فاسق وليس شهيدا
ومما يجب التحذير منه وجوبا مؤكدا ما ظهر وانتشر في هذه الأيام من إحراق بعض الناس لأنفسهم، وقد بدأت هذه العادة الخبيثة المخالفة لدين الله تعالى، وقد ظهرت من تونس وسرعان ما وصلت الى بلاد اخرى كالجزائر ومصر والسودان وموريتانيا والباكستان والسعودية.
وليعلم ان هذا الإنسان الذي يحرق نفسه هو فاسق مجرم ملعون مرتكب لأكبر الذنوب بعد الكفر، فأكبر الذنوب على الإطلاق هو الكفر بأنواعه، وبعده قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وهذا منتحر ولا يكون شهيدا، ولا يجوز تسميته بالشهيد، فمن سماه شهيدا او استحسن فعله هذا فهو مكذب لدين الله وعليه ان يرجع عن هذا الإعتقاد او القول وينطق بالشهادتين للدخول في الإسلام.
وهذا العمل لا يعتبر بطوليا بل هو عمل الجبناء، يقول الله تعالى في القرءان الكريم: “ولا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا” سورة النساء 29_30.
وأخرج الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا مخلدا فيها أبدا ومن تحسّى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحسّاه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في نار جهنم خالدا مخلدا فيها ابدا“. وتردى: اي رمى نفسه من عالٍ كجبل فهلك. ويتوجأ بالهمز: اي يضرب بها نفسه.
وأما قوله عليه الصلاة والسلام “خالدا مخلدا فيها أبدا” فمعناه ان من فعل ذلك مستحلا لهذا الفعل او معترضا على الله كأن ابتلاه بمرض فلم يصبر فقتل نفسه معترضا على الله ففي هذه الحال هو كافر مخلد في نار جهنم يفعل ذلك بنفسه الى أبد الآبدين، وهذا من جملة عذابه فيها.
أما إن قتل نفسه من غير استحسان ولا استحلال بل معتقدًا تحريم هذا الفعل لا يكون كافرا خارجا من الإسلام بل هو ظالم لنفسه، يكون فاسقا مستحقا لعذاب الله العظيم.
وروى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “الذي يخنق نفسه يخنقها في النار والذي يطعن نفسه يطعنها في النار والذي يقتحم، يقتحم في النار“.
وروى الشيخان عن الحسن البصري قال: “حدثنا جندب بن عبد الله في هذا المسجد فما نسينا منه حديثا وما نخاف ان يكون جندب كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان رجل به جراح قتل نفسه فقال الله: بدرني عبدي بنفسه فحرمت عليه الجنة“. وفي رواية: “كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكينا فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات، فقال الله تعالى: بدرني عبدي بنفسه…” ولفظ رواية مسلم قال: “ان رجلا كان ممن قبلكم خرجت بوجهه قرحة، فلما آذته انتزع سهما من كنانته_أي بكسر اوله جعبة النشاب_ فنكأها_بالهمز اي نخسها وفجرها_ فلم يرقأ الدم_اي يسكن_ حتى مات، قال ربكم: قد حرمت عليه الجنة“. وابن حبان في صحيحه أن رجلا كانت به جراحة فأتى قرنا له _أي بفتحتين جعبة النشاب_ فأخذ مشقصا_اي بكسر فسكون للمعجمة ففتح القاف سهم فيه نصل عريض_ فذبح به نفسه فلم يصل عليه النبي.
وقوله صلى الله عليه وسلم“قال ربكم قد حرمت عليه الجنة” هو على المعنى الذي مرّ آنفا فتكون محرمة عليه أبدا اي لا يدخله بالمرة لأنه كافر وان كان على المعنى الثاني لا يدخلها مع الأولين.
وروى الشيخان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ومن قتل نفسه بشيء عُذِب به يوم القيامة وليس على رجل نذر فيما لا يملك ولعن المؤمن كقتله ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله ومن ذبح نفسه بشيء عذب به يوم القيامة” الحديث.
وقال عليه الصلاة والسلام: “ومن قتل نفسه بشيء عذبه الله بما قتل به نفسه يوم القيامة” رواه الترمذي وصححه.
فهذه عجالة أرجو أن يكون فيها الكفاية لما قصدت والله من وراء القصد وهو حسبي ونعم الوكيل.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website