داخل مجتمعات متماسكة، يعيش الدروز في كل من سوريا ولبنان والأردن وفلسطين المحتلة، يتوارثون أفكارهم ومعتقداتهم التي يزيد عمرها على ألف سنة. يصفون أنفسهم بالموحدين وتحيط بهم خصوصية دينية غريبة تمنعهم من التفاعل مع الطوائف الأخرى والتعايش معها.
يؤمن الدروز بفكرة توحيد الإله لذلك فهم “موحدون” ولكنهم في حقيقة الأمر غير موحّدين لله من المنظور الشرعي الصحيح، ويًطلق عليهم أيضاً “بني معروف”، وتشير مصادر تاريخية إلى أن تسميتهم بالدروز تعود إلى نشتكين الدرزي الذي انشق وهرب إلى لبنان لينشر دعوته هناك، رغم عدم وجود إجماع درزي على ذلك.
عقيدة الطائفة الدرزية
يدّعي الدروز الإيمان بأن الله واحد وهو الخالق والمتحكم الأزلي في الكون، وأن العقل البشري غير قادر على استيعاب عظمته.
وإلى جانب هذا التسليم بوجود إله واحد، فإن كثيراً من الغموض يحيط بمعتقدات هذه الطائفة، لأن مؤسسيها اختاروا عدم البوح بها، واكتفوا بتوارثها بين شيوخ وشيخات الطائفة وحصرها بدوائر صغيرة وعدم تعليمها إلا لمن يبلغ 40 عاماً من أبناء الطائفة.
ينقسم الدروز إلى 3 أقسام تراتبية أو درجات، هي كما يلي:
الدرجة الأولى: طبقة رجال الدين الدارسين والتي تُعرف بـ”العُقّل”. تنقسم هذه الدرجة إلى رؤساء أو عقلاء أو أجاويد، ويُدعى أعلاهم مرتبة بشيخ العُقَّل.
الدرجة الثانية: الأجاويد، وهم أولئك الذين اطلعوا على تعاليم الطائفة ويلتزمون بها.
الدرجة الثالثة: عامة الناس والجاهلون بالدين، ولكن الذين يتربون على العادات والتقاليد التي تحضهم رويداً على تلقي التعاليم الدينية وعلى رأسها احترام وطاعة الكبير ورجال الدين.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
ويشار إليهم بالجاهلين أو الجهّال، لأنهم بكل بساطة منغمسون في أمور الدنيا لا الروحانيات.
أما مكان العبادة فيُسمى بالخلوة، حيث يُتلى فيها ما يُتلى، ولا يسمح للجهال بالمشاركة فيها إلا في عيد الأضحى الذي يتوافق مع المسلمين شكلًا، وهو العيد الرسمي الوحيد للطائفة.
الدفاع عن الأرض
كان للدروز دور تاريخي، إذ حاربوا الصليبيين في معركة حطين عام 1187، وقاتلوا ضد المماليك، والتتار والمغول في معركة عين جالوت.
تسلموا كثيراً من المهام القيادية قبل أن يدعموا الحملة العثمانية ضد محمد علي باشا في بلاد الشام.
تكبد وقتها المصريون خسائر كبيرة في جبل العرب جنوب دمشق، تحت قيادة حاكم الجبل آنذاك يحيى الحمدان.
مع بداية القرن العشرين، أعلن الدروز ولاءهم للشريف حسين وانضموا إلى الجيش العربي، ثم شاركوا في محاربة الاحتلال الفرنسي لسوريا ورفضوا تشكيل الدولة الدرزية المستقلة.
وبسبب انضمامهم إلى مشروع دولة لبنان الكبير تحت قيادة الأمير فخر الدين المعني.
ممنوع الزواج من خارج الطائفة
يمنع رجال الدين أو “العقّال” أبناء الطائفة من الزواج من طوائف أخرى، ولا يجوز عندهم تعدد الزوجات.
أما الطلاق فهو ليس حكراً على الرجال عندهم ويحق للمرأة المطالبة به إذا قررت ذلك، وذلك بالرجوع إلى المرجعيات الدينية التي تمتلك محاكم شرعية خاصة بشؤونها، والمتخصصة بشؤون الزواج والطلاق والميراث الشرعي.
تناسخ الأرواح
من المعتقدات التي تختلف هذه الطائفة عن غيرها هي إيمان أبنائها بتناسخ الأرواح، أي بمعنى آخر، بمجرد وفاة الإنسان وخروج الروح من جسده، تدخل في جسد مولود آخر
انقسامات سياسية
ورغم خصوصية الطائفة وعدد رعاياها القليل، فإن الأمر لم يخلُ من انقسامات سياسية شقّت أبناء الطائفة إلى مساندة طرف دون آخر، وتحديداً في لبنان.
ويقول متابعين أن الحكومة السورية كانت من أهم سبب لهذا الانقسام، وبينما عارضه الزعيم السياسي وليد جنبلاط، سانده رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان.
وحالياً يوجد أكبر تجمع للدروز في لبنان على طول الأطراف الغربية لجبال لبنان وكذلك بالجزء الجنوبي الشرقي من البلاد، ويبلغ إجمالي عدد السكان الدروز أكثر من 300 ألف مواطن.
مارس الدروز سلطة سياسية كبيرة في البلاد تحت زعامة كمال جنبلاط، الذي حظي بشعبية واسعة.
الدروز في فلسطين المحتلة
يقطن الدروز بلبنان في 136 قرية منتشرة في جبل لبنان وبعض المناطق الحدودية مع إسرائيل، وعند إعلان تأسيس دولة إسرائيل، بقي العديد منهم في قراهم وقبلوا العيش تحت لوائها، أما الذين رفضوا فهاجروا إلى لبنان وسوريا.
وبحسب وزارة خارجية الكيان الصهيوني، يقدَّر عدد الدروز في إسرائيل بنحو 104 آلاف، بينهم 18 ألفاً في هضبة الجولان التي احتلتها إسرائيل من سوريا عام 1967، أي ما يعادل 1.6% من نسبة سكان إسرائيل.
وبحسب موسوعة بريتانيكا، شارك الدروز في القتال تحت راية الجيش الصيهوني في كل حرب بالمنطقة، وهم يشاركون في أمن الحدود الإسرائيلية والسلك الدبلوماسي.
ولكن في يوليو/تموز 2018، عندما سنَّ الكنيست الإسرائيلي قانوناً دستورياً يكرس إسرائيل كدولة يهودية، قاد الدروز رد فعل قوياً زعموا فيه أن القانون جعلهم مواطنين من الدرجة الثانية ووصفوه بـ”الخيانة لتفانيهم وخدمتهم للبلد”.