على عقيدة الإمام أحمد بن حنبل، والشافعي، ومالك، وأبي حنيفة، سار الإمام أبو الحسن الأشعري، مؤسسًا المذهب الأشعري الذي يعتنقه غالبية أهل السنة والجماعة متقاسمها مع الماتريدية، فمن هو الإمام الأشعري وما هي ابرز المعتقدات؟
الأشعرية نسبة إلى إمامها ومؤسسها أبي الحسن الأشعري، الذي ينتهي نسبه إلى الصحابي أبي موسى الأشعري، هي مدرسة إسلامية سنية، اتبع منهاجها في العقيدة عدد من العلماء أمثال: البيهقي، والباقلاني، والقشيري، والجويني، والغزالي، والفخر الرازي، والنووي، والسيوطي، والعز بن عبد السلام، والتقي السبكي، وابن عساكر وغيرهم.
وُلد الإمام أبو الحسن الأشعري في عام 936م ويلقب بناصر الدين، وينتهي نسبه إلى الصحابي أبي موسى الأشعري.
ولد بالبصرة في العراق سنة 260هـ على أرجح الروايتين، وقيل سنة 270هـ، ودرس فيها، ثم تابع دراسته في بغداد.
قال عنه ابن عساكر في كتابه “تبيين كذب المفتري”: “وهو بصري، سكن بغداد إلى أن توفي بها سنة ثلاثمئة وأربع وعشرين هجرية، على الأرجح، وكان يجلس أيام الجمعات في حلقة أبي إسحاق المروزي الفقيه من جامع المنصور”.
كان من الأئمة الذين اجتهدوا وجددوا، محافظاً في الوقت نفسه على عقيدة المسلمين الأساسية، كما تبع اجتهاداته جمهور كبير من العلماء حتى يومنا هذا.
تبرأ من تأييده للمذهب المعتزلي ومن الأقوال التي اعتنقها فترة من الزمن حول مفهوم “خلق القرآن”، لكنه في كتاب الإبانة- وهو آخر كتاب أصدره- قال: “قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها: التمسك بكتاب الله ربنا عز وجل، وبسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وما رُوي عن السادة، الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول به أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل نضّر الله وجهه، ورفع درجته، وأجزل مثوبته قائلون، ولِما خالف قوله مخالفون؛ لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل، الذي أبان الله به الحق، ودفع به الضلال وأوضح به المنهاج، وقمع به بدع المبتدعين، وزيغ الزائغين، وشك الشاكين، فرحمة الله عليه من إمام مقدم، وجليل معظم، وكبير مفهم”.
هذا التصريح اعتبره أهل السند عودة إلى موافقة أهل السنة والجماعة أو مذهب السلف، الذين يمثلهم الإمام أحمد بن حنبل آنذاك.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
بعض معتقدات المذهب الأشعري
استدل الأشعري بالأدلة العقلية والبراهين المنطقية على صدق ما جاء في الكتاب والسنة بعد أن أوجب التصديق بها كما هي نقلاً والرد على العقيدة التشبيهية التي توافق اليهود في قول أن الله يطلع وينزل ويقعد ويمشي، فهو لا يتخذ من العقل حَكَماً على النصوص بشكل كامل بل يؤوّلها أو يمضي ظاهرها، ويتخذ العقل خادماً لظواهر النصوص يؤيدها.
من أهم مبادئ ومعتقدات الإمام الأشعري، وفقاً للدكتور محمد أمين فرشوخ في كتابه موسوعة عباقرة الإسلام:
- الله تعالى واحد لا شريك له، قديم لا أول له. وأثبت هذا الوجود بالآيات القرآنية وبالأدلة المنطقية.
- الله تعالى يعلم الواجب والجائز والمستحيل، محيط بكل شيء ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.
- القرآن الكريم من حيث هو كلام الله تعالى بالحقيقة قديم أزلي، ومن حيث هو ألفاظ تُنقل وتسمع فهو مُحدث ومخلوق.
- أفعال العباد كلها مخلوقة والله تعالى هو خالقها، والعبد عاجز عن خلق أعماله، إلا أن للإنسان قدرة على الأفعال الإرادية فقط، والإنسان كاسب لهذه الأفعال، ينال الثواب والعقاب عليها.
- التمسّك بكل ما جاء في القرآن والسنة الصحيحة في كل ما يتعلّق بصفات الخالق، وعلى المؤمن المسلم عدم السؤال عن معانيها.
- الاعتقاد بأن الإيمان هو التصديق بالقلب، أما القول باللسان والعمل بالفرائض فهما من فروعه. والشفاعة واردة فالنبي يشفع لأمته.
- رؤية الله في الآخرة للمؤمنين أمر جائز فالمؤمنون يرون الله بلا كيف ولا مكان ولا جهة بدون تشبيه أو تجسيم، وقد بيّن ذلك بالآيات القرآنية والأدلة العقلية.
- السببية الحقيقية لكل ما يحدث ليست النظام المقرر والنواميس الطبيعية بل هو الله تعالى.
منهجه في البحث عن الحقيقة
دعا الأشعري إلى البحث عن الحقيقة ونبذ التعصب؛ حيث لم تمنعه 40 سنة قضاها في الاعتزال عن الرجوع عنها. ومن أهم بنود منهجه الفكري:
- دوام الفكر دون توقف، وكثرة التأمل مع الخلوة المؤقتة حتى يتفرغ الذهن من الشواغل.
- الالتجاء إلى الله تعالى والاعتراف بالعجز بين يديه سبحانه وتعالى، ودوام الخضوع له والتماس الهداية منه.
- اعتماد الكتاب والسنة أصلاً وحيداً في الشرعيات، فما وافق الكتاب والسنة في قضايا الشرع قُبل وما لم يوافق رُد، ولا يعد هذا انتقاصاً للعقل؛ إذ العقل مجاله العقليات، أما في الشرعيات فعمله منحصر في إثبات صدقها أولاً ثم فهمها الصحيح ثانياً، والعمل بمقتضاها أخيراً.
موقفه من التكفير
بنى الإمام الأشعري ومدرسته معتقدهم على التحذير من المجازفة في تكفير المسلمين والتحذير من خطر ذلك على الدين.
وعنه قال: “نرى أن لا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب يرتكبه، كالزنا والسرقة، وشرب الخمر كما دانت بذلك الخوارج، وزعموا أنهم بذلك كافرون، ونقول: إن من عمل كبيرة من الكبائر وما أشبهها مُستحلاً لها كان كافراً إذا كان غير معتقد تحريمها”.
أبرز أئمة المذهب
- أبو حامد الغزالي
- أبو بكر بن العربي
- ابن عساكر
- ابن خلدون
- السيوطي
- النووي
- البيهقي
- ابن عساكر
- فخر الدين الرازي
- العز بن عبد السلام
- الباقلاني
- القشيري
- الجويني
- ابن حبان
- شمس الدين السخاوي
- مرتضى الزبيدي
- ابن حيان الأندلسي
- سليمان بن عبد الوهاب
- برهان الدين النسفي
- الملا علي القاري
- ابن خلدون
- ابن حجر العسقلاني
- محب الدين الطبري
- تقي الدين السبكي
- بدر الدين بن جماعة
- ابو نعيم الأصبهاني
- ابو القاسم الإسفراييني
- ابو سعد النيسابوري
- محمد الكوثري
- عبد الله الهرري
- ابن عابدين
- برهان الدين النسفي
- منصور البهوتي
- ابن هشام الأنصاري
- ابو حيان الأندلسي
- ابن تومرت
- محمد الفاتح
- نور الدين الهيثمي
- محمد الطاهر ابن عاشور
- ناصر الدين البيضاوي
- ابو بكر ابن العربي
- ابو ذر الهروي
ومن الجدير ذكره أن الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، قال في كلمة العام 2015، إن الأزهر تبنى المذهب الأشعري، وروَّجه في سائر أقطار المسلمين، لأنه وجد فيه العلاج الناجع لأمراض وعلل أصابت الفكر الديني، خاصة في القرنين الماضيين، بسبب فرض المذهب الواحد والرأي الواحد الذي قضى على مكمن القوة في أمة الإسلام ووضعها في ذيل قائمة الأمم.
وأضاف وقتها، أنه ومع تمسك الأزهر وعلمائه بالمذهب الأشعري، “فإنه أفسح المجال واسعاً لكل المذاهب الكلامية الأخرى، وينظر إليها بحسبانها مذاهب إسلامية تستظل بظلال الإسلام الوارفة التي يستظل بها كل من ينطق بالشهادتين ويصلي إلى القبلة ويأتي أركان الإسلام والإيمان”، على حد تعبيره.