تكملة في الرد على القرضاوي
تكميل: قال الفقهاء في تأكيد تحريم صرفها لغير الثمانية الذين ذكرهم الله في القرءان إنها ـ أي الزكاة ـ تحرم على الغازي المرتزِق، قالوا: إنما يرزق من حصته، فإذا عدم الفىء واضطررنا إلى المرتزق ليكفينا شر الكفار أعانه الأغنياء من أموالهم لا من الزكاة، والمرتزق هو الجندي المسجل في ديوان المجاهدين. فإذا كان هذا لا يُعطى من الزكاة إلا المجاهد المتطوع الذي لا مرتب له في الفىء لا يجوز إعطاؤه من الزكاة في هذه الحال التي المسلمون بحاجة إلى إستمرار هؤلاء المرتزقين في وظيفتهم ليس لهم حق من الزكاة مع أنهم متفرغون للجهاد فكيف هؤلاء الذين تعمل لهم على حساب الزكاة مآدب ومآدب فتكلف الآلاف المؤلفة كما فُعل في بعض السنين الماضية وكما هم بصدد أن يفعلوه الآن. وفي الحديث الصحيح أن رجلين أتيا رسول الله يطلبان منه أن يعطيهما من الزكاة وكانا جَلْدَين ـ أي قويين ـ فصعَّد فيهما النظر وصوَّب ثم قال: “إنه لا حق فيها لغني ولا لقوي مكتسب” ثم أعطاهما بعد أن حسَّن الظن بهما بأن اعتبرهما لا يجدان من العمل ما يسدُّ حاجاتهما الأصلية، فبعد هذا الحكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يجوز أن يُتصرف فيها لإطعام هؤلاء الأغنياء بحجة تنشيطهم لدفع الزكاة، ثم إننا حذرناكم من دفعها لمن يتلاعبون بها بوضعها في غير محلها وإلى الله المرجع والمآب. ثم إن الفقهاء قالوا: تولي تفرقة الزكاة للمالك بنفسه أفضل من توكيل غيره لأنه أدرى بأحوال أقربائه المحتاجين وجيرانه المحتاجين المستحقين لها“. اهـ.
ثم قال: “وفي الحقيقة هؤلاء يدخلون تحت حديث البخاري :”إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة” وليستحوا من رسول الله القائل في بيان حكم الزكاة :”إنه لا حق فيها لغني ولا لقوي مكتسب” فهؤلاء عكسوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيح المشهور :”تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم“. وليت شعري هل اطلعوا على هذه الأحاديث ثم منعهم هواهم أن يعملوا بها أم لم يطلعوا؟ فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون” اهـ.
نقول: إذا كان المرتزق الذي يجاهد الكفار في سبيل الله لا يستحق الزكاة لأن له نصيبًا في الفىء، وحتى لو احتجنا إليه ليدفع عن المسلمين التقتيل والتذبيح والتنكيل ولم نجد فيئًا لنعطيه منه لا ندفع إليه من مال الزكاة بل نعطيه من غيرها، مع أن عمله جهاد وهناك شدة حاجة إليه، فالسببان اللذان زعمتهما موجودان في المرتزقة هنا ومع هذا لا تدفع الزكاة إليه، فكيف يجوز لك أن تقيس برأيك ـ وأنت لست من أهل القياس ـ، أو أن تستنبط بهواك ـ وأنت لست من أهل الاجتهاد ـ لتجيز دفع الزكاة إلى مثل الرابطة المذكورة؟!! فليحذر الناس فتاوى القرضاوي.
ألم يقرأ القرضاوي قول الشافعيّ في الأم :”فإن هاجر وأُفرض ـ أي جعل له فرض أي عطية في ديوان المرتزقة ـ وغزا صار من أهل الفىء وأخذ منه، ولو احتاج وهو في الفىء لم يكن له أن يأخذ من الصدقات“. اهـ.
واحتجَّ الشافعي بأن عبد الملك بن مروان أرسل الزكاة إلى مشايخ أهل المدينة وفقهائها كسعيد بن المسيب وأبي بكر ابن عبد الرحمن وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله في رجال كثيرة فأبوا أن يأخذوا منها لأنهم من أهل الفىء. ولم يفهم واحد منهم ـ على علو كعبهم وسلامة لغتهم وشدة تقواهم ـ من الآية ما فهمه القرضاوي في هذا الزمان.
بل ذكر الشافعي بأن الأمر لا يرتكز على مدى النفع اللاحق بالمسلمين ولا على مدى حاجتهم إليه ـ كما زعم القرضاوي ـ، بل مَنْ قَسَمَ الله تعالى له فهو أحق ممن لم يقسم له وإن كان من لم يقسم له أنفع أو أحوج، واستدل لذلك رحمه الله تعالى بأن كل فارس يأخذ من الفىء سهمين وإن كان بعضهم أشجع من بعض وأكثر غنى، وأن الأولاد الذكور مثلاً تتساوى حصصهم في الميراث ولو كان بعضهم خيرًا من بعض وأحوج.
فالخلاصة: أن “الدكتور” القرضاوي طار خارج سرب الفقهاء ـ من غير أن يُغَرد ـ، فهو في وادٍ وهم في وادٍ ءاخر.
والمعتبر ما فهمه الأئمة الأعلام من ءايات كتاب الله، أولئك الذين لم تخالط لغتهم عجمة، ولا نشأوا على عامية معوجَّة، وعاشوا في خير القرون لا في زمن عمَّت فيه الأهواء وانتشرت. وليست العبرة بمن جاء بعدهم بمئات السنين ليسلك غير مسلكهم وينهج غير نهجهم فيعتقد في نفسه أنه من أهل العلم والاجتهاد في الدين وهو لم يبلغ تلك الدرجة فيعمل على ذلك ويَعُدُّ رأيه رأيًا وخلافه خلافًا فيتصرف بالفتوى خارقًا للإجماع مفرقًا للجماعة. وعلى مثل هذا نبَّه الحديث الصحيح :”إن الله لا يقبض العلم ينتزعه انتزاعًا من بين الناس ولكن يقبض العلم حتى إذا لم يبق عالم إتخذ الناس رؤساء جهَّالا فاستفتوهم فأفتوهم فضلوا وأضلّوا” رواه البخاري والترمذي وغيرهما.
وبالله العصمة من الهوى، وبه القوة وعليه التكلان.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website