كتبت الصحافة: منذ نشأة حزب الإخوان في لبنان عام 1956 تحت اسم “جماعة عباد الرّحمن” على يد محمّد عمر الدّاعوق، لم يستطع اللبنانيون أن يحددوا في أي اتجاهٍ يسير.
مع مرور السّنوات، اتخذ الإخوان في لبنان مسمّياتٍ كثيرة وأوجه عديدة. فتارةً تراهم يسمون أنفسهم بـ”الجماعة الإسلامية”، وطورًا بـ”جمعية الاتحاد الإسلامي”.
فما سبب هذه التسميات العديدة؟ وما هدفها؟
يُعرف عن تنظيم الإخوان العالمي أنّه ذو هيكليّة تنظيمية عالية الدقة، وأنّ القيمين عليه من مكتب الإرشاد يتم اختيارهم من المخلصين لتحقيق أهداف هذه الجماعة الدولية.
خلال العقد الماضي، ظهر جليًّا أنّ حزب الإخوان هو حزب متخصّص باقتناص الفرص لدخول “السّاحات”. على سبيل المثال، لم يسمع أحد من المرشد العام السّابق محمد مهدي عاكف أي انتقاد للدّولة السّوريّة منذ زمن، وكما أنّ حركة “حماس” بجناحها السّياسي كانت تقيم مركز قيادتها في دمشق ولا تفوّت فرصةً لمدح القيادة السّوريّة والثّناء عليها، لكن ما تبّين فيما بعد كان مختلفًا، فكنّا لا نلحظ اجتماعًا لما يسمّى بالمعارضة السّوريّة الا وحزب الإخوان السّوري في المقدّمة وكل هذا قبل الأزمة السّورية طبعًا.
لماذا؟ بكل بساطة إنّها سياسة اقتناص الفرص وسياسة “إجر بالبور … وإجر بالحقلي”، التي احترفها الاخوان على مدى عقود من الزّمن.
أمّا في لبنان، فقد كانت الأرضيّة مختلفة عن الدّول التي عمل بها الإخوان كليًا. فلبنان بلد متنوّع على الرغم من صغر حجمه وملعب للصّراعات الإقليمية. في فترة الخمسينيات والستينيات كان الفكر القومي العربي بقيادة الرّاحل جمال عبد النّاصر قد سبقهم الى الملعب اللبناني، فقاموا بتقسيم أنفسهم تحت عدّة مسميّات أبرزها “الجماعة الإسلامية”، “جمعية الإتحاد الإسلامي”، “الإرشاد والإصلاح”، و”جماعة عباد الرّحمن”.
تحت اسم الجماعة الإسلامية، عمل كثير من الإخوان في لبنان. في أول الأمر مع ظهور الوجه الأبرز “فيصل المولوي”. هذا الاخير الذي يحرّم قول “استغفر” وردت هذه الفتوى في جريدتهم المسماة (الأمان العدد (7) السنة الثانية 22 رجب 1400هـ)
ايضًا قال في مجلة الشهاب العدد التاسع السنة السابعة 1973 ص/16/ :لا يجوز التكلم مع البنات من أجل الدعوة إلى الإسلام ولو كان الكلام في حدود الحشمة.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
ومع بدء الأزمة السّوريّة ظنّ الإخوان أنّ الدّولة السّوريّة ستنهار سريعًا، وأنهم سيحكمون هم في سوريا كما حدث في مصر قبل السيسي وتونس مع حركة “النّهضة” بزعامة راشد الغنوشي، فاتخذوا الموقف المعارض للنّظام السّوري، لكن مجريات الاحداث أظهرت أنّ اقتناص الفرصة هذه المرّة، كان فاشلًا.
أمّا على صعيدٍ آخر، فيظهر للنّاس أنّ الجماعة كانت تُظهِر قليلًا من التّحفظ على أفكار سيّد قُطب، التي اتخذها إخوان مصر والجزائر في الثمانينيات والتسعينات “فتاوى” لهم لقتل النّاس وتخريب المجتمعات. أصرح فتوى كانت في كتابه المسمّى في ظلال القرآن الذي كفّر به البشريّة جميعها، حتى الذين ينطقون “لا اله الا الله” على المنابر (المجلّد الثاني – الجزء السّابع ص. 1057). فتحفّظ الجماعة الخجول على فتاوى سيّد قطب كان مجرّد خطوة للحفاظ على ماء الوجه امام المجتمع اللبناني الذي كان يعتبر هذه الافكار غريبة عنه وكان يرفضها رفضًا تامًّا. لكن حسن قاطرجي، المعروف بإجرامه و افكاره التكفيرية والارهابية الذي كان يعمل تحت اسم “جمعية الاتحاد الاسلامي” سلك منهجًا آخر، فهو الذي امتدح سيّد قطب ومؤلفاته وأثنى عليها واخذها مسلكًا ومنهجًا له في لبنان.
سلكت سياسة الإخوان نهجين في لبنان. الأوّل متمثّلٌ بالجماعة، والذي يظهر بعض التحفظ على مؤلفات سيد قطب، والآخر متمثّلٌ بإظهار التطرّف لجلب النّاس الراغبين بتكفير الآخرين واستباحة دمائهم، أمّا جمعية الإرشاد وجماعة عباد الرّحمن فكانتا تعملان تحت اسم الدّعوة والإغاثة، بحيث ظهر العام الماضي كيف كانت جمعية الإرشاد منغمسة بجمع المال لدعم ما يسمى بالمعارضة السورية.
الإخوان المتأسلمون في لبنان موجودون، ولهم سياساتهم، التي يحاولون عبرها خرق المجتمع، كيف خرقوه وما هي علاقتهم بالتنظيمات التكفيرية والإرهابية؟
لقراءة “«الإخوان في لبنان»، الحلقة الثانية: تجارة الدين والحكم فقط” اضغط هنا