فوق كل هذا الشح الغذائي تستمر المعاناة اليومية من انقطاع للتيار الكهربائي ووعود بزيادة عدد ساعات الوصل التي لم تتجاوز ثلاث ساعات، فيما تزيد في الريف الدمشقي على 5 ساعات، هذا إضافة إلى الأعطال الطارئة، وكذلك أزمة النقل الخانقة نتيجة عدم توفر الوقود، والغاز المنزلي، والرواتب الشحيحة التي يتقاضاها الموظفون وارتفاع نسب البطالة.
شهر الفقر المدقع
يصف الصحفي الاقتصادي ناصر علي شهر رمضان الحالي في العاصمة وريفها بشهر الفقر المدقع، وأن العائلات تبحث في قائمة السلع الأرخص لكي تحافظ على جزء من عادات الشهر الكريم، ويتابع: (غابت ولائم رمضان عن موائد الأغلبية التي تعاني من الفقر الشديد والبطالة وضعف القوة الشرائية لليرة، وتراجعها الكبير أمام سلة العملاء لذلك يبحث الناس عما قلّ سعره ويذكرهم بما مضى من أيام زمان فاقتصرت وجبة بعض العائلات على الفول المدمس والتسقية (مزيج من الحمص المطحون والحب مع الخبز والتتبيلات الخاص)، وكذلك بعض الوجبات الخفيفة .
فرزت خالد مواطن من حي الميدان يقول: (حتى البطاطا أصبحت خارج القائمة فقد ارتفعت الأسعار وقد يغامر المواطن بجلب كيلو بـ1200 ليرة لصنع صحن بطاطا مقلية، في حين كانت في العام الماضي وجبة أساسية لأن سعرها كان مقبولًا ويبلغ حوالي 500 ليرة للكيلو).
في ريف العاصمة يبدو الوضع مأساويًّا إلى حد ما نظرًا لتقطُّع أوصال الريف الشاسع نتيجة قلة وسائط النقل، وهذا ما رفع الأسعار بشكل جنوني، وبالتالي فإن وجبة المقالي (بطاطا وباذنجان مقلي) مع بعض البقدونس والثوم واللبن تكلف حوالي 10 آلاف ليرة سورية لعائلة متوسطة، مضافًا إليها لتر زيت للقلي بسعر 9300 ليرة أي أن هذه الوجبة الصغيرة غير المفيدة تكلف حوالي 20 ألف ليرة أي أكثر من نصف راتب الموظف الذي يتقاضى 50 ألف ليرة شهريًّا.
أما عن الصيام، وتكاليفه الباهظة فقد نشر تلفزيون الخبر تحقيقًا مطوّلًا تحت عنوان: (تكلفة إفطار العائلة السورية 900 ألف ليرة سورية) أفرد فيه مساحات كبيرة للحديث عن الأسعار وتكلفة وجبة الإفطار في الشهر الكريم على لسان الخبير الاقتصادي الدكتور ذو الفقار عبود: “الأسرة السورية التي تحتاج وسطيًّا إلى 600 ألف ليرة شهريًّا كتكاليف للمعيشة، ستحتاج إلى 900 ألف ليرة لتغطية نفقات المعيشة في شهر رمضان نظرًا لارتفاع أسعار المواد الغذائية غير المنطقي وغير المبرر.”
هذا الرقم لا يختلف كثيرًا عن الأرقام التي تحدث عنها المواطنون العاديون في حديثنا معهم، وبالتالي هي تكاليف من يريدون الحياة بالحد الأدنى أي ما يبقيهم أحياء دون التطرق إلى وجبة رئيسية أخرى كالسحور وفق ما يقوله سامر المصري من حي الشيخ سعد بالعاصمة دمشق: (المواطن يحتاج ثمنًا لوجبتي الإفطار والسحور بالحد الأدنى ومن دون تبذير إلى حوالي 50 ألف ليرة سورية أي ما يصل إلى مليون ونصف ليرة شهريًّا إذا أضاف بعض اللحم والرز إلى وجبة الإفطار فكيلو اللحم البلدي بـ 31 ألف ليرة فقط وكيلو الأرز 4800 ليرة هذا دون مستلزمات تجهيز وجبة إفطار بسيطة).
صيام وكورونا.. وانتخابات
يعتبرها الصحفي المحلي أحمد (اسم مستعار) ثلاثية قاسية لم تحصل في أي من سنوات الحرب السورية الممتدة منذ ما يزيد عن 10 سنوات ويقول: “قلما تجتمع كل هذه المصائب على شعب منهك وجائع، فشهر الصيام يمر بصعوبة، ووباء كورونا مستفحل وترتفع الإصابات والوفيات بشكل سريع، وفوق كل هذا انتخابات الرئاسة التي ستجريها الحكومة السورية”.
أما المواطن العادي فهمّه الكبير هو تأمين لقمة عيش كريمة لأبنائه، وبعض الأمان في بلد ما زال الباب فيها مفتوحًا على احتمالات أشد قسوة.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website