واستشهادهم خطأ بالآية (( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا)) سورة الجن – 18
بسم الله
العِبَادةُ عِنْدَ اللُّغَوِيّيْنَ الطَّاعةُ معَ الخُضوعِ. قالَ الأَزْهَرِيُّ الذي هُوَ أحَدُ كِبارِ اللُّغَوِيّيْنَ في كتَابِ تَهذِيبِ اللُّغَةِ نَقْلاً عَن الزَّجَّاجِ الذي هوَ مِنْ أشْهَرِهِم: العِبَادَةُ في لُغَةِ العَربِ الطَّاعَةُ مَعَ الخُضُوعِ، وقالَ مثلَهُ الفَرّاءُ كما في لسانِ العَرَبِ لابنِ منظور. وقَالَ بَعْضُهُم: أقْصَى غَايَةِ الخُشُوع والخُضُوعِ، وقالَ بَعْضٌ: نِهَايةُ التَّذلُّلِ كَما يُفْهَم ذَلكَ مِن كَلامِ شَارحِ القَاموسِ مُرتَضى الزَّبيدِيّ خَاتِمَةِ اللّغَوِيّين، وهَذا الذي يَسْتَقِيمُ لُغَةً وعُرْفًا.
والتّوسلُ هو طَلَبُ حصولِ منفعةٍ أو اندفاعِ مضرَّةٍ من الله بِذِكرِ اسم نبيّ أو وليّ إكرامًا للمتوسَّلِ به. قال تعالى: {وابتغوا إليه الوسيلة} [سورة المائدة] أي كلّ شىءٍ يُقربكم إليه اطلبوهُ يعني هذه الأسباب، اعملوا الأسباب فنحقّقُ لكم المسبَّبات، نحقّقُ لكم مطالبكم بهذهِ الأسبابِ، وهو قادرٌ على تحقيقِها بدونِ هذه المسبَّباتِ. ومن الأدلّةِ على جوازِ التوسُّلِ الحديثُ الذي رواهُ الطبرانيُّ وصحَّحَهُ والذي فيه أن الرسولَ صلى الله عليه وسلم عَلَّم الأعمَى أن يتوسلَ به فذهَبَ فتوسَّل به في حالة غيبتِهِ وعادَ إلى مجلسِ النبي وقد أَبصَرَ، وكانَ مما علّمَهُ رسولُ الله أن يقول: “اللهم إني أسألكَ وأتوجَّهُ إليك بنبيّكَ محمَّدٍ نبيّ الرّحمةِ يا محمَّدُ إنّي أتوجَّهُ بكَ إلى ربّي في حاجتي (ويسمّي حاجته) لِتُقضَى لي”.
والحديث صححه الطبراني ووافقه الحافظ المنذري في تصحيح الحديث ، وليس لغير الحافظ تصحيح وتضعيف الأحاديث كما قال أهل المصطلح .
فسر علماء اللغة العبادة بأنها أقصى غاية الخشوع والخضوع أو الطاعة مع الخضوع أو نهاية التذلل ، وهي العبادة المقصودة بقوله تعالى : ” لا إله إلا أنا فاعبدون”، وبقوله : ” إياك نعبد”،
وهذه هي العبادة المختصة لله تعالى التي من صرفها لغيره صار مشركا. وليس معنى العبادة مجرد النداء لشخص ميت أو حي، ولا مجرد الاستغاثة بغير الله ولا مجرد صيغة الاستعانة بغير الله تعالى، ولا مجرد طلب مالم تجر به العادة بين الناس ولا مجرد الخوف أو الرجاء كما زعم الوهابية، بل لم ينقل عن أحد من علماء اللغة تفسير العبادة بأنها مجرد نداء حي أو ميت أو في حالة غيبته،
وقد جهل الوهابية بمعنى الدعاء الوارد في القرءان في مواضع كقوله تعالى: ” يدعوا لمن ضره أقرب من نفعه” ، وقوله تعالى:” ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له” ، وقوله تعالى في الآية التي أشرت اليها: ” وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا”،
ظنوا أن هذا الدعاء هو مجرد النداء، ولم يعلموا أن معناه هو العبادة التي هي غاية التذلل، فإن المفسرين قد أطبقوا على أن ذلك هو عبادتهم لغير الله تعالى على هذا الوجه، ولم يفسره أحد من اللغويين والمفسرين بالنداء،
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : { وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا } قال : كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا بيعهم وكنائسهم أشركوا بالله ، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخلص الدعوة لله إذا دخل المسجد .
قال القرطبي في الجامع لاحكام القران ما نصه : قوله تعالى: “فلا تدعوا مع الله أحدا” هذا توبيخ للمشركين في دعائهم مع الله غيره في المسجد الحرام. وقال مجاهد: كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبيعهم أشركوا بالله، فأمر الله نبيه والمؤمنين أن يخلصوا لله الدعوة إذا دخلوا المساجد كلها. يقول: فلا تشركوا فيها صنما وغيره مما يعبد. وقيل: المعنى أفردوا المساجد لذكر الله، ولا تتخذوها هزوا ومتجرا ومجلسا، ولا طرقا، ولا تجعلوا لغير الله فيها نصيبا.
والاستدلال بهذه الآية يمكن نقضه بتفسير بعض أئمة السلف للآية على خلاف ما تزعمه الوهابية وهو ما قاله سيّدنا سعيد بن المسيب وكذا طلق بن حبيب:
أراد بالمساجد الأعضاء التي يسجد عليها العبد، وهي القدمان والركبتان واليدان والوجه، يقول: هذه الأعضاء أنعم الله بها عليك، فلا تسجد لغيره بها، فتجحد نعمة الله.
قال عطاء: مساجدك: أعضاؤك التي أمرت أن تسجد عليها لا تذللها لغير خالقها. (كذا في تفسير القرطبي)
فهذا من أبسط النقض لشبهة المخالف أنها لا تدل على ما ذهب إليه بشهادة السلف الذي يزعمون أنهم على مذهبهم زورا وبهتانا.
ويقال لهؤلاء الجهلة بلسان العرب، قال صلى الله عليه وسلم: الحجُّ عرَفة
يعني أن الوقوف بعرفة ركن عظيم جدا وليس معناه أن الحج هو الوقوف بعرفة فقط.
كذلك الحديث الشريف “الدعاء هو العبادة” معناه أن دعاء العبد ربه من أعظم مظاهر الإقرار بالألوهية لله تعالى وإظهار التذلل والفقر إليه تبارك وتعالى لذلك كان مظهرا كبيرا من مظاهر العبادة.
خير تفسير للحديث هو الحديث، قال الحافظ العراقي:
وخيرُ ما فسرتَه بالوارِدِ … كالدُخِ بالدخانِ لابنِ صائدِ
( قاصمة للوهابية )
وللفائدة وإقامة الحجة:
كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه ج: 20 ص: 492
وقد ورد فى التفسير (((وأن المساجد لله))) أعضاء السجود.
والله تعالى اعلم واحكم .
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
واستشهادهم خطأ بالآية (( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا)) سورة الجن – 18
بسم الله
العِبَادةُ عِنْدَ اللُّغَوِيّيْنَ الطَّاعةُ معَ الخُضوعِ. قالَ الأَزْهَرِيُّ الذي هُوَ أحَدُ كِبارِ اللُّغَوِيّيْنَ في كتَابِ تَهذِيبِ اللُّغَةِ نَقْلاً عَن الزَّجَّاجِ الذي هوَ مِنْ أشْهَرِهِم: العِبَادَةُ في لُغَةِ العَربِ الطَّاعَةُ مَعَ الخُضُوعِ، وقالَ مثلَهُ الفَرّاءُ كما في لسانِ العَرَبِ لابنِ منظور. وقَالَ بَعْضُهُم: أقْصَى غَايَةِ الخُشُوع والخُضُوعِ، وقالَ بَعْضٌ: نِهَايةُ التَّذلُّلِ كَما يُفْهَم ذَلكَ مِن كَلامِ شَارحِ القَاموسِ مُرتَضى الزَّبيدِيّ خَاتِمَةِ اللّغَوِيّين، وهَذا الذي يَسْتَقِيمُ لُغَةً وعُرْفًا.
والتّوسلُ هو طَلَبُ حصولِ منفعةٍ أو اندفاعِ مضرَّةٍ من الله بِذِكرِ اسم نبيّ أو وليّ إكرامًا للمتوسَّلِ به. قال تعالى: {وابتغوا إليه الوسيلة} [سورة المائدة] أي كلّ شىءٍ يُقربكم إليه اطلبوهُ يعني هذه الأسباب، اعملوا الأسباب فنحقّقُ لكم المسبَّبات، نحقّقُ لكم مطالبكم بهذهِ الأسبابِ، وهو قادرٌ على تحقيقِها بدونِ هذه المسبَّباتِ. ومن الأدلّةِ على جوازِ التوسُّلِ الحديثُ الذي رواهُ الطبرانيُّ وصحَّحَهُ والذي فيه أن الرسولَ صلى الله عليه وسلم عَلَّم الأعمَى أن يتوسلَ به فذهَبَ فتوسَّل به في حالة غيبتِهِ وعادَ إلى مجلسِ النبي وقد أَبصَرَ، وكانَ مما علّمَهُ رسولُ الله أن يقول: “اللهم إني أسألكَ وأتوجَّهُ إليك بنبيّكَ محمَّدٍ نبيّ الرّحمةِ يا محمَّدُ إنّي أتوجَّهُ بكَ إلى ربّي في حاجتي (ويسمّي حاجته) لِتُقضَى لي”.
والحديث صححه الطبراني ووافقه الحافظ المنذري في تصحيح الحديث ، وليس لغير الحافظ تصحيح وتضعيف الأحاديث كما قال أهل المصطلح .
فسر علماء اللغة العبادة بأنها أقصى غاية الخشوع والخضوع أو الطاعة مع الخضوع أو نهاية التذلل ، وهي العبادة المقصودة بقوله تعالى : ” لا إله إلا أنا فاعبدون”، وبقوله : ” إياك نعبد”،
وهذه هي العبادة المختصة لله تعالى التي من صرفها لغيره صار مشركا. وليس معنى العبادة مجرد النداء لشخص ميت أو حي، ولا مجرد الاستغاثة بغير الله ولا مجرد صيغة الاستعانة بغير الله تعالى، ولا مجرد طلب مالم تجر به العادة بين الناس ولا مجرد الخوف أو الرجاء كما زعم الوهابية، بل لم ينقل عن أحد من علماء اللغة تفسير العبادة بأنها مجرد نداء حي أو ميت أو في حالة غيبته،
وقد جهل الوهابية بمعنى الدعاء الوارد في القرءان في مواضع كقوله تعالى: ” يدعوا لمن ضره أقرب من نفعه” ، وقوله تعالى:” ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له” ، وقوله تعالى في الآية التي أشرت اليها: ” وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا”،
ظنوا أن هذا الدعاء هو مجرد النداء، ولم يعلموا أن معناه هو العبادة التي هي غاية التذلل، فإن المفسرين قد أطبقوا على أن ذلك هو عبادتهم لغير الله تعالى على هذا الوجه، ولم يفسره أحد من اللغويين والمفسرين بالنداء،
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : { وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا } قال : كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا بيعهم وكنائسهم أشركوا بالله ، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخلص الدعوة لله إذا دخل المسجد .
قال القرطبي في الجامع لاحكام القران ما نصه : قوله تعالى: “فلا تدعوا مع الله أحدا” هذا توبيخ للمشركين في دعائهم مع الله غيره في المسجد الحرام. وقال مجاهد: كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبيعهم أشركوا بالله، فأمر الله نبيه والمؤمنين أن يخلصوا لله الدعوة إذا دخلوا المساجد كلها. يقول: فلا تشركوا فيها صنما وغيره مما يعبد. وقيل: المعنى أفردوا المساجد لذكر الله، ولا تتخذوها هزوا ومتجرا ومجلسا، ولا طرقا، ولا تجعلوا لغير الله فيها نصيبا.
والاستدلال بهذه الآية يمكن نقضه بتفسير بعض أئمة السلف للآية على خلاف ما تزعمه الوهابية وهو ما قاله سيّدنا سعيد بن المسيب وكذا طلق بن حبيب:
أراد بالمساجد الأعضاء التي يسجد عليها العبد، وهي القدمان والركبتان واليدان والوجه، يقول: هذه الأعضاء أنعم الله بها عليك، فلا تسجد لغيره بها، فتجحد نعمة الله.
قال عطاء: مساجدك: أعضاؤك التي أمرت أن تسجد عليها لا تذللها لغير خالقها. (كذا في تفسير القرطبي)
فهذا من أبسط النقض لشبهة المخالف أنها لا تدل على ما ذهب إليه بشهادة السلف الذي يزعمون أنهم على مذهبهم زورا وبهتانا.
ويقال لهؤلاء الجهلة بلسان العرب، قال صلى الله عليه وسلم: الحجُّ عرَفة
يعني أن الوقوف بعرفة ركن عظيم جدا وليس معناه أن الحج هو الوقوف بعرفة فقط.
كذلك الحديث الشريف “الدعاء هو العبادة” معناه أن دعاء العبد ربه من أعظم مظاهر الإقرار بالألوهية لله تعالى وإظهار التذلل والفقر إليه تبارك وتعالى لذلك كان مظهرا كبيرا من مظاهر العبادة.
خير تفسير للحديث هو الحديث، قال الحافظ العراقي:
وخيرُ ما فسرتَه بالوارِدِ … كالدُخِ بالدخانِ لابنِ صائدِ
( قاصمة للوهابية )
وللفائدة وإقامة الحجة:
كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه ج: 20 ص: 492
وقد ورد فى التفسير (((وأن المساجد لله))) أعضاء السجود.
والله تعالى اعلم واحكم .