الرد على محمد عثيمين لقوله بأن الله له عينين حقيقيتين
الحمد لله الواجب وجوده وبقاؤه، الممتنع تغيره وفناؤه، العظيم قَدْرُه واستعلاؤه، العميم نعماؤه وءالاؤه، الدالة على وحدانيتة أرضه وسماؤه، المتعالية عن شوائب التشبيه والتعطيل صفاته وأسماؤه، فاستواؤه قهره واستيلاؤه، ونـزوله بره وعطاؤه ، ومجيئه حكمه وقضاؤه. فأحمده على جزيل نعمه وجميل كرمه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وبعد:ـ
لقد وصلنا إلى زمن تطلع فيه الجهل برأسه وتطاول بعنقه وتكثر بخيله ورجله وأطبق بظلماته حتى غرقت في أدرانه قلوب ميتـة فاستحسنَت القبيح ورغبت في الفاسد وأقبلت على منكر القول وراج عندها الكاسد من بضاعة الباطل فاشتغلت بنشره ونصرته وتـزيـينه وأيدت باطلها بالشبه الملبسات والفرى المختلَقات حتى انطلى تزييفها على بعض ضـعفاء العقول من العوام فأخرجهم من الإسلام لأخذهم بالظاهر من الكتاب والسنة المطهرة فسموها بالصفات تسمية مبتدعة لا دليل لهم في ذلك من النقل ولا من العقل ولم يلتفتوا إلى النـصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى ولا إلى إلغاء ما يوجبه الظاهر من سمات الحدوث ومن هؤلاء رجل أعمى الله بصيرته تجرأ بالقول فشبه الله بخلقه وهو محمد صالح عثيمين حيث قال في كتابه الذي سماه زورا وبهتانا بعقيدة أهل السنة والجماعة قولا بالتشبيه ما نصه: ونؤمن بأن لله تعالى عينين اثنتين حقيقيتين لقوله تعالى:{ واصنع الفلك بأعيننا ووحينا} ولقوله وأجمع أهل السنة على أن العينين اثنتان ويؤيده قول النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال: إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور.
فيكفي في الرد عليه قوله تعالى:{ ليس كمثله شىء وهو السميع البصير} فقد قدم تبارك وتعالى التنزيه أولا على صفتي السمع والبصر حتى لا يتوهم متوهم أن الله سمعه وبصره كسمع وبصر المخلوقين فالقول بأن لله عينان اثنتي حقيقيتين قول بالتشبيه والله تعالى يقول: { ولا تضربوا لله الأمثال} ويقول {ولم يكن له كفوا أحد} والله تعالى يقول:{ قل لو كان من عند غير الله تعالى لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} قال ابن عباس وأبو عبيدة أي تناقضا وقد ثبت بأن القرءان من عند الله فليس فيه تناقض، فالقول بأن له عينان اثنتان حقيقيتان يُناقض قوله تعالى ليس كمثله شىء فكيف على زعمكم ليس كمثله شىء وله عينان حقيقيتان اثنتان وقد قال الإمام الطحاوي في عقيدنه التي هي حقيقة عقيدة أهل السنة والجماعة: ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر فمن أبصر هذا اعتبر وعن مثل قول الكفار انزجر وعلم أنه بصفاته ليس كالبشر.
وأما تأويل الآية فقد جاء في التفسير الكبير للإمام الرازي الجزء السابع عشر ما نصه: أما قوله تعالى: {بأعيننا} فهذا لا يُمكن إجراؤه على ظاهره من وجوه: أحدها: أنه يقتضي أن يكون لله تعالى أعين كثيرة وهذا يناقض ظاهر قوله تعالى:{ولتصنع على عيني} وثانيها: أنه يقتضي أن يصنع نوح عليه السلام ذلك الفلك بتلك الأعين كما يقال: قطعت بالسكين وكتبت بالقلم ومعلوم أن ذلك باطل، وثالثها: أنه ثبت بالدلائل القطعية كونه تعالى منزها عن الأعضاء والجوارح والأجزاء والأبعاض فوجب المصير فيه إلى التأويل وهو من وجوه: أن معنى { بأعيننا} أن من كان عظيم العناية بالشىء فإنه يضع عينه عليه فلما كان وضع العين على الشىء سببا لمبالغة الاحتياط والعناية جعل العين كناية عن الاحتياط فلهذا قال المفسرون معناه بحفظنا إياك حِفظ من يراك ويملك دفع السوء عنك.اهـ
قال الإمام القرطبي في تفسيره الجامع الجزء التاسع ما نصه:قوله تعالى: {واصنع الفلك بأعيننا} أي اعمل السفينة لتركبها أنت ومن آمن معك {بأعيننا} أي بمرأى منا وحيث نراك. وقال الربيع بن أنس: بحفظنا إياك حفظ من يراك، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: بحراستنا، والمعنى واحد وعبر عن الرؤية بالأعين، ويكون جمع الأعين للعظمة لا للتكثير كما قال تعالى: {فنعم القادرون} {فنعم الماهدون} {وإنا لموسعون} وقد يرجع معنى الأعين في هذه الآية وغيرها إلى معنى عين كما قال تعالى: {ولتصنع على عيني} وذلك كله عبارة عن الإدراك والإحاطة وهو سبحانه منـزه عن الحواس والتشبيه والتكييف لا رب غيره.اهـ وقال ابن كثير في تفسيره المجلد الثاني ما نصه: {واصنع الفلك} يعني السفينة {بأعيننا} أي بمرأى منا.اهـ
قال المفسر أبو حيان الأندلسي في تفسيره البحر المحيط الجزء الخامس ما نصه: {بأعيننا} بمرأى منا، وكلاءة وحفظ فلا تزيغ صنعته عن الصواب فيها ولا يحول بين العمل وبينه أحد والجمع هنا كالمفرد في قوله : {ولتصنع على عيني} وجمع هنا لتكثير الكلاءة والحفظ وديمومتها. قيل ويحتمل قوله: {بأعيننا} أي بملائكتنا الذين جعلناهم عيونا على مواضع حفظك ومعونتك.اهـ
قال الشيخ زاهد الكوثري في تعليقه على الأسماء والصفات ما نصه: لم ترد صيغة التثنية في الكتاب ولا في السنة، وما يروى عن أبي الحسن الأشعري من ذلك فمدسوس في كتبه بالنظر إلى نقل الكافة عنه، وأما من قال له عينان ينظر بهما فهو مشبه قائل بالجارحة تعالى الله عن ذلك.اهـ
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وأما ذكره صلى الله عليه وسلم الدجال فقال: إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور. حيث استدل هذا المعتوه المشبه بهذا الحديث بأن لله عينان اثنتين تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا نقول وبالله التوفيق: قال الإمام ابن الجوزي في كتابه دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه ما نصه:قال العلماء: إنما أراد تحقيق وصفه بأنه لا يجوز عليه النقص، والعورُ نقصٌ، ولم يُرِدْ إثبات جارحة لأنه لا مدحَ في إثبات جارحة، قال ابن عقيل: يحسب بعض الجهلة ـ أمثال الوهابية ـ أنه لما نفى العَورَ عن الله عز وجل أثبت من دليل الخطاب أنه ذو عينين وهذا بعيد من الفهم إنما نفى عنه العور من حيث نفي النقائص كأنه قال: ربكم ليس بذي جوارح تتسلط عليه النقائص، وهذا مثل نفي الولد عنه لأنه يستحيل عليه التجزىء، ولو كانت الإشارة إلى صورة كاملة لم يكن في ذلك دليل على الألوهية ولا القِدَمِ فإن الكامل في الصورة كثير، قال: ومن قال بدليل الخطاب فأثبت عينين قيل له: دليل الخطاب مُختلفٌ في كونـه دليلا في أحكام الفقه وفروع الدين فكـيف بأصـوله.اهـ