Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
منذ بداية أبريل/نيسان 2021، بدأت الأزمة في الأردن، تلك الأزمة التي كان بطلها هو الأمير حمزة بن الحسين، بفيديوهاته التي خرج فيها يحكي ما حصل معه، وبتسريبه للحوار الذي دار بينه وبين رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأردني، اللواء الركن يوسف أحمد الحنيطي.
وبعيداً عن تطورات الأحداث في القضية التي شغلت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع الماضي، هل تعرفون قصّة تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية؟ هل تعرفون أنّ موطن العائلة الهاشمية كان تاريخياً في مكّة وليس في الأردن؟ إليكم قصّة تأسيس المملكة.
الشريف حسين في مكّة بين العثمانيين والبريطانيين
يعود تأسيس مملكة الأردن إلى الحرب العالمية الأولى، وتحديداً عام 1921 من قبل الأمير عبدالله الأوّل، نجل الشريف حسين، ولكن قبل ذلك كانت هناك صراعات طويلة، وما بدأ بحلم دولة عربية كبرى في بلاد الحجاز والشام انتهى بمملكة صغيرة، مقارنةً بما بدأ به حلم الشريف حسين.
ولد الشريف حسين في إسطنبول عام 1854، حين كان والده وجده فيها، وعندما كان في الثالثة من عمره عاد أبوه إلى مكّة فعاش فيها، ثمّ أُبعد عن مكّة مرةً أخرى عندما أصبح عمّه عون الرفيق أميراً على الحجاز أُبعد مرةً أخرى إلى إسطنبول، وظلّ فيها طويلاً حتّى تمّ تعيينه عام 1908 شريفاً لمكّة. أثناء إقامته في إسطنبول أتقن اللغة التركية ونال إجازة في الفقه الحنفي.
لكنّ هذا الوضع لم يستمرّ طويلاً، فبعد تعيينه شريفاً على مكّة بعدة شهور وقع الانقلاب على السلطان عبدالحميد الثاني في إسطنبول، كان المنقلبون أكثر قوميةً من السلطان العثماني، وبدأوا سياسات التتريك في أغلب مناطق الدول العربية، كما بدأوا يغيرون الولاة داخل الدولة، وفق آليات النظام الجديد.
كانت علاقة الشريف حسين بالحكومة الجديدة متوترة بعض الشيء، ويبدو أنّهم انتظروا الفرصة السانحة للإطاحة به.
كان لقب شريف مكّة يحمل قيمةً روحيّة، فلمئات السنين ظلّت الحجاز إمارةً تابعةً للسلطنة أو الخلافة الإسلامية، ولكن يتم تنصيب أمير من آل بيت النبي محمّد، إمّا للحجاز (مكة والمدينة معاً) وإمّا بتنصيب أمير على المدينة وأمير على مكّة.
كان الشريف حسين طموحاً، فقد عاش في إسطنبول سنوات طويلة، وكان قريباً من مركز السلطة، كما شاهد والده وجده وهما مُبعدان عن الحجاز بسبب خلافات سياسية، ثمّ عاد مع أبيه لاحقاً، ثمّ تمّ إبعاده أثناء إمارة عمّه عون الرفيق. فعندما عُيِّن الشريف كان مدركاً جيداً لتغيّرات السياسة الدائمة.
استطاع الشريف حسين الحفاظ على إمارته عدّة سنوات، حتّى قامت الحرب العالمية الأولى عام 1914. دخلت الدولة العثمانية في الحرب العالمية إلى جانب ألمانيا في مواجهة بريطانيا وفرنسا وروسيا. وبالطبع بدأت الحرب، التي من ضمنها الدبلوماسية والمخابرات والمؤامرات.
بدأت بريطانيا تفكر في سحب بساط الشرعية من تحت قدمي السلطان العثماني، الخليفة الذي يتمتّع بسلطةٍ روحيّة كبيرة في العالم الإسلامي. خشيت بريطانيا أن يعلن السلطان الجهاد ضدّها فيهبّ المسلمون في جميع مستعمراتها -وخصوصاً الهند- ضدّهم.
بدأوا يفكرون في وضع خليفة من طرفهم، ينافس سلطة وشرعية السلطان العثماني، فاختاروا الشريف حسين، شريف مكّة. فهو أولاً من نسب النبي ويُتوقّع أن تكون سلطته الروحية كبيرة على المسلمين، وهو ثانياً عربي، ويتكوّن الجيش العثماني من جنود من عرقيات مختلفة، فماذا لو كان هناك خليفة عربي، ألن ينسحب العرب من الجيش العثماني وينضموا له؟!
بدأت المراسلات بين الشريف حسين والمندوب السامي البريطاني في مصر السير مكماهون، كانت 10 رسائل بينهما يتحدثون فيها عن ترتيبات ثورة “عربية كبرى” ضد العثمانيين، على أن يصبح الشريف حسين ملكاً على العرب في دولةٍ واسعة تضمّ إضافةً إلى الحجاز بلاد الشام.
كان البريطانيون يتلاعبون بالشريف حسين بالطبع، فقد أرادوا خليفةً اسمياً فقط يضربون به الخليفة العثماني لا أكثر. بينما صدّقهم الشريف حسين فبدأ ثورته العربية الكبرى، التي لم تنجح كما كان متوقعاً لها، فلم ينسحب الجنود العرب من الجيش العثماني. لكنّ جيش الشريف حسين استطاع أن يوقع خسائر في الجيش العثماني مثل تفجير قطار الحجاز العثماني الواصل بين دمشق والمدينة، الأمر الذي شلّ حركة الجيش العثماني في الشرق.
آل سعود والوهابية يهزمون الهاشميين
كانت تحركات البريطانيين تهدف -بطبيعة الحال- إلى تأمين مصالحهم في هزيمة الدولة العثمانية، كما أنّهم أرادوا تقسيم الدولة العثمانية إلى مناطق نفوذ بينهم وبين فرنسا وروسيا القيصرية، إلا أنّ روسيا قد انهارت تحت ضربات الثورة البلشفية، في أكتوبر/تشرين الأول عام 1917، فبقيت بريطانيا وفرنسا ليقسّما مناطق النفوذ.
في نفس توقيت دعم البريطانيين للشريف حسين من أجل ضرب العثمانيين، كانوا يدعمون إلى الشرق منه عبدالعزيز آل سعود، في منطقة نجد (شرق مكّة) وينشؤون دينًأ جديدًا في الجزيرة العربية عُرف بعد ذلك بالدين الوهابي.
تبيّن للشريف حسين خيانة البريطانيين له بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، إذ لم تفِ بأيٍّ من وعودها له بمملكةٍ عربيةٍ كُبرى، بل كانت بريطانيا تدعم عدوه عبدالعزيز آل سعود، الذي استطاع طرد الهاشميين من بلاد الحجاز، بعد أن كانوا أمراءها طيلة مئات السنين.
كان للشريف حسين عدّة أبناء، قادوا جيوشه وكانوا مبعوثيه في عدّة مناسبات سياسية، أحدهم كان الأمير فيصل الأوّل الذي أعلن تأسيس حكومته في دمشق عام 1918، ولكنّ المصالح الفرنسية اصطدمت بتطلّعات الملك فيصل، فاحتلت سوريا عام 1920 وطردت الملك فيصل، الذي ذهب إلى العراق وأعلن نفسه ملكاً عليها بترشيحٍ ودعمٍ من البريطانيين، في يونيو/حزيران عام 1921، ونال العراق استقلاله عام 1932، وقد استمرّ الحكم الهاشمي للعراق حتّى وقع انقلاب 14 يوليو/تموز عام 1958، بقيادة عبدالكريم قاسم، والذي أنهى حكم الهاشميين في العراق.
أمّا الأمير علي بن الحسين فقد أصبح ملك الحجاز، لكنّ الحروب بينه وبين عبدالعزيز آل سعود لم تتوقّف، فقد هُزم نهائياً عام 1925 على يد عبدالعزيز آل سعود، الذي أسّس مملكته، المملكة العربية السعودية.
أمّا الأمير عبدالله الأوّل ابن الشريف حسين فقد وصل إلى منطقة معان عام 1920، وبعدما رحب أهل شرق الأردن به أسّس إمارة شرق الأردن عام 1921، التي نعرفها اليوم باسم المملكة الأردنية الهاشمية.
أما الشريف حسين فقد ظل في الحجاز مع ابنه علي حتى عام 1924، عندما ضغط البريطانيون على ابنه ليرسله إلى مكانٍ آخر، فأخذ سفينة المنفى إلى جزيرة قبرص، التي أقام فيها 6 سنوات، ثمّ مرض فعاد إلى عمّان عاصمة مملكة الأردن، وبقي فيها حتى توفي عام 1931، ودفن في القدس.
في آخر أيامه كان الشريف حسين ناقماً على بريطانيا جداً، واصفاً إياها بالخائنة، رافضاً كل قراراتها، ومعترضاً على قرار الانتداب على فلسطين وعلى توطين اليهود فيها.
هكذا تأسست المملكة الأردنية الهاشمية، فبعدما كانت حلماً كبيراً موحداً لعرب الجزيرة وسوريا، أصبحت مملكة في الأردن فقط.
المصدر: عربي بوست