لما رحل ورشٌ من مصر إلى المدينة للقراءة على الإمام نافع، وجد زحاماً شديداً، وتوسّل للإمام ببعض الشفعاء ليراعي غربتَه، فلم يجد الإمام نافع فرصةً لإقراء ورشٍ إلا قُبَيل الفجر..
ثم تبرَّع أحد الطلاب المدنيِّين بحصته لورش، ففعل طالبٌ آخر مثلَه، حتى تبرَّع كل طلاب هذه الفترة بوقتهم لورش وشاء الله أنختم ورشٌ على نافعٍ ٥ ختماتٍ ويعود بعدها إلى مصر..
وتوفي نافعٌ، وورشٌ، وتوفي الطلبة المتبرِّعون بحصتهم، وخلَّد الله رواية ورش عن نافع حتى اليوم، وثقُلت موازين أولئك الخمسة، وظلت حصصهم التي تبرَّعوا بها للغَريب صدقةً جاريةً عليهم إلى اليوم.
وما هذه بيتيمةِ بركات الإيثار..
وهكذا الطاهرُ من طلبة العلم، ينافِس ويُسابق، لكنَّه يُؤثِرُ، ويحبُّ لغيرِه ما يحبُّ لنفسه، ويوقنُ أن اشتراك الناس معه في مصادر معرفته ينفعُهم ولا يضرُّه..
أما مُشَوَّه القصد في طلب العلم فلا يرضى لأحد مشاركتَه، ولكن يتفنَّن في قطع الطريق والتفرُّد، فيضعه الله من حيث طلب رفعة نفسه.
وليس العجَب من خلود الرواية فحسب، إنما العجبُ العُجَابُ في عظيم توفيقِ الله العظيم لهؤلاء الفِتْيَةِ الَّذِينَ ألْهمَهُم إيثَارَ هذا الغريبِ بحصَّتهم، فيمضي قريبٌ من ١٢٥٠ عامًا، وروايةُ هذَا الغريبِ الذي آثَروهُ يُتَعَبَّد بها اللهُ لفظًا ورَسْمًا وصلاةً، وثوابُ كل ذلك قسمة بينهم مع ورش ونافع..!
-بقلم الدكتور مجدي معروف-
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website