ما جاء في بعضِ الكُتُبِ من أنَّ اللِّوَاطَ مُشْتَقٌّ من اسمِ نبيِّ الله لوطٍ
لأنَّ هذا الكلامَ فاسد. ومِمَّا يُبْطِلُهُ أنهُ يُؤَدِّي إلى أنَّ العَرَبَ الذينَ كانوا قبلَ لوطٍ بزَمَانٍ بعيدٍ،
وكانَ منهم النَّبِـيَّانِ هودٌ وصَالِحٌ ، ما كانوا يَعْرِفُونَ لَفْظَ اللِّواطِ, وما تَصَرَّفَ منهُ من الفعلِ الماضي والمضارعِ واسمِ الفاعلِ واسمِ المفعولِ وهذا قولٌ بأنَّ شَرْعَيْهِمَا خاليانِ عن حُكْمِ اللِّواطِ وتحريمهِ والتنفيرِ منه.
ويَلْزَمُ من ذلكَ أنَّ ءادَمَ ما عَلَّمَ أَوْلادَهُ من اللُّغَةِ العربيَّةِ ما يُحْتَاجُ إلى معرفةِ حُكْمهِ.
فلا يَلِيقُ بآدَمَ ، عليهِ السَّلامُ، أنْ لا يَكُونَ عَلَّمَ أَوْلادَهُ حينَ عَلَّمَهُمُ اللُّغَاتِ لَفْظَ اللِّوَاطِ، لا يَلِيقُ بآدَمَ ذلكَ لأنَّ الزِّنا واللِّوَاطَ من أَشَدِّ ما يُحْتَاجُ إلى التَّحْذِيرِ منه. واللُّغَةُ العربيَّةُ أَوَّلُ لُغَةٍ تَكَلَّمَ بها ءادَمُ عليهِ السَّلام، فكيفَ يَقْضِي حياتَه قبلَ أنْ يُعَلِّمَهُمْ لفظَ اللِّوَاطِ وما يتَصَرَّفُ منه.
وكذلكَ هُودٌ وصَالِحٌ كانا عَرَبِيَّيْنِ وهما قبلَ لوطٍ بزَمَان,
فكيفَ يقالُ إنَّ هؤلاء الأنبياء لم يَعْلَمُوا ما يُحْذَرُ بهِ من ذلكَ الفِعْلِ
اللُّغَةُ العَرَبِيَّةُ لُغَةٌ قديمةٌ حتى قال بعضُ العلماء:
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
” إنَّ أَوَّلَ لغةٍ تَكَلَّمَ بها ءادمُ هي العربيَّة “.
ويَشْهَدُ لكلامهِ حديثُ رسولِ الله الذي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ في (سننه) بإسناد صحيح:
” لَمَّا خَلَقَ الله ءادمَ ونَفَخَ فيه الرُّوحَ عَطَسَ فقال الحمدُ لله “.
فبعد هذا لا يُصْغَى إلى ما قالَه اللَّيْثُ :
” إنَّ النَّاسَ اشتقُّوا من اسمِ نبيِّ الله لوط فِعْلًا لِمَنْ فَعَلَ فِعْلَ قومهِ “
فقد نَقَلَ هذا الكلامَ عنه ابنُ مَنْظُورٍ في (لسانِ العَرَب)
والزَّبيدِيُّ في (شرحِ القاموس) .
وهذا القَوْلُ فيهِ جَعْلُ اسمِ لوطٍ أصْلًا صَدَرَ منهُ لَفْظُ هذه الفاحشةِ .
كيفَ وقد عَصَمَ الله أنبياءَه من أنْ تكونَ أسماؤُهم قبيحةً
ومِنْ أنْ تكونَ أصلًا للفَوَاحِشِ
فمَنْ نَسَبَ إليهم اسمًا شنيعًا قبيحًا فقد انْتَقَصَهُمْ .
ثمَّ إنَّ اللِّوَاطَ مَصْدَرٌ ، ومَنْ تَعَلَّمَ العربيَّةَ يعرفُ أنَّ الأفعالَ وأسماءَ الأفعال
وأسماءَ الفاعلينَ والصِّفَةَ المشَبَّهَةَ وأَفْعُلَ التفضيلِ
كُلُّ ذلك مشتقٌّ من المصدر .
وقد ذَكَرَ الفقيهُ المحدِّث الأصوليُّ بدرُ الدِّين الزَّرْكَشِيُّ في كتابه
[(تشنيف المسامع)/ص87]ما نصُّه :
” إنَّ الأفعالَ مشتقةٌ من المصادر على الصَّحيح ,والأفعالُ أصلٌ للصِّفات
المشتقَّة منها فتكونُ المصادرُ أصلًا لها أيضًا “ا.هـ.
وقال أبو القاسم الحريريُّ في (مُلْحَةِ الإعراب) ما نصُّه:
” والمصدرُ الأَصْلُ وأَيُّ أَصْلِ ،،، ومنه يا صاحِ اشتقاقُ الفعلِ “ا.هـ.
فلا يَصِحُّ بعدَ هذا أنْ يكونَ لفظُ اللِّوَاطِ الذي هو مَصْدَرٌ مشتقًّا ولا سيَّما إذا عَرَفْنَا أنَّ لوطًا اسمٌ أعجميٌّ،
فقد ذَكَرَ غيرُ واحدٍ أنَّ أسماءَ الأنبياء كُلَّهَا أعجميَّةٌ إلَّا أربعةً وهي: هودٌ وصَالِحٌ وشُعَيْبٌ ومُحَمَّد .
ولم يَذْكُرُوا اسمَ لوطٍ بينَ هذه الأسماء العربيَّة, بل وَرَدَ في ذلكَ حديثٌ صَحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ من حديثِ أبي ذَرٍّ عن النبيِّ ، صلَّى الله عليهِ وسلَّم، وأَقَرَّ الحافظُ ابنُ حَجَرٍ تصحيحَ ابنِ حِبَّان ..
فإذا ثَبَتَ هذا ثَبَتَ أنَّ أحد اللَّفْظَيْنِ ليس مشتقًّا من الآخَرِ
لأنَّ أحَدَهُمَا عربيٌّ والآخرَ أعجميٌّ
والله أعلَم و أَحكَم