ” .
ثم روى أحمد ، عن عبد الرزاق ، عن سفيان ، عن بشير ، عن سيار أبي حمزة . قال أحمد : وهذا هو الصواب ، وسيار أبو الحكم لم يرو عن طارق شيئا .