Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
هل تتخلى السعودية عن الوهابية وعن التزامها بالمذهب الوهابي برمته؟ يبدو هذا السؤال هو الذي سيطرأ على ذهن أي متأمل لحوار الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، الأخير.
فلقد فجَّر الأمير محمد مفاجأة مدوية في مقابلة تلفزيونية مع الإعلامي عبدالله المديفر، بحديثه المطول عن الفقه الإسلامي وعلم الحديث، والذي قد يفهم منه أن السعودية ليست ملزمة بالوهابية، كما بدا من كلامه أنه تمهيد للتخلي عن بعض الأحكام التي يعتبرها علماء الوهابية بأنها شرعية.
ملتزمون فقط بالقرآن والحديث المتواتر
فحديث الأمير محمد عن أن الحكومة السعودية ملتزمة بالقرآن والأحاديث المتواترة وليس أحاديث الآحاد قد يعني إلغاء أغلب الحدود، بما أن معظم الحدود المطبقة في السعودية لم تُذكر في القرآن، إذ إن أهم الحدود المذكورة في القرآن هو حد الزنا، وهو مئة جلدة
وكان لافتاً قول بن سلمان: “دستورنا هو القرآن، وسوف يستمر للأبد، والنظام الأساسي في الحكم ينص على ذلك بشكل واضح للغاية، نحن كحكومة، أو مجلس الشورى كمشرع، أو الملك كمرجع للسلطات الثلاث ملزمون بتطبيق القرآن، لكن في الشأن الاجتماعي والشخصي فقط ملتزمون بتطبيق النصوص المنصوص عليها في القرآن بشكل واضح، يعني لا يجب أن أطرح عقوبة شرعية بدون نص قرآني واضح أو نص صريح من السنة.
وقال بن سلمان “القرآن صالح لكل زمان ومكان، الحكومة في الجوانب الشرعية مُلزمة بتطبيق النصوص في القرآن، ونصوص الحديث المتواتر، وتنظر للحديث الآحاد حسب صحتها وضعفها ووضعها، ولا تنظر لأحاديث الخبر بتاتاً إلا إذا كانت تستند على رأي فيه مصلحة واضحة للإنسان”.
والحديث المتواتر هو المروي عن عدد كبير من الرواة، بحيث يستحيل اجتماعهم على الكذب في هذا الحديث، أما حديث الآحاد فهو، ما لم يجمع شروط المتواتر، وله درجات مختلفة.
يمثل هذا ثورة غير مسبوقة ضد المذهب الوهابي، الذي يقوم بشكل أساسي على مركزية دور دعوة محمد بن عبدالوهاب وابن تيمية في التشريع، وهو دور كان الوهابية رواده على مدار التاريخ، بحيث كانوا بردون أي حديث او قول يتناقض مع معتقدات ابن تيمية الحراني ومحمد بن عبدالوهاب.
ويلوح للتخلي عن الوهابية
أما النقطة الفاصلة التي تشير إلى النية للتخلي عن المذهب السلفي والوهابية، فهي قوله “لا نتبع مدرسة أو عالماً معيناً… وأضاف: “فلا توجد مدرسة ثابتة، ولا يوجد شخص ثابت، القرآن والاجتهاد مستمران، وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم والاجتهاد مستمران، وكل فتاوى حسب كل زمان ومكان، وكل فهم، يعني مثلاً قبل مئة عام يفتي أحدهم بفتوى معينة وهو لا يعرف أن الكرة الأرضية مدورة أم لا، ولا يعرف قارات العالم، ولا التقنية، وإلى آخره، ففتواه بناء على معطيات ومعلومات عنده، وفهمه للقرآن والسنة، لكن هذه تتغير في وضعنا الحالي”.
ومن المعروف أن أحد الأمور الأساسية التي دعا إليها محمد بن عبدالوهاب هي التخلي عن التمذهب والأخذ من المذاهب المتعددة، والى تكفير كل من يخالفه الرأي
نقاش ديني ثري يعقبه تلويح بمعاقبة المخالفين
وبدا الأمير محمد بن سلمان في الحوار أقرب إلى مفكر منه إلى زعيم سياسي، وهو فعلياً يطلق أول عملية تنظير كبيرة لتغيير الأساس الديني للمملكة.
واللافت هنا أن بن سلمان لم يعلن على الإطلاق التخلي عن المرجعية الدينية للمملكة، بل وسعها بشكل كبير، يمكن القول إن ما قاله الأمير محمد بن سلمان أكثر جرأة مما تلمح له على استحياء بعض التيارات الإسلامية المعتدلة، والتي تقع على يسار الجماعة، وهي آراء كان يهاجمها السلفيون بشدة.
لا يعني ما طرحه الأمير محمد بن سلمان فقط احتمالات التخلي عن المذهب الوهابي كمرجعية للدولة السعودية، وتغيير العديد من الأحكام المطبقة وفقاً للفهم الوهابي الشاذ للدين، بل قد يعني ذلك أيضاً تغيير الطابع الثقافي والعلمي للمملكة، التي قامت مؤسساتها الدينية والثقافية والتعليمية على أساس أن الوهابية هي النهج الديني، وهي عملية معقدة وقد تجابَه بمقاومة صامتة.