أطلق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سلسلة تصاريح هامة ترتبط بعلاقة المملكة العربية السعودية بالاعتدال والتزام النهج الوهابي، في سياق مقابلة مع الإعلامي عبد الله المديفر، لمناسبة مرور ٥ سنوات على إطلاق رؤية ٢٠٣٠.
في إعلان غير متوقع، قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إن تفسير الإسلام لم يعد مقتصراً في بلاد الحرمين على تعاليم محمد بن عبد الوهاب (مؤسس الدين الوهابي) وحذّر من وجود تحديات اقتصادية هائلة أمام المملكة.
انتقل الحوار من المبادرة الحذرة في شقه السياسي إلى الهجوم الثوري في شقه الديني، حيث أعلن “بن سلمان” رسميا وللمرة الأولى أن المملكة “غير ملتزمة” بمدرسة شرعية محددة، وأن “باب الاجتهاد مفتوح إلى الأبد” ويعد ذلك تخليا رسميا عن المدرسة التي تأسست عليها المملكة، التي قامت على ما يصفه المؤرخون بـ”تحالف آل سعود وآل الشيخ”، في إشارة إلى “محمد بن عبدالوهاب” و”عبدالعزيز آل سعود”.
لكن الأمر لم يقتصر على “توسيع” نطاق المرجعية الشرعية للسعودية، بل تجاوز ذلك إلى إشارات بإمكانية تجاوز باقي المرجعيات الشرعية الأخرى أيضا تحت عنوان “الالتزام بالقرآن”. قال بن سلمان خلال المقابلة: “اليوم لا يمكننا التقدم مع وجود الفكر المتطرف في المملكة”، مضيفاً أن ذلك سيعوق النمو الاقتصادي والتنمية. وحذّر من أن أي سعودي لديه آراء متطرفة، حتى لو لم يرتكب جريمة بعد، هو “مجرم”.
وحاول أن يفصل بين المملكة وتعاليم محمد بن عبد الوهاب، الذي تُعرف تعاليمه المتطرفة باسم “الوهابية” والتي سيطرت على اتجاهات الحكم وإدارة الدولة في السعودية على مدى عقود. وقال بن سلمان: “لا يوجد شخص واحد ولا مدرسة فكرية في المملكة يجب أن يقتصر عليها تفسير الإسلام”، مشيراً إلى أنه يجب أن لا تستند العقوبة والقوانين إلى تفسيرات دينية “ضيقة عفا عليها الزمن”. وأردف: “دستورنا هو القرآن. لقد كان وما زال وسيظل كذلك”، ثم شدد على أن الاعتدال الديني هو المفتاح.
اللافت هنا أن “بن سلمان” لا يتخلى عن الوهابية لصالح “الجمهور الفقهي” المعتمد لدى علماء المسلمين، بل لصالح أفكار مدرسة تقع على يسار هذا الجمهور لكن باقي تصريحات “بن سلمان” في الحوار أوقعته في تناقض مع ما دعا إليه من زاويتين، الأولى تأريخه لرواج فكر “التطرف” في السعودية بحقبة الستينات والسبعينات، وهي الحقبة التي شهدت استضافة المملكة علماء من مدارس خارج الإطار الوهابي (الإخوان المسلمون وغيرهم)، ما دعا مراقبون للتساؤل حول مصداقية هكذا تأريخ في ظل الاعتراف الضمني بأن “الوهابية” هي الإشكال الذي يسعى “بن سلمان” لتجاوزه.
أما الزاوية الثانية فتمثلت في تأكيد ولي العهد السعودي على الإقرار بأمور مع عدم ورودها في القرآن والحديث المتواتر، إضافة إلى تأكيده على أن “أي شخص يتبنى منهجاً متطرفاً فهو مجرم مستحق للعقوبة حتى لو كان غير إرهابي”، ما يعني محاسبة المواطنين على “أفكارهم” وليس “ممارساتهم”.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website