المقالات السنية في كشف ضلالات أحمد ابن تيمية
الفهرس :
المقالة الأولى – قوله بحوادث لا أوّل لها
المقالة الثانية – قوله بقيام الحادث بذات الله تعالى
المقالة الثالثة – قوله بالجسمية
المقالة الرابعة – قوله ان الله يتكلم بحرف وصوت
المقالة الخامسة – قوله بالانتقال والحركة والنزول في حق الله تعالى
المقالة السادسة – قوله بنسبة الحدّ لذات الله تعالى
المقالة السابعة – قوله بنسبة الجهة والمكان لله تعالى
المقالة الثامنة – قوله بالجلوس في حق الله تعالى
المقالة التاسعة – قوله بفناء النار وانتهاء عذاب الكفار فيها
المقالة العاشرة – في نفيه التأويل التفصيلي عن السلف
المقالة الحادية عشر – في تحريمه التوسل بالانبياء والصالحين والتبرك بآثارهم
المقالة الثانية عشر – زعمه أن إنشاء السفر لزيارة قبر النبي معصيةٌ
المقالة الثالثة عشر – انحراف ابن تيمية عن سيدنا علي رضي الله عنه
المقالة الرابعة عشر – مخالفته إجماع المسلمين في مسائل الطلاق
المقالة الأولى – قوله بحوادث لا أوّل له
• قال في شرح حديث عمران بن الحصين فهي: «وإن قدّر أن نوعها – أي الحوادث – لم يزل معه فهذه المعية لم ينفها شرع ولا عقل، بل هي من كماله، قال تعالى ﴿أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ﴾» وقال: «والخلق لا يزالون معه» إلى أن قال: «لكن يشتبه على كثير من الناس النوع بالعين »
• أمّا مخالفته القرءان فقوله تعالى ﴿هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ ﴾
• أما مخالفته الحديث فقوله صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري في كتاب بدء الخلق وغيرُه: «كان الله ولمْ يَكُنْ شىءٌ غيرُهُ»
———————-
سورة النحل، 17
سور الحديد، 3
المقالة الثانية – قوله بقيام الحادث بذات الله تعالى
وقال في المنهاج ما نصه: «فإنا نقول إنه يتحرك وتقوم به الحوادث والأعراض فما الدليل على بطلان قولنا؟» ا.هـ.
المقالة الثالثة – قوله بالجسمية
أما قوله بالجسمية في حق الله تعالى فقد ذكر ذلك في كتابه شرح حديث النزول ونصه: «وأما الشرع فمعلوم أنه لم ينقل عن أحد من الأنبياء ولا الصحابة ولا التابعين ولا سلف الأمة أن الله جسم أو أن الله ليس بجسم، بل النفي والإثبات بدعة في الشرع» ا.هـ.
وقال في الموافقة ما نصه: «وكذلك قوله ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾ وقوله ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ ونحو ذلك فإنه لا يدل على نفي الصفات بوجه من الوجوه بل ولا على نفي ما يسميه أهل الاصطلاح جسمًا بوجه من الوجوه» ا.هـ.
وابن تيمية يقول أيضًا في كتابه المذكور ما نصه: «وأما ذكر التجسيم وذم المجسمة فهذا لا يعرف في كلام أحد من السلف والأئمة كما لا يعرف في كلامهم أيضًا القول بأن الله جسم أو ليس بجسم، بل ذكروا في كلامهم الذي أنكروه على الجهمية نفي الجسم كما ذكره أحمد في كتاب الرد على الجهمية» ا.هـ.
وقال في المنهاج ما نصه: «أما ما ذكره من لفظ الجسم وما يتبع ذلك فإن هذا اللفظ لم ينطق به في صفات الله لا كتاب ولا سنة لا نفيًا ولا إثباتًا، ولا تكلم به أحد من الصحابة والتابعين وتابعيهم لا أهل البيت ولا غيرهم» ا.هـ.
—————————–
سورة الشورى، 11
سورة مريم، 65
المقالة الرابعة – قوله ان الله يتكلم بحرف وصوت
قال في الموافقة ما نصه: «وحينئذ فيكون الحق هو القول الآخر وهو أنه لم يزل متكلمًا بحروف متعاقبة لا مجتمعة» ا.هـ.
وقال أيضًا ما نصه: «وجمهور المسلمين يقولون: إن القرءان العربي كلام الله، وقد تكلم الله به بحرف وصوت، فقالوا: إن الحروف والأصوات قديمة الأعيان، أو الحروف بلا أصوات، وإن الباء والسين والميم مع تعاقبها في ذاتها فهي أزلية الأعيان لم تزل ولا تزال كما بسطت الكلام على أقوال الناس في القرءان في موضع ءاخر» ا.هـ.
قال الشيباني في شرح الطحاوية ما نصه: «والحرف والصوت مخلوق، خلق الله تعالى ليحصل به التفاهم والتخاطب لحاجة العباد إلى ذلك أي الحروف والأصوات، والبارىء سبحانه وتعالى وكلامه مستغن عن ذلك أي عن الحروف والأصوات، وهو معنى قوله: ومن وصف الله تعالى بمعنى من معاني البشر فقد كفر» ا.هـ.
المقالة الخامسة – قوله بالانتقال والحركة والنزول في حق الله تعالى
أما قوله بنسبة الحركة في حق الله تعالى فقد ذكر في كتابه المنهاج ما نصه: «فإنا نقول إنه يتحرك وتقوم به الحوادث والأعراض فما الدليل على بطلان قولنا؟» ا.هـ.
وقال في الموافقة ناقلاً كلام الدارمي المجسم ما نصه: «لأن الحي القيوم يفعل ما يشاء ويتحرك إذا شاء ويهبط ويرتفع إذا شاء ويقبض ويبسط ويقوم ويجلس إذا شاء، لأن أمارة ما بين الحي والميت التحرك، كل حي متحرك لا محالة، وكل ميت غير متحرك لا محالة» ا.هـ.
وقال في كتابه المنهاج ما نصه: «ثم إن جمهور أهل السنة يقولون: إنه ينزل ولا يخلو منه العرش كما نقل مثل ذلك عن إسحاق بن راهويه وحماد بن زيد وغيرهما، ونقلوه عن أحمد بن حنبل في رسالته» ا.هـ.
وقال في كتابه شرح حديث النزول وكتابه الفتاوى ما نصه: «والقول الثالث وهو الصواب وهو المأثور عن سلف الأمة وأئمتها: أنه لا يزال فوق العرش ولا يخلو العرش منه مع دنوه ونزوله إلى السماء الدنيا، ولا يكون العرش فوقه» ا.هـ.
المقالة السادسة – قوله بنسبة الحدّ لذات الله تعالى
اثبت ابن تيمية الحد لله خلافاً لمعتقد الأمة وتكذيباً لكتاب الله وما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد قال في كتابه الموافقة ما نصه: «وقد اتفقت الكلمة من المسلمين والكافرين أن الله في السماء وحدُّوه بذلك إلا المريسي الضال وأصحابه، حتى الصبيان الذين لم يبلغوا الحنث قد عرفوا ذلك إذا أحزن الصبي شىء يرفع يده إلى ربه ويدعوه في السماء دون ما سواها، وكل أحد بالله وبمكانه أعلم من الجهمية» ا.هـ.
وقال في الموافقة أيضاً عن أبي سعيد الدارمي المجسّم ما نصه: «والله تعالى له حد لا يعلمه أحد غيره، ولا يجوز لأحد أن يتوهم لحده غاية في نفسه، ولكن يؤمن بالحد ويكل علم ذلك إلى الله، ولمكانه أيضًا حد وهو على عرشه فوق سماواته، فهذان حدّان اثنان» ا.هـ.
المقالة السابعة – قوله بنسبة الجهة والمكان لله تعالى
قال في كتابه منهاج السنة النبوية ما نصه: «وجمهور الخلف على أن الله فوق العالم، وإن كان أحدهم لا يلفظ بلفظ الجهة فهم يعتقدون بقلوبهم ويقولون بألسنتهم ربهم فوق» ا.هـ.
وقال في كتابه بيان تلبيس الجهمية ما نصه: «والله تعالى قد أخبر عن فرعون أنه طلب أن يصعد ليطلع إلى إله موسى، فلو لم يكن موسى أخبره أن الله فوق لم يقصد ذلك، فإنه لو لم يكن مقرًّا به فإذا لم يخبره موسى به لم يكن إثبات العلو لا منه ولا من موسى عليه الصلاة والسلام» ا.هـ
فالجواب أن يقال لهم: الجهات كلها لا تقتضي الكمال في حد ذاتها، لأن الشأن ليس في علو المكان بل الشأن في علو القدر
المقالة الثامنة – قوله بالجلوس في حق الله تعالى
قال في فتاويه ما نصه: «وقال أهل السنة في قوله ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ ﴾ الاستواء من الله على عرشه المجيد على الحقيقة لا على المجاز» ا.هـ.
لم تخصيص العرش دون سواه في قوله تعالى ﴿الرحمن على العرش استوى﴾
المقالة التاسعة – قوله بفناء النار وانتهاء عذاب الكفار فيها
يقول «أن القائلين ببقائها ليس معهم كتاب ولا سنة ولا أقوال الصحابة» ا.هـ
1. خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون [ بقرة 162 ]
2. خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون [ آل عمران 88 ]
3. إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا * إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا [ نساء 168 – 169 ]
4. وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم [ توبة 68 ]
5. فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين [ النحل 29 ]
6. من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا * خالدين فيه وساءلهم يوم القيامة حملا [ طه 100 – 101 ]
7. إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا * خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا [ احزاب 64 – 65 ]
8. قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين [ زمر 72 ]
9. ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين [ غافر 76 ]
10. فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين
11. والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير [ تغابن 10 ]
12. قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا * إلا بلاغا من الله ورسالاته ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا [ جن 22 – 23 ]
13. إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية [ بينة 6 ]
14. والذين كفروا وكذبوا باياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [ بقرة 39 ]
15. بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [ بقرة 81 ]
16. إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم [ بقرة 218 ]
17. الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [ بقرة 257 ]
18. الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [ بقرة 275 ]
19. إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [ آل عمران 116 ]
20. ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون [ مائدة 80 ]
21. والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [ اعراف 36 ]
22. ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون [ توبة 17 ]
23. والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [ يونس 27 ]
24. وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الاغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [ رعد 5 ]
25. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون [ أنبياء 99 ]
26. ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون [ مؤمنون 103 ]
27. إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون [ زخرف 74 ]
28. لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [ مجادلة 17 ]
29. وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار [ بقرة 167 ]
30. يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم [ مائدة 37 ]
31. والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور [ فاطر 36 ]
32. كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق [ حج 22 ]
33. وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون [ سجدة 20 ]
المقالة العاشرة – في نفيه التأويل التفصيلي عن السلف
أما نفيه التأويل التفصيلي عن الصحابة والسلف فقد ذكره في أكثر من كتاب، فقال في فتاويه بعد كلام ما نصه: «فلم أجد إلى ساعتي هذه عن أحد من الصحابة أنه تأوَّل شيئًا من ءايات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف» ا.هـ.
المقالة الحادية عشر – في تحريمه التوسل بالانبياء والصالحين والتبرك بآثارهم
ومن أشهر ما صحّ عن ابن تيمية بنقل العلماء المعاصرين له وغيرهم ممن جاءوا بعدهم، تحريمه التوسل بالأنبياء والصالحين بعد موتهم وفي حياتهم في غير حضورهم والتبرك بهم وبآثارهم، وتحريمه زيارة قبر النبي عليه الصلاة والسلام للتبرّك فيقول في كتابه التوسل ما نصه: «وأما الزيارة البدعية فهي التي يقصد بها أن يطلب من الميت الحوائج، أو يطلب منه الدعاء والشفاعة، أو يقصد الدعاء عند قبره لظن القاصد أن ذلك أجوب للدعاء، فالزيارة على هذه الوجوه كلها مبتدعة لم يشرعها النبي صلى الله عليه وسلم ولا فعلها الصحابة لا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا عند غيره، وهي من جنس الشرك وأسباب الشرك» اهـ.
قال فيه الحافظ السبكي: ولم يسبق ابن تيمية في إنكاره التوسل أحد من السلف ولا من الخلف، بل قال قولا لم يقله عالم قط قبله، قال في شفاء السقام ما نصه: «اعلم أنه يجوز ويحسن التوسل والاستعانة والتشفّع بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ربّه سبحانه وتعالى، وجواز ذلك وحسنُهُ من الأمور المعلومة لكل ذي دين المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين وسير السلف الصالحين والعلماء والعوام من المسلمين ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان ولا سمع به في زمن من الأزمان حتى جاء ابن تيمية فتكلم في ذلك بكلام يلبس فيه على الضعفاء الأغمار، وابتدع ما لم يسبق إليه في سائر الأعصار» اهـ.
ماذا يقول هؤلاء فيما رواه البخاري في الأدب المفرد عن ابن عمر أنه خدرت رجله فقيل له: اذكر أحبّ الناس إليك، فقال: يا محمد، فهل يكفّرونه لهذا النداء أم ماذا يفعلون؟ وماذا يقولون في إيراد البخاري لهذا هل يحكمون عليه أنه وضع في كتابه الشرك ليعمل به؟
وأكثر ما يوردونه من الشبه لتحريم التوسل وتحريم زيارة قبر الرسول أمور ليس فيها ما يدّعون، كحديث عبد الله بن عباس مرفوعًا وفيه: «إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله» ويجاب عن ذلك بأن الحديث ليس فيه لا تسأل غير الله ولا تستعن بغير الله، وإنما مراد النبي بذلك أن الأولى بأن يُسأل ويُستعان به هو الله، فكيف يفترون على رسول الله وابن عباس لإِثبات دعواهم تكفير المتوسل والمستغيث برسول الله، وإنما هذا كقول رسول الله في حديث ابن حبان: «لا تصاحب إلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إلا تقي»، فهل في هذا الحديث أن مصاحبة غير المسلم حرام! وهل يفهم منه أن إطعام غير التقي حرام! وقد رخّص الله في كتابه في إطعام الأسير الكافر، بل مدح ذلك بقوله ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾
المقالة الثانية عشر – زعمه أن إنشاء السفر لزيارة قبر النبي معصيةٌ
أما قوله بتحريم السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وغيره فقد ذكره في أكثر من كتاب، فقال في فتاويه ما نصه: «بل نفس السفر لزيارة قبر من القبور – قبر نبي أو غيره – منهيٌّ عنه عند جمهور العلماء، حتى انهم لا يجوّزون قصر الصلاة فيه بناء على أنه سفر معصية
وقال أيضًا ما نصه: «قالوا: ولأن السفر إلى زيارة قبور الأنبياء والصالحين بدعة لم يفعلها أحد من الصحابة ولا التابعين، ولا أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين، فمن اعتقد ذلك عبادة وفعلها فهو مخالف للسنة ولإجماع الأئمة» اهـ.
وقال ما نصه: «فإذًا من اعتقد أن السفر لقبور الأنبياء والصالحين قربة وعبادة وطاعة فقد خالف الإجماع، وإذا سافر لاعتقاده أن ذلك طاعة كان ذلك محرَّمًا بإجماع المسلمين، فصار التحريم من جهة اتخاذه قربة» ا.هـ.
المقالة الثالثة عشر – انحراف ابن تيمية عن سيدنا علي رضي الله عنه
ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة أن ابن تيمية خطّأ أمير المؤمنين عليًا كرّم الله وجهه في سبعة عشر موضعًا خالف فيها نص الكتاب، وأن العلماء نسبوه إلى النفاق لقوله هذا في علي كرّم الله وجهه، ولقوله أيضًا فيه: إنه كان مخذولا، وإنه قاتل للرئاسة لا للديانة. وقد ذكر ابن تيمية ذلك في كتابه المنهاج فقال ما نصه: «وليس علينا أن نبايع عاجزًا عن العدل علينا ولا تاركًا له، فأئمة السنة يسلمون أنه ما كان القتال مأمورًا به لا واجبًا ولا مستحبًا» ا.هـ.
ويقول في موضع ءاخر ما نصه: «… وإن لم يكن علي مأمورًا بقتالهم ولا كان فرضًا عليه قتالهم بمجرد امتناعهم عن طاعته مع كونهم ملتزمين شرائع الإسلام» ا.هـ. ويقول في نفس الكتاب بعد ذكره أن قتال علي في صفّين والجمل كان بالرأي ولم يكن علي مأمورًا بذلك ما نصه: «…فلا رأي أعظم ذمًّا من رأي أريق به دم ألوف مؤلفة من المسلمين، ولم يحصل بقتلهم مصلحة للمسلمين لا في دينهم ولا في دنياهم بل نقص الخير عمّا كان وزاد الشر على ما كان…» ا.هـ.
ويقول: «وأما الإجماع فقد تخلَّف عن بيعته والقتال معه نصف الأمة أو أقل أو أكثر، والنصوص الثابتة عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم تقتضي أن ترك القتال كان خيرًا للطائفتين، وأن القعود عن القتال كان خيرًا من القيام فيه، وأن عليًّا مع كونه أولى بالحق من معاوية لو ترك القتال لكان أفضل وأصلح وخيرًا» ا.هـ.
ويقول: «والمقصود هنا أن ما يُعتذر به عن علي فيما أُنكر عليه يُعتذر بأقوى منه في عثمان، فإن عليًّا قاتل على الولاية وقُتل بسبب ذلك خلق كثير عظيم، ولم يحصل في ولايته لا قتال للكفار ولا فتح لبلادهم ولا كان المسلمون في زيادة خير» ا.هـ.
ويقول: «وخلافة علي اختلف فيها أهل القبلة، ولم يكن فيها زيادة قوة للمسلمين ولا قهر ونقص للكافرين» ا.هـ.
فقوله: «إنه ما كان القتال مأمورًا به لا واجبًا ولا مستحبًّا» وقوله: «لو ترك القتال لكان أفضل وأصلح وخيرًا» مخالف لما رواه النسائي بالإسناد الصحيح في الخصائص عن علي رضي الله عنه أنه قال: «أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين» والناكثون هم الذين قاتلوه في وقعة الجمل، والقاسطون هم الذين قاتلوه في صفّين، والمارقون هم الخوارج، وهذا الحديث إسناده صحيح ليس فيه كذاب ولا فاسق كما ادعى ابن تيمية.
وكلامه هذا أيضًا ردّ لقول الله تعالى ﴿فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي ﴾ وقد اتفق العلماء على أن عليّا رضي الله عنه هو أوّل من قاتل البغاة فشغل بهم عن قتال الكفار المعلنين كاليهود
نقول: إن عليًّا رضي الله عنه خليفة راشد واجب الطاعة على المؤمنين لقوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ﴾ وهذا الذي فهمه الصحابة من كان منهم بدريًّا ومن كان منهم أحديًّا وكل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار لأنه لم يكن مع معاوية واحد من هؤلاء.
نقل الحافظ ابن حجر العسقلاني عن الإمام أبي القاسم الرافعي محرر مذهب الشافعي ما نصّه: «وثبت أن أهل الجمل وصفين والنهروان بغاةٌ» ا.هـ.
وروى البيهقي في كتاب الاعتقاد بإسناده المتصل إلى محمد بن إسحاق وهو ابن خزيمة قال: «وكلُّ من نازع أمير المؤمنين عليَّ بن أبي طالب في إمارته فهو باغ، على هذا عهدت مشايخنا وبه قال ابن إدريس – يعني الشافعي – رحمه الله» اهـ.
وقال الحافظ في الفتح ما نصه: «وقد ثبت أن من قاتل عليّا كانوا بغاة» ا.هـ.
ويؤيد هذا ما رواه الحاكم في المستدرك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للزبير: «لتقاتلنَّه وأنت ظالم له». فإذا كان الرسول اعتبر الزبير ظالمًا مع ما له من الفضل لأنه كان مع مقاتليه جزءًا من النهار، فكيف يقال عن هذا القتال الذي وصف الرسول مقاتلي علي فيه بالظلم والبغي: إنه ليس بواجب ولا مستحب، أليس هذا يدل على أن أحمد بن تيمية في قلبه ضغينة على سيدنا علي
ويكفي أيضًا لإثبات ذلك الحديث الصحيح الذي رواه البخاري: «ويح عمّار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنّة ويدعونه إلى النار» أخرجه البخاري في كتاب الصلاة
المقالة الرابعة عشر – مخالفته إجماع المسلمين في مسائل الطلاق
وأما مخالفته للإجماع في مسألة الطلاق فهو مما شُهر عنه وحبس لأجله، قال تقي الدين الحصني ما نصّه: «وأما الحلف بالطلاق فإنه لا يوقعه – أي ابن تيمية – البتة ولا يعتبره، سواء كان بالتصريح أو الكناية أو التعليق … »
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website